شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!

"أخفوني بسببها"...ما العيب في الدورة الشهرية؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الخميس 30 مايو 201902:41 م

تُطلَق على الدورة الشهرية مُفردات "مُضحكة مُبكية" من قبيل "خالة وردة" و"عمتي الحمراء" و"الجيش الأحمر"، لتستر على ما يُعتبر "عيباً" و"عاراً" برأي فئات في المجتمعات المحافظة.

هذا "العار الاجتماعي" والمحظورات المُرافقة للدورة الشهرية يُضعفان من ثقة المرأة ويجعلانها تتبع ثقافة الصمت عند تعاملها مع أوجاعها شهرياً في بعض المُجتمعات، ما دفع الأمم المتحدة لتخصيص يوم 28 مايو يوماً للنظافة في فترة الحيض لرفع الوصم عن المرأة ولتوعية الفتيات والنساء بأهمية التعامل مع النظافة الشخصية خلال هذه الفترة.

تُشير منظمة العفو الدولية في تقرير حديثٍ لها إلى أن الحيض بالنسبة لبعض الفتيات هو أن "يختفين في حظائر الماشية أو يمنعن من دخول بيوتهن"، في الوقت الذي تُكافح فيه بعض النساء لتوفير ثمن الفوط الصحية، ويُقبض على أُخريات ويتم استجوابهن حول أنشطتهن السلمية التي يقمن بها من أجل "إزالة وصمة العار".

ومن هؤلاء النساء ثلاث ناشطات في مجال حقوق الإنسان كسرن حاجز المحرمات وتحدثن مع منظمة العفو الدولية عن حملاتهنّ، هُنّ جانار سيكرباييفا من كازاخستان، وهيزل ميد من المملكة المتحدة، وساميكشيا كويرالا من نيبال.

قامت بـ "أعمال شغب صغرى"

اتُهمت جانار سيكرباييفا، 36 عاماً، وهي ناشطة كازاخستانية من مجتمع الميم ومؤسسة لمبادرة فامينيتا، وهي مبادرة لتعزيز الحقوق النسوية وحماية حقوق المثليات وثنائيات الجنس وأحرار الجنس بالقيام بـ "أعمال شغب صغرى" لانضمامها إلى مجموعة من المحتجات السلميات في مدينة ألماتي للمشاركة في جلسة تصوير تهدف إلى كسر المحرمات التي تتمحور حول الدورة الشهرية.

وانتظر جانار سبعة رجال شرطة أمام مقهى ذهبت إليه عقب ما أسمتها بـ "التظاهرة" قائلةً "أمروني بالذهاب إلى مركز الشرطة وقالوا إنهم سوف يستعملون القوة البدنية معي إذا لم أذهب".
وتقول جانار إن المُجتمع الكازاخستاني غير قادر حتى الآن على تسمية الدورة الشهرية باسمها، ويُطلق عليها عبارات "ملطّفة" مثل "عمتي الحمراء" أو "أكتوبر الأحمر" أو "الجيش الأحمر"، مُشيرةً إلى أن حتى والدتها طبيبة الأطفال لم تشرح لها ما هي الدورة الشهرية عندما بلغت بل أعطتها "قطعة قماشة" دون أي تفسيرات حول ماذا ينبغي أن تفعل بها أو كيف تستعملها.
أضافت أن "العار الاجتماعي" المرافق للدورة الشهرية ظهر في المدرسة أيضاً إذ "يبدأ الجميع بالضحك إذا ما تسربت نقط دم إلى ملابس الفتاة، ما يدفع معلمتها لإرسالها إلى البيت على الفور"، مُشيرةً إلى أن بعض الفتيات "يدفنّ" سراويلهن الداخلية الملوثة بالدماء خارج البيت، بينما تستعمل أخريات قماشاً ملوثاً، ما يتسبب لهن بمُشكلات إنجابية.

"تلك الفترة من الشهر"

