رغم التشكيك بالأرقام الرسمية التي تعلنها السلطات الإيرانية، لكن هذه الأرقام تتحدث اليوم عن أكثر من 6 آلاف حالة وفاة، من أصل أكثر من 97 ألف إصابة بفيروس كورونا، منذ إعلان إيران عن أولى الإصابات في مدينة قم الدينية في 19 شباط/ فبراير 2020.
وكما حدث في غالبية دول العالم، أدى تفشي فيروس كورونا في إيران إلى إغلاق المراكز المختلفة وتعليق الأنشطة والفعاليات.
ورغم سماح السلطات الإيرانية منذ أواسط أبريل باستئناف بعض الفعاليات في البلاد، إلا أن صالات السينما والمراكز الثقافية والفنية، والمدارس والجامعات، والنوادي الرياضية والمقاهي وغيرها من أماكن لازالت مغلقة في البلاد.
إلى جانب كثير من القطاعات المختلفة، جعل فيروس كورونا في جميع أنحاء العالم، قطاعَ السينما في وضع حرج جدّاً. فقد أُغلقت أبواب صالات السينما وتوقفت عمليات تصوير وإنتاج الأفلام، وهذه الحالة مستمرة إلى أجل غير مسمى، حيث لا يوجد تاريخ معين لنهاية أزمة فيروس كورونا، حسب ما تقول المنظمات والمراكز الصحية الدولية.
خمّن تقرير في صحيفة "اعتماد" الإيرانية خسائرَ قطاع السّينما في البلاد منذ تفشي فيروس كورونا حتى الآن بـ72 مليار تومان (كلّ دولار أمريكي يساوي 15500 تومان). وهو مبلغ كبير جدّاً لقطاع السينما الإيراني الذي يزدهر كلّ عام في أيام النوروز أي بداية السنة الجديدة والرّبيع، بسبب الاستقبال الكثيف من قبل الشعب الإيراني على مشاهدة الأفلام في صالات السينما. وتَوقع هذا التقرير أن تصل خسائر قطاع السينما الإيراني حتى عيد الفطر إلى 95 مليار تومان.
وبهدف التحايل على أزمة فيروس كورونا وتداعياتها على قطاع السينما والتعويض عن هذه الخسائر، لجأت إيران إلى فكرة أمريكية قديمة وهي عرض الأفلام السينمائية في الهواء الطّلق على شاشة كبيرة لمشاهدين جالسين في سياراتهم أو ما يُسمى بـDrive-in Cinema.
ولم تشهد إيران هذه الظاهرة الأمريكية التي تستخدم حالياً في بعض الدول منذ 44 عاماً. وقد كانت هذه الظاهرة رمزاً للثقافة الأمريكية في ستينيات القرن الماضي، ومع تطوير صناعة السينما اختفت في الولايات المتحدة وفي الدول الأخرى، وأصبحت جزءاً من الماضي. وهناك عدد قليل من هذه العروض السينمائية لازال قائماً حتى يومنا هذا.
في إيران تمّ إجراء أول عرض سينمائي على طريقة Drive-in في عام 1960، والثانية تأسست عام 1969، واستمرّ عملها إلى عام 1977، أي عامين قبل حدوث الثورة الإسلامية في إيران. ثمّ اختفت هذه الظاهرة تماماً في إيران.
ويبدو أن نجاح إقامة الحفلات الموسيقية بشكل "أون لاين" في إيران، وعرض الأفلام السينمائية عن طريق مواقع خاصة، والتي شهدها الإيرانيون خلال فترة الحجر الصحيّ، أدى إلى فكرة عرض الأفلام السينمائية بطريقة Drive-in.
حضر الإيرانيون بسياراتهم لمشاهدة الفيلم بتذاكر بسعر أعلى قليلاً من أسعار تذاكر السينما قبل أزمة كورونا، مرتدين القفازات والكمامات، وتلقّوا الصوت عبر مذاييع سياراتهم من خلال تردّد خاصّ على موجة إف إم
وفي أول عرض Drive-in Cinema، تمّ بثّ فيلم "خُروج" للمخرج الإيراني إبراهيم حاتَمي كِيا، مساء يوم الجمعة، 1 أيار/ مايو الجاري، في مرأب مفتوح في برج "ميلاد"، وهو من أكبر أبراج الاتصالات في العالم، ويعدّ أحد المعالم الرئيسية للعاصمة الإيرانية.
وخلال بضع ساعات بيعت 160 تذكرة صباح يوم الخميس، أي اليوم السابق للعرض.
وحضر الإيرانيون بسياراتهم لمشاهدة الفيلم بتذاكر بسعر أعلى قليلاً من أسعار تذاكر السينما قبل أزمة كورونا، مرتدين القفازات والكمامات، وشاهدوا الفيلم في مرأب بمساحة 17 ألف متر على شاشة ذات 150 متراً، وتلقّوا الصوت عبر مذاييع سياراتهم من خلال تردّد خاصّ على موجة إف إم.
ويتوقّع مسؤولو هذا البرنامج أن يستمرّ بثّ الأفلام بهذه الطريقة خلال الفترة القادمة، بعد الاستقبال الذي شهدتْه التجربةُ الأولى، حيث رحّب الإيرانيون بالمبادرة، والتي رافقتْها إجراءات الوقاية من فيروس كورونا كتعقيم السيارات عند الدّخول، والالتزام بقانون حضور شخصين فقط في كلّ سيارة، وعدم خروجهما من السيارة أثناء بثّ الفيلم.
ولمشاهدة الفيلم بشكل أفضل اختار القائمون بالمبادرة ساحةً ذات أرض منحدرة كصالة السينما، ومنعوا حضور السيارات الكبرى التي كان يمكن أن تكون حاجزاً بين السيارات الأخرى وشاشة العرض.
ورافقت 160 سيارة حضرت لمشاهدة الفيلم، سياراتُ الإسعاف والشرطة، وقوات صحية.
وتوقع بيْمان أنوشه، مدير التسويق في موقع cinematicket الإيراني، وهو من القائمين بهذه المبادرة، أن يتمّ عرض الأفلام بهذه الطريقة في 20 مكاناً آخر إلى جانب برج ميلاد، وتحدث عن استمرارها حتى بعد انتهاء أزمة فيروس كورونا. وقال من المبادرات الأخرى التي ينوون القيام بها هي بيع المأكولات المعلّبة والمعقمة على المشاهدين إلى جانب التذاكر.
وكما تقول تقارير الإعلام الإيراني عن هذا الحدث، إن مشاهدة الأفلام كانت تجربة جيدة بالنسبة للحاضرين حيث أنها ليست مجرّد مشاهدة فيلم سينمائي بل هي فرصة لمواعدة الأصدقاء ولقائهم؛ فرصة كان قد منعهم منها فيروس كورونا والحجر الصحي. كما أنها فرصة للعودة إلى الحياة الطبيعية من دون انتهاك قواعد التباعد الاجتماعي المفروضة في بلادهم.
مشاهدة الأفلام تجربة جيدة بالنسبة للحاضرين حيث أنها ليست مجرّد مشاهدة فيلم سينمائي بل هي فرصة لمواعدة الأصدقاء ولقائهم؛ فرصة كان قد منعهم منها فيروس كورونا والحجر الصحي
ولم تتضمن هذه المبادرة في إيران، الموسيقى والسينما فقط، حيث تشهد حديقة "إرم" الواقعة غرب طهران في هذه الأيام، وبسبب استمرار إغلاق المساجد والمراكز، عروضاً رمضانية يؤدي فيها المنشد أو "المدّاح"، كما يُسمى في إيران، ابتهالات دينية أمام الحاضرين دون أن ينزلوا من سيارتهم.
ويبدو أن السلطات الإيرانية بدأت بتطبيق إجراء جميع مراسمها على هذه الطريقة حيث تحدّث العميد رمضان شريف، المتحدث باسم الحرس الثوري الإيراني، عن إمكانية إقامة مسيرات يوم القدس العالمي في الجمعة الأخيرة من شهر رمضان بطريقة مختلفة، نظراً لتفشي فيروس كورونا.
وتحدّث مسؤول إيراني آخر عن وجود مقترح لتكون المسيرات في المدن الكبرى كطهران بالسّيارات التي تسير خلف دراجات هوائية، حاملةً الأعلام واليافطات الخاصّة بيوم القدس.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
نُور السيبانِيّ -
منذ 12 ساعةالله!
عبد الغني المتوكل -
منذ يوموالله لم أعد أفهم شيء في هذه الحياة
مستخدم مجهول -
منذ يومرائع
مستخدم مجهول -
منذ 5 أيامكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ أسبوعتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت