شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
بعيداً عن

بعيداً عن "الانحياز للتفاؤل"... علماء يشددون على ضرورة "التباعد الاجتماعي" حتى 2022

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأربعاء 15 أبريل 202004:48 م

عام 1980، نشر عالم النفس نيل وينستاين أولى الدراسات حول ما بات يُعرف بـ"الانحياز للتفاؤل"، المعروف كذلك بالتفاؤل غير الواقعي، ومفاده أن يعتقد الشخص بأنه أقل عرضة من الآخرين لموقف سلبي أو للإصابة بمرض مزمن. 

ومع انتشار وباء كورونا، وفرض دول عديدة الحظر الكلي أو الجزئي، مع التأكيد على التباعد الاجتماعي/ الجسدي، كان من السهل رصد هذا النوع من التحيّز المتفائل في ردود فعل الناس على أخبار التقليل من القيود المتبعة.

 وفق هذا النوع من التحيّز، يصبح الاقتناع بالأخبار السارة أو الإيجابية أسهل مقارنة بالأخبار ذات التبعات القاسية، وإن تكن حجج الأخيرة أكثر منطقية. 

يضرب الباحث مايكل مارشال، في مقال له على "بي بي سي فيوتشر"، مثالاً عن هذا النوع من التحيّز: "إذا قال الخبراء أن الإغلاق سيُخفف في غضون أسبوعين، فسيُحدّث الناس معتقداتهم بسرعة ويقتنعون بالأمر، ولكن إذا قال الخبراء بدلاً من ذلك إن الإغلاق سيستمر فترة أطول، سيجد الناس صعوبة في تحديث رؤيتهم بحجة أن الأشياء تتغير ولا يمكن تصديق كل شيء". 

"الانحياز للتفاؤل" يكون إيجابياً أحياناً، لكن تشبيهه بكنس الغبار في الغرفة إلى تحت الكنبة ليس اعتباطياً، إذ يحذر مارشال وغيره من مغبة الاستسلام له في مواجهة وباء ككورونا يهدّد بالعودة من خلال موجات أشد فتكاً. بالنسبة إلى هؤلاء، فإن تجنب التبسيط والروايات الجذابة والانفتاح على الروايات المعقدة أمران ضروريان. 

قد تصلح النصيحة الأخيرة مقدمةً لدراسة نشرتها مجلة "ساينس" أعدها خمسة باحثين في علوم الأوبئة والمناعة والأمراض المعدية في جامعة "هارفرد". تشدد الدراسة على ضرورة استمرار "التباعد الاجتماعي" حتى عام 2022، في حين قد يستغرق الحصول على عقار للوباء سنوات عدة. 

الإغلاق الكامل، كما هو حاصل حالياً، لن يكون كافياً لمرة واحدة فحسب إذا أراد العالم السيطرة على الوباء. وإذا لم تستمر القيود، فإن الذرى التي قد يبلغها الوباء ربما تغدو، بحسب معدي الدراسة، أشد وطأة من الذروة الحالية. 

إذا لم تستمر القيود، فإن الذرى التي قد يبلغها الوباء ربما تغدو أشد وطأة من الذروة الحالية... باحثون من هارفرد يشددون على ضرورة استمرار التباعد الاجتماعي حتى 2022

ومن السيناريوهات التي طرحها ستيفن تيسلر وكريستين تيديجانتو وإدوارد غولديستاين ويوناتان غراد ومارك ليبستيش في الدراسة، سيناريو يتوقع أن يعود الوباء في السنوات المقبلة، أي حتى عام 2025، في ظل غياب لقاح أو علاج فعال. 

ونقلت "الغارديان" عن ليبستيش، وهو أستاذ علم الأوبئة، قوله إن العدوى تنتشر عندما يكون هناك عدد كبير من الإصابات أو من الأشخاص المعرضين للإصابة، وبما أننا لا نعرف الكثير عن غير المعرضين للوباء وفق نظرية مناعة القطيع، فسننظر إلى الناس جميعهم باعتبارهم عرضة للإصابة. 

وبحسب الدراسة، فإن توقعات نهاية الوباء في صيف 2020 لا تتفق مع ما هو معروف حالياً عن انتشار العدوى. لذا ينصح المشاركون في إعدادها بإمكان التخفيف من الإجراءات تدريجياً مع الحفاظ على الحالات التي يمكن أن يتعامل معها القطاع الصحي من دون أن ينهار. وبينما "قد تخفف العلاجات الجديدة أو اللقاح أو زيادة قدرة الرعاية من الحاجة إلى التباعد الجسدي الصارم، يبقى من الضروري في ظل غياب كل هذه الاحتمالات الحفاظ على المراقبة والتباعد المتقطع حتى عام 2022".

أما في ما يتعلق بالعدد الإجمالي للحالات المتوقع إصابتها في السنوات الخمس المقبلة، والمستوى المطلوب من التباعد الجسدي، فستكون الإجابة عنهما من خلال المستويات الحالية الإجمالية للعدوى، ومدى تمتع المصابين بالحصانة. ولدى تطور جهازهم المناعي، سيكون السؤال: إلى متى سيكون قادراً على مجابهة الإصابة؟ 

ثمة احتمالين للإجابة عن هذا السؤال: إذا كانت المناعة لدى المتعافين من الفيروس طويلة الأمد، فقد يختفي الفيروس مدة خمس سنوات تقريباً بعد تفشيه الأول، أما إذا استمرت المناعة نحو سنة، كما أظهرت سابقاً الفيروسات التاجية الأخرى، فإن دورة التفشي ستكون سنوية، وهو السيناريو الأكثر ترجيحاً بحسب الدراسة. 

ووفقاً لجميع السيناريوهات التي تطرقت الدراسة إليها، تبيّن أن الإغلاق مرة واحدة والتعامل الطبيعي بعد رفعه على أساس أن الوضع أصبح تحت السيطرة وبإمكان الناس العودة إلى التصرف كما جرت العادة قبل انتشار الفيروس، هي أمور ستؤدي إلى عودة الوباء قوياً جداً بعد رفع القيود.

وفقاً لجميع السيناريوهات التي تطرقت دراسة هارفرد إليها، تبيّن أن الإغلاق مرة واحدة والتعامل الطبيعي بعد رفعه على أساس أن الوضع أصبح تحت السيطرة، هي أمور ستؤدي إلى عودة الوباء قوياً جداً بعد رفع القيود

في موازاة ذلك، بدأ العلماء يهتمون بتتبّع المتعافين من الفيروس ودراسة الأجسام المضادة التي تشكّلت في أجسادهم، وهي دراسات يُنتظر أن تكون حاسمة لتحديد ما إذا كانت ستتشكّل لدى الناس مناعة طويلة الأمد.   

وتعليقاً على دراسة هارفرد، قال أستاذ علم الأوبئة والأمراض المعدية في جامعة أدنبرة مارك وولهاوس: "الدراسة ممتازة. فهي تستخدم النماذج الرياضية لاستكشاف ديناميكيات Covid-19 على مدى عدة سنوات، خلافاً للدراسات السابقة التي ركزت على الأسابيع أو الأشهر المقبلة".

وأضاف: "من المهم أن ندرك أن هذه الدراسة نموذج، وهي متوافقة مع البيانات الحالية. لكنها، مع ذلك، تعتمد على سلسلة من الافتراضات- على سبيل المثال، الحصانة المكتسبة- التي لم يتم إثبات صحتها إلى الآن. لذا ينبغي اعتبار الدراسة عبارة عن سيناريوهات محتملة".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image