شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
إيران تدّعي انتهاء الحركة الاحتجاجية... ما مدى صحة ذلك؟

إيران تدّعي انتهاء الحركة الاحتجاجية... ما مدى صحة ذلك؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الأربعاء 20 نوفمبر 201904:46 م

قال الرئيس الإيراني حسن روحاني، في 20 تشرين الثاني/ نوفمبر، إن شعبه "لم يسمح للعدو بتمرير مؤامرته" وخرج منتصراً من "اختبار تاريخي آخر"، في إشارة إلى الاحتجاجات التي انطلقت نهاية الأسبوع الماضي .

وخلال اجتماع مجلس الوزراء، اعتبر روحاني أن الإيرانيين "أظهروا أنهم لا يسمحون مطلقاً للعدو بتنفيذ مخططاته المقيتة، على الرغم من أنهم قد يواجهون مشاكل اقتصادية ويشكون من إدارة البلاد".

وتابع: "أظهروا حرصهم على المصالح الوطنية والأمن القومي ووحدة بلادهم، على الرغم من ضغوط الأعداء خلال العامين الماضي والجاري".

وتعليقاً على تقرير لوزير الداخلية الإيرانية عن "مثيري الشغب" خلال الاحتجاجات، أشار روحاني إلى أنه "بات واضحاً عدد الأشخاص الذين خرجوا في الأيام الأخيرة إلى الشوارع. القليل منهم كانوا من مثيري الشغب، لكنهم كانوا أكثر تنظيماً وتنسيقاً ومسلحين أيضاً، ويعملون كلهم وفقاً لبرنامج أعدّ من قبل القوى الرجعية في المنطقة والصهاينة والأمريكان".

"انتصرنا وعاد الهدوء"

من جانب آخر، روّجت وسائل إعلام إيرانية لما قالت إنه "استنكار الشعب الإيراني لأعمال الشغب"، في إشارة إلى الاحتجاجات. وبثت شريطاً مصوراً يَظهر فيه مواطنون وهم ينفّذون وقفات تحمل الرسالة نفسها.

جاء ذلك بعد ساعات من تصريح المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي، في 19 تشرين الثاني/ نوفمبر، بأن بلاده دحرت الأعداء وفازت في حرب على الممارسات "الأمنية" الأخيرة.

وذكرت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا) أن خامنئي قال: "ليعلم الأصدقاء وكذلك الأعداء أننا جعلنا العدو يتقهقر في الحرب العسكرية والسياسية والأمنية، ومنها الممارسات التي حصلت خلال الأيام الأخيرة والتي كانت ممارسات أمنية وليست شعبية".

وشدد خامنئي على أهمية "إثراء المجتمع وزيادة الثروة الوطنية ونشر الرخاء العام والتوزيع العادل للموارد العامة في الإسلام، وهذه كلها أمور ذات قيمة، لأن، بتحقق هذه الرؤية، لن تكون هنالك فوارق طبقية برغم وجود التفاوت في المجتمع".

"الاحتجاجات مستمرة"

في المقابل، حرص بعض الناشطين الإيرانيين على توثيق استمرار الاحتجاجات في بعض المدن عبر مواقع التواصل الاجتماعي. كما تحدثت تقارير إعلامية إيرانية عن نشر المدرعات وسيارات الأجهزة الأمنية وسط العاصمة طهران "لمواجهة الاحتجاجات".

وأشاروا إلى مواجهات عنيفة بين المحتجين والقوات الأمنية وحرق للمنازل والبنوك وسقوط الكثير من القتلى في مدينة شيراز (مركز محافظة فارس) فجراً.

وتحدث البعض عن تنفيذ إضراب عام في مدينة مريوان (في محافظة كردستان) بعد ليلة دامية أطلق خلالها الرصاص الحي بكثافة على المحتجين.

وانتشرت أنباء عن حدوث مواجهات أيضاً في مدينة معشور العربية الإيرانية التابعة لمحافظة خوزستان.

كذلك بثت بعض الحسابات رسائل صوتية، وصفتها بـ"مناشدة المواطنين في طهران لمنظمات حقوق الإنسان التدخل ومساعدتها في مواجهة القمع والقتل على أيدي النظام الإيراني".

قطع الإنترنت

ويتعذر التحقق مما يحدث على الأرض في إيران نتيجة التقييد الذي فرضته السلطات على خدمات الإنترنت، منذ أيام.

وأكد مرصد "نتبلوكس"، صباح 20 تشرين الثاني/ نوفمبر، استمرار انقطاع الإنترنت بشكل شبه كلي منذ 75 ساعة، "عزلت خلالها إيران تماماً عن العالم".

وتحدث نشطاء عن استمرار الحجب التام للخدمة نحو 90 ساعة.

بعد خامنئي، زعم روحاني انتهاء الاحتجاجات في إيران والانتصار على الأعداء بإفشال "المؤامرة الصهيوأمريكية"… ما مدى صحة ذلك؟
يخشى مراقبون من أن يكون الحديث عن انتهاء الاحتجاجات، في وقت تُعزل فيه إيران عن الخارج ويُمنع فيه المتظاهرون داخل مناطقهم من التواصل مع أبناء المناطق الأخرى، هو سياسة لممارسة قمع عنيف ضد الاحتجاجات بعيداً عن أعين العالم

وسبق أن أوضح المتحدث باسم الحكومة، علي ربيعي، أن عودة الإنترنت مرهونة بـ"إرساء الأمن في المدن الإيرانية والتثبت من عدم إساءة استخدامه"، زاعماً أن البعض استخدمها في "إذكاء التظاهرات العنيفة التي نجمت عن الاحتجاجات المتواصلة ضد رفع أسعار البنزين".

لكن ديفيد كاي المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بشؤون التمتع بحرية الرأي والتعبير، حذر في 20 تشرين الثاني/ نوفمبر، في تصريحات لشبكة "سي أن أن"، من أن "تأثير ذلك (قطع الإنترنت) كبير للغاية، لأنه يجعل من التواصل بين الناس أمراً شبه مستحيل وكذلك التواصل مع الأهل والأصدقاء خارج البلاد، ويجعل من قدرة الناس على الحصول على المعلومات أمراً مستحيلاً".

ونقل عن وزير الاتصالات الإيراني قوله، في 20 تشرين الثاني/ نوفمبر: "لا علم لدي بتوقيت عودة الإنترنت للبلاد، لكنه سيعود حتماً في وقت قريب".

قمع شديد

وفي الأيام الماضية، انتشرت أنباء موثقة بمقاطع مصوّرة عن بعض أعمال القمع الشديد للتظاهرات، عبر نشطاء إيرانيين وتقارير حقوقية. وكانت منظمة العفو الدولية قد أكدت، في 19 تشرين الثاني/ نوفمبر، مقتل نحو 106 محتجين في 21 مدينة خلال التظاهرات المعترضة على رفع أسعار الوقود.

وأوضحت أن قناصةً أطلقوا النار على الحشود من أسطح المنازل، ومرات عدة من طائرة هليكوبتر.

ولفتت المنظمة الحقوقية إلى أن إحصاءاتها المتعلقة بضحايا الاحتجاجات استندت إلى إفادات موثوق بها من شهود ومقاطع فيديو تم التحقق منها ومعلومات من ناشطين حقوقيين.

ورجّحت أن يكون "العدد الحقيقي للقتلى أكثر من ذلك، إذ ثمة تقارير تشير إلى مقتل نحو 200" قتيل.

وشددت على أن الأنباء الواردة من إيران "تكشف نمطاً مروعاً من القتل غير المشروع بأيدي قوات الأمن الإيرانية التي اعتمدت القوة المفرطة والمميتة لسحق احتجاجات سلمية إلى حد بعيد".

وبيّنت أن السلطات لم تعِدْ بعض الجثامين إلى أسرها وأجبرت عائلات أخرى على دفن جثث أقربائها سريعاً من دون أن تتولى جهة مستقلة تشريحها.

في سياق متصل، كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة عن تلقّيه تقارير عن مقتل العشرات في الاحتجاجات الشعبية الإيرانية، معرباً عن قلقه بشأن استخدام قوات الأمن الذخيرة الحية.

ووصف المتحدث باسم المكتب في جنيف روبرت كولفيل الوضع في إيران بأنه "كبير وخطير للغاية و(العنف) منتشر في أنحاء البلاد".

وكان الحرس الثوري الإيراني قد هدد، في 18 تشرين الثاني/ نوفمبر، المحتجين المناهضين للحكومة بـ"إجراء حاسم" إذا لم تتوقف الاضطرابات. ووثقت تقارير نزول عناصر ميليشيا الباسيج، وهي جزء من منظومة ولاية الفقيه والحرس الثوري، إلى الشوارع لقمع المحتجين.

وفي اليوم التالي، أعلن المتحدث القضائي غلام حسين إسماعيلي أنه "عاد الهدوء إلى البلاد"، كاشفاً عن اعتقال نحو ألف من "مثيري الشغب".

وأفادت وكالة أنباء فارس الإيرانية، شبه الرسمية، في 20 تشرين الثاني/ نوفمبر، بأن عدداً من "قادة" الاضطرابات الأخيرة في البلاد "مزدوج الجنسية"، لافتةً إلى أن بعضهم مواطنون ألمان وأتراك وأفغان. وأكدت أن "معدات تخريب خاصة صودرت منهم".

ويخشى مراقبون من أن يكون الحديث عن انتهاء الاحتجاجات، في وقت تُعزل فيه إيران عن الخارج ويُمنع فيه المتظاهرون داخل مناطقهم من التواصل مع أبناء المناطق الأخرى، هو سياسة لممارسة قمع عنيف ضد الاحتجاجات بعيداً عن أعين العالم.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image