بعد مقتل قائد "فيلق القدس" قاسم سليماني في الثاني من كانون الثاني/ يناير الحالي، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية أن 700 جندي من لواء قوة الرد السريع في الفرقة 82 المحمولة جواً سيجري نشرهم في الكويت، فيما سترسل قرابة 3000 جندي إضافي إلى الشرق الأوسط من الفرقة 82 المحمولة جواً كإجراء احترازي.
ورداً على مقتل سليماني، أطلقت إيران اليوم الأربعاء، 8 كانون الثاني/ يناير، صواريخ على قاعدتين عراقيتين. "ستحصل مواجهات في المستقبل، وعلى أمل ألا تتحول إلى حرب"، كان هذا تعليق أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت شفيق الغبرة على التطورات الأخيرة.
من جهته، يعلق أستاذ العلوم السياسية في "جامعة الخليج للعلوم والتكنولوجيا" صالح النفيسي على الأمر بالقول: "الكويت يضيع في كل هذا لكونه بلداً صغيراً، لكن أهميته تتمثّل في استضافته لقواعد أمريكية رئيسية"، مضيفاً: "السؤال الآن هو هل ستستخدم الولايات المتحدة هذه القواعد في هجومها؟ لا أحد يدري. على الرغم من أن ذلك سيشكل خطراً كبيراً على الكويت، إلا أن لا رأي للأخيرة في ذلك لأنها تعتمد على الحماية العسكرية الأمريكية".
وفي ظل المخاوف المتزايدة، انتشر خبر على "وكالة الأنباء الكويتية" حول نية القوات الأمريكية الانسحاب من أحد المعسكرات في الكويت، وهو ما نفته الوكالة سريعاً مشيرة إلى أن حسابها على تويتر تعرض للاختراق.
وفي وقت سابق، زعمت "عصائب أهل الحق" العراقية أن الطائرة التي استهدفت سليماني كانت قد أقلعت من قاعدة كويتية، بينما سارعت القوات المسلحة الكويتية لتنفي الأمر عبر تويتر بالقول: "هناك معلومات خاطئة يتم تداولها عبر الإنترنت بخصوص استخدام القواعد الكويتية لشن هجمات ضد أهداف محددة في المنطقة".
"لن تكون ساحة معركة"
حالياً، هناك حوالي 13 ألفاً من القوات الأمريكية المتمركزة في الكويت، بينما تقع قاعدة علي السالم، وهي إحدى أولى القواعد الأمريكية في الكويت، على بعد حوالي 37 كيلومتراً من الحدود العراقية.
ونظراً للوضع المستجد، دعت السفارة الأمريكية في الكويت رعاياها يوم 3 كانون الثاني/ يناير لاتخاذ الحيطة، وقالت في بيانها إنها "ولمزيد من الحذر، تزيد من موقفها الأمني".
ولم تصدر الحكومة الكويتية حتى الساعة بياناً يوضح بشكل حاسم موقفها من النزاع، لكن مصدراً مسؤولاً في وزارة خارجيتها صرّح أن "دولة الكويت تابعت بقلق بالغ تطورات الأحداث المؤسفة في العراق الشقيق، وتدعو إلى التحلي بأقصى درجات ضبط النفس والحكمة إزاء هذه التطورات وصولاً إلى معالجة سياسية تجنب المنطقة مزيداً من التصعيد والمخاطر".
وتعليقاً على بيان السفارة، يقول الغبرة لرصيف22: "القوات الأمريكية في حالة تأهب. الكويت، من جهتها، ستبذل قصارى جهدها لضمان حماية الأرواح الأمريكية والجنود المتواجدين لديها، لكن، في المقابل، ثمة شعور على المستوى السياسي في البلاد بأن الأخيرة لن تكون ساحة معركة بين إيران والولايات المتحدة".
"تعلمت الامتناع عن رد الفعل"
وعما تقوم به الكويت حالياً، يقول الدبلوماسي الكويتي السابق عبد الله البشارة لرصيف22: "تُجري الكويت حالياً محادثات مع أعضاء مجلس التعاون الخليجي بالإضافة إلى الجهات الإقليمية الفاعلية".
"الكويت، من جهتها، ستبذل قصارى جهدها لضمان حماية الأرواح الأمريكية والجنود المتواجدين لديها، لكن، في المقابل، ثمة شعور على المستوى السياسي في البلاد بأن الأخيرة لن تكون ساحة معركة".
"السؤال الآن هو هل ستستخدم الولايات المتحدة هذه القواعد في هجومها؟ لا أحد يدري. على الرغم من أن ذلك سيشكل خطراً كبيراً على الكويت، إلا أن لا رأي للأخيرة في ذلك لأنها تعتمد على الحماية العسكرية الأمريكية".
ويعلّق البشارة الذي تولى منصب أمين عام مجلس التعاون لدول الخليج بين عامي 1981 و1993: "هذه هي الطريقة الوحيدة لحل المشكلة. ليس بالقوة، وليس بالحرب، بل عن طريق الحوار بين جميع الأطراف".
في هذا السياق، يلفت الغبرة بدوره إلى أن "الكويت شهدت الكثير من النزاعات في المنطقة منذ السبعينيات، لا سيما الحرب العراقية - الإيرانية، وقد تعلمت عبر السنين أن تمتنع عن القيام برد فعل في مقابل تركيز سياستها على محاولة الحفاظ على توازن القوى الذي يضمن السلام في الخليج".
وتعود العلاقة بين الكويت والولايات المتحدة إلى تاريخ إنشاء الأخيرة كدولة عام 1961، وقد تعززت بعد غزو العراق للكويت عام 1991، حيث بات للولايات المتحدة وجود عسكري مكثف في البلاد، مع ما مجموعه خمس قواعد أمريكية.
"تتمتع الكويت بعلاقة خاصة جداً بالولايات المتحدة الأمريكية، وهي علاقة طويلة الأمد تم استثمارها بكثافة بعد حرب الخليج الأولى. ومع ذلك، فإن جميع العلاقات تتكيف وفق الظروف المتغيّرة"، كما يرى الغبرة.
وبحسب السفارة الأمريكية في الكويت، فإنه "منذ العام 2003، وفرت الكويت منصة رئيسية لعمليات الولايات المتحدة والتحالف في العراق. ولعبت الكويت دوراً رئيسياً في انسحاب القوات الأمريكية المقاتلة ونقل معداتها من العراق عام 2011".
في المقابل، وبينما شهدت العلاقات الكويتية - الإيرانية توتراً متزايداً على مدار السنوات، حافظ الطرفان على علاقة ودية نسبياً، لا سيما بعدما امتنعت الكويت عن اتخاذ موقف بخصوص تفجير السفارة السعودية في إيران.
"تاريخياً، حافظت الكويت على علاقة جيدة بإيران، خاصة بعدما شعرت بتأثير الحرب العراقية - الإيرانية، ووجدت أن من مصلحتها البقاء على الحياد"، حسب ما يقول النفيسي.
دور الوساطة
جاء في تدوينة نشرها كبير الباحثين في "معهد دول الخليج العربي في واشنطن" حسين إيبيش ما مفاده أن "دول الخليج، مثل عمان والكويت، من المحتمل أن تكون في وضع جيد لنقل الرسائل بين واشنطن وطهران وحتى، على الأرجح، أن تلعب دور الوساطة".
"من غير المؤكد مدى فعالية دور الكويت كوسيط في الوقت الحالي، خاصة أنه ليس من السهل عليها الدخول بين الولايات المتحدة وإيران".
ومنذ الأزمة الخليجية الأولى عام 2013، عملت الكويت كوسيط بين مختلف البلدان المجاورة. وفي حزيران/ يونيو 2019، زار أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الصباح العراق لبحث التوتر المتزايد في المنطقة بين إيران والولايات المتحدة.
"قرب الكويت الجغرافي من العراق مروراً بالخليج إلى إيران يضعها في موقع فريد من نوعه، كدولة موازنة ودولة معتدلة ولديها مصلحة راسخة في الحفاظ على السلام في المنطقة"، يعلّق الغبرة.
من جهته، يرى البشارة أن "الكويت تحاول الابتعاد عن النزاع، خصوصاً أنها تشترك في الحدود مع الدول المجاورة، وبينما تشهد المنطقة زيادة في التوتر تحتاج الكويت إلى إيجاد طرق لحل هذه المشكلة".
في المقابل، يعتبر النفيسي أنه "من غير المؤكد مدى فعالية دور الكويت كوسيط في الوقت الحالي، خاصة أنه ليس من السهل عليها الدخول بين الولايات المتحدة وإيران".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Apple User -
منذ 6 ساعاتHi
Apple User -
منذ 6 ساعاتHi
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 3 أيامرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ 5 أياممقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعمقال جيد جدا