شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!

"عذاب عالمي أدنى يسبق العذاب الأكبر"... تفسيرات "مهديّة" لفيروس كورونا

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الأحد 5 أبريل 202012:44 م

كلما ظهرت أوبئة وظواهر طبيعية تسبب الهلع، تظهر تفسيرات تتحدث عن أن العالم يتهيأ لتغير جذري، أو يقترب من نهايته. والآن، مع انتشار الكورونا وتسببه بهلع عالمي، يظهر ناصر محمد اليماني الذي أعلن قبل سنوات أنه "المهدي المنتظر" ليقول إن هذا الفيروس مجرّد "عذاب عالمي أدنى يسبق العذاب الأكبر الذي سيكون بمطر الحجارة من كوكب العذاب على كافة العالم".

و"المهدي المنتظر" هو شخصية في الميثولوجيا الإسلامية يظهر في آخر الزمان، ويجمع البشر تحت رايته ليحارب الشر ويُحلّ العدل مكان الظلم. وعند الشيعة الإمامية، هو الإمام الثاني عشر، محمد بن الحسن العسكري، الذي اختفى وسيعود ويظهر، أما عند السنّة فهو رجل هويته غير محددة مسبقاً.

عبر التاريخ ظهرت شخصيات كثيرة ادّعت أنها "المهدي المنتظر"، ومن آخرهم ناصر محمد اليماني، وهو يمني خمسيني من محافظة مأرب أطلق دعوته عام 2010 وجمع حوله فئة لا إمكانية لتقدير عددها، ولكن يرجّح أنها قليلة.

ويقول المسؤول الإعلامي لمكتب اليماني، أحمد الوصابي، إن أنصار دعوتهم يتركزون بشكل أساسي في اليمن وبعد ذلك في السعودية، ثم في دول عربية وأجنبية أخرى.

"عذاب أدنى"

يقول الوصابي إن "ما يحدث في العالم من قوارع الزلازل والفيضانات والأوبئة يراها الإمام المهدي ناصر محمد اليماني من العذاب الأدنى الذي يسبق العذاب الأكبر، لعل الناس يتفكرون فيتوبون ويعودون إلى الله جل علاه لقوله سبحانه وتعالى {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون}".

والآن، مع ظهور فيروس كورونا، يقول الوصابي إن "الإمام المهدي يراه عذاباً عالمياً أدنى يسبق العذاب الأكبر الذي سيكون بمطر الحجارة من كوكب العذاب على كافة العالم إنْ لم يصدقوا بكتاب الله وبالبيان الحق الذي بينه لهم الإمام المهدي بآيات بينات ومبينات".

وكان اليماني قد أصدر بياناً في الخامس من آذار/ مارس، قال فيه: "حتماً الوفيّات قليلٌ بادئ الأمر ولكنّ الإصابات الآن بالملايين وكثيرٌ منهم لا يعلمون أنّهم مصابون وذلك مكرٌ من الله حتى يصيبوا قوماً آخرين يظنّون أنفسهم في مأمنٍ من عذاب الله"، داعياً إلى التوبة إلى الله والتوقف عن ارتكاب الآثام ومضيفاً: "لا تغلقوا بيوته (الله) عن الفارّين إلى ربّهم... ومَن دخل بيوت الله لعبادة ربّه كان آمناً من فايروس الاختناق حتى ولو دخل معه مُصابون فارّون إلى الله فلن يُصيبَ المصلّين الصالحين الذين آمنوا وعلى ربّهم يتوكلون".

"لا يتخذ الإمام أي احتياطات أمام فيروس كورونا كونه يعلم بأنه لا يصيب عباد الله المؤمنين الصادقين"، يروي الوصابي ويضيف: "هو لا يمنع أنصاره أو المحيطين به من اتخاذ أي احترازات ولا يأمرهم باتخاذ أي احترازات، فالأمر يعود إلى يقينهم واعتقادهم بأن كورونا عذاب من عند الله ولن يجازي الله به إلا الكفور".

كلما ظهرت أوبئة وظواهر طبيعية تسبب الهلع، تظهر تفسيرات تتحدث عن اقتراب نهاية العالم. والآن، مع انتشار الكورونا، يظهر ناصر محمد اليماني الذي أعلن قبل سنوات أنه "المهدي المنتظر" ليقول إن هذا الفيروس مجرّد "عذاب عالمي أدنى يسبق العذاب الأكبر"

ويضيف: "الإمام المهدي يوقن بأن عذاب كورونا لن يصيبه ولن يصيب أنصاره الصادقين وهو مستعد لزيارة أي مصاب بكورونا في صنعاء ويعلمه طريقة النجاة من هذا المرض"، ويتابع: "لن يفيدهم اتخاذ الإجراءات الوقائية أو التعقيم أو العزل الصحي إذا كانت قلوبهم لا تزال تشرك بالله ولم تتطهر من نجاسة الشرك".

