شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!

"سمسرة جوية"... يمنيون يقعون ضحية الاتجار بحاجتهم للسفر

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الأحد 23 فبراير 202001:32 م

اضطر محمد يحيى الحيمي (45 عاماً) إلى دفع 300 دولار لمن أسماه "سمساراً" زيادة على الثمن الرسمي لثلاث تذاكر سفر صنعاء - القاهرة، بعدما أبلغه موظفون في مكتب الخطوط الجوية اليمنية بعدم وجود مقاعد فارغة لمدة شهر على جميع الرحلات. 

تلك الذريعة باتت مدخلاً لسماسرة ووكلاء سفر يعتاشون على اصطياد مواطنين يمنيين، بالتنسيق مع موظفين في شركة الخطوط اليمنية في صنعاء، حسب ما يوثق هذا التحقيق.

ويرصد التحقيق تَشكّل شبكة منفعة متبادلة للإيقاع بيمنيين مضطرين للسفر جواً طلباً للعلاج في معظم الأحيان، وسط تجاهل إدارة الشركة وسيطرتها على معظم خطوط السفر من مطارَيْ عدن وسيئون، فضلاً عن ضعف رقابة وزارة النقل رغم إقرارها بوقوع تجاوزات.

في المقابل، تتنصل إدارة طيران "اليمنية" ومكاتب سياحة وسفر من تحمّل مسؤولية التجاوزات، إذ يتحدث كل منهما عن ثغرات في عملية صرف التذاكر لدى الطرف الآخر.    

خيوط الشبكة

يشرح الحيمي تفاصيل تجربته مع "السمسرة" الموازية لسوق التذاكر الرسمية في 20 آب/ أغسطس 2019. فبعد أن خرج الرجل من مكتب الحجوزات مغموماً لحاجته إلى رحلة قريبة من أجل جراحة عاجلة لوالدته في العمود الفقري، قابله شخص وعرض عليه "دفع 100 دولار زيادة عن كل تذكرة، ليحجز له في أي موعد يريده".

في البدء، ظن الحيمي أن الوسيط "نصّاب" فساومه على المبلغ، لكن الأخير رفض التخفيض. حينذاك، وافق الحيمي "مُجبراً" على عرض الرجل الذي أخذ جوازات السفر ودخل المكتب بعد أن طلب منه تجهيز المبلغ والانتظار خارجاً. بعد نصف ساعة، خرج الرجل وطلب قيمة ثلاث تذاكر وفوقها 300 دولار لحجز المقاعد في الموعد المطلوب يوم 25 أغسطس/ آب 2019، وقد تم الأمر بالفعل.

تنتشر ظاهرة "السمسرة الجوية" وسط حصار خانق على اليمن وتقلص أسطول "اليمنية"، من نحو 13 طائرة - بينها أربع طائرات مؤجرة حسب الطلب – إلى خمس طائرات الآن، اثنتين منها خارج الخدمة.

ما حدث مع الحيمي يتكرر يومياً مع يمنيين كثر وإن بأساليب أخرى، كما يوثّق هذا التحقيق بعد ثمانية أشهر من التقصّي.

وتنتشر ظاهرة "السمسرة الجوية" وسط حصار خانق على اليمن وتقلص أسطول "اليمنية"، من نحو 13 طائرة - بينها أربع طائرات مؤجرة حسب الطلب – إلى خمس طائرات الآن، اثنتين منها خارج الخدمة، وفق مصدر مسؤول في وزارة النقل اليمنية تحدّث شرط عدم كشف هويته.

بعد استعار الحرب في اليمن (آذار/ مارس 2015) انفردت شركة الخطوط اليمنية الوطنية -الناقل الرسمي الوحيد - بنقل اليمنيين، إذ كان "التحالف العربي" يغلق أجواء البلاد أمام سائر خطوط الطيران، ويسمح لليمنية بالتحليق بعد إصدار تصريح مسبق لكل رحلة.

لكن في عام 2018، سمح التحالف لشركتي طيران محلية خاصة ("بلقيس" و"سبأ") وطيران جيبوتي بتسيير رحلات محدودة إلى الخرطوم، وجدّة، وجيبوتي وعمّان.

وفي كانون الأول/ ديسمبر عام 2019، وافق الاتحاد لشركة "أفريكان إكسبرس" باستئناف رحلاتها من وإلى مطار سيئون حصراً.

حالات إنسانية صعبة 

رصد معد التحقيق معاناة 16 عائلة في مدينتي صنعاء وعدن كحالات اضطرت لدفع مبالغ إضافية لمن يسمون "سماسرة" من أجل حجز مقاعد في الرحلات المطلوبة. حصل ذلك بعد أن قصد هؤلاء مكاتب "اليمنية" ثم خرجوا دون التمكن من الحجز، بحجّة أن جميع المقاعد محجوزة لفترات طويلة.

انطلاقاً من تجربة شخصية، يؤكد عبد الرحمن طالب (موظف-42 عاماً) أن "عمليات السمسرة في طيران اليمنية لم تعد خافية على أحد".

يكشف طالب أنه حين قصد مكتب "اليمنية" الرئيسي، في شارع الستين في صنعاء، لشراء تذكرة سفر للقاهرة بهدف إجراء قسطرة قلب، أبلغه موظفون في المكتب بـ"عدم وجود مقاعد متاحة إلا بعد شهر ونصف". لكنه نجح في مسعاه، بعد خمسة أيام، حين دفع 100$ إضافية إلى مكتب سياحة خاص.

"تكرّر الدفع الإضافي لدى عودتي إلى القاهرة مجدداً لمتابعة الطبيب المعالج في 10 حزيران/ يونيو 2019"، حسب ما يشكو طالب. 

حملت الحالات قصصاً مأساوية ومعاناة إنسانية؛ بدءاً من ضرورة السفر للعلاج رغم شح المال حتى شراء تذاكر نظير مبالغ باهظة، حيث تضاعفت أسعار التذاكر ثلاث مرات منذ اندلاع الحرب. وعلى سبيل المثال، قفزت تذكرة صنعاء-القاهرة-صنعاء من 80 ألف ريال (141$) في آذار/ مارس 2015 إلى 283 ألف ريال (500$) الآن. 

المعاناة براً

فضلاً عن السمسرة "الجوية"، يكابد اليمني عناء السفر براً، خاصة من المحافظات الشمالية - على مدى 22 ساعة في بعض الأحيان، بسبب حصر الإقلاع والهبوط بمطارَي عدن الدولي (جنوبي اليمن) وسيئون في محافظة حضرموت (جنوب شرقي اليمن).

ويدفع تدهور الخدمات الصحية مرضى يمنيين للسفر طلباً للعلاج، فيما يُقدّر عدد المسافرين سنوياً بـ300 ألف يمني/ة– براً وبحراً وجواً- معظمهم يقصدون مستشفيات في مصر، الأردن أو الهند، بحسب إحصائيات رسمية لوزارة الصحة.

"أنا لست إلا وسيطاً لموظفين في الشركة، أحصل من أصل الـ100$ التي يدفعها الزبون على 30$ فقط والبقية لهم"... تحقيق استقصائي يرصد على مدى أشهر تَشكّل شبكة منفعة متبادلة للإيقاع بيمنيين مضطرين للسفر جواً

ويؤكد المدير الإقليمي لشرق المتوسط في منظمة الصحة العالمية د. أحمد المنظري أن نصف المراكز الصحية في اليمن لم تعد تعمل منذ بدء الحرب، بينما تخلو 18% منها من الأطباء، وفق بيان نشره موقع المنظمة في تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2018.

كما تفيد منظمة (اليونيسف) بأن كوادر الهيئات الطبية لم تتلق رواتبها منذ ثلاث سنوات.

سمسرة بالتواطؤ 

ثمّة طريقتان لعمليات السمسرة رصدها معد التحقيق: أشخاص يعرضون خدماتهم خارج مكاتب طيران "اليمنية"؛ وهم "السماسرة"، أو عبر مكاتب سفريات خاصة لا تتبع رسمياً لـ"اليمنية". والعامل المشترك بين الطريقتين أنهما تتطلبان طرفاً مساعداً يكون من موظفين داخل شركة الطيران.

أحد "السماسرة" وافق على كشف آلية السمسرة بشرط عدم الإفصاح عن هويته. يقول: "أنا لست إلا وسيطاً لموظفين في الشركة، أحصل من أصل الـ100$ التي يدفعها الزبون على 30$ فقط والبقية لهم".

ويعمد "السماسرة" إلى إخفاء علاقتهم بموظفين حفاظاً على مصالح الطرفين، إذ يرفض أحدهم الإفصاح عن أسماء محددة أو تفاصيل من قبيل: "هل تذهب بقية المبلغ (70 دولاراً) لموظف بعينه أم يوزع على آخرين أيضاً؟".

وثّق المحرر اتصالاً هاتفياً مسجلاً مع سمسار حجوزات (ع.م) في إدارة الحجز الآلي، طالباً منه المساعدة في حجز تذكرتي سفر إلى القاهرة خلال ثلاثة أيام فقط لأن جميع المقاعد محجوزة لشهر مقبل، حسب ما أبلغه مكتب "اليمنية". وردّ السمسار بأنه قادر على ذلك مقابل 100$ عن كل تذكرة زيادةً على السعر الأصلي، مردفاً زيادة في التطمين: "لا تقلق، نذهب سوياً وأحجز لك".

تذاكر... احتياطية

معاناة حلمي سالم اليافعي (32 عاماً) من محافظة عدن كانت مضاعفة، إذ فقد حقّه في الصعود إلى الطائرة حتى بعد أن دفع المبالغ الإضافية.

"حجزت أنا وزوجتي المريضة عبر مكتب سفريات صغير للسفر إلى الأردن. دفعت 200 دولار للسمسار، وحين ذهبنا إلى مطار عدن قبل ساعة من موعد الإقلاع كانوا قد أغلقوا الكاونتر الخاص بالدخول، وأبلغونا أننا تأخرنا، وأن الرحلة أقفلت والمقاعد ممتلئة"، يقول اليافعي. 

علم اليافعي لاحقاً أن مكاتب سفريات تصرف تذاكر احتياط بالتواطؤ مع موظفين في "اليمنية"، مشترطة على المسافرين "الوجود في المطار في موعد الرحلة، وفي حال غاب أحد المسافرين أو تأخر، يتم استبداله بهم".

هذا الإجراء لا تمارسه أي من شركات الطيران الدولية الأخرى، بحسب بحث أجريناه في مواقع خمس شركات طيران عربية، إذ لا يوجد حجز انتظار لمقاعد يمكن أن يتأخر مسافرها، بل يخضع لغرامة مالية تقدر بنحو 100 دولار في حال عدم سفره في الرحلة التي حجز عليها، ورغبته بتجديد الحجز على رحلة أخرى.

يوضح مصدر في مكتب "اليمنية" في اتصال هاتفي أنهم يخبرون المسافرين بضرورة الوصول قبل الرحلة بثلاث ساعات، وأن إغلاق الرحلة قد يحدث قبل الإقلاع بساعة فعلاً أو أكثر من ذلك. ويشرح المصدر بأن الأمر "متروك للمسؤول على الكاونتر، طبيعة الرحلة والازدحام".

"الرسميون" يريدون إثباتاً

لدى مواجهة "اليمنية" بالوقائع، سعت مديرة إدارة الوكلاء منى العنسي إلى إبعاد أصابع الاتهام عن الشركة بقولها: "لدينا 36 وكيلاً معتمداً، وهؤلاء من يحق لهم شراء التذاكر للشركة مقابل المبالغ المالية التي يسلمونها سلفاً، وهم المسؤولون أمام الشركة".

"لا ننكر أن هناك موظفين قليلي ذمة، يقومون بهذه الأعمال، لكن المواطن مشارك في ذلك"... تحقيق يرصد وجود شبكة منفعة متبادلة للإيقاع بيمنيين مضطرين للسفر، وسط تجاهل "اليمنية" وضعف رقابة وزارة النقل

مدير خدمات الركاب في الشركة وضّاح الذهب يقول من جانبه: "نسمع كثيراً عن دفع مبالغ للحجز، ونرى شكاوى وكتابات في وسائل التواصل الاجتماعي، لكنها ليست رسمية. وعندما نطالب المواطنين بالإثبات يمتنعون عن الإدلاء بأسماء الموظفين المتورطين في مثل هذه العمليات أو أحد الوكلاء المعتمدين، متعللين بأنهم يخافون من عرقلة سفرهم".

