شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
الدراما الشعبية أو الأعمال الوطنية؟... مَن المنتصر في صراع

الدراما الشعبية أو الأعمال الوطنية؟... مَن المنتصر في صراع "البرنس" و"الاختيار" على المشاهدين؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الأربعاء 6 مايو 202010:53 ص

في الليلة السابعة من ليالي رمضان، تظاهر إخوة "البرنس" أمامه بالحزن على مقتل زوجته وطفله، بينما استمر العقيد أحمد المنسي في تطهير الأرض من التكفيريين وصوّر هشام العشماوي محاولة اغتيال وزير الداخلية بهاتفه. تقابلت هذه الأحداث لتصنع مشهد منافسة نفس المنتج لنفسه في سوق الدراما المصرية.

منذ الليلة الأولى من ليالي رمضان، نشط المصريون في البحث عن المسلسلات التلفزيونية الجديدة عبر محرّك بحث غوغل. يتكرر هذا يومياً بانتظام، ما يسمح بمقارنة مدى اهتمامهم بهذه المسلسلات، وتحديد أي منها هو الأكثر جذباً للبحث، بل وأي محافظات تهتم بأي مسلسل.

فبعد توقف شركات الإنتاج وقنوات العرض عن إتاحة مسلسلاتها عبر منصة يوتيوب، إضافة إلى صعوبات عمل شركات الأبحاث في هذا المجال الذي أصبح شائكاً منذ سنوات، تصير دراسة إحصاءات البحث في غوغل هي الطريقة الوحيدة لتحديد المسلسلات الأنجح. ومع ربط هذه الأرقام بأحداث الحلقات، يمكن أيضاً تحديد المؤثرات الدرامية وغير الدرامية التي تغيّر في مزاج الجمهور.

كيف يعمل غوغل ترندز؟

يمكن المقارنة بين عدة موضوعات بحث باستخدام أداة غوغل ترندز، خلال نطاق زمني محدد، وتعطي هذه الأداة نتائج نسبية لكل موضوع بحث، من صفر إلى 100، والـ100 هي أعلى نقطة حدثت فيها طلبات بحث من المستخدمين لأحد الموضوعات التي نسعى للمقارنة بينها، في بلد محدد، وهي المسلسلات في حالتنا.

صراع "الاختيار" و"البرنس"

وصل البحث عن المسلسلات في مصر إلى ذروته في الساعة الأولى من صباح 25 نيسان/ أبريل، أي بعد ساعات من عرض الحلقات الأولى للمسلسلات المصرية، وتصدّر مسلسل "الاختيار" المدعوم بقوة وإلحاح من وسائل الإعلام المصرية، لتناوله حياة اثنين من ضباط الجيش خلال فترة اشتعال الحرب على الإرهاب في سيناء، وبهذا تصبح لحظة تصدّر "الاختيار" هي النقطة المرجعية لقياس أداء كل المسلسلات خلال الأيام التالية، أي أنها هي الـ100.

في لحظة الذروة هذه، حقق مسلسل "البرنس" 65 نقطة نسبية (أو 65% من نقطة ذروة "الاختيار")، ما يعني أن "الأعمال الوطنية" تفوّقت على الدراما الشعبية "الحرّيفة" التي يمثّلها "البرنس".

مقارنة أخرى تخصّ أبطال العملين: تفوّق أمير كرارة، بطل مسلسل "الاختيار"، على محمد رمضان (البرنس)، وهو إنجاز رمزي مهم بسبب تسيّد الأخير للسباقات التلفزيونية الرمضانية منذ مسلسله "الأسطورة" (2016).

بعد هذين العملين بمسافة معتبرة، أتى مسلسل الخيال العلمي "النهاية" ليوسف الشريف بـ35 نقطة، ثم "الفتوة" بـ15 نقطة. وبعد ذلك تستقر باقي المسلسلات في مستوى منخفض لا جدوى في قياسه.

هذه المسلسلات الأربعة كلها من إنتاج "سينرجي"، تحت مظلة شركة "المتحدة للخدمات الإعلامية" (UMS) التي تستحوذ على معظم القنوات التلفزيونية المصرية. ولهذا وزعت المسلسلات بحيث لا تتقاطع مواعيد عرضها في قنواتها.

