زوجٌ يضرب زوجته، وآخر يلقي بطفلتيه من شرفة المنزل نكايةً في زوجته، وثالث يعذب طفلته حتى الموت... سلسلة لا تنتهي من حوادث العنف الأسري والقتل بحق النساء والطفلات في لبنان دفعت منظمات حقوقية ونسوية عدة إلى المطالبة بملاجئ آمنة للناجيات من التعنيف.
كان آخر تلك الحوادث المعلنة في أسبوع واحد الجريمة البشعة التي أودت بحياة الشابة جنوى راجع جعفر والتي عثر على جثتها، في 7 نيسان/أبريل، في منطقة عين بورضاي في بعلبك.
أظهر تقرير الطب الشرعي أنها قضت برصاصة في الرأس قبل أن يلقى جثمانها في العراء لتنهش الكلاب الشاردة أجزاء من يدها وصدرها، وفق صور تداولها ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
النساء والطفلات "فشة خلق"
أثارت الجريمة استنكار العديد من الناشطين والناشطات في لبنان، فكتبت الناشطة النسوية اللبنانية حياة مرشاد: "جنوى جعفر إمرأة أخرى تقتل برصاص بالرأس. وبعد أكثر من أربعة أيام على الحادثة لا توقيف لمجرم ولا إحقاق لحق... فهل تقفل القضية وتدفن العدالة مع روح جنوى كغيرها الكثير من النساء؟".
وقبل نحو ثلاثة أيام، وصلت المستشفى الإسلامي في طرابلس اللبنانية، الطفلة السورية مهى صلاح الدبل (خمس سنوات) جثة هامدة وجسدها تغطيه الكدمات وآثار الضرب المبرح، ليتبين لاحقاً أن والدها الذي أوقفته قوى الأمن الداخلي وراء الجريمة البشعة.
آخرها جريمة قتل شابة برصاصة في الرأس... جرائم قتل وعنف ضد النساء سجلها لبنان خلال أسبوع، ومنظمة لبنانية قالت إنها تلقت أكثر من 145 اتصالاً من سيدات معنفات خلال شهر، وأكثر من 6 نساء يطلبن أسبوعياً اللجوء إلى مأوى
ومساء 5 نيسان/أبريل، تشاجر رجل مع زوجته لينتهي به بإلقاء ابنتيه (17 و20 عاماً) من شرفة الطابق الثاني لمنزلهم الكائن في العاصمة بيروت. تمكنت إحدى الابنتين من الهرب لدى سقوطها على سيارة، فيما نقلت شقيقتها إلى مستشفى قريب للعلاج.
تلك بعض أبرز الحوادث المتداولة إعلامياً خلال أسبوع فقط، إلا أن منظمة "أبعاد" المدنية اللبنانية غير الربحية أفادت قبل يومين بأنها تلقت، خلال شهر آذار/مارس الماضي، أكثر من 145 اتصالاً على خطها الساخن الخاص بحماية النساء من العنف الأسري، لافتةً إلى أن "أكثر من ست سيدات يطلبن أسبوعياً اللجوء إلى مأوى بسبب تعرضهن للعنف نتيجة الحجر المنزلي".
في حين أبدت "لجنة حقوق المرأة اللبنانية"، في 9 نيسان/أبريل، قلقاً وتخوفاً من "تزايد العنف ضد النساء في لبنان خلال الآونة الأخيرة، خصوصاً بعد 21 شباط/فبراير الماضي، ومع انتشار فيروس كورونا وفرض الحجر المنزلي".
واعتبرت اللجنة أن "سلسلة طويلة غير مسبوقة من حالات العنف الأسري الذكوري المجرم ضد النساء والطفلات تثبت أن المرأة والطفلة لا زالتا ‘فشة خلق‘ إذا غضب الرجل، وأداة انتقام من وضعين معيشي وصحي خطيرين، ليست المرأة هي المسؤولة عن ترديهما بالطبع".
وأشارت اللجنة إلى تلقي "عدد هائل مضاعف من اتصالات طلب الحماية من القوى الأمنية على الرقم 1745، وعلى أرقام الجمعيات النسائية المعنية بشؤون المعنفات".
"سلسلة طويلة من حالات العنف الأسري شهدها لبنان خلال الأسبوعين الماضيين في ظل وضع صحي ومعيشي خطير... ودراسة حديثة تدعو لتوفير ملاجئ آمنة للناجيات من العنف لمنحهن خيار الابتعاد عن العلاقات المؤذية
وأبرزت أن هذه الاتصالات والتبليغات "تقتصر في الواقع على النساء اللواتي يتعرضن للضرب المبرح أو التهديد بالقتل. أما العنف الكلامي أو المعنوي أو النفسي فلا يصل إلا نادراً وهو الأشد إيلاماً على المرأة من الضرب، والذي يبرز في النظرة الفوقية وإدارة الظهر وعدم الاحترام والاستخفاف بكل ما تقول المرأة أو تفعل".
التصدي للتعنيف كما كورونا
من جهة ثانية، دعت اللجنة إلى "ضرورة تشديد العقوبة على المعنف، وعدم التبرير له بأسباب تخفيفية كاعتباره ‘مريض نفسي‘، أو منحه عذراً من غياهب قوانين الأحوال الشخصية الطائفية في لبنان والمنطقة العربي، وإقرار قانون مدني موحد للأحوال الشخصية، وتنزيه القوانين اللبنانية كافة من أي تمييز بين الجنسين وبين مواطن وآخر". كما حثّت اللجنة السلطات اللبنانية على "وضع التصدي للعنف المتزايد اللاحق بالنساء ضمن إستراتيجيتها في التصدي لوباء كورونا".
ويتسق تقرير اللجنة اللبنانية مع نتائج دراسة حديثة لـ"أبعاد" بالتعاون مع لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية (الإسكوا)، وصندوق الأمم المتحدة للسكان - المكتب الإقليمي للدول العربية (UNFPA-ROAS)، ومنظمة نساء ضد العنف في أوروبا (WAVE).
الدراسة وجدت أن 35.4% من النساء العربيات (وليس اللبنانيات وحدهن) اللواتي سبق لهن الزواج تعرضن لاعتداء جسدي أو جنسي على يد شركائهن.
وخلصت إلى ضرورة توفير ملاجئ آمنة للناجيات من العنف في جميع الدول العربية باعتبارها السبيل إلى "تمكين النساء من إبعاد أنفسهن عن العلاقات المؤذية ومنحهن خياراً لبدء حياة خالية من العنف".
وأعربت المنظمات المشاركة في الدراسة عن أملها في أن "تلعب هذه الملاجئ دوراً حيوياً في وقف العنف ضد المرأة عبر التوعية والتغيير الاجتماعيين".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Ahmad Tanany -
منذ يومينتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ 4 أياملا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...
Nahidh Al-Rawi -
منذ أسبوعتقول الزهراء كان الامام علي متنمرا في ذات الله ابحث عن المعلومه