تتجه الأنظار إلى الفنانة اللبنانية نانسي عجرم وزوجها الدكتور فادي الهاشم منذ صباح 5 يناير/كانون الثاني عقب قتل الهاشم "لصاً" مسلّحاً اقتحم منزلهما في نيو سهيلة في قضاء كسروان فجراً وإصابة عجرم في ساقها. هذه رواية العائلة والإعلام اللبناني، أما موقع "جسر" السوري، فلفت إلى أن "المغدور" ليس لصاً بل عامل سوري حاولت العائلة هضم حقه.
وحدث أن ثلاثة حرّاس أخفقوا في صدّ "اللصّ" أو "العامل" خوفاً من مسدس يحمله وتبيّن في ما بعد أنه خلبي (خادع)، وحين تابع سيره في المنزل إلى غرفة نوم بنات عجرم والهاشم، مهدّداً بقتل من يعترض طريقه، أطلق الهاشم 16 رصاصة عليه، وهو ما أدّى إلى مقتله على الفور.
ونُشر فيديو للاقتحام والتهديد بالسلاح على مواقع التواصل مرفقاً بتعليق صوتي من الهاشم: "كنت عم جيب الفرد (المسدس)، إجا أحمد (أحد الحراس الثلاثة) قللي فات على أوضة الولاد. ساعتها أنا جنّيت، خلص. رحت عليه بدي شقفه تشقيف حتى لو بده يقوصني".
وأصدرت المدعية العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون قراراً بتوقيف الهاشم من أجل اتخاذ الإجراءات القانونية. ونُقل فجر 6 يناير/كانون الثاني من مخفر قوى الأمن الداخلي في زوق مصبح إلى مستشفى الحياة بعد إصابته بنوبة عصبية.
وقال مصدر قضائي في النيابة العامة في جبل لبنان إن قرار القاضية غادة عون بتوقيف الهاشم "جاء بسبب سقوط قتيل، وهذا أمر طبيعي لاستكمال التحقيقات"، وأن التوقيف "لا يعني أن الهاشم سيُدان بجريمة قتل إنما لاستكمال التحقيقات ولتوضيح ملابسات القضية".
جريمة قتل عامل سوري؟
في سيناريو غيّر مجريات القصة، ينفي جميع روايات الإعلام اللبناني التي نُشرت منذ صباح 5 يناير/كانون الثاني، قال موقع "جسر" السوري في 6 يناير/كانون الثاني إن القتيل محمد حسن الموسى كان يعمل فني صيانة وبستانياً في حديقة منزل عجرم وكان يُطالب بـ"مستحقات مالية له كانت بحوزة أحد الحراس العاملين في المنزل".
وقال أهل الموسى الذي ينحدر من إدلب للموقع السوري إن "ابننا انتظر مقابلة زوج نانسي عجرم أكثر من خمس ساعات في حديقة المنزل من دون أن يسمح له بالدخول". وأشار الموقع إلى أن تحركات القتيل داخل المنزل تدل على معرفته به، وأن حديثه مع الهاشم يؤكد ذلك إذ قال له "عمول معروف أستاذ فادي هات المصاري".
"المغدور في منزل نانسي عجرم ليس لصاً بل عامل لديها هُضم حقه المالي. وقتله زوجها"... رواية فجّرها موقع سوري فقلبت معطيات قصة نانسي عجرم وزوجها فادي الهاشم
كلنا قضاة؟
في مثل هذه الحادثة، نتساءل عن مدى فاعلية مواقع التواصل، التي يتحوّل مستخدموها إلى "قضاة" في أي حادثة قبل أن تُكشف الحقيقة. ففي غمرة الرعب الذي تعيشه الأسرة، وفور إعلان مقتل الشاب، أتى شخص من بعيد، وكتب من خلف شاشة هاتفه المحمول: "القاتل صار بطلاً في زمننا" أو "طالما السارق ما قوّص ليه فادي بقوّص. القتل قتل الشخص. مبيّن بدو مصاري ومش جاي يؤذي".
وينطبق المثل العربي الشهير "الفاضي بيعمل قاضي" على روّاد تويتر الذين، عدا إعلان "موقفهم" من الأمر، طرحوا سلسلة من الأسئلة والتحليلات منها: "أنا كأم بفهم تصرف زوج نانسي عجرم ولو كنت مكانه أتصرف مثله، لكن لماذا 16 رصاصة؟ وخصوصاً أن المسدس عدد رصاصاته أقل بكثير وأمام عيون البنات الصغيرات؟"، و"لماذا أُصيب ساق نانسي إن كان زوجها من أطلق النار؟"، و"مش عارفة ليش حاسة إنه اللي صار تمثيلية بس ليشغلوا الناس عن شي مهم".
وفيما ستأخذ التحقيقات مجراها حسب القانون اللبناني الذي يُشرّع حق الدفاع عن النفس، علت الأصوات التي "تُبرئ" الهاشم من أي فعل إجرامي. وانطلقت حملة تضامنية فنية وإعلامية وجماهيرية واسعة لمساندة عجرم وزوجها.
من المدافعين الإعلامية رابعة الزيات التي قالت: "كل أم وأب يفهمان تماماً لماذا لجأ الهاشم للقتل. ليحمي عائلته التي تتعرض للخطر المباشر. هذه الحادثة هي دق ناقوس لخطر داهم".
وقالت الفنانة إليسا: "فادي الهاشم أنبل إنسان باللي عملو لحماية عيلتو ولازم يتم الإفراج عنو بسرعة. كلنا محلو منعمل نفس الشي"، وذلك رداً على من لام الهاشم على قتله السارق.
ويُشرّع القانون اللبناني حق الدفاع في المادة 184 التي تنص على أنه "يعتبر الدفاع المشروع عن النفس حقاً موضوعياً مطلقاً مقرّراً لجميع الأفراد، يبيح لهم ارتكاب الجريمة استثناءً على الأصل العام الذي يمنعها، وذلك لدرء الأخطار التي تهدّدهم عند استحالة اللجوء إلى الأجهزة المختصة لاستيفاء الحق أو لمنع وقوع الضرر".
عن زوج نانسي...
وقبل الكشف عن رواية موقع "جسر"، تحوّل الدكتور فادي الهاشم، منذ تداول خبر قتله اللص دفاعاً عن أسرته إلى "فتى أحلام" العديد من الفتيات اللواتي أعربن عن إعجابهنّ بفعله البطولي عبر تغريدات على تويتر.
قالت إحداهنّ: "نانسي عرفت تختار زوجاً وسنداً لها ولبناتها. شجاع ضحّى بنفسه. كان معها حق يوم غنّت له أغنية شيخ الشباب". وتقول بعض كلماتها: "شو واثق بحاله شو قلبه قوي".
ووجهت أخرى نصيحة للفتيات قائلةً: "إذا ما دافع عنك مثل فادي زوج نانسي سيبيه".
وقالت الإعلامية هناء حمزة: "أسهم فادي الهاشم زوج نانسي عجرم بالسما"، موضحة أنها "لم ترَ في حياتها إجماعاً نسائياً على رجل كما ترى وتسمع عن فادي الهاشم وإن دل هذا على شيء فهو يدل على حاجة المرأة لحماية الرجل لها ولأولادها".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...