انقلاب في توجهات المشاهدين

مع مرور الحلقات، تقل الحاجة للبحث عن المسلسلات فتنخفض الأرقام على غوغل ترندز، لكن في الحلقات الأخيرة، حدث انقلاب غير متوقّع في توجهات الجمهور.

بداية من الحلقة الرابعة المعروضة في 27 نيسان/ أبريل، بدأ الفارق بين "الاختيار" والبرنس" في التقلص، ثم بعد الحلقة السابعة انتقلت الصدارة إلى "البرنس" واستمرت، مع استثناءات قليلة في بعض الأيام. يمكن تفسير هذا من خلال محتوى المسلسلين.

صباح ثاني أيام رمضان، أي بعد ساعات من عرض الحلقات الأولى للمسلسلات المصرية، تصدّر مسلسل "الاختيار" اهتمامات المصريين... فماذا حدث بعد ذلك ومَن المنتصر في الصراع بينه وبين "البرنس" على المشاهدين؟

"البرنس" هو معالجة شعبية عصرية لقصة يوسف وإخوته الشهيرة، فيما عدا أن يوسف هذه المرة (محمد رمضان/ رضوان البرنس) سيتخلى عن هالة التسامح في النصف الثاني من القصة.

تركّز الحلقات الأولى من "البرنس" على تجذّر الصراع بين رضوان وإخوته، وصولاً إلى محاولة اغتياله للاستيلاء على ميراثهم المفقود. معظم الحلقات تتضمن حدثاً صادماً يشدّ المشاهد للتالية، ويغمسه في طقوس تطهرية مع تصاعد قسوة الإخوة.

ولأول مرة في المسلسلات التي يؤدي دور البطولة فيها محمد رمضان، تُتاح مساحة لباقي الممثلين لتُنضج لحظات ممتعة من أداء سلوى عثمان، أحمد زاهر وروجينا.

نفس النكهة الملحمية موجودة في مسلسل "الاختيار" الذي بدأ بمشهد اللحظات الأخيرة في حياة العقيد أحمد المنسي، الذي استشهد عام 2017، خلال دفاعه عن نقطة تمركزه في البرث، في شمال سيناء.

تزدحم الحلقات الأولى بمجموعة من أفضل المعارك الحربية المعروضة على الشاشات المصرية، لتوثّق محطات انتصار الجيش المصري مرة بعد مرة على التكفيريين، على خلفية دراما المسار المتناقض لشخصية المنسي مع الضابط المنشق هشام العشماوي الذي انضم للتكفيرين ليقاتل رفاقه.

مع تفوّق "الاختيار" الواضح، تحوّل المسلسل إلى بروباغندا توعوية تُقدّم رواية الدولة المصرية للصراع مع الإسلاميين، بعد ثورة 2011، وهو ما نجح في توليد جدل إضافي حول المسلسل ومدى دقته تاريخياً، علماً أن الدولة وضعت كامل ثقلها وراءه لدرجة صدور بيان عن دار الإفتاء المصرية يحث على متابعته، ودُمجت في مقدماته الإعلانية مقاطع من خطب سياسية للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.

بالتوازي مع ذلك، تصاعدت أزمة كامنة في دراما المسلسل، فشخصية المنسي المحورية غير قابلة للتطور من منظور البروباغندا التي تسعى إلى تقديم شخصية وطنية مثالية. وبالتوازي مع ذلك، زاد وزن شخصية العشماوي بسلوكه طريق التمرد المسلّح. وبعد حلقات قليلة، أصبحت البروباغندا عبئاً على متابعي المسلسل، خاصة بعد حادثة بئر العبد التي اغتال فيها التكفيريون 10 جنود مصريين، فتحوّلت الشاشة إلى توجيه معنوي يتخلله المسلسل بفترات.