أما هيزل ميد، 23 عاماً، وهي ناشطة ورسّامة من المملكة المتحدة، فتستعمل رسوماتها للحديث علناً عن الدورة الشهرية "بصورة طبيعية"، على حد تعبيرها. وتقول إنها كثيراً ما تتبرع بمهاراتها الفنيّة في الرسم لمنظمة فترة حيض ممتعة التي تعمل على توفير مستلزمات الدورة الشهرية لطالبات اللجوء، وهو ما "تشجعه تماماً"، على حد قولها.
واتخذت هيزل دوراً في حملة فريداً لتوفّر الفنادق والمدارس وخطوط الطيران والمكاتب المنتجات اللازمة للدورة الشهرية مجاناً، كما ساهمت في إعلان حكومة المملكة المتحدة هذه السنة بتقديمها المنتجات الخاصة بفترة الحيض مجاناً في المدارس الثانوية والكليات بإنجلترا بدءاً من السنة الدراسية المقبلة.
وتقول هيزل إنها كانت تشعر بالخجل حيال دورتها الشهرية مُنذ الصغر، مُرجحة أن يكون السبب عدم الحديث عنها في المدرسة، وعدم مُناقشتها مع الرجال "ما يضيف بعداً آخر إلى فكرة أن الحيض سر كبير مخجل ينبغي كتمانه"، على حد قولها، وذلك إلى جانب عدم تسميتها باسمها بل باستخدام العبارات الملطّفة، لافتةً إلى أن عبارتها المفضلة هي: "تلك الفترة من الشهر".
وتُشير هيزل إلى أنها تتحدث عن الدورة الشهرية كلما تسنح الفرصة حالياً كما لم تعد تستخدام أي عبارات تلميحية، بل تسمي الفوط الصحية والسدادات القطنية بـ "فوط العادة الشهرية" عوضاً عن "الفوط الصحية" التي توحي لها أن فترات الدورة الشهرية تفتقر إلى النظافة، بعدما كانت تخفي الفوطة داخل أكمام ثوبها سابقاً.
"أخفوني في غرفة مظلمة في بيت أحد الأقارب، بعيداً عن البيت خمسة أيام. وبعد خروجي، لم يسمح لي بلمس أفراد العائلة الذكور طوال 11 يوماً، أو بدخول المطبخ لمدة 19 يوماً"..ما العيب في الدورة الشهرية؟
تُطلَق على الدورة الشهرية تسميات غريبة مثل "خالة وردة" و"عمتي الحمراء" و"الجيش الأحمر"، للتستر على ما يُعتبر "عيباً" و"عاراً" برأي فئات في المجتمعات المحافظة.

أخفوني بسبب الدورة الشهرية

"في نيبال، يمكن أن يتم إخفاء الفتيات في فترة الدورة الشهرية عن الشمس وعن الرجال لمدة تصل إلى 15 يوماً". هذا ما قالته ساميكشيا كويرالا، 21 سنة، وهي موظفة تنفيذية في الفرع النيبالي لمنظمة العفو الدولية حالياً، راويةً كيف تصرّفت عائلتها معها عندما بلغت.
تقول ساميكشيا إنها كانت في الـ 11 من عمرها حينما جاءتها الدورة الشهرية للمرة الأولى، وأنها مُنعت من حضور مُناسبة مهمة كانت تنتظرها في منزلها لأنها "كانت حائضاً"، وعوضاً عن ذلك "أخفوني في غرفة مظلمة في بيت أحد الأقارب، بعيداً عن البيت لخمسة أيام. وبعد خروجي، لم يسمح لي بلمس أفراد العائلة الذكور طوال 11 يوماً، أو بدخول المطبخ لمدة 19 يوماً"، تقول ساميكشيا، لافتةً إلى أنها لم تستطع إخبار صديقاتها أين كانت لأنها الأولى من بينهن التي تحيض، وكانت "تشعر بخجل شديد".
ظلّت ساميكشيا مُتحسسة من الدورة الشهرية حتى جاءت مجموعة من الشابات إلى مدرستها للتحدث عنها، "وكان ذلك يوماً تغير فيه كل شيء"، على حد قولها. وتعمل ساميكشيا حالياً ضمن مجموعة طلابية لمنظمة العفو الدولية في جامعة كاتماندو، لتغيير طريقة تفكير الطلبة بـ "المعنى الواسع" حيال الدورة الشهرية.

عربياً.. كل امرأة تُعاني وحدها

تقول طبيبة تُدعى شفاء أحمد إنها حينما زارت إحدى المناطق الريفية في اليمن وسألت أمهات نازحات عن المشاكل التي كن يواجهنها خاصة بسبب نقص المياه، كانت غالبية الأجوبة: "الإسهال وأمراض الأطفال".
أضافت: "نحن مجتمع محافظ تصعب فيه مناقشة موضوع الدورة الشهرية حتى بين النساء. لذا سألتهن بشكل مباشر عن الموضوع بحكم عملي وأدركت أن كل امرأة تعاني وحدها من مصاعب تتعلق بالحيض".
ولفتت إلى أن الكثير من النساء والمراهقات في اليمن يعشن "مواقف محرجة جداً" بسبب ذلك، إلى درجة أن هُناك من "لا يجدن ماء لغسيل قطع الثياب التي يستخدمنها فيضطررن لدفنها بحفرة في التراب لإخفائها".

وأشارت الطبيبة إلى أنه مُنع فريق عملها مرة من قبل رجال إحدى المناطق من توزيع رزم مساعدة تحوي فوطاً صحية عندما علموا أن فيها "أشياء تتعلق بالدورة الشهرية".

ولا يقتصر الخجل على المناطق الريفية، إذ تقول كارول عوض، مسؤولة المياه والصرف الصحي في مكتب فلسطين لمنظمة اليونيسف، إنها تساءلت مرة عن سبب عدم استخدام مجموعة طالبات في بعض المدارس المختلطة لدورات المياه رغم تجهيزها بكل المستلزمات، فقيل لها إنهن يخجلن من الذهاب للحمام على نحو متكرر "كي لا يشعر أحد أن لديهن الدورة الشهرية".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image