أما مديرة إدارة الحجز قطر الندى شوشة فتطلب "مساعدة المواطنين لتوثيق أي عملية سمسرة وإبلاغنا بالموظفين المتسببين و المشتركين، حتى نطبّق أقصى العقوبات عليهم".

وتحمّل شوشة الحرب جزءاً من المسؤولية: "نعمل في أوضاع صعبة جداً في ظل الحرب، ذلك أن الأجواء محظورة علينا من (التحالف العربي) إلا بتصاريح مسبقة لرحلات محددة، وفي أوقات محددة. وقد يوقف التصريح فتُلغى الرحلة وذلك يتسبب في ازدحام أكبر". 

من جهته، يرفض مدير الرقابة والتفتيش في "اليمنية" التعليق على قضية السمسرة وضعف الدور الرقابي للشركة.

في المقابل، تقرّ المديرة السابقة لمكتب طيران "اليمنية" في عمان جهاد عباس - التي التقاها معد التحقيق قبل تغيير موقعها- بوقوع مثل هذه الحالات: "لا ننكر أن هناك موظفين قليلي ذمة، يقومون بهذه الأعمال، لكن المواطن مشارك في ذلك، لأنه يمتنع عن التصريح بأسمائهم بدعوى خوفه من عرقلة سفره".

وتؤكد عباس أن الشركة لم تتلقَ شكاوى خطيّة وإنما فقط شفهية، لذلك لا يمكن الاعتماد عليها لفتح تحقيقات.

مدير مبيعات الشركة نجيب الزبيري يؤكد بدوره ورود شكوى خطيّة وحيدة، لكنها لم تثبت: "تم التحقيق مع أحد الوكلاء المعتمدين للشركة في عدن وثبتت براءته". 

الوكلاء... بين نفي وتأكيد

يدافع مدير "وكالة البرق للسفريات" محمد حيدرة عن الوكلاء الـ36 المعتمدين لدى "اليمنية": "نحن لا نملك صلاحية تأكيد الحجز أو عمل حجز أولي أو إلغائه"، مردفاً "هذه الصلاحية تعود للشركة فقط. أما الصلاحيات المحدّدة للوكلاء المعتمدين، فتكمن في بيع التذاكر ببيانات واضحة للمسافر فقط، وبذلك لا يكون الوكيل قادراً على ممارسة السمسرة في الحجوزات". 

ويدعو حيدرة إلى "إحالة عمليات الحجز والبيع بشكل كامل إلى الوكلاء المعتمدين، وتحويل طاقم مبيعات اليمنية والمختصين في عملية الحجوزات والبيع إلى جهاز رقابي على الوكلاء، كما هو متعارف عليه لدى العديد من الشركات في العالم".

"بهذه الآلية يمكن محاسبة الوكلاء على أي تلاعب في مسألة الحجوزات"، حسب ما يختم حيدرة.  

المدير السابق لمكتب سفريات وسياحة في صنعاء معتز السلامي له رأي مخالف. ويقول: "لم يعد مخفياً أن هناك العديد من مكاتب السفريات الخاصة والصغيرة تتاجر وتسمسر بالحجوزات مقابل مقاسمة المبلغ الزائد عن قيمة التذكرة، مع موظفين في اليمنية"، مؤكداً أن "الشركة بيدها القدرة على وقف تلك الأعمال إن فعّلت مبدأ الحساب والعقاب، دون أي محاباة".

إقرار ضمني 

يقرّ مصدر مسؤول في "اليمنية" طلب عدم ذكر اسمه بأن "الشركة تعاني حالياً اختلالات كثيرة، منها مسألة التلاعب والسمسرة في الحجوزات، نظراً للانقسام الحاصل في كل من صنعاء وعدن".

