شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!
بين البقدونس وخلّ التفاح... ممارسات غريبة تؤذي المهبل

بين البقدونس وخلّ التفاح... ممارسات غريبة تؤذي المهبل

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

السبت 29 فبراير 202004:48 م

"المهبل عضو مذهل، محاط بغشاء مخاطي يقي من العدوى (وهو ضروري لأي جزء مفتوح من الجسم على العالم الخارجي)، بالإضافة إلى خليط البكتريا المعقد والمثالي المعروف أيضاً بالفلورا المهبلية، الذي يعمل أيضاً كدرع واق (فقط الأمعاء تحتوي على بكتيريا أكثر من المهبل).هذه العوامل كلها تحافظ على صحة المهبل الذي يمتلك خاصية التنظيف الذاتي، إذ يُبقي نفسه نظيفاً وصحياً عبر الإفرازات"، هذا ما قالته روز جورج، في مقال لها ورد في صحيفة الغارديان البريطانية، مضيفة بأن هذه الخصائص كلها تجعل أطباء الأمراض النسائية يطلقون على المهبل لقب "فرن التنظيف الذاتي".

الهوس بالنظافة النسائية

جميع النساء لديهن "غسول ذاتي" من المخاط خاص بالمهبل والفرج، والذي يمكن أن يختلف في المظهر والحجم خلال أطوار الدورة الشهرية، وفق ما أوضحته الكاتبة روز جورج، مشيرة إلى أن هذا الغسول شديد الفعالية، باستثناء حالات العدوى، بما في ذلك الأمراض المنقولة جنسياً، والتي يمكن الاستدلال عليها بتغيّر اللون، السماكة أو الرائحة.

واستطردت روز بالقول: "كيف لنا أن نعرف قوة الغسولات الطبيعية التي تفرزها أجسادنا، مع وجود تلك الصناعة التي تقوم على فكرة إخبار النساء بأن لهنّ روائح مهبلية كريهة".

وتابعت حديثها بالقول: "بالطبع نود جميعاً أن نشعر بالانتعاش والنظافة، خاصة أيام النزيف. لكن على مدى عقود، عملت صناعة (النظافة النسائية) على زيادة مخاوفنا كنساء بأننا لسنا كذلك. منذ سبعين سنة، كانت تُباع منتجات كوتيكس بهدف جعل النساء يشعرن برائحة منعشة. لم يتغيّر أي شيء منذ ذلك الوقت. أرني دعاية عن الفوط الصحية أو السدادات القطنية لا تستخدم كلمة (منعش) وسأبتلع زجاجة من غسول الخلّ"، مضيفة بأنه في كل مرة تُستخدم فيها كلمة "منعش" يجب النظر إلى عامل الخوف الذي تستهدفه الحملة: الخوف من شمّ رائحة دم الدورة الأنثوية أو من تسرّبها، الخوف من أيّ رائحة غير طيبة بشكل عام، الخوف من أن الشركاء الجنسيين سيسخرون من النساء أو يرفضوهنّ بسبب مظهر أو رائحة المهبل أو الفرج.

هذا، وأضافت روز جورج، بأن فكرة الرائحة الكريهة هي واحدة من أقوى الحيل التي يمكن اللعب عليها: "لأننا جميعنا نخشى أن نكون برائحة غير طيبة"، وفق تأكيدها، ولعلّ هذا ما يدفع الكثير من النساء للجوء إلى إجراءات غريبة لتنظيف مهبلهنّ.

فما هي الأشياء التي يجب أن تبقى بعيدة كل البعد عن المهبل الأنثوي؟

تامبون من الخيوط

يوجد أنواع مختلفة من الفوط الصحية والسدادات القطنية أو التامبون، وهي عبارة عن أسطوانة يتم إدخالها في المهبل لامتصاص الدم أثناء الدورة الشهرية، وتكون في العادة إما مصنوعة من البلاستيك أو من القطن، أما آخر "صيحات" التامبون التي نراها مؤخراً في الفضاء الإلكتروني فهي مصنوعة من الكروشيه، وذلك في محاولة من الشركات المعنية للحفاظ على البيئة ولتوفير المال.

إلا أن الخبراء دقوا ناقوس الخطر، محذرين النساء من أن استخدام مثل هذا التامبون قد يؤدي للإصابة بمتلازمة الصدمة التسممية، وهي حالة نادرة تسبب مضاعفات لأنواع معينة من العدوى البكتيرية المهددة للحياة.

"كيف لنا أن نعرف قوة الغسولات الطبيعية التي تفرزها أجسادنا، مع وجود تلك الصناعة التي تقوم على فكرة إخبار النساء بأن لهنّ روائح مهبلية كريهة"

وفي كتابها The Vagina Bible، انتقدت الطبيبة النسائية جاين غانتر، هذه السدادات القطنية، لكونها لم تخضع للفحوصات الطبية، قائلة: "ليس لدينا أي فكرة عن كيفية تأثيرها على إنتاج البكتيريا المرتبطة بمتلازمة الصدمة التسممية، وليس لدينا فكرة عن كيفية تنظيفها بشكل مناسب".

استخدامات غريبة

بالإضافة إلى السدادات القطنية المصنوعة من الكروشيه، قد تلجأ النساء إلى وضع بعض المنتجات الخطيرة والأشياء الغريبة في مهبلهن، ظناً منهنّ أن هذه الأمور من شأنها تنظيف المنطقة الحساسة وتحسين الحياة الجنسية، إلا أن الخبراء حذروا من هذه السلوكيات لكونها تحدث ضرراً لصحة المرأة الجسدية.

من الصابون المعطر وصولاً إلى البقدونس والخيار وخلّ التفاح، إليكم جولة على أغرب الأمور التي تستخدمها النساء لمهبلهنّ وخطورتها على الصحة.

النظافة الحميمة: تعتقد العديد من النساء أن هناك حاجة ملحة لتنظيف المهبل، فيلجأن إلى الدش المهبلي، الصابون المعطر، البخاخات وغيرها، بحجة "النظافة الحميمة" إلا أن هذه المنتجات ليست سوى مضيعة للمال، ويمكن أن تلحق الضرر بالفرج والمهبل، بخاصة وأنها غالباً ما تكون معطرة، وفق ما أوضحته الدكتورة جاين غانتر، مشيرة إلى أن الجلد المحيط بالفرج حساس جداً، في حين أن العطر قد يهيّج هذه المنطقة، هذا وشددت على أن مثل هذه المنتجات يمكن أن تسبب ضرراً للنظام الإيكولوجي المهبلي.

بيض اليشم (Jade eggs): على موقعها Goop نصحت الممثلة الأميركية غوينيث بالترو، النساء بحشو مهبلهنّ ببيض اليشم، التي يبلغ سعر الواحدة منها 66 دولاراً.

وكانت بالترو قد نشرت مقالاً لها بعنوان: "جنس أفضل: بيوض اليشم من أجل مهبلك"، تزعم فيه أن هذه البيوض هي سر محفوظ تداولته العائلات الملكية الصينية القديمة، واستخدمته الملكات بهدف تطهير وتنظيف المهبل، إزالة السموم، تحسين جودة الحياة الجنسية، موازنة الدورة الشهرية وزيادة الطاقة الأنثوية.

غير أن الخبراء اعتبروا أن هذه المزاعم ليست سوى ضرب من ضروب الاحتيال، محذرين من مخاطر استخدام بيض اليشم، لكونه يزيد من خطر الإصابة بمتلازمة الصدمة التسممية.

وفي هذا الصدد، نقل موقع سي إن إن عن الأخصائية في الأمراض النسائية الدكتورة جاين غانتر، قولها: "بيض اليشم هي عملية احتيال. لماذا تثقون بشخص يحاول بيعكم عملية احتيال مثبتة؟".

وأشارت غانتر إلى "إن الحجارة تتضمن مسامات بطبيعتها، لذا فأنا لست متأكدة كيف يمكن تنظيفها أو تعقيمها بين الاستعمالات المتكررة، فقد تجد البكتيريا الضارة، على شاكلة تلك التي تسبب متلازمة الصدمة التسممية أو التهاب المهبل البكتيري، طريقها بين زوايا ومسامات الحجر، ثم يتم إدخالها إلى المهبل في كل مرة يُستعمل فيها".

وتابعت قائلة: "تمثل تلك بالأخص مشكلة كبيرة، عندما يُنصح بالنوم مع تلك الحصاة داخل المهبل، نحن لا ننصح حتى بترك الفوط الصحية وأكواب الدورة الشهرية داخل المهبل لفترة تتجاوز اثنتي عشر ساعة، وهي إما تكون قابلة للاستعمال مرة واحدة، أو بالإمكان تنظيفها ومعاودة استعمالها".

بدورها قالت لورين ستريتشر، الطبيبة المتخصصة في أمراض النساء والتوليد في جامعة نورثويسترن: "لدى الكثير من الناس تلك الفكرة القائلة بأن الغرض إذا كان طبيعياً فهو مفيد، جيد وغير ضار، وهو الأمر الذي أرد عليه دائماً بالقول: الزرنيخ مادة طبيعية، لكنها مضرة".

وعبرت ستريتشر عن قلقها من احتمال تعرض المرأة لحادثة تعلق فيها إحدى هذه الحصوات الملساء داخل مهبلها، ما قد يسبب خدوشاً في الجدار المهبلي لدى محاولة استخراجها.

وكان موقع Goop قد زعم بأن استعمال حصوات "بيض اليشم" يساعد على تقوية قاع الحوض لدى النساء، وهو ما ترى فيه كل من الدكتورة غونتر والدكتورة ستريتشر، مضرة كبيرة، إذ تتفقان على أن ترك جسم ذي وزن معتبر داخل المهبل بشكل متواصل خلال اليوم لا يعتبر طريقة تمرين صحية.

تعليقاً على هذه النقطة، قالت غونتر: "عند التمرين يجب عليك أن تناوبي بين الشد والإرخاء، لا أن تتركي العضلات منقبضة ومشدودة بشكل مستمر"، وأضافت: "إن شد العضلات بشكل مستمر يشبه القيام بنصف حركة تمرين عضلة البايسبس دون إكمالها، وليست تلك بطريقة صحيحة في تمرين العضلات".

هذا وتؤكد غونتر أن مزاعم موقع Goop بالفوائد الأخرى لوضع حصاة داخل المهبل لا أساس لها من الصحة، وذلك ببساطة لأنه: "لا يوجد شيء اسمه السحر"، على حدّ قولها، كاشفة بأن بعض النساء قد يشعرن ببعض الفوائد على المدى القصير، وذلك بفعل تأثير ما يسمى "العلاج الوهمي".

البقدونس: في مقال نشرته مجلة ماري كلير، زعم الكاتب أن البقدونس يمكن أن يحفز أو يزيد من تدفق الحيض، على اعتبار أنه يساعد في تلطيف عنق الرحم وتسوية الخلل الهرموني، الأمر الذي من شأنه تسريع موعد حدوث الدورة الشهرية.

ولكن ما لم تذكره المجلة أن وضع البقدونس في المهبل يمكن أن يكون في غاية الخطورة، بحسب ما أكدته الطبيبة كارين أوسوليفان، لصحيفة الصن البريطانية: "يتمتع المهبل بتوازن صحي طبيعي يمكن أن يختلّ عند إدخال أشياء غريبة"، مضيفة: "عندما يتعلق الأمر بالنباتات، يمكن أن تكون النظافة مشكلة مع إدخال بكتيريا جديدة".

وأوضحت كارين أنه لم يتم إجراء الفحوصات الطبية بعد على هذه النباتات، ما يعني أنه لا يمكن اعتبارها آمنة، كما أنه لا يوجد أي دليل يثبت فوائدها الصحية، قائلة: "لا يوجد دليل يشير إلى أن تناول البقدونس عن طريق الفم، أو عن طريق وضعه في المهبل، سوف يساعد على تحفيز الدورة الشهرية"، وأضافت بالقول: "إن هناك خطراً في إدخال أشياء غريبة إلى المهبل والتي يمكن أن تسبب التهابات، وقد تؤدي إلى متلازمة الصدمة التسممية إذا تُركت في الداخل".

وبالتالي إذا أرادت المرأة أن تتحكم في موعد دورتها الشهرية، فهناك أشياء آمنة يمكن الاعتماد عليها، مثل اللجوء إلى هرمون البروجيستيرون وحبوب منع الحمل، والأهم، أن يتم ذلك تحت إشراف طبيب مختص.


 المهبل قادر على تنظيف نفسه بنفسه، في حين أن الاعتقاد القائل بأن هذه المنطقة من الجسم هي قذرة وتحتاج إلى تنظيف، ما هو إلا واحد من "أعراض" النظرة الذكورية لأجسام النساء، وبالتالي على المرأة أن تحتضن جسمها وأن تفكر في كل الأشياء المدهشة التي يقوم بها الفرج والمهبل

الخيار: يشجع بعض المعالجين الصحيين على "تطهير" المهبل بالخيار، زاعمين أن هذا النوع من الخضار يساعد في تنظيف المهبل والحفاظ على رائحة لطيفة، بالإضافة إلى دوره المحتمل في التخلص من الأمراض المنقولة جنسياً، إلا أن العلماء يحذرون من محاولة تنظيف المهبل بهذه الطريقة، نظراً للضرر الكبير الذي يمكن أن ينجم عنها، مشددين على أن المهبل يقوم بتنظيف نفسه بنفسه، في حين أن تنظيفه بالخيار قد يجعله عرضة لخطر الإصابة بعدة أمراض، من بينها مرض السيلان وفيروس نقص المناعة البشرية.

وبالتالي تنظيف المهبل لا يكون عبر استخدام الخيار، بل يكفي اللجوء إلى الماء والصابون المعتدل، أما في حال كانت المرأة تعاني من رائحة المهبل الكريهة، فعندها يتعيّن عليها الذهاب إلى طبيب مختص.

الكانابيديول (CBD Oil): تدّعي صناعة الكانابيديول أن إدخال إحدى منتجاتها التي تأتي على شكل حبوب، في المهبل، يمكن أن يخفف آلام الدورة الشهرية، إلا أن الدكتورة غانتر تحث النساء على ضرورة توخي الحذر: "لدينا بيانات قليلة جداً حول منافع الكانابيديول للحدّ من الألم. ما نعرفه الآن أن أي منتج للقنب تم تصميمه لإدراجه في المهبل لم يتم اختباره بعد، لذلك يجب توخي الحذر".

وأضافت: "كيف سيكون شعوركنّ تجاه شركة أدوية تبيع حبوباً لم يتم اختبارها بعد؟ لذا أطلب منكنّ أن تنظرن إلى منتجات الكانابيديول بنفس الطريقة"، هذا وأشارت إلى أن الأبحاث أظهرت أن المنتجات المشتقة من القنب يمكن أن تزيد من خطر الإصابة بعدوى المهبل.

خل التفاح: بدأت النساء مؤخراً باستخدام خل التفاح، الذي يستخدم في العادة في السلطات وغيرها من الأطباق، على أمل أن يشدّ ذلك عضلات المهبل.

إلا أن الخبراء دحضوا هذه النظرية وحذروا من مخاطر وضع الخل في أي مكان قريب من المنطقة التناسلية.

في هذا الصدد، اعتبرت طبيبة الأمراض النسائية آن هندرسون، أن استخدام خل التفاح في المهبل هو أمر مقلق للغاية، لكونه قد يؤدي إلى تلف الجلد المهبلي الرقيق، شارحة ذلك بالقول: "بسبب المكوّنات المختلفة في الموجودة في خل عصير التفاح، بما في ذلك المواد المضافة، أنصح جميع النساء بتجنب هذا الترند".

في الختام، وكما أشرنا في السطور السابقة، فإن المهبل قادر على تنظيف نفسه بنفسه، في حين أن الاعتقاد القائل بأن هذه المنطقة من الجسم هي قذرة وتحتاج إلى تنظيف، ما هو إلا واحد من "أعراض" النظرة الذكورية لأجسام النساء، وبالتالي على المرأة أن تحتضن جسمها وأن تفكر في كل الأشياء المدهشة التي يقوم بها الفرج والمهبل، لناحية إنجاب الأطفال، هزات الجماع والدورات الشهرية، فهي أمور تذكّرها بضرورة الاعتناء جيداً بهذا الجزء من جسدها، دون الرضوخ لصناعة تقوم على تسويق منتجات تزعم أنها تنظف الأعضاء الأنثوية، وتلعب على هاجس النساء بالحيطة الشديدة من القذارة أو الروائح الكريهة.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image