"لم أعانق حبيباً غيره"، تقول مريم (25 سنة) عن أول رجل أحبته.
مريم (26 عاما) تعمل في المجال الإعلامي، وتسكن في القاهرة، تنحدر من أسرة تنتمي لشريحة محافظة في الطبقة الوسطى، تربت منذ الصغر على أنه يجب ألا يمسسها رجل إلّا في إطار الزواج، كما أنها أيضاً فتاة تصف نفسها بـ"المتدينة بطبيعتها"، من داخلها كانت تخشى الاقتراب من أي رجل، فكلما تقدم أحدهم نحوها خطوة، تعود هي إلى الخلف عشرات الخطوات، ترفض الدخول في علاقة ارتباط عاطفي، ولا تعلم ما الشيء الذي كان يدفعها بعيداً عن عالم الرجال، هل لأنها تشعر بأنها ترتكب خطيئة يعاقب عليها الله، أم أن الأمر أعقد من ذلك؟
"أحببتُ حضنه"
تقول مريم لرصيف22، محاولة تفسير طبيعتها: "حينما ارتبطت للمرة الأولى، كان لدي رغبة في الشعور بالأمان مع إنسان يعرف كيف يوفر لي هذا الشعور، وهو السبب نفسه الذي كان يجعلني أرفض الاقتراب من أي رجل، فشعوري بعدم الأمان كان يسيطر عليَّ".
في علاقتها هذه كان قلبها يدق سريعاً، ويرتعش جسدها لمجرد تلامس الأيدي، في البداية كانت ترفض حتى التلامس بالأيدي، ولكن علاقتها الأولى غيرت من أفكارها وقناعاتها، تقول مريم: "مع الوقت أصبح رجلاً قريباً من روحي، أحكي له عن بيتي وحياتي الشخصية بارتياح، بات قربه مني يُشعرني بالأمان، كلما خفت من شيء يُهدد أماني في عملي أو في حياتي الشخصية، ألجأ إليه، وأجعله يضمني، أحببت معانقته، والأمان الذي كان يمنحني إياه، ورغم أن هذه العلاقة لم تستمر طويلاً، لكنني مازالت أكن له الكثير من الحب".
ورغم هروب مريم قبلاً من الدخول في علاقة حب إلَّا أنها كانت تشعر باحتياجها لرجل يعانقها فقط، لتجد فيه احتواء أبيها وأخيها، تحكي مريم.
"هل الدين عائق لإنسانيتنا؟ ورغم أن الدين يُفترض أن يكون قناعة خاصة بصاحبه، فلماذا في موقف مثل هذا يضع أمامنا خيارين لا ثالث لهما؟ إما أن أتنازل عن ديني أو أن أبتعد عمن أحب"
أما عمر (31 عاماً)، خريج كلية تجارة ويسكن في محافظة المنوفية في مصر، فحمل بداخله دوافع أخرى للحب، الاحتياج لمن يشعر باختلافه، ويحرضه عليه، ويؤمن به.
يتحدث عمر عن علاقاته لرصيف22: "ارتبطت مرتين، المرة الأولى كانت في سن التاسعة عشر، واستمرت هذه العلاقة ثلاث سنوات، أما المرة الثانية فكانت في سن الثلاثين، أي الفرق بين العلاقتين ثماني سنوات، لم أمر فيهما بعلاقات أخرى، وقد يبدو هذا غريباً".
"خفتُ فارتبطتُ فتزوجتُ"
يؤمن عمر أنه لابد من وجود دوافع تُحرك الإنسان نحو الحب، يقول: "كنت في علاقتي الأولى في حاجة لمن يؤمن بي، ويشجعني على الخروج عن المسار الطبيعي لكل أفراد عائلتي، حيث وددت أن أكون كاتباً، وجدت في حبيبتي الأولى الداعم لهذا، رغم سننا الصغيرة، كنت لا أفكر وقتها سوى في كوننا نحب بعضنا البعض، لم أكن أعلم أن هناك ما هو أكبر منا، مثل تدخلات الأهل التي أودت بالموضوع إلى نهايته".