ويشير المصدر إلى ثغرات في عملية تقسيم بيع التذاكر والمقاعد للرحلة الواحدة بين مكاتب صنعاء ومكاتب عدن مناصفة، مع أنها شركة واحدة، وهذا يُعد من أهم أسباب عملية التلاعب بمسألة الحجوزات، ويُعقّد المحاسبة.

بدوره، يعترف وزير النقل صالح الجبواني بوجود سمسرة، لكنه يتعهد باحتواء هذه المشكلة.

"هناك بالفعل سمسرة في بيع التذاكر من بعض الأشخاص في ′اليمنية′ ومكاتب السفريات الخاصة"، يقول الجبواني، مؤكداً أن الوزارة "ستراجع وضع ′اليمنية′ في تقرير شامل أمام مجلس الوزراء".

ويتوعد وزير النقل بـ"محاسبة كل من يثبت تورطه في عمليات السمسرة في الحجوزات"، داعياً المواطنين إلى التبليغ عن أي أعمال سمسرة تحصل لهم سواء في "اليمنية" أو المكاتب الخاصة.

ويردف مخاطباً المتلاعبين: "رسالتنا للذين يقومون بأعمال السمسرة أن يتقوا الله فهذا حرام ولا يجوز، وظروف الناس صعبة لا تحتمل المزيد من الأعباء، وأغلب المسافرين مضطرون إما لغرض العلاج أو للدراسة".

مشكلة قديمة متجدّدة

يلفت الموظف السابق في شركة طيران "اليمنية" عبد الواحد العوبلي إلى أن " السمسرة باتت تتم أخيراً بشكل واضح للأسف، بسبب الازدحام والطلب الشديد على السفر، نتيجة توقف شركات الطيران العربية والأجنبية عن التشغيل إلى اليمن".

ويرى العوبلي، المعروف حالياً كخبير اقتصادي، أن "موضوع السمسرة والمتاجرة بالحجوزات مشكلة قديمة في شركة الخطوط الجوية اليمنية، وتعد إحدى طرق الدخل غير المشروع لبعض الموظفين الذين يديرون عملية الحجوزات. لكنها كانت تتم بطريقة مخفية نوعاً ما، ليس كما نشاهده اليوم". 

"لو أرادوا حلها لفعلوا. فالمواطن اليمني يبحث عن مخرج لمحنته ومرضه، ويقبل بدفع تلك المبالغ مكرهاً لحاجته الماسة للسفر، وليس واجبه أن يوثق عمليات السمسرة عوضاً عن الشركة".

 وتنقل وثيقة (بتاريخ 4-11-2018) توجيهاً من وزير النقل بالتحقيق العاجل في قضية إلغاء حجز سفر مؤكد لمواطن مع أسرته إلى القاهرة ومحاولة ابتزازه في مطار عدن.

وكان الوزير قد طالب في الرسالة الداخلية بمحاسبة المتورطين في ذلك من موظفي "اليمنية"، حسب ما ظهرت على صفحة المشتكي.

عدم رضى دون شكاوى رسمية

يُجمع متضررون على عدم تقديمهم شكاوى لأنهم لا يتوقعون نتائج إيجابية. 

عبدالرحمن مطهر (40 عاماً) اضطر لدفع 400 دولار مقابل أربع تذاكر سفر إلى الأردن في أيلول/ سبتمبر الماضي.

ويقول مطهر إن هذه "العمليات باتت تمارس على مرأى ومسمع الجميع، ولو أرادوا حلها لفعلوا. فالمواطن اليمني يبحث عن مخرج لمحنته ومرضه، ويقبل بدفع تلك المبالغ مكرهاً لحاجته الماسة للسفر، وليس واجبه أن يوثق عمليات السمسرة عوضاً عن الشركة".

وتستمر معاناة آلاف اليمنيين الذين ينشدون العلاج خارج بلادهم المحاصرة بالحرب وانسداد الأجواء، وسط تهاون وزارة النقل وتجاهل إدارة الخطوط اليمنية لشكاوى مسافرين، معظمهم مرضى بحاجة ماسة للعلاج خارج البلاد.

يُنشر هذا التحقيق بالتعاون مع  "شبكة إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية" (أريج). 


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard