شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!

"ولكم أنا بنذلّ كل يوم"... الأردنية إيمان الخطيب تستنجد لتخليصها من عنف عائلتها

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الاثنين 30 مارس 202012:52 م

يبدو أن صاحبة التعليق على فيديو إيمان الخطيب عندما كتبت: "احكي مع سيدنا، سيد البلاد"، لم تحضر الفيديو بالكامل، وتحديداً في آخر دقيقتين منه، عندما صرخت إيمان أمام كاميرا هاتفها وفي بث مباشر على فيسبوك: "بدي صوتي يوصل للملك من شااان الله للمطلقات حقوقهم... من شااان الله النسوان حقوقهم".

هذا بعض ما جاء في 19 دقيقة و24 ثانية من فيديو بثته الأم الأردنية، إيمان الخطيب، ليلة الأحد 29 آذار/ مارس 2020، على صفحتها الخاصة على فيسبوك وبخاصية اللايف، دقائق فيها خليط من مشاعر الاحتقان، الغضب، الحزن، القهر والتوسل أيضاً، جميع تلك المشاعر اندرجت عواملها ودوافعها تحت سبب واحد: الظلم.

 "بدي صوتي يوصل للملك من شاان الله للمطلقات حقوقهم... من شاان الله النسوان حقوقهم".

إيمان، ووفق ما تحدثت في الفيديو، امرأة مطلقة وأم لطفل عمره 13 عاماً، حكمت عليها الظروف أن تعيش مع والدتها وإخوتها "الرجال"، ولم يحالفها الحظ كما حالف شقيقتيها اللتين، وفق ما قالته، استطاعتا أن "يهربوا من العيشة مع أهلهن"، وتزوجتا وذهبتا للعيش في دبي، ليس فقط الحظ ما لم يحالف إيمان، بل أيضاً النظرة النمطية الظالمة للمرأة في المجتمع، تلك النظرة التي كانت سلاح والدتها وإخوتها في تهديدها باستمرار باتهامها بممارسة الدعارة، في حال فكرت بالعيش مع ابنها وحدهما في بيت يأويهما ويحميهما أيضاً.

صدق من قال "الضغط يولد الانفجار"، فكل الضغوط التي تحملتها إيمان من تنّمر، ضرب، انتهاك لسمعتها وأخلاقها، وتهديد ووعيد، مورس عليها من قبل أهلها، فجرته في 19 دقيقة و24 ثانية ليلة الأحد، عندما لاذت بالفرار من الضرب و"الدعس" على وجهها من أخيها، مساء يوم السبت، ولجأت إلى منزل صديقتها، حسب تعبيرها، وضعت هاتفها أمامها وشغلت خاصية اللايف لأول مرة "كما ذكرت"، لتوصل قصتها إلى العالم وتطلب المساعدة بعد أن طفح الكيل.

"لا رح أحكي اسمحولي معلش"، قالتها إيمان بعد منتصف اللايف خاصتها، قالتها لصديقتها التي من الواضح أنها كانت معها في ذات الغرفة، خرجت منها هذه العبارة وهي في حالة هستيرية جمعت بين البكاء والصراخ والضحك معاً، وهي تروي كيف أن أمها وإخوتها يهددونها بأنهم سيقولون إنها تعمل في الدعارة إذا خرجت من المنزل، قالت هذه العبارة قبل أن تمر في حديثها إلى قصة قصيرة، عندما استعملت طنجرة في المنزل، الأمر الذي أغضب والدتها التي وصفتها بأنها "ش...".

لا شك أن الحالة النفسية لإيمان مضطربة جداً وبدا ذلك واضحاً في الفيديو، لكن لا شك أيضاً أن من يشاهد الفيديو يستطيع أن يتوصل لاستنتاج لا يحتاج إلى البحث والتقصي، بأن هذه المرأة تعرّضت لكل أشكال التعنيف في منزل أهلها، نفسياً وجسدياً، ومن الواضح جداً أن هذه المرأة قد تحمّلت الكثير.

في اللحظة التي قالت فيها إيمان: "بصراحة هذه أكثر لحظة تأثرت بها لما ظهر فيها مزيج من مشاعر القهر والظلم"، عندما قالت وعروق جبينها ظهرت بشدة وهي تصرخ ولعابها يخرج من فمها مع كل حرف نطقته، وأصابعها مشدودة نحو الكاميرا: "بدي صوتي يوصل للملك من شااان الله للمطلقات حقوقهم... من شاااان الله النسوان حقوقهم"، انهمر مع هذه اللحظة من إيمان سيل من العبارات المتفرقة مثل: "شرف شرف"، "بس اشتغل بطلعلي مدير بيتحركش"، "ولكم أنا بنذل كل يوم".

"كل العالم بدها تعرف قصتي"، جملة كررتها إيمان بالفيديو للتأكيد على موقفها، ويبدو أيضاً للتبرير لنفسها وللعالم، حماية مسبقة لها من السؤال الظالم والمعروف: "أبصر شو عاملة؟".

إيمان الخطيب، ووفق ما تحدثت في الفيديو، امرأة مطلقة وأم لطفل عمره 13 عاماً، حكمت عليها الظروف أن تعيش مع والدتها وإخوتها "الرجال"، ولم يحالفها الحظ كما حالف شقيقتيها اللتين، وفق ما قالته، استطاعتا أن "يهربوا من العيشة مع أهلهن"

"توفير الحماية لها ووضعها في دار الوفاق الأسري"

وما إن انتشر فيديو إيمان، حيث وصل عدد مشاركته حتى لحظة كتابتي للتقرير إلى أكثر من 3741 مشاركة وآلاف التعليقات، حتى سارعت مديرية الأمن العام، صباح الأحد، إلى الخروج ببيان على لسان الناطق الإعلامي، المقدم عامر السرطاوي، وصل إلى رصيف22، قال فيه إن "إدارة حماية الأسرة استقبلت شكوى تلك السيدة التي رفضت تقديم شكوى قضائية، وطلبت بمتابعة حالتها اجتماعياً فقط، حيث تم عمل دراسة اجتماعية لها للوصول للحلول الممكنة، وجرى استدعاء والدتها والاستماع لها، والعمل جارٍ لاستدعاء شقيقها لمتابعة الدراسة الاجتماعية حسب الأصول لاتخاذ الإجراءات اللازمة، بعد إنهاء الدراسة الاجتماعية بما يحقق المصلحة الفضلى لجميع الأطراف".

وقال السرطاوي: "إنه لم يطرح أي خيار للحبس على السيدة كما ادعت، وإنما طُرح عليها توفير الحماية لها ووضعها في دار الوفاق الأسري، وهي دار إيواء وحماية تابعة لوزارة التنمية الاجتماعية، وليس نظارة كما ادعت في الفيديو المسجل، حيث رفضت ذلك وتم تأمينها بالإقامة في مكان آمن هي من اختارته، وتم تأمين وصولها إليه برفقة رجال الأمن العام، مع التأكيد على أن إدارة حماية الأسرة تعمل وفق منظومات عمل أسرية ومجتمعية، وتتعامل يومياً مع مثل تلك الحالات بمنهجية واضحة، هدفها الأول توفير الحماية لضحايا العنف وتحقيق المصلحة الفضلى لهم، وفق معطيات الحالة وظروفها".

"نتابع قضيتها" 

الأمينة العامة للجنة الوطنية لشؤون المرأة، الدكتورة سلمى النمس، والتي ومنذ لحظة انتشار فيديو إيمان وحتى اللحظة، تتابع قضيتها، وفي حديث لها مع رصيف22، أكّدت أن اللجنة الوطنية أطلعت إدارة حماية الأسرة على القصة، ونفت أن تكون إدارة حماية الأسرة قد تهاونت في التعامل مع إيمان.

وبينت النمس أن حماية الأسرة عرضت على إيمان الذهاب إلى دار الوفاق الأسري وهو ما رفضته، وقاموا بتوصيلها إلى منزل صديقتها، ورفضت تقديم شكوى عنف بحق أهلها، مع الاكتفاء بمتابعة قضيتها اجتماعياً.

