"لا تضعوا الكمامة في حال لم تغسلوا أيديكم جيداً"، "يجب عليكم عدم تغطية الفم فقط"، "لا تضعوا الكمامة بشكل عشوائي، فالجهة البيضاء يجب أن تغطي الفم والأنف أما الجهة الملوّنة إلى الخارج"، "تجنبوا لمس القناع الطبي طوال فترة استخدامه"...
في العادة يضع العاملون في المجال الطبي الكمامات وأقنعة الوجه الطبية لحماية أنفسهم من الميكروبات والجراثيم، بخاصة في بيئة غنية بمسببات المرض، مثل المستشفيات، ولكن أزمة كورونا غيّرت الكثير من المعادلات، وحوّلت العالم كله إلى مكان قابل لانتشار العدوى، ففرضت على من هم بحاجة للخروج من الحجر المنزلي لبعض الوقت، سواء كان ذلك لشراء الأدوية أو المواد الغذائية.. وضع الكمامة والقفازات، وذلك للوقاية من هذا الوباء العالمي.
غير أن الكمامة ليست فقط عبارة عن قطعة من القماش الطبي توضع كقناع على الوجه في حال انتشار الأمراض والأوبئة، إنما هناك حاجة ملحّة لمعرفة طريقة استخدامها بشكل صحيح، وإلا تحول قناع الوجه هذا، الذي من المفترض أن يحمينا من الأمراض، إلى بؤرة للجراثيم.
الوجه القبيح لكورونا
في حال خرجتم من منزلكم لبعض الوقت، من المرجح ألا تصادفوا أي شخص على الطريق لا يضع الكمامة على وجهه، فحتى الأشخاص الذين لطالما استهتروا بهذا الوباء، باتوا يعترفون اليوم بمدى قوته وسرعة انتشاره، في الوقت الذي يعجز فيه الجسم الطبي عن إيجاد لقاح مناسب للقضاء عليه.
وبالتالي أصبح استخدام الكمامة شائعاً وأمراً عادياً وطبيعياً في الأماكن العامة في زمن كورونا، إلا أن مجرد ارتداء قناع الوجه الطبي لا يعني أن صاحبه محمي بنسبة 100%، ومع ذلك فإنه لا يمكن للمرء إهمال هذا الشق.
الكمامة ليست فقط قطعة من القماش الطبي توضع كقناع على الوجه في حال انتشار الأمراض والأوبئة، إنما هناك حاجة ملحّة لمعرفة طريقة استخدامها بشكل صحيح، وإلا تحول قناع الوجه هذا، إلى بؤرة للجراثيم
والحقيقة أن أقنعة الوجه الطبية تهدف للمساعدة في تقليل الإصابة أو نشر العدوى عن طريق الخطأ، فقد تبيّن مثلاً أن فيروس كورونا ينتشر بشكل أساسي من خلال قطرات الجهاز التنفسي، ونظراً لأن هناك 25% من الأشخاص المصابين بكوفيد 19 لا يعانون من الأعراض، فإنه بات يُطلب من الجميع ارتداء الكمامة لحماية الآخرين في الأماكن العامة.
وفي هذا الصدد، قال توماس روسو، رئيس قسم الأمراض المعدية في جامعة بافالو، لصحيفة الهافيغتون بوست: "نحن نعلم أن هناك أشخاصاً لا تظهر لديهم الأعراض، ومع ذلك فإنهم قد ينشرون الفيروس قبل ظهور الأعراض لديهم...أعتقد أننا بحاجة إلى العمل وفق مبدأ أن أي شخص قد تصادفونه يمكن أن يصيبكم بالعدوى"، مضيفاً: "هذه هي الحقيقة القبيحة لهذا الوباء".
الأخطاء الشائعة
لا شك أن هناك الكثير من الأخطاء التي يرتكبها البعض منّا عند ارتداء أقنعة الوجه الطبية للوقاية من فيروس كورونا، أبرزها:
القناع يغطي فمكم فقط
إذا كنتم تضعون الكمامة بشكل يغطي فمكم وحسب، فإنكم ترتكبون خطأ وتعرّضون أنفسكم والآخرين للإصابة بالمرض.
وتعليقاً على هذه النقطة، قال توماس روسو: "إننا نتنفس في الغالب كلياً أو جزئياً من خلال الأنف، ويمكن أن تتعرضوا للعدوى عن طريق استنشاق الجزيئات الفيروسية. وبالمثل، إذا كنتم مصابين بالعدوى وكان الماسك منخفضاً ويغطي فمكم فقط وعطستم، فيمكنكم إذن إطلاق قطرات الجهاز التنفسي بتلك الطريقة".
أما في حال كان أنفكم غير مغطَّى بالقناع، فإنكم تخاطرون أيضاً بتعرضكم للتلوث من القناع نفسه، الذي يجمع الجراثيم والقطرات على جزئه الخارجي، وهي نقطة شرحتها لوسي ويلسون، رئيسة قسم الخدمات الصحية الطارئة في جامعة ماريلاند، بالقول: "إذا كانت فتحات الأنف تظهر من فوق القناع، وكانت الحافة الخارجية للقناع تحت فتحات الأنف، فقد يحدث تلوث متبادل من القناع إلى الأنف".
تغطية طرف الأنف فقط
من المهم أن تضعوا الكمامة على جسر أنفكم وليس حافته، بحيث تتمكنوا من تحقيق أفضل إغلاق يمكن الوصول إليه، إذ إن مجرد تغطية رأس الأنف سيترك فجوات هوائية كبيرة في الجزء العلوي من القناع ليتمكن الهواء من الدخول والخروج، من هنا يُنصح بأن يتم وضع القناع على جسر الأنف وليس الطرف.
احتكاك القناع بأشياء ملوثة
إذا وصل فيروس كورونا إلى ملابسكم أو وجهكم أو جسمكم ثم احتكّت الكمامة بتلك الأشياء، فهذا خطأ إضافي.
وفي هذا الصدد، قالت لوسي ويلسون: "إن القلق بشأن ارتداء القناع بشكل غير صحيح يعتمد على خطر التلوث. إذا لمس الجزء الداخلي من القناع جزءاً آخر ملوثاً بالفيروس: الشعر، الجبهة، الذقن، الرقبة، اليدين والملابس، ثم عاد الجزء الداخلي من القناع إلى منطقة الأنف والفم حيث توجد الأغشية المخاطية، فقد تحدث العدوى".
وبالتالي لا تتركوا القناع الطبي معلَّقاً على رقبتكم عندما لا تضعونه على وجوهكم، فالغرض من قناع الوجه هو حماية أنفكم وفمكم من السعال والعطس وحماية الآخرين، أو حماية أنفسكم من القطرات.
ومن أجل وضع القناع وإزالته بشكل صحيح، يجب الحرص على عدم لمس الجزء الأمامي، وفق ما تحذر مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها.
بدلاً من لمس القناع نفسه، يجب إزالته عن طريق الإمساك بالشريط أو الحلقة الموجودة حول الأذن، وبمجرد إزالته، يجب وضعه في كيس محكم الإغلاق، وذلك بهدف عدم تلويث الأسطح الأخرى.
وينصح الخبراء بضرورة غسل اليدين قبل وبعد وضع القناع أو خلعه، فبحسب منظمة الصحة العالمية، يجب تنظيف اليدين جيداً لمدة 20 ثانية على الأقل، بالماء والصابون أو بمعقم اليدين.
القناع فضفاض على وجهكم
عندما يتم ارتداؤه بشكل صحيح، فإن أقنعة N95 التنفسية التي يستخدمها الأطباء في العادة، تكون محكمة الإغلاق على الوجه، ولكن عند وضع أقنعة الجراحة أو الأقنعة المصنوعة في المنزل، فربما تتدلى المناطق الجانبية من دون إحكام وبالتالي يكون القناع فضفاضاً على الوجه.
في الواقع، إن ارتداء القناع يستغرق بعض الوقت للتعوّد عليه، ولكن يجب ألا يحدّ القناع من قدرتكم على التنفس، كما أنه يجب ألا يكون متأرجحاً، فالهدف يكمن في إنشاء حاجز يحجب أكبر قدر ممكن من الهواء، وبالرغم من أنكم لن تحصلوا على انسداد كامل من خلال ارتداء قناع جراحي أو قناع مصنوع منزلياً، إلا أنه من المهم أن يكون الماسك محكم الإغلاق ومريحاً بما يكفي حتى لا ينزلق، وبالتالي تأكدوا من عدم وجود فجوات بين وجهكم والقناع.
وبالنسبة للرجال، فإن اللحية قد تمنع الأقنعة من أن تكون محكمة الإغلاق، لذا ينصح توماس روسو بتشذيب اللحية: "كلما كانت اللحية أكبر وأكثر هشاشة، سيفقد القناع وظيفته المثلى أيضاً".
عدم تنظيف القناع جيداً عند إعادة استخدامه
إذا كنتم تخططون لإعادة استخدام القناع الطبي، فإنكم بحاجة للتأكد من أنه لن يصبح منطقة تلوث أخرى.
وقد أوضح مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، أنه بالإمكان غسل أقنعة القماش المصنوعة منزلياً في الغسالة.
وكان الخبراء الطبيون قد أكدوا في السابق أنه يمكن تنظيف أقنعة N95 وذلك بتعريضها للبخار فوق إناء يحتوي على مياه مغلية لمدة 10 دقائق، مع ضرورة تجفيفها جيداً قبل إعادة الاستخدام.
وبمجرد أن يتسخ القناع أو يتلف بشكل واضح، يجب التخلص منه، كما أنه من المهم ألا يُستخدم القناع وهو رطب، إذ يصبح أقل فعالية.
مجرد ارتداء قناع الوجه الطبي لا يعني أن صاحبه محمي بنسبة 100%
في الختام، قد تعتقدون أن القناع الطبي موثوق به بنسبة 100%، ولكن في نهاية المطاف يبقى التباعد الاجتماعي هو الخيار "الملك"، فالقناع الطبي غير مصمم لتوفير حاجز بين جهازكم التنفسي وجميع الفيروسات والبكتيريا، في حين أن التباعد الاجتماعي يساعد على حمايتكم من الجسيمات الفيروسية الناجمة عن العطس والسعال من قبل أشخاص لا يعرفون بعد أنهم أصيبوا بفيروس كورونا.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 11 ساعةمقال مدغدغ للانسانية التي فينا. جميل.
Tester WhiteBeard -
منذ يومtester.whitebeard@gmail.com
Ahmed Adel -
منذ 3 أياممقال رائع كالعادة
بسمه الشامي -
منذ أسبوععزيزتي
لم تكن عائلة ونيس مثاليه وكانوا يرتكبون الأخطاء ولكن يقدمون لنا طريقه لحلها في كل حلقه...
نسرين الحميدي -
منذ أسبوعلا اعتقد ان القانون وحقوق المرأة هو الحل لحماية المرأة من التعنيف بقدر الدعم النفسي للنساء للدفاع...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعاخيرا مقال مهم يمس هموم حقيقيه للإنسان العربي ، شكرا جزيلا للكاتبه.