شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
أن تكون معارضاً

أن تكون معارضاً "من داخل" مصر… جمال عيد نموذجاً

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الاثنين 30 ديسمبر 201901:54 م

يتغنى الكثيرون من أنصار الرئيس عبد الفتاح السيسي بأن المعارضة الصادقة تكون "من الداخل" والمعارضين في الخارج "خونة وعملاء أجندات"، لكن هل فعلاً يمكن الجهر بانتقاد النظام وممارساته من داخل مصر؟ 

قد يكون الجواب في تجربة المحامي المصري المناهض لانتهاكات حقوق الإنسان جمال عيد، برغم أنه ليس "معارضاً سياسياً" بل محامٍ حقوقي.

للمرة الرابعة خلال ثلاثة أشهر، تعرض عيد لاعتداء من  قوات الداخلية، حسب ما قال، وهذه المرة بالضرب والتشويه بالبويا (الدهان). وكان عيد في الاعتداءات السابقة تعرض لسرقة سيارته وتكسير أضلعه وتهشيم سيارة زميلة له كان يستخدمها. كما أنه مُنع من السفر.

برغم كل هذا، أكد عيد لرصيف22 أنه حتى إذا رفع حظر السفر المفروض عليه "مش هسيب البلد دي ومقرر أكمل فيها دي بلدي ودا حقي؛ مش بلدهم لوحدهم".

ضرب وإهانة

ومساء 29 كانون الأول/ديسمبر، قالت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، التي يترأسها عيد، في بيان، إن ضباطاً مسلحين اعتدوا عليه بالضرب قرب منزله قبل أن يلطخوا رأسه بالبويا، وتهديد جيرانه وأي مواطن حاول الدفاع عنه وإشهار مسدسات في وجوههم.

وذكر البيان أن عيد "فوجئ خلال محاولته توقيف تاكسي للذهاب إلى مقر عمله في الشبكة بثلاث سيارات (ماركة كيا سيراتو سوداء من دون لوحات) ترجل منها عدد من أفراد الأمن والضباط، وطرحوه أرضاً وضربوه. ثم أمرهم أحد ضباط الأمن الوطني ‘الذي يعرف شكله عيد‘ بإغراقه بالبويا التي كانت بحوزتهم، قائلاً ‘عشان يتلم‘".

ولفت عيد إلى أنه عندما حاول بعض المارة والجيران التدخل لحمايته، كون الواقعة جرت قرب منزله، "قام اثنان من المهاجمين بإشهار سلاحهما، مرددين ‘اٍبعد اِبعد‘".

كما أمر الضابط نفسه بتصوير عيد وهو ملقى أرضاً وأثناء إغراقه بالبويا وضربه، وهذا ما اعتبرته الشبكة الحقوقية "دليل إثبات على قيامهم بالمطلوب منهم".

"الداخلية توحشت"

وفي اتصال هاتفي مع رصيف22، قال عيد: "أصبحت أتوقع أي شيء من الداخلية، لقد توحشت. كل هذا يحدث لي وأنا محامٍ حقوقي ولست معارضاً أو أنتمي إلى أي حزب سياسي. كل هذا وأنا حر طليق. لا أتخيل ما يحدث لأولئك المعارضين في السجون؟".

وأضاف: "الدولة مصرة على أن أتواطأ مع الانتهاكات التي تحدث، أو أصنف معارضاً. لكنني اخترت أن أمارس عملي كمحامٍ حقوقي أدافع عن المظلومين وأسعى لإعادة الحقوق".

ويعتبر النظام المصري الحالي أحد الأنظمة "السيئة السمعة" في مجال حقوق الإنسان، إذ تعتبره منظمات حقوقية دولية ومحلية "الأكثر قمعاً في تاريخ البلاد الحديث".

المحامي الحقوقي جمال عيد يتعرض لاعتداء هو الرابع خلال 3 أشهر من "عصابة الداخلية"... ماذا عن نظرية النظام "المعارضة الصادقة تكون من الداخل"؟
جمال عيد لرصيف22: "أصبحت أتوقع أي شيء من الداخلية، لقد توحشت. كل هذا يحدث لي وأنا محامٍ حقوقي ولست معارضاً أو أنتمي إلى أي حزب سياسي. كل هذا وأنا حر طليق. لا أتخيل ما يحدث لأولئك المعارضين في السجون؟"

وبرغم إنكار الرئيس السيسي، باتت جميع الأصوات المعارضة حالياً في السجون أو في "المنفى الاختياري" خارج البلاد، أو مختفية قسرياً.

وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، أعرب ناشطون عن تضامنهم مع عيد في وجه "استفحال القمع للنظام البوليسي"، في حين سخر موالون للنظام من رواية عيد وقائع متكررة من الاعتداء عليه، واصفين ذلك بـ"المسلسل الهابط". 

الداخلية تكذب وتتحرك

وقال الإعلامي المصري المحسوب على النظام محمد الباز، عبر برنامجه "90 دقيقة" عبر قناة "المحور"، إن وزارة الداخلية نفت له "مزاعم" عيد وسخرت منها.



ونقل الباز عن مصادر في الوزارة: "لو عايزين نأدبه هنرش على وشه بويا؟"، و"كل المهمات التي خرجت اليوم لم يكن من ضمنها الاعتداء على جمال عيد".

وأضاف الباز أن وزارة الداخلية "تحركت ضد جمال عيد، لأنه يتهم مؤسسة من مؤسسات الدولة من دون دليل"، معتبراً أن "اللي بيعمله جمال عيد غير مهني من ناحية حقوق الإنسان، وغير محترم من حيث الوطنية".

وتعليقاً على ذلك، أوضح عيد: "فليتحركوا… الواقعة جرت في الشارع أمام المارة. لا أستبعد أن تفعل الداخلية أي شيء. سيكسبون لأني رجل قانون لا أفهم سوى فيه، أما البلطجة فهم يكسبون فيها".

هذا الاعتداء الرابع على عيد منذ مطلع تشرين الأول/أكتوبر الماضي حين سرقت سيارته. بعد ذلك بنحو 10 أيام، تعرض للضرب وكُسرت أضلعه قبل تهشيم سيارة زميلة له كان يستخدمها في التنقل نهاية الشهر نفسه.

وكانت النيابة العامة قد حفظت جميع بلاغات عيد السابقة بشأن الاعتداءات عليه. غير أنها عاودت فتح التحقيق في واقعة ضربه وتكسير أضلعه بعدما فضحت الشبكة العربية، في بيان، تواطؤها مع المعتدين.

وختم عيد: "فتحت النيابة التحقيقات في هذا البلاغ مرة أخرى. وجدت شهوداً وتسجيلات على كاميرات مراقبة توضح كل الملابسات. لكن أستبعد معاقبة الداخلية على هذه الجرائم التي ارتكبتها بحقي".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image