دعوة اليماني

يعود ادعاء اليماني بأنه "المهدي المنتظر" إلى عام 2010. وبحسب الوصابي، "كانت البداية حينما رأى رسول الله صلى الله عليه وآله ومن تبعه في رؤيا وقال له فيها ‘كان مني حرثك وعليٌ بذرك، أهدى الرايات رايتك وأعظمُ الغايات غايتك، وما جادلك أحدٌ من القرآن إلا غلبته’".

ويروي الوصابي أنه "في بادئ الأمر استغرب الإمام كيف لن يجادله أحد من القرآن إلا غلبه ومن ثم رأى رسول الله يقول له في رؤيا أخرى ‘وإنّك أنت المهديّ المنتظَر وما جادلك عالِم من القُرآن إلا غلبته’، فعلم من خلال هذه الرؤيا بأنه المهدي، لكنه لم يتيقن من أنه الإمام المهدي الذي سيبعثه الله في آخر الزمان كما بشر بذلك رسول الله إلا حينما وجد أنه حينما يسأله أحد من كتاب الله أو حينما يتفكر عن أمر من كتاب الله يزيده الله علماً بآيات بينات ومبينات تفصل ما كان يبحث عنه بعد أن كان مثل عامة الناس ليس لديه علم في الدين".

في بداية دعوته، يتابع الوصابي، "لم يصدقه إلا رجل وأمرأة. هذا الرجل هو الحسين بن عمر وهو الذي أسس للإمام أول موقع إلكتروني ومن بعد تأسيس الموقع انتشرت الدعوة بشكل أكبر وأصبح عد الأنصار بالآلاف في كل الدول".

"لا يتخذ الإمام أي احتياطات أمام فيروس كورونا كونه يعلم بأنه لا يصيب عباد الله المؤمنين الصادقين، فهو عذاب من عند الله ولن يجازي الله به إلا الكفور"... ادعاء محمد ناصر اليماني بأنه "المهدي المنتظر" يمتزج حالياً مع أحاديث له عن "عذاب الكورونا الأدنى"

يقرّ الوصابي بأن "الكثيرين لا يتقبلون فكرة الإمام المهدي وأنه أصبح بين ظهرانيهم"، ولكن هذا برأيه يعود إلى "كونهم يعتقدون بأن المهدي إنْ ظهر فهذا يعني نهاية الحياة وهذا اعتقاد خاطئ"، كما يعود إلى ظهور شخصيات كثيرة عبر التاريخ ادّعت أنها المهدي المنتظر ثم بان زيف دعوتها.

بين السخرية منه والاقتناع به

بحث سريع عبر موقع غوغل عن اسم محمد ناصر اليماني سيقودك إلى كمية كبيرة من الفيديوهات والكتابات التي تسخر منه ومن دعوته.

ولكن لأتباعه رأي آخر به. يقول السعودي فهد الناصر: "لديه موقع مليء بالبيانات، ادخل واقرأ وتزود بالعلم"، ويضيف: "ما يمهني هو العلم، ووجدته عالماً، وأتواصل معه يومياً عن طريق الهاتف، وفي بداية معرفتي به قرأت وتزودت بالعلم، وصححت أخطاء كنا نعتبرها عقيدة ثابتة".

تابِعٌ آخر من الكويت يكتب على موقعه الإلكتروني تحت اسم "لن نرضى حتى ترضى"، يقول: "قرأت بياناته جميعاً واتضح لي أنه أعلمهم جميعاً بعلم القرآن"، موضحاً أن "أنصار الإمام" تجمعهم مجموعة على واتساب.

وعن التواصل مع اليماني، يقول أحد مشرفي تلك المجموعة: "أتواصل معه كتابياً فقط. حتى الذين يقابلون الإمام يكلمهم بنفس منطق بياناته، ولا يزيدهم علماً، فالأنصار بالنسبة للإمام سواسية، وما يكتبه من علم  يقرأه الجميع، وحالياً التواصل مع الإمام صعب إلا أنه يستطيع الإرشاد والمساعدة".

ادعاء المهدية في التاريخ العربي قديم. مَن ادّعوا ذلك كثيرون. وفكرة الشخص الذي يأتي في آخر الزمان لينصر أهل الحق على أعدائهم هي فكرة تتضمنها أديان كثيرة، قديمة وحديثة، ولعلّها تعبير عن حاجة البشر الدائمة إلى منقذ يستطيع برمشة عين تغيير ظروفهم القاسية. أما عن الأسباب التي تدفع شخص ما إلى ادعاء أنه "المهدي المنتظر"، فهي كثيرة ولعلّها تتمحور جميعها حول البحث عن الأهمية، أو السعي إلى تحقيق غايات سياسية أو غايات أخرى.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard