شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!

"من أفلام الخيال العلمي"... بحث إمكانية ربط إذن العمل بأصحاب "المضاد المناعي" المناسب

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الاثنين 6 أبريل 202006:53 م

في أحد الشوارع الإيطالية، صرخت سيدة في وجه رجال الشرطة، ودموعها تنهمر، "لا نمتلك الطحين في البيت لنأكل"، في مشهد عدّه كثيرون مُعبّراً عن وضع الآلاف من المواطنين الذين أجبروا على البقاء في منازلهم للحد من انتشار فيروس كورونا من دون مصدر رزق.

إشكالية "خطر الموت بالكورونا لمن يخرج من منزله أو الموت من الجوع لمن يبقى في منزله بلا مصدر رزق"، دفعت بالسياسيين الإيطاليين إلى البحث عن حل يحقق التوازن بين الأمرين.

أخيراً، دعا رئيس الوزراء الإيطالي السابق ماتيو رينزي إلى ضرورة فتح البلاد مرة أخرى مع اتخاذ إجراءات تحد من انتشار الفيروس، وتحدث عن "ممر كوفيد" لغير المصابين.

واقترح بعض السياسيين "فكرة من أفلام الخيال العلمي"، حسب وصف "نيويورك تايمز"، تقوم على منح من "يمتلكون أجساماً مضادة للفيروس" ترخيصاً يتيح لهم العودة للعمل من أجل إعادة تشغيل حركة الاقتصاد مرة أخرى.

ويقصد هؤلاء السياسيون بأصحاب الأجسام المضادة "أولئك الذين أصيبوا بالكورونا وتمكنوا من التغلب عليه وباتت لديهم مناعة".

تقول "نيويورك تايمز": "في مرحلة ما، سيتعيّن على جميع الحكومات تقريباً تحقيق التوازن بين ضمان السلامة العامة وإعادة تشغيل حركة اقتصاد بلادهم مرة أخرى"، موضحة "قد تجد (الحكومات) نفسها توفر ما هو الأفضل للمجتمع… وقد تسير نحو اختيارات أخلاقية غير مريحة".

ونقلت الصحيفة عن أستاذة الفلسفة الأخلاقية في جامعة باريس ديكارت ميكيلا مارزانو قولها: "يبدو أن البشرية ستنقسم قسمين، القوي (مناعته قوية ضد الفيروس) والضعيف (مناعته أقل)".

تبيّن مارزانو أن الدفع بـ"أصحاب المناعة أو الذين لديهم أجسام مضادة للفيروس إلى العمل" وحماية من هم "أكثر هشاشة" يمثل رؤية نفعية لما هو الأفضل للمجتمع، وتضيف: "هذا ليس تمييزاً إنما حماية".

هل تمنع الأجسام المضادة عودة الفيروس؟

على الرغم من طرح هذه النظرية، لا يزال العلماء في إيطاليا، مثل نظرائهم في ألمانيا والولايات المتحدة والصين، يدرسون ما إذا كانت الأجسام المضادة ستحمي هؤلاء من الفيروس وتمنع عودته.

وفقاً للصحيفة، ستبدأ مقاطعة فينيتو الإيطالية خلال الأسبوع الجاري جمع 100 ألف عيّنة دم من العاملين في مجال الرعاية الصحية ثم من الموظفين العموميين لمعرفة مدى قدرة الأجسام المضادة للذين لديهم الفيروس وأولئك الذين تعافوا منه على مواجهة كورونا إذا هاجمهم مرة ثانية.

"فكرة من أفلام الخيال العلمي"... اقتراح إيطالي يقوم على منح الذين"يمتلكون أجساماً مضادة للفيروس" ترخيصاً يتيح لهم العودة للعمل من أجل إعادة تشغيل حركة الاقتصاد مرة أخرى

ومن المتوقع أن يتمكن العلماء من الحصول على النتائج في غضون ثلاثة أو أربعة أشهر. إذّاك يكونون قادرين على معرفة أسباب عدم ظهور الأعراض على آلاف الأشخاص، وما إذا كان لدى الأطفال عنصر معيّن ساعدهم على أن يكونوا أقل الفئات إصابة.

وكان رئيس إقليم فينيتو لوكا زايا قد أعرب عن قلقه بشأن ظهور حالة واحدة لسيدة "شُفيت من كورونا ثم أُصيبت به مرة أخرى"، ما يعني أن نظرية الأجسام المضادة للذين تعافوا قد تكون غير دقيقة فتُنسف.

برغم ذلك، قرر زايا وأفراد فريقه الطبي المضي قدماً في الدراسات الجارية، معبّرين عن ثقتهم أن الأجسام المضادة قادرة على مواجهة الفيروس.

بدوره، قال آندريا كريزانتي، وهو كبير المستشارين العلميين في مجال مواجهة فيروس كورونا في فينيتو وأستاذ علم الأحياء الدقيقة في جامعة بادوفا: "الأجسام المضادة في أجساد الإيطاليين الذين تعافوا من الإصابة يمكن أن تكون أداة ذات قيمة في تحديد من يمكنه الخروج من الحجر الصحي للعمل في أمان".

"الأجسام المضادة في أجساد الإيطاليين الذين تعافوا من الإصابة يمكن أن تكون أداة ذات قيمة في تحديد من يمكنه الخروج من الحجر الصحي للعمل في أمان"... مقاطعة إيطالية ستبدأ بجمع عيّنات لدراسة هذا الخيار، وسط شكوك حول دقته ومعاييره الأخلاقية

وبحسب العلماء في إيطاليا، فإن الفيروس يُنتج نوعين من الأجسام المضادة، الأول يظهر عادة في غضون مدة تُراوح بين خمسة وستة أيام بعد الإصابة، ويتلاشى بعد 20 يوماً. عندما يشفى الشخص، يتم استبدال هذا الجسم المضاد الذي يظهر مع العدوى بجسم مضاد آخر يكشف بشكل غير مباشر أن الشخص كان مصاباً بالفيروس. لدى اكتشاف الجسم المضاد الثاني في الجسم، يمكن القول إن الشخص ربما لم يعد مصاباً.

هل هناك مخاطرة؟

في تحدٍ آخر لهذا الطرح، أعلن علماء بريطانيون أنهم أجروا ملايين الاختبارات على مواطنين بريطانيين، وفشلوا في معرفة مدى إمكان قدرة الأجسام المضادة على مواجهة الفيروس مرة أخرى.

وقال البروفيسور جون نيوتن الذي يقود لجنة لإجراء اختبارات أبحاث الدم والمناعة إن الاختبارات فشلت في تأكيد مدى حصانة البريطانيين، إذ تبيّن أنها ستكشف الذين عانوا أعراضاً شديدة فحسب، وليس الذين تعرضوا للفيروس بدرجة أقل وظهرت عليهم أعراض ثانوية.

ومع ذلك، أكد نيوتن أنهم سيجهدون لتحسين الاختبارات مع عدد من الشركات المصنعة لهذه الاختبارات والمراكز البحثية.

ستكون هناك تساؤلات حول مدى قدرة دول العالم الثالث على تطبيق اختبارات الأجسام المضادة لملايين المواطنين بغية إعادتهم إلى العمل مرة أخرى.

وبحسب تقرير لمجلة "هارفارد بزنس ريفيو"، التابعة لجامعة "هارفارد" الأمريكية، فإن "ملايين الأمريكيين - وخاصة أولئك الذين يعانون فقراً شديداً بسبب الإغلاق القسري- يودون العودة إلى العمل، لكن سيكون الاقتصاد في وضع أسوأ إذا أعيد تشغيله قبل الأوان، وقبل اتخاذ إجراءات تحول دون حدوث موجة أخرى من انتشار الفيروس في صفوف المواطنين".

ويذكر التقرير أن أبرز شروط عودة الاقتصاد أن تمر مرحلة الذروة من انتشار المرض في أي دولة، ولا بد أن تكون المؤسسات الطبية قادرة على تحمل موجة ثانية من انتشار المرض وتدفق الآلاف من المرضى إلى المستشفيات.

ومن تلك الشروط إجراء اختبارات لتحديد المصابين بالمرض واختبارات أخرى لمعرفة الأشخاص الذين أُصيبوا وحصلوا على الأجسام المضادة، بالإضافة إلى التأكد أن الذين أصيبوا وتعافوا لا يشكلون مصدراً لنقل العدوى.

ويختم التقرير بأن توصياته تقتصر على الدول ذات الإمكانات الضخمة، لذا ستكون هناك تساؤلات حول مدى قدرة دول العالم الثالث على تطبيق اختبارات الأجسام المضادة لملايين المواطنين بغية إعادتهم إلى العمل مرة أخرى.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard