شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!

"الدكتورة" "صانعة البهجة" و"العازفة الأولى" لأغاني المهرجانات... مها عبد المؤمن

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الجمعة 24 يناير 202005:46 م

لا تزال مها عبد المؤمن، تذكر اللحظة الأولى التي وقفت فيها على المسرح وهي صغيرة، كانت تسحب يدها من يد والدها عازف الأورغ، وتقف على المنصة، تشاهد الجمهور، تدندن لنفسها أغاني وموسيقى، وحلمت بأن يكون لها جمهور كبير، يشاهدها، يطلبها بالاسم، يصفّق لها، ويرقص على إيقاع موسيقاها.

حلمت بأن تدخل عالم "المهرجانات" الذي ظلّ حكراً على الرجال، وأن تتميَّز فيه، فأصبحت عازفة بارزة في الأغاني الشعبية، أو "المهرجانات" كما تُسمى، وتُلقب بـ"الدكتورة".

تقول مها عبد المؤمن لرصيف22، إن بداياتها تعود قديماً إلى مرحلة الطفولة: "ورثت حب الفن عن والدي عازف الأورغ، والذي كان يصحبني معه إلى أغلب الحفلات التي يشارك بها، حتى جاء يوم وقررت في سن الثالثة عشر، أن أخوض تلك التجربة، أن أكون واحدة من فرقته بدلاً من أنتظر في الكواليس من بداية الحفل إلى آخره".

دعمها والدها في الوقوف على المسرح، واصطحبها في معظم حفلاته، إلى أن جاء مرة وطلب منها أحد الجمهور أغنية معينة، وهي كانت لا تحفظ سوى أغنيتين، بعدها أقام لها والدها "معسكراً مغلقاً" في البيت لستة أشهر، تقول عن تلك الأيام: "دربني فيها على كل الأغاني المطروحة وقتها بالسوق، بحيث أتفادى أي موقف مشابه".

تقود فرقة كلها رجال

عندما بلغت مها الثالثة عشر، قرر والدها أن تقود فرقة كلها من الشباب والرجال، كانت "مهمة ثقيلة ومرعبة" بالنسبة لها، من هنا بدأت مشوارها، وشاركت في العزف مع مغنين شعبيين بارزين، مثل محمود الليثي، بوسي، عبد الباسط حمودة وأحمد شيبة، تقول: "لا أبالغ حين أقول إن فقرتي وعزفي في أغلب الأحيان كان ومازال يتفوق على النجوم، لدرجة أن هناك من يطلب أن أتكفل وحدي بالحفل أو الفرح".

عن امتلاء أغاني المهرجانات بـ"الإيحاءات والألفاظ الخارجة"، تقول مها: "أنا مع ما يبسط الناس ويسعدهم، ولكني أرفض الرقص بالسلاح بسبب حوادث القتل، وإن حدث أنسحب فورا"

لم تكمل مها دراستها في معهد الموسيقى العربية، بعد أن اتجهت إلى "اللون الشعبي"، ولكنها حظيت بتفاعل لافت مع الجمهور، وفي إحدى الحفلات صاح أحدهم "يا دكتورة"، ومنذ ذلك الوقت بات لقبها "الدكتورة".

وبعد عدة نجاحات، وطلب مغنين بارزين لعزفها، انفصلت عن فرقة والدها، وأنشأت فرقتها الخاصة، وتصف تلك الفترة بأنها "الأصعب، لأنها لم تترك والداً فقط، ولكن مرشدها ودليلها"، كما تصفه.

تقول عبد المؤمن عن طريقة عملها: "أسعى دائماً للتجديد، بمعنى أن أي أغنية جديدة تطرح بالسوق أحفظها فوراً حتى إذا طلبتَ منّي في حفل أو فرح أعزفها، وأكثر ما يُطلب منّي أغاني المهرجانات، خصوصاً وأنها تشعل الأفراح".

تقود مها فرقة تضم 25 عازفاً من الرجال، ولا تحب أن تغير أحدهم، فالعلاقة معهم تعدت العمل إلى مناطق إنسانية، وخاصة، تقول عن شباب فرقتها: "إني كاتمة أسرارهم، ويستشيروني في أمور تخص حياتهم اليومية بعيداً عن الفن"، تضحك قائلة "أنا باتعامل معاهم زيي زيهم".

لم يعارض مشوار مها أحد من الأسرة أو الجيرة، وهي من البحيرة شرق القاهرة، وحضرت أمها معها كل الحفلات تقريباً قبل أن تتزوج، وزوجها مطرب ويدعمها، وتعلل ذلك بأنه من عائلة فنية، جدته هي الراحلة الكبيرة هدى سلطان.

تبدي مها استغرابها من موقف نقابة المهن الموسيقية من المغنين الشعبيين، حيث لايزال الغناء الشعبي أو "المهرجانات" لا يلقى اعترافاً من أسماء نافذة في النقابة.

وتدافع مها عن زملائها بأن أغانيهم "تحقق ملايين المشاهدات، يعني ناجحين بإرادة الناس، فهل قرار منعهم من دخول النقابة سيمنعهم من الغناء؟ بالعكس شعبيتهم بتزيد".

ولكن مها تمكنت من دخول النقابة، بعد أن خاضت اختباراتها مع الملحن الكبير حلمي بكر، وعزفت أمامه مقطوعة لأم كلثوم، وعزفت بعض المقطوعات التي تعزفها في الحفلات، ثم قبلها في النقابة.

"أغاني المهرجانات موجودة"

تدافع مها بشدة عن المكانة التي شغلتها أغاني المهرجانات في قلوب الكثيرين، تقول: "أغاني المهرجانات موجودة، وفرضت نفسها على الساحة، وعلى الناس شئنا أم أبينا، وفي حفلات وأفراح البسطاء والأثرياء حتى ستجدها حاضرة لأنها بترقص الناس".

البعض يأخذ على أغاني المهرجانات أنها تمتلئ بـ"الإيحاءات والألفاظ الخارجة"، ولكن مها عبد المؤمن لها رأي آخر: "أنا شخصياً مع الناس ومع ما يطلبونه، ويسعدهم، إذا كانت المهرجانات ستحقق لهم هذا الغرض أهلاً بها، أما بخصوص الرقص بالسلاح فهذا أمر أرفضه تماماً، وإذا حدث في أي فرح أشارك به أوقف العزف فوراً، لأن هناك حوادث قتل وقعت بسبب أمر كهذا في أكثر من فرح".


تحلم مها بأشياء تتعلق بالفن الشعبي، أن يكون له مكانة لا تقل عن ألوان الغناء الأخرى، فهي ترى أنه "فن حقيقي، ومهم، ومؤثر في قطاع كبير من المصريين"، ويؤسفها تنميطه في "إيحاءات جنسية وألفاظ خارجة"، تقول: "انزلوا الشوارع، شوفوا الناس بتسمع إيه، الشعبي دلوقتي رقم واحد، لأنه بينشر البهجة والسعادة بين كل الفئات".

تحلم مها بأن تتغيَّر وجهة نظر المجتمع المحافظة عن المرأة التي تعمل في الفن، وتفكر في ورش تعليمية لتقديم جيل جديد من العازفات، تقول: "الفن مش عيب ولا حرام"

وتحلم مها أيضاً بأن تتغير وجهة نظر المجتمع عن الفتاة التي تعمل في الوسط الفني، وتفكر في تجربة ورش تعليمية لتقديم جيل جديد من العازفات، تقول: "سأسعد أكثر حين أقدم للوسط أكثر من مها، وأقول لكل أم وكل أب يرفض دخول ابنته هذا المجال: الفن مش عيب ولا حرام، وكل بنت تفرض شخصيتها على الكل، وإذا كنتم واثقين من ابنتكم ادعموها لتخوض تجربتها وحلمها، وكونوا سنداً لها لا عليها".

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image