وأضافت: "قمت بالاتصال أكثر من مرة مع إيمان، وبعد أن عرضت عليها مساعدات من منظمات مجتمع مدني، وأيضاً مساعدات فردية من أشخاص، بادروا إلى منحها منزل تعيش فيه هي وابنها إلى حين حل مشكلتها، وافقت على خيار اتحاد المرأة الأردنية، وهي الآن مع ابنها في عهدتهم"، وقالت: "أتابع مع إيمان كل الخطوات المستقبلية، مع ضرورة توفير دعم نفسي لها ولابنها".

 "وحدة طلعت تحكي ظروفها والظلم اللي تعرضتله... وتستنجد بالحماية، رد فعل الإنسان الطبيعي يتعاطف معها ويحاول يساعدها، ورد فعل مواليد برج البغل: كذابة وتمثيل وحتى لو مش كذابة فضحت أهلها وشهرت فيهم!"... تضامن واسع بين أردنيين/ات مع إيمان الخطيب

التضامن الواسع 

ومن الطبيعي أن قصة إيمان الخطيب حظيت بتفاعل واسع لدى الأردنيين والأردنيات، وأخذت حيزاً كبيراً على مواقع التواصل الاجتماعي، حتى أنه انتشر هاشتاغ #إيمان_الخطيب على موقع تويتر، وغلبت التغريدات المتضامنة معها على التغريدات التي انتقدت "إساءة" إيمان لأهلها و"فضحهم" على اللايف.

ومن التغريدات التي نشرت، ما نشره المواطن خالد عدنان: "لما تصير قصة مثل قصة إيمان الخطيب وتقرأ (لا تسمع من طرف واحد) و (أبصر شو عاملة) و(يمكن بتدور إتنشن)، بتستدلّ على أنها حالة من آلاف الحالات بمجتمعنا القذر والقاسي واللئيم... لعنة الله على أصحاب هذا التفكير الغبي اللاإنساني وكل من سلك درب (خالِف تُعرف) بعد ما شاف الكل متعاطِف معها".

ونشرت نادين مدحون، مع مقطع من فيديو إيمان: " قلوبكم جاحدة في الظلم، كيف بتقدروا تسمعوا صوتها وكأنه روحها بتطلع معه وبيضللكم عين تحطوا مبررات واحتمالات للعائلة؟ علموا أولادكم يحترموا المرأة، علموا بناتكم ما يبرروا العنف ولو ليوم، أنا آسفة من كل قلبي لكل حد مر بتجربة بشعة كسرته، عار علينا إذا لم يؤتى حقهن".

وقالت صاحبة حساب ميا: "الناس بتصدق المعنّفة لما تنقتل، بعد ما يكونوا طاعنين بشرفها بتحليلاتهم زي إسراء غريب، أو بيحكوا عنها طالبة الشهرة والمصاري عن طريق الاستعطاف. أما إنهم يوقفوا معها و يشوفوا كيف بقدروا يساعدوها. مستحيل، مستحيل لو مطلقة و عندها ابن، غير إنه يحطوا الحق عليها وع شرفها".

وتعليقاً على من انتقد إيمان واتهمها أنها "فضحت" أهلها، غرد أحمد أبو رية: "وحدة طلعت تحكي ظروفها والظلم اللي تعرضتله... وتستنجد بالحماية، رد فعل الإنسان الطبيعي يتعاطف معها ويحاول يساعدها، ورد فعل مواليد برج البغل: كذابة وتمثيل وحتى لو مش كذابة فضحت أهلها وشهرت فيهم!".

ذكرت في التقرير تأثري بطريقة إيمان الخطيب وهي تستنجد بالملك والناس، وذكرت أيضاً أنه صدق من قال بأن الضغط يولد الانفجار، وما لم أذكره أن صوتها وهي تصرخ بنبرة المظلومين ما يزال صداه في أذني، يقولون إن الحياد شرط في العمل الصحفي، يبدو أن من أطلق هذه القاعدة شخص لم يذق طعم الظلم سابقاً، ولم يدرك أن لا حياد في قضايا يكون فيها المظلومون/ات طرفاً.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image