أما عن دوافع إقامته لعلاقته الثانية، والمستمرة في حياته إلى الآن في إطار علاقة رسمية، فحبيبته الآن خطيبته أيضاً، فقد كان الخوف هو بطلها، يقول لرصيف22: "خفت أن أعيش تفاصيل حياتي بمفردي، فأنا أقوم بالعديد من الأشياء التي لا يعلم أحد عنها شيئاً، فأردت إلى جانبي من يشاركني نجاحاتي وإخفاقاتي فيها، كذلك كان هناك شعور داخلي يرتبط بثقتي العالية في نفسي، والتي كانت تصل أحياناً إلى حد الغرور، فأنا أجد في نفسي شريكاً ناجحاً، يمكنه إقامة علاقة ناجحة".
يرى عمر أن كل شيء متاح في العلاقة بين اثنين بينهما علاقة حب حقيقية، حتى إقامة علاقة جنسية كاملة، طالما أن هذا الأمر يتم بموافقة الطرفين، فما المانع في ذلك، ورغم ذلك لم يمارس عمر الجنس في علاقتيه، ولكن "لكل علاقة أسبابها" كما يقول.
يوضح عمر رأيه: "في علاقتي الأولى وبرغم صغر سني أنا وحبيبتي، لكن لم يكن لدينا أي مشكلة في ممارسة هذا سوياً، لكن لم تتح الفرصة لفعل ذلك، وقررنا الانتظار إلى أن نأخذ خطوة الزواج، بينما في العلاقة الثانية كان من البداية هناك اتفاق واضح في عدم ممارسة الحب بصورته المادية إلا بعد الزواج".
"الحب وحده لا يكفي"
علّم الحب عمر أشياء عن نفسه لم يكن يعلمها من قبل، مثل أنه إنسان مرن بعكس ما كان يظهر عليه مع أصدقائه من حدة وعنف.
كذلك تعلم عمر أن الحب وحده في مصر لا يكفي لاستمرار علاقة حب، لكن هناك أشياء أخرى تتحكَّم في العلاقة، يقول: "العادات والتقاليد تتحكم بنا أكثر من القانون والدين والطموح، والتي كانت السبب في انتهاء علاقتي الأولى".
أما يوسف (25 سنة) فقد ضرب بالعادات والتقاليد عرض الحائط، يوسف شاب يعيش الآن منذ أعوام في تركيا للدراسة والعمل، قبل سفره إلى الخارج كان مرتبطاً بفتاة تعرف عليها عن طريق بعض أصدقاء الدراسة المشتركين.
"انصاعت حبيبتي لكلام أمها فابتعدت عني".
يقول يوسف لرصيف22: "كانت فتاة جميلة، تهتم بتفاصيل حياتي، ناضجة، وتسبق سنها، ربما كان ذلك هو السبب الذي أحببتها من أجله، كانت علاقتنا قوية، وولدت بيننا ثقة متبادلة، جعلتنا نقترب أكثر إلى الحد الذي جعلنا نمارس الجنس سوياً دون الشعور بأدنى مشكلة، وعندما سافرت إلى تركيا لاستكمال دراستي كان حبها لي يزيد كل يوم عن ذي قبل، إلى أن سعت والدتها إلى التفريق بيننا، وكانت تزرع داخل رأسها أفكار مثل أنني ما دمت سافرت، حبي لها سوف يقل ولن أفكر فيها ثانية، وأنه بالتأكيد سأتعرف على فتيات أخريات في الخارج، وأنساها، وقد انصاعت حبيبتي وراء كلام أمها، وابتعدت عني، فتركتني قبل أن أتركها، رغم قربنا الشديد من بعضنا البعض". هكذا انتهت علاقة يوسف مع حبيبته.
"الحب إنسان جميل"
"كنا أصدقاء مقربين جداً في البداية، إلى أن وُلدت مشاعر حب بيننا، لكن كانت هناك مشكلة وحيدة أنني مسلمة وهو مسيحي"، هذا ما بدأت به زينب (22 عاماً)، تدرس الصيدلة وتسكن في مدينة الإسكندرية، حديثها عن قصتها.
زينب فتاة من أسرة مسلمة، كان أقرب صديق لها منذ فترة الدراسة هو هاني صديقها، ويدين بالمسيحية، كانوا يقضون أغلب أوقاتهما سوياً.
تقول زينب: "عند التحاقنا بالدراسة الجامعية، ورغم أننا ندرس في كليتين مختلفتين، لكننا أخذنا نتشارك أغلب أوقات وحكايات حياتنا، فكانت علاقتنا تتمتع بدرجة عالية من التفاهم، وكان هو بمثابة الداعم الأول لي في شتى الأمور، من هنا بدأ إحساس الحب يولد بيننا".
"كنا نتجنب الحديث في الدين، وتطورت علاقتنا إلى ارتباط بدون تصريح".
في البداية لم يقو أحد منهما على الاعتراف للآخر بما يكنه من مشاعر، كما كانوا يتجنبوا نهائياً الحديث عن الدين، ولكن مع الوقت تطورت العلاقة إلى "ارتباط دون تصريح"، فكان يظهر ذلك في صورة الاهتمام المتبادل، والكلمات المستخدمة مثل "يا حبيبي"، "يا حبيبتي"، إلى جانب إظهار الغيرة، حتى قرر هاني أن يسأل زينب سؤالاً واضحاً وصريحاً: "لو كنت على دينك، هل كنتي تقبلين بي شريك حياتك؟"
تقول زينب: "في البداية رفضت الإجابة، وبعد عدة أشهر أجبته بـ"نعم" فقال لي: "وأنا كنت أتمنى أن أكون معك"، وقتها شعرت بحبه الشديد لي، وكيف كان ذلك الشعور يعذبه ويأكل روحه".
"كل شيء متاح في العلاقة بين اثنين بينهما علاقة حب حقيقية، حتى إقامة علاقة جنسية كاملة، طالما أن هذا الأمر يتم بموافقة الطرفين، ما المانع؟"
ووجدت زينب صعوبة في التصريح بارتباطها، ومشاعرها أمام الناس، فحاولت زينب أن تنسى الأمر، وتتغاضى عن مشاعرها، وقرر هاني كذلك الابتعاد تماماً عن حياتها، وبالفعل ارتبطت زينب بشخص آخر.
تروي زينب: "قررت الارتباط بشخص آخر رغم إدراكي أني لا أحبه، واعتقدت أن ذلك حل، لكن هذه العلاقة سببت لي أذى نفسياً كبيراً، ومررت أثرها بفترة نفسية صعبة، كان هاني إلى جانبي في تلك الفترة حتى تجاوزتها تماماً، ثم بدأ ينسحب بهدوء مرة ثانية".
تقول زينب عن هاني أنه يُمثل الأمان بالنسبة إليها، وأن وجود الدين عائق بينهما جعلها تفكر في أمور كثيرة، وتطرح تساؤلات عديدة، مثل: "هل الدين عائق لإنسانيتنا؟ ورغم أن الدين يفترض أن يكون قناعة خاصة بصاحبه، فلماذا في موقف مثل هذا يضع أمامنا خيارين لا ثالث لهما؟ إما أن أتنازل عن ديني أو أن أبتعد عمن أحب".
تنهي زينب حدثيها لرصيف22 قائلة: "لو يمكنني وصف الحب، أصفه أنه إنسان جميل الملامح، طيب القلب، يمر بظروف صعبة ومرهقة طيلة الوقت، ما بين الدين والعادات والتقاليد والأحلام والطموح".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...