على خطى جامعة القاهرة، قررت جامعة عين شمس سريان حكم قضائي بحظر النقاب على أعضاء هيئة التدريس ومعاوناتهن فيما صرحت جامعات مصرية أخرى بأنها تفكر أو تتهيّأ للخطوة. وهذا ما دفع بالكثيرين إلى الاعتقاد بأنه "توجّه دولة" في إطار "التضييق على كل مظاهر التدين".
وتقول مصر إنها تخوض معركة شرسة ضد الإرهاب والتطرف بعدما زجت بالمئات من قيادات جماعة الإخوان المسلمين وأعضائها في السجون منذ إطاحة الرئيس المحسوب على الجماعة، محمد مرسي، من الحكم عام 2013.
ويميل المسؤولون إلى اعتبار النقاب من علامات "التزمت الديني" كونه ليس فرضاً، في ظل تقارير أمنية تحذر، منذ سنوات، من خطورة استغلال المتطرفين للنقاب في الهجمات الإرهابية التي تشهدها البلاد بين حين وآخر.
وفي 27 كانون الثاني/يناير الماضي، أصدرت المحكمة الإدارية العليا في مصر حكماً نهائياً يؤيد قراراً بحظر ارتداء النقاب لأعضاء هيئة التدريس في جامعة القاهرة ومُعاوناتهن.
استند القرار إلى أن "حرية الفرد في اختيار ملبسه تندرج ضمن الحرية الشخصية التي كفلها الدستور، لكنها ليست مطلقة"، وأن قانون تنظيم الجامعات في مادته (96) يلزم أعضاء هيئة التدريس "بدعم الاتصال المباشر للطلاب بما يعني ألا ينعزل عضو هيئة التدريس عن الطلاب ولا يحجب نفسه عنهم أثناء المحاضرات وغير ذلك من الأنشطة الجامعية".
بعد إيعاز مذيع النظام عمرو أديب… جامعات مصرية تقرر حظر النقاب على أعضاء هيئاتها التدريسية وأخرى تفكّر. هل تدعم الدولة القرار؟
جامعات تقرر وأخرى تفكر
وبرغم الضجة التي رافقت الحكم، أصدر رئيس جامعة عين شمس، محمود المتيني، مساء 3 شباط/فبراير، قراراً مماثلاً بحظر النقاب لأعضاء هيئة التدريس والهيئات المعاونة في جميع كليات الجامعة ومعاهدها خلال إلقاء المحاضرات والدروس النظرية والعملية أو حضور المعامل أو التدريب العملي.
كذلك يشمل القرار، الذي يطبق فور صدوره، حظر ارتدائه على الطبيبات وهيئة التمريض وغيرهن من العاملات في المستشفيات الجامعية والمراكز المتخصصة والوحدات التابعة.
في الوقت نفسه، أعلن رئيس جامعة حلوان ماجد نجم فهمي أن مجلس الجامعة "سيدرس اتخاذ قرار بحظر النقاب على أعضاء هيئة التدريس في كليات الجامعة في بداية الأسبوع الأول من الفصل الدراسي الثاني" الذي ينطلق الأسبوع المقبل.
لكن رئيس جامعة طنطا مجدي سبع استبعد إصدار قرار مشابه، لافتاً إلى أن عدد أعضاء هيئة التدريس المنتقبات في جامعته "محدود جداً لا يتعدى اثنتين".
ليس إلزامياً… لماذا يطبق؟
ومع أن قرار "الإدارية العليا" ليس إلزامياً ولا يخص سوى جامعة القاهرة، فإن توجه العديد من الجامعات إلى تطبيقه بهذه السرعة لا يمكن تفسيره إلا بأنه "توجه أو مدفوع برغبة من النظام الحاكم" و"تمهيد لتطبيقه في الأماكن العامة"، حسب ما علق البعض.
وكان المستشار القانوني ورئيس مجلس الدولة الأسبق محمد حامد الجمل قد صرح لصحيفة الوطن المحلية بأنه "لا يوجد قانون يلزم الجامعات، خلاف جامعة القاهرة، وحتى الحكومية منها، بحظر ارتداء النقاب".
وأَضاف: "قرار جامعة عين شمس بحظر النقاب ليس له سند قانوني، ولكن تعود مرجعيته لسند لائحي، بسبب تعلقه بأداء أعضاء هيئة التدريس"، مشيراً إلى أن أياً من المتضررات من القرار في "عين شمس" يمكنها الطعن عليه.
برغم إصرار صاحب الحظر الأول، جابر نصار، على أن هدف القرار "تحسين العملية التعليمية" و"سلامة التواصل بين الأساتذة والطلاب"، يعتقد كثيرون أن سرعة تطبيق القرار توحي أنه "توجّه دولة"
غير أن المذيع المقرب من النظام عمرو أديب كان قد ألمح، في 27 كانون الثاني/يناير الماضي، إلى تطبيق القرار في بقية الجامعات المصرية، إذ قال في حلقة برنامجه "الحكاية" الذي يبث عبر قناة "إم بي سي مصر" إنه بعد قرار المحكمة الإدارية العليا الخاص بحظر النقاب في جامعة القاهرة "الكرة دلوقتي مش في ملعب الجامعات بس، الكرة الآن في ملعب جامعة الأزهر: ماذا ستفعل جامعة الأزهر؟ وماذا ستفعل بقية الجامعات؟".
وأضاف: "عندما يكون هناك حكم بأنه لا يمكن لأي منتقبة التدريس في جامعة القاهرة، فعلى الأقل ينبغي أن تنضم إليها جامعة عين شمس… جامعة الإسكندرية، حلوان، المنصورة"، مردفاً "الحكم واضح".
ثم استطرد أديب موضحاً "على فكرة دا مش موقف من النقاب لأنه في تقديري فضل وحرية للمرأة. لكن هناك في الآونة الأخيرة ‘ملاحظات أمنية‘. نرجو أن نرى مواقف (بحظر النقاب) من الجامعات الأخرى في الأيام المقبلة".
"الأزهر" لم تحدد موقفها
تواصل رصيف22 مع المتحدث باسم الأزهر أحمد زارع الذي أوضح أن موقف جامعة الأزهر من حظر النقاب لم يتحدد بعد، لافتاً إلى أنه لم يتضح أيضاً ما إذا كان قرار "الإدارية العليا" اختيارياً أو ملزماً للجامعات في تطبيقه.
أما في ما يتعلق بعلاقة قرار الحظر بـ"الضرورات الأمنية"، فأشار إلى أن "من يحدد ذلك هو الجهات الأمنية ذات الاختصاص وليس التقارير الإعلامية".
واتفقت النائبة داليا يوسف مع أديب، بل طالبت بتعميم القرار على جميع المشتغلين بمهنة التدريس من المعلمين أسوةً بأساتذة الجامعات.
واعتبرت أن حظر النقاب "يحمى الدولة المصرية ممن يستغلون النقاب لارتكاب جرائم إرهابية، لا سيما الظروف الأمنية التى تمر بها مصر، والتي تعجل حظر النقاب أو البرقع أو أي غطاء للوجه يسمح بأي أعمال إجرامية إرهابية، لا سيما في ظل محاولات استهداف مؤسسات الدولة، وزيادة معدلات الجريمة الجنائية والإرهابية، إذ أصبحت سلبيات النقاب لا تعد ولا تحصى مقارنة بأية إيجابيات".
جابر نصار: "القرار هدفه تحسين العملية التعليمية ولا أساس ديني أو أمني له
خمس سنوات من التقاضي
وكان الرئيس السابق لجامعة القاهرة جابر نصار أول من أصدر قرار حظر النقاب في أيلول/سبتمبر عام 2015، في خطوة أثارت جدلاً واسعاً على المستوى المجتمعي وبين أعضاء هيئة التدريس الذين اعتبروا القرار "مخالفاً للدستور".
ويصر نصار منذ ذلك الحين على أن قراره كان مدفوعاً برغبة في تحسين العملية التعليمية و"لا ظل أمنياً أو دينياً له"، وهو الذي احتفى أخيراً بقرار جامعة عين شمس عبر حسابه على تويتر.
ومنذ صدور قرار نصار، لجأت نحو 80 من أعضاء هيئة التدريس المنتقبات في الجامعة إلى رفع دعوى قضائية بشأن هذا القرار. غير أن محكمة القضاء الإداري رفضتها مطلع عام 2016.
كذلك أوصت هيئة مفوضي الدولة بإنفاذ القرار باعتبار أن النقاب "يؤثر على العملية التعليمية وسرعة التلقي بين الطالب وعضو التدريس".
وكانت آخر الحلقات، وبعد خمس سنوات من التقاضي، قرار المحكمة الإدارية العليا بتأييد حكم "القضاء الإداري".
يذكر أن جامعة القاهرة قالت إن من تمتنع عن تنفيذ القرار ستحرم من التدريس، في حين أوضح قرار جامعة عين شمس أن المخالفات سيتعرضن إلى "المساءلة القانونية".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...