بداية من الحلقة الرابعة المعروضة في 27 نيسان/ أبريل، بدأ الفارق بين "الاختيار" والبرنس" في التقلص، ثم بعد الحلقة السابعة انتقلت الصدارة إلى "البرنس" واستمرت. يمكن تفسير هذا من خلال محتوى المسلسلين

الندية بين المسلسلين اكتسبت طابعاً جغرافياً. معظم طلبات البحث عن "الاختيار" جاءت من محافظات القاهرة والشرقية والإسماعيلية، مع دخول مفاجئ لمحافظة شمال سيناء التي تدور فيها الأحداث ويندر تواجدها في هذه الإحصاءات. بينما سيطر "البرنس" على محافظات الصعيد والسويس كما اعتاد محمد رمضان.

تحت تهديد كورونا

صراع رمضاني مثير، لكن طوال تلك المدة كانت تأثيرات فيروس كورونا تختمر تحت الشاشات.

أهدى الفيروس أسهل موسم مشاهدة تلفزيونية رمضانية للمصريين منذ سنوات بعيدة، فالتبعات الاقتصادية أجبرت الكثيرين من المعلنين على مراجعة ميزانياتهم، وهو ما جعل المشاهدة التلفزيونية التقليدية ألطف مع تقلص المساحات الإعلانية، بعد أن كانت تفوق مساحة المسلسلات نفسها في المواسم السابقة.

ظهر هذا في خرائط القنوات. لأول مرة، تحافظ الحلقات على مدة إجمالية تزيد عن 40 دقيقة (مقارنة بأقل من 30 دقيقة في مواسم سابقة)، وحافظت المسلسلات على "تترات" البداية والنهاية التي كانت تُحذَف من الحلقة الثانية لإتاحة مساحة أكبر للإعلانات.

وبعد مرور ثلاثة أيام فقط، تقلّصت المدد الإعلانية المطلوبة، فقررت القنوات ملء الفراغات بمواد دعائية سياسية أو توعوية ضد فيروس كورونا، لكن هذا لا يمنع ملاحظة تبكير مواعيد عرض الحلقات مقارنة بالحلقات الأولى، في مؤشر واضح على تقلص الإعلانات.

رغم فداحة الخسائر، إلا أنه كان من الممكن تعويضها عبر عرض معظم المسلسلات على منصات إلكترونية، مثل شاهد التابعة لمجموعة MBC، وWatch It التابعة لـUMS، وهي منصات تستهدف أولاً المشاهدين خارج مصر بسبب حداثة هذه التجربة في السوق المصري الداخلي، ولأن جزءاً كبيراً من المصريين في الخارج لا يمكنهم متابعتها عبر البث الفضائي.

خارج مصر، وفي استطلاع رأي أجرته شركة إبسوس للأبحاث في السعودية حيث تقيم أكبر جالية مصرية في الخارج، جاءت أربعة مسلسلات مصرية في قائمة أعلى المشاهدات، وكلها تعرضها شبكات MBC وART السعودية، وفي مقدمتها "فالانتينو" للنجم عادل إمام (إنتاج ماجنوم) بنسبة مشاهدة 23.9%، وهو الرابع في الترتيب من بين كل البرامج والمسلسلات التي عُرضت في السعودية خلال الأسبوع الأول من رمضان.

سادساً جاء "البرنس" بنسبة 17.7%، ثم "فرصة ثانية" في المركز الـ14 بنسبة 8.9%، وهو المسلسل الذي تعرّض لكثير من الانتقادات والمتابعة والنميمة في مصر بسبب بطلته ياسمين صبري التي تزوجت مؤخراً من رجل الأعمال الثري أحمد أبو هشيمة (الرئيس السابق لشركة "إعلام المصريين" التي سيطرت لفترة على الإعلام قبل استبداله بتامر مرسي، الرئيس الحالي لمجلسي إدارة سينرجي وUMS). وأخيراً في المركز العشرين جاء الاختيار بنسبة 5.3%.

هذا النوع من استطلاعات الرأي أصبح غير متاح في مصر بعد أن أغلقت الحكومة المصرية مقارّ إبسوس في مصر لأسباب مختلفة، قالت وزارة القوى العاملة المصرية إنها متعلّقة بالصحة والسلامة.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image