مع اتجاه عدة بلدان حول العالم نحو تخفيف قيود الحجر الصحي والإغلاق المفروضين للحد من تفشي فيروس كورونا، في محاولة لتخفيف الخسائر الاقتصادية التي تكبدتها، يبدو من الصعب عودة الحياة إلى "طبيعتها" بينما تظل عدة أمور هامة "مجهولة".
في تقرير لها، بتاريخ 21 نيسان/أبريل، لفتت وكالة "آسوشيتد برس" إلى أن الاستناد إلى "توفر تحاليل كورونا" ليس كافياً لعودة عجلة الإنتاج ولو بشكل جزئي.
وأشارت إلى ثلاثة أسئلة ضرورية لم يتمكن العلم من الإجابة عنها حتى مع تحقق الفكرة المثالية القائلة إنه يمكن أن تعود الحياة إلى طبيعتها بعد الحصول على التطعيم ضد فيروس كورونا، لافتة، في هذا السياق، إلى أنه برغم الجهود غير المسبوقة، لن يتوفر اللقاح قريباً.
وكانت روشيل والنسكي، رئيسة قسم الأمراض المعدية في مستشفى ماساتشوستس العام، قد أوضحت خلال تصريحات لمجلة الجمعية الطبية الأمريكية: "سنرتدي جميعاً أقنعة الوجه لبعض الوقت".
انتقال العدوى
أما عن الأسئلة التي ينبغي حسمها لتصبح عودة الحياة إلى نصابها ممكنة، فهي: أي المرضى يكون قادراً على نقل العدوى؟ أي الأشخاص أكثر مناعة ضد الفيروس؟ وأي الفئات أكثر عرضة للخطر؟
"المجهول حقاً في هذا، لنكن واضحين تماماً، هو انتشار (الفيروس) بدون أعراض"، هكذا ترى منسقة قوة مكافحة الفيروس التاجي في البيت الأبيض ديبورا بيركس.
مع بداية الأزمة، طلبت السلطات من المواطنين، في جميع الدول تقريباً، البقاء في منازلهم عند الشعور بالمرض أو ظهور أعراض عليهم. لكن، وبحسب مدير "المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية" الأمريكي آنتوني فاوتشي، فإن ما بين 25% إلى 50% من المصابين قد لا تظهر عليهم أعراض.
أي المرضى ينقل العدوى؟ أيهم أكثر حصانة ضد الفيروس؟ من الأكثر عرضة للخطر؟… ثلاثة أسئلة لم يستطع العلم الإجابة عنها بعد، تجعل مسألة "توفّر تحاليل كورونا" غير كافية
يعني هذا أنه ما من طريقة لمعرفة ما إذا كان الشخص الواقف إلى جوارك شخص معدي في خط الخروج، حتى الأشخاص الذين تظهر عليهم الأعراض في نهاية المطاف، ليس واضحاً بالضبط متى يمكن أن ينقلوا العدوى بعد إصابتهم.
في الوقت نفسه، تؤكد هذه الأمور أن إجراء اختبارات الكشف عن الفيروس، ولو بكثافة، "ليس حلاً سحرياً" لعودة الاقتصاد، حيث أنه "إذا أجريت اختباراً اليوم، فهذا لا يعني أنك في الغد أو بعد غد أو بعد بعد غد... عندما تتعرض إلى العدوى، ربما من شخص لا يعرف حتى أنه مصاب، أنك سليم"، وهذا ما صرح به فاوتشي في بيان صحافي مؤخراً.
المناعة ضد المرض
يفترض فريق كبير من الأطباء أن الأشخاص الذين سبقت إصابتهم بفيروس كورونا ستتكون لديهم بعض المناعة ضد تكرار الإصابة، لكن حتى الآن لا يستطيعون معرفة مقدار هذه الحصانة أو المدة التي قد تستمر فيها.
سؤال آخر مهم: هل أولئك المتعافين الذين اختبروا أعراضاً قوية ستكون لديهم مناعة أقوى من أولئك الذين كانت لديهم أعراض بسيطة؟ أو أولئك الذين لم تظهر عليهم أعراض على الإطلاق؟
في حين بدأ علماء في فحص دم بعض المتعافين بحثاً عن "الأجسام المضادة" و"البروتينات التي يصنعها الجهاز المناعي" لمحاربة العدوى، لا يتحرون العدوى النشطة كما تستلزم اختبارات المرضى الحاليين.
وهنا يعلّق فاوتشي: "ما هي مدة الحماية؛ شهر واحد، ثلاثة أشهر، ستة أشهر، سنة؟ يجب أن نكون متواضعين وألا نبالغ إذ لا نعرف كل شيء".
الأكثر عرضة للخطر
من الأمور المثيرة للحيرة أيضاً بشأن الفيروس التاجي أن التحذيرات الأولى كانت تركز على أن كبار السن والأشخاص الذين يعانون مشاكل صحية مزمنة، مثل أمراض الرئة أو مشاكل القلب أو السكري، أكثر عرضة للإصابة والوفاة.
هذا الأمر اتضح أنه ليس حاسماً، فكون الشخص شاباً ويتمتع بصحة جيدة ليس ضمانة، على ما يبدو، على عدم تعرضه للخطر.
"بعض الناس يبلي بلاءً حسناً والبعض يتحطم تماماً. الأمر أبعد من مجرد العمر والحالة الصحية"... يعتقد فريق من الباحثين أن التفكير في عودة الحياة إلى طبيعتها قبل كورونا "ضرباً من الخيال"
ثبتت إصابة الكثير من الأشخاص بين 20 و30 عاماً، وحتى بعض الأطفال، بالفيروس، ومات بعضهم أيضاً.
في مقابلة حديثة مع "آسوشيتد برس"، قال فاوتشي: "بعض الناس يبلي بلاءاً حسناً والبعض يتحطم تماماً. الأمر أبعد من مجرد العمر والحالة الصحية".
بالطبع ظهرت عدة تفسيرات وتحليلات عن دور الاختلافات الجينية في تحديد استجابة الجسم للعدوى وغيرها. لكن بغض النظر عن السبب، يعترف المختصون أنه لا توجد طريقة حاسمة للتنبؤ بمن سيكون أكثر تضرراً.
على جانب آخر، يعتقد فريق من المختصين أن التفكير في عودة الحياة إلى طبيعتها، أو الحال المعتاد قبل أزمة كورونا، ليس إلا ضرباً من الخيال.
هذا الاتجاه نقله مقال الكاتب بيتر سي بايكر في "الغارديان"، نهاية الشهر الفائت، حيث لفت إلى أن الكوارث والأزمات تُلقي بظلالها على العالم وتُغيّر نمط الحياة وربما فكر المجتمعات، بعضها بالإيجاب، وبعضها الآخر بالسلب، مستعرضاً أثر بعض الكوارث الكبرى السابقة على بلدان بعينها.
ونبّه بايكر إلى أن كل أزمة، أياً كانت طبيعتها، غالباً ما تترك خسائر ومكاسب، مبيّناً أن الأمر يتطلب إجراء "دراسات أزمات" لمعرفة إلى أي مدى أثرت أزمة كورونا على كل بلد. وشدّد على أن هذا لن يكون ممكناً إلا بعد "انتهاء الأزمة، واتضاح ملامح العالم الجديد الذي سندخله".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
علامي وحدي -
منذ ساعة??
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 21 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون