شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!

"لجأت إلى السحر لأفك عقدتي"... رجال يتحدثون عن أول زيارة لأهل العروس

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

السبت 16 مايو 202004:27 م

في ذلك اليوم، ذهب حمدي إلى عمله كعادته، لكن لم يكن في خاطره غير ما ينوي فعله في آخر النهار، فابنة خاله التي طالما لعب معها وهما صغيران، أصبحت فتاه عشرينية كثر خطابها، بينما هو يخبئ حبه لها والذي ينمو يوماً بعد يوم، إلا أن اليوم، وحسبما قرر، سيشهد لحظة إعلان تلك العاطفة المكبوتة، فلأول مرة سوف يعبر عن مشاعره تلك، ولكن ليس لابنة خاله وحدها، بل للأسرة كاملة، وبدلاً من قول "أحبك" سيقول في مجلس العائلة موجها الكلام لخاله: "أنا جاي أتقدم للزواج من أسماء".

"سخروا من وزني فحاولت الانتحار"

يقول حمدي كامل لرصيف22: "قررت أن أذهب إليهم بمفردي، فهي ابنة خالي مش حد غريب، كما أنني أردت أن أثبت لهم أنني أصبحت رجلاً"، مضيفاً أن ما حدث بعد ذلك كان مفاجئاً له، فالشاب الذي تخيل أن الجلسة ستكون ودودة بحكم أنهم من عائلة واحدة، لم تر العائلة منه سوى جسده الممتلئ: "كان بيضحكوا بينهم وبين بعض وأنا بتكلم، تجاهلت تلك الايماءات، لم أجد لها تفسيراً في حينها، حتى أمسك خالي بثديي قائلاً أنت مش شايف جسمك يا ابني".

يحكي الشاب العشريني، والذي يعمل بأحد مطاعم الوجبات الجاهزة في القاهرة، أنه لم يتمن بعد تلك الكلمة سوى أن تنتهي تلك المقابلة، "كنت عايز الأرض تنشق وتبلعني، فالعائلة حولي تنفجر بالضحكات، الأطفال والكبار، وحبيبتي التي طالما تمنيتها تضحك أيضاً". لم ينته الموقف عند تلك الكلمة، ولكن إمعاناً في إذلاله، أو كنوع من حسم الأمر، وجه خال الشاب حديثه لابنته متسائلاً: ابن عمتك بيطلب أيدك فما رأيك؟ لتجيب الفتاة: إنه مثل أخي.

"فجأة لم أجد لحياتي معنى، أحسست بقوة تدفعني إلى أن أنهى حياتي، أسرعت إلى المطبخ، بعد عودتي للمنزل، وأمسكت بالسكين، وقبل أن أهوى بها على عنقي، أمسك بيدي صاحبي واستمر الصراع بيننا على السكين، كان من الممكن أن يموت أحدنا، ولكن صديقي تمكن أخيراً أن ينزع السكين من يدي".

يحكي كامل أن صديقه أحضر بعد ذلك أهله وأصدقاءه، واستطاعوا أن يسيطروا عليه حتى انتهى الموقف، ولكن لم تنته آثاره، فيختتم الشاب القاهري حديثه قائلاً: " كلما تذكرت الموقف بكيت".

"أشتري ثياباً جديدة في كل مرة"

يحلم الكثيرون باليوم الذي يذهبون فيه لطلب فتاة يحبونها للزواج، ولكن أحياناً يمر على غير ما تمنوا، فبدلاً من أن يصبح يوم سعدهم ويلقى طلبهم القبول، ليشرعوا في إتمام باقي تفاصيل الزواج، يأتي الرد بالرفض لأسباب تختلف من شخص لآخر، أو حتى دون إبداء أسباب، "فالزواج قسمة ونصيب"، وكثرة رفض بعض الشباب، خلق مناخاً قلقاً لمعظم المقبلين على الزواج في مصر.

"كان بيضحكوا بينهم وبين بعض وأنا بتكلم، تجاهلت تلك الايماءات، لم أجد لها تفسيراً في حينها، حتى أمسك خالي بثديي قائلاً أنت مش شايف جسمك يا ابني"

حسب آخر إحصائية في مصر، أظهرت نتائج التعداد لعام 2017 أن عدد الذكور الذين لم يتزوجوا من فئة العمر 35 سنة فأكثر، بلغ حوالي 687 ألف حالة بنسبة 5.4% من إجمالي أعداد الذكور في نفس الفئة العمرية، بينما بلغت حوالي 472 ألف حالة للإناث بنسبة 3.3% لنفس الفئة العمرية. ورغم تلك النسبة التي تشير إلى ارتفاع العزوبية إلا أن الكثير من الشباب ما زالوا يلاقون الرفض، وكأن أهل العروس لم يعودوا بحاجة إلى أن "يشتروا راجل" وهي الكلمة التي طالما اعتبرناها فلكلورية متمنيين زوالها، حتى أن ذلك اليوم أصبح يمثل لبعض الشباب عبئاً ثقيلاً، يستعدون له كثيراً، وبعده يذهب بعضهم إلى الطبيب النفسي للتخلص من آثاره.

حمدي كامل، لم يكن الشاب الوحيد الذي عانى من ذلك اليوم، أيضاً أحمد. ن (31 عاماً)، خريج كلية التجارة، ومحاسب في شركة ملابس، أصابه هذا اليوم بضرر نفسي كبير، فكلما تقدم الشاب صاحب القامة القصيرة، 150 سم، إلى فتاة رفضت، يقول لرصيف22: "تقدمت لأكثر من فتاة، في كل مرة كنت أبات ليلتي بكوابيس مرعبة، أن تُرفض ليس أمر غريب، لكن أن تُرفض أكثر من مرة فهذا هو المحزن".

يحكي الشاب الثلاثيني ابن محافظة الفيوم، عن استعداداته لذلك اليوم قائلاً: "أذهب إلى الحلاق وأحاول أن كون حسن المظهر، حتى أنني اشتري ثياباً جديدة في كل مرة، كي لا يكون هناك تعليقات على مظهري، وفي كل مرة يقابل طلبي بالرفض دون إبداء أسباب حقيقية، آخر مرة أبوها قال لي: هنجوزها لما أخوها الكبير يتجوز، لكن أنا ببقى عارف السبب الحقيقي".

ويوضح أحمد أنه اعتاد أن يذهب في أول لقاء دون أهله؛ وذلك حتى يخشى أن يتعرض إلى موقف محرج أمام أهله: "أذهب بمفردي، فإن قبلوا أحضر أهلي بعد ذلك، وإن رفضوا فلا يكون أهلي حاضرين ذلك الموقف، فعندما أعود إليهم أقول مافيش نصيب، دون دخول في تفاصيل".

"كأني في انترفيو عمل"

عبد الرحمن بد هو الآخر، يرى أن فكرة الذهاب لوالد عروس لطلب يدها للزواج هي فكرة مؤلمة، يقول: "الأمر يبدو كأنه انترفيو عمل، استعد له قبلها بأيام، وأتخيّل منظري ووالدها جالس أمامي، أفنّد له مزاياي، العمل، السكن، المؤهل، الأهل.. وغيرهم، بينما ينظر إلى والدها متصنعاً الحكمة يلقى علي سؤالاً تافهاً بين الحين والآخر، وانا لابد أن أظهر الاهتمام، وأجيب إجابات نموذجية مسبوقة بكلمة يا عمي".

"نعم تقدمت لـ17 فتاة، وفي كل مرة أقابل بالرفض".

الموقف بالنسبة لبدر، خريج كلية الآداب قسم الفلسفة، والمقيم بمدينة الحوامدية محافظة الجيزة، لم يكن الوحيد، فقد تكرر قرابة 17 مرة: "نعم تقدمت لـ17 فتاة، وفي كل مرة أقابل بالرفض"، مضيفاً، "البعض اعتقد أني معمول لي سحر، وبالفعل ذهبت والدتي لإحدى الساحرات والتي أعطتها بعض الأحجبة لأذهب بها أثناء تقدمي لفتاة، ونفذت أمرها، ولكن رفض طلبي أيضاً".

مختتماً، أن تكرار الأمر معه جعل منه مسار سخرية لدى بعض الأصدقاء، يقول بدر: "لما بتخانق مع حد بيعايرني، وأصبح الأمر أشبه بعقدة نفسية يصعب تجاوزها، حتى بعد ذهابي لطبيب نفسي".

"نرفضكم لأسباب قد لا تعلمونها"

تقول نادين فتحي، الطالبة بكلية السياحة والفنادق، كاشفة أسباب رفض بعض الأهالي لمتقدمي الزواج، مشيرة إلى أنه أحيانا تكون الفتاة هي التي ترفض لأسباب قد لا يعلمها الشاب المتقدم مطلقا، وهي تختلف من فتاة لأخرى، وذلك حسب وجهة نظرها في الشخص الذي ستكمل حياتها معه.

تقول فتحي لرصيف22: "الفتاة دايماً ما تضع تصوراً لشكل حياتها في المستقبل، فعندما تشعر أن ذلك الشاب لا يحقق ما تطمح إليه من آمال، بالتأكيد ترفض".

وتوضح الفتاة القاهرية، إن أسباب الرفض أيضاً تختلف حسب درجة أهميتها، فمثلاً من الممكن أن يكون سبب رفضها هي أن يكون مكان الزواج في بيت عائلته، "لو كان هذا الشخص كل حياتي سوف أرفض، لأني حينها سأتأكد من أنني لكن أكون مرتاحة في حياتي معه لهذا السبب، في حين أن هناك فتيات أخريات قد يقبلن بذلك الوضع".

"الأمر يبدو كأنه انترفيو عمل، استعد له قبلها بأيام، وأتخيّل منظري ووالدها جالس أمامي، أفنّد له مزاياي، العمل، السكن، المؤهل، الأهل.. وغيرهم، بينما ينظر إلى والدها متصنعاً الحكمة يلقى علي سؤالاً تافهاً بين الحين والآخر"

وتشير ندى إلى أنها قد ترفض شاباً أيضاً إذا تحدث عن ملابسها في أول مرة، "ودائماً ما يحدث ذلك، ومن ثم يرفض من أول مرة، لأنني بالبلدي لا أحب الرجل الغشيم، كما لا أحب الرجل المتحكم".

أيضا اهتمام الرجل بمظهره من الأشياء التي تهم ندى في أي عريس يتقدم لخطبتها، حيث تقول: "بحب الراجل الشيك، ويكون بيعرف يقدر لبسه وقيمته، ويضع برفيوم عظيم".

"لا تتحدث في السياسة"

بعض المواقع والمدونات حاولت تقديم بعض النصائح للمقبلين على تلك الخطوة، فمثلاً نجد على مدونة "الخطابة"، وتشتهر في مصر بتقديم نصائح عملية للمقبلين على الحياة الزوجية، تقريراً بعنوان "6 نصائح عند التقدم لخطبة العروس رسمياً"، ويبدأ بطلب مسبقاً بتحديد موعد مع أهل العروس تليفونياً، والتأكيد على هذا الموعد في نفس يوم الزيارة حتى لا يتعارض مع ظروف المنزل، مع توضيح صيغة المكالمة التي تتطلب تحديد عدد الحضور، والاستئذان في حضورهم، وكذلك تحدث المقال عن نوع الملابس التي "يجب" أن يرتديها الشاب أثناء المقابلة، وطريقة بداية الحديث مع والد العروس.

"لا تتحدث مع أهل العروس كثيرا في الكرة أو الدين أو السياسة".

وحذر التقرير المقبلين على الزواج في الحديث مع أهل "العروس" عن مواضيع "مثل الكرة والهوايات أو التحدث عن التجارب السابقة، وعدم التطرق إلى الأشياء التي تحبها أو لا تحبها في شريكة المستقبل، لأن هذا قد يسبب بعض الإحراج لأهل العروس. ولا تكثر من الحديث في الموضوعات العامة كالدين والسياسة، لأن ذلك سيفسد الزيارة لتباين الآراء".

ويبدو من تلك النصائح، وكأن المقبل على الزواج في مصر عليه أن يتقيد في حديثه، وملبسه ربما بما يفوق المتقدم على وظيفة في مؤسسة حكومية بيروقراطية، في وقت يحرم فيه المجتمع الأنشطة الجنسية خارج نطاق الزواج، وتتضاعف فيه نسب العزوبية.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image