شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!

"جايبين إرهابي يعمل دور إرهابي"... فرج فودة يعود ليستفز متشددين ويفتح نقاش التطرف

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الثلاثاء 12 مايو 202002:12 م

28 عاماً مرت على اغتيال المفكر المصري العلماني فرج فودة، ولم يزل ذكر اسمه فحسب قادراً على فضح التطرف واستفزاز المتشددين لإخراج أسوأ ما فيهم.

هذا ما أثبته منشور مسيء كتبه أحد الممثلين في مسلسل "الاختيار" الذي يعرض خلال الموسم الرمضاني ويتناول المعركة بين القوات المسلحة المصرية والمتطرفين والجهاديين في سيناء.

خلال اليومين الماضيين، تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي في مصر على نطاق واسع منشوراً سابقاً عبر فيسبوك للممثل أحمد الرافعي، هو: "إنها المرة الأولى التي يظهر فيها المصريون الفرح لموت إنسان… من تعليق أحد الكتاب على ‘نفوق‘ فرج فودة". أعاد هذا المنشور إلى الأذهان معركة الرائد التنويري الراحل ضد السلفية والإسلام السياسي.

ولما كان الرافعي يؤدي شخصية مفتي جماعة الإخوان المسلمين، المحظورة في مصر، في المسلسل، علق أحد المتابعين: "جايبين إرهابي يمثل دور إرهابي عشان يقنع الجمهور".

"شهيد الكلمة"

خلال سيرة حياته القصيرة زمناً (بين عامي 1945 و1992) والغزيرة أثراً، وقف فودة ضد محاولات التوفيق بين الدين والسياسية، وعكف على إزالة الالتباسات والشبهات التي أحاطت بمفاهيم كثيرة كالعلمانية والمواطنة والديمقراطية، كما دأب على فضح شعارات التيارات الدينية التي تعتمد الصيغ السحرية للكلام المؤثر بعدما فقد فعاليته التاريخية مثل عبارة "الإسلام هو الحل".

نقدُ فودة للعقل العربي في التواكلية ورفض الإبداع واعتماد قيم الماضي وتقديس السلف، والنظر بخشية وتوجس للتقدم والحضارة والعلم، كان، بالإضافة إلى أفكاره الأخرى، كفيلاً باتهامه بـ"الردة والإلحاد والطعن في الإسلام والإساءة إلى الصحابة وأمهات المؤمنين" وغيرها من الاتهامات التي أدت إلى اغتياله عقب مناظرته الشهيرة.

"سقطة كبيرة تُفقد المسلسل مصداقيته"... ذِكر المفكر التنويري الراحل فرج فودة يفضح "تطرف" ممثل مغمور يشارك في "الاختيار" الذي يناهض "الإرهاب والتطرف الديني". وابنة "شهيد الكلمة" ترد

جرت تلك المناظرة في مواجهة الإسلاميين محمد الغزالي، ومحمد عمارة، ومحمد مأمون الهضيبي، في 8 كانون الثاني/يناير عام 1992 وقد حضرها نحو 30 ألف شخص. على إثرها، اغتيل فودة الذي عُرف بـ"شهيد الكلمة" بسبب فتوى الشيخ عمر عبد الرحمن بهدر دمه.

"مشروع إرهابي"

انتقد الكثيرون الرافعي، معتبرين أنه "مشروع إرهابي"، فيما لفت آخرون إلى أن الآراء التي تبناها عبر حسابه لا تصدر إلا عن "إرهابي".

في حين اعتبر فريق من الجمهور أنه "وأمثاله عرضة لمرض قديم استفحل" وأنه "لو حاكمت الدولة شيوخ الأزهر الذين كفّروا المفكر فرج فودة وأحلوا دمه (بصفتهم المحرضين على قتله)، لما وصلنا لما نحن فيه الآن" من انتشار للتكفير والتطرف الفكري.

وذكّر مراقبون بأن "المثقفين والكتّاب هم الحلقة الصلبة في مواجهة الفكر المتطرف والإرهاب" وحثوا الدولة على الاهتمام بهم حتى يقدموا الرسائل التي تواجه التشدد "على أسس حقيقية وراسخة".

ورأى معلقون أثراً إيجابياً للغضب الذي استثاره الرافعي تمثّل في استدعاء سيرة فودة وإعادة الكلام على اغتياله من قبل جهلة متعصبين، وتداول العديد من مؤلفاته وعباراته التنويرية. علاوةً على استغلال بعض المثقفين الفرصة للحديث عن وصفة/ روشتة فودة لمواجهة الإرهاب والقضاء عليه.

وطالب المفكر خالد منتصر بإنجاز عمل فني يروي سيرة "شهيد التنوير" لتوضيح أفكاره للأجيال الجديدة وإزالة اللبس بشأن ملابسات اغتياله، مشيداً بـ"انتصار شباب لم يقابلوا فرج فودة له، ورد الاعتبار إليه عبر السوشيال ميديا".

وعقب الهجوم الشديد عليه، ظهر الرافعي في مداخلة هاتفية مع برنامج "بالورقة والقلم" على قناة "تين"، لكنه لم يعتذر بل ردّ موضحاً: "كل ما أقوله متوافق مع الأزهر الشريف فهو بوصلتي"، ومحاولاً إفراغ الضجة من أهميتها من خلال المطالبة بالتركيز على "العريس الشهيد أحمد المنسي لأن أي شخص آخر لا يستحق أن يقارن به".

ولم يخفِ مطالبة الكثيرين له بحذف منشوره المسيء أو غلق حسابه والتنصل مما كتب، ومن منشورات أخرى مسيئة وصف فيها المفكر إسلام البحيري بـ"إلحاد بحيري" وخالد منتصر بـ"خالد متنصر"، موضحاً أنه رفض ذلك لتمسكه بآرائه، ومعرفته بما أسماه "السموم التي تبث".

"أمثالك مَن قتلوه"

عقب مداخلته التي أشعلت الغضب منه إلى الذروة، قالت سمر فرج فودة عبر حسابها في فيسبوك: "لم أشاهد مسلسل الاختيار، لأني لا أستطيع تحمل مشاهده (...) إذ تعيد الألم عشرة أضعاف ما عايشنا في الواقع وتضاعف مشاعر الألم لدى مشاهدتها، لن يفهم هذا إلا من مر بالتجربة".

"جايبين إرهابي يعمل دور إرهابي عشان يقنع الجمهور"... غضب واسع من أفكار ممثل يؤدي دور شخصية متطرفة في مسلسل الاختيار المصري بعد ظهور منشورات "تكشف آراءه الإرهابية"

وأضافت ابنة فودة: "لكن يبدو أن الألم مصمم يصيبني رغم هروبي منه. أشكر كل من حذف المنشور (منشور الرافعي) من قائمة أصدقائي مراعاة لمشاعري، وأشكر كل من استنكر كلام هذا الممثل المتطرف... لماذا حضرتك متطرف؟ لأنك لم تقابل رأياً برأي، فكراً بفكر... حينها كنت لأحترمك وأقدر اختلافنا في الآراء والأيديولوجيا. لكنك اكتفيت بالسب والقذف كعهدنا بكم".

وتابعت: "لقد اكتفيت بمشايخك الذين كذبوا وافتروا وظلموا وشهدوا زوراً أمام المحاكم وبيانات التكفير، وعندما لم يجدوا رأياً يردون به ملأوا أيديهم بالدم". وأضافت: "أعلنت سعادتك انتصار شيوخك المتطرفين وجماعة الإخوان الإرهابية بقتل رجل أمام عيون أبنائه الصغار بدم بارد... وكان سلاحه الكلمة فقط".

وأكملت: "لست متطرفاً دموياً فحسب، لكن مثلك مثل من قتله وأعلن في المحكمة عندما سأله القاضي لماذا قتلته أجاب لأنه مرتد... فسأله القاضي ومن أي كتاب من كتبه عرفت أنه مرتد، أجاب أنا لا أقرأ ولا أكتب".

وأوضحت سمر أن "كتابات فرج فودة وصفت بدقة ما حدث في مصر من صعود للتيارات المتشددة ووصول جماعة الإخوان الإرهابية للحكم وظهور التنظيمات التكفيرية التي تقتل الجيش حالياً"، معربةً عن ذهولها من حبه للجيش المصري فيما أفكاره تناقض ذلك.

واعتبرت مشاركته في مسلسل عن الجيش وحب الدولة ومناهضة التطرف الديني والفكري "سقطه كبيرة جداً تفقد العمل صدقيته".

ولفتت سمر إلى أنها لا تنوي مقاضاة الرافعي بتهمة السب والقذف لأنها تنشد "التعويض الحقيقي وهو أن يعرف الناس أنه متطرف ويجسد شخصيته الحقيقية (في المسلسل)"، مناشدةً أجهزة الدولة إجراء تحريات لانتقاء من يمثلها ويقدم رسالتها في ما يتعلق بالجيش لتفادي نشر "رسائل مضادة".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image