"نه غزة، نه لبنان، جانم فداى إيران"... أظهر فيديو مسجل جمعاً من الإيرانيين وهم يرددون الهتاف. انتشرت الكلمات سريعاً على وسائل التواصل الاجتماعي، ليس الإيرانية وحسب، بل أيضاً في دول عديدة مرفقة بترجمة لها: "لا غزة ولا لبنان روحي فداء لإيران".
#فوری: «نه غزه، نه لبنان، جانم فدای ایران»#مشهد - ۲۴ آبان ۹۸
مشهدیها در اتحادی مثالزدنی از ساعاتی قبل بلوار وکیلآباد را به طور کامل بند آوردهاند. pic.twitter.com/9MNjvfbBVg— Iran Revival | فَرَشگَرد (@iranfarashgard) November 15, 2019
لم تكن الجملة وحدها ما شدّ المتابعين الخارجيين لما يجري في إيران، بل توسع التظاهرات السريع في الداخل الإيراني على خلفية اقتصادية وجد فيها هؤلاء سياقاً مشابهاً لسياقات عربية مختلفة، تحديداً في العراق ولبنان حيث تستمر التظاهرات لأسباب عديدة أساسها كان السبب المعيشي، كما رأوا فيها تحدياً للسياسة الإيرانية التي اشتكى عراقيون ولبنانيون من "تدخلها" في بلادهم.
اجتمع الاقتصادي مع السياسي في لحظة حملت دلالات كثيرة، يقول فيها إيرانيون لقيادتهم: "نحن أولى بالأموال التي تدفعونها للخارج"، ويقول فيها عراقيون بشكل أساسي: "لا نحتاج وصايتكم" كما حصل لدى الهجوم على القنصلية في بغداد، ويقولها معهم لبنانيون.
لم تكن المرة الأولى التي يوجّه فيها إيرانيون هذه الرسالة لقيادتهم، ففي تظاهرات شهدتها البلاد مطلع العام الماضي كانت الأكبر بعد سبع سنوات خرج الشعار نفسه مصحوباً بشعارات مشابهة كـ"دعوا سوريا وشأنها، فكروا بنا".
بعد التدبير المفاجئ... احتجاجات متصاعدة
بدأت الاحتجاجات في إيران مساء أمس، غداة إعلان - اعتُبر مفاجئاً من الحكومة الإيرانية - بزيادة أسعار الوقود خمسين في المئة أو أكثر، في خطوة جديدة قيل إنها تهدف إلى خفض الدعم المكلف الذي تسبب بزيادة استهلاك الوقود وتفشي عمليات التهريب.
وأوضحت "الشركة الوطنية الإيرانية لتكرير وتوزيع النفط" أن هذا القرار يرتّب على كل شخص يملك بطاقة وقود دفع 15 ألف ريال (13 سنتًا) لليتر، لأول 60 ليتراً من البنزين يتم شراؤها كل شهر. وسيُحسب كل ليتر إضافي بـ30 ألف ريال، فيما كان سعر ليتر البنزين المدعوم من الدولة، بـ10 آلاف ريال (أقل من تسعة سنتات).
وبحسب وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية، اندلعت التظاهرات في العديد من المدن مساء الجمعة، وقد وصفت بعضها بـ"الكبيرة" كما في مدينة سيرجان (وسط البلاد) حيث حاول أشخاص الهجوم على مستودع وقود وإحراقه ومنعتهم الشرطة. ومن المدن التي أشارت الوكالة إليها وشهدت احتجاجات مشهد وبيرجند والأهواز وعبدان وخرمشهر وماهشهر وشيراز وبندر عباس.
Iranians' anger towards their rulers for the sudden hike in fuel prices continues unabated.
— Masih Alinejad ?️ (@AlinejadMasih) November 15, 2019
This video is from Behbahan a town in Iran's oil-rich Khuzestan province.
They're chanting "We'll get what belongs to us. We won't accept more suffering"#IranProtest pic.twitter.com/vAS9kvW1it
وفيما قالت الوكالة إن التظاهرات توقفت ليلاً، عاد المحتجون إلى الساحات صباح اليوم.
وقد انتشر فيديو لأشخاص يقطعون شارعاً في طهران بسياراتهم بعدما أوقفوا محركاتها اعتراضاً على قرار الحكومة، فيما انتشرت صور من مدينة بهبهان، جنوب غربي إيران، قيل إن المحتجين فيها أضرموا النار في فرع لـ"المصرف الوطني".
فيديو لإضرام النيران في "المصرف الوطني" بمدينة #بهبهان، جنوب غربي #إيران#احتجاجات_إيران pic.twitter.com/d18EyXJu2S
— إيران إنترناشيونال-عربي (@IranIntl_Ar) November 16, 2019
وانتشر فيديو من تبريز قيل إنه اشتباك بين المتظاهرين والشرطة, في وقت تم تداول فيديو آخر لقمع متظاهرين بالغاز المسيّل للدموع.
Day 2, #IranProtests
— ????️ چهار فصل (@FourCzen) November 16, 2019
Clashes between protesters and security forces in Tabriz. #ایران #اعتراضات_سراسریpic.twitter.com/DKsq45iehZ
استخدام #الغاز_المسيل_للدموع ضد المحتجين في مدينة #كرمانشاه، غربي #إيران، والمحتجون يهتفون: "الموت لروحاني"#احتجاجات_إيران pic.twitter.com/30BoVnW5Qg
— إيران إنترناشيونال-عربي (@IranIntl_Ar) November 16, 2019
وتم تداول خبر عن متظاهرين في مدينة كرج (وسط البلاد) طالبوا بإسقاط نظام المرشد.
بموازاة ذلك، نشر حساب "إيران انترناشيونال - عربي" على تويتر إقرار قائمقام مدينة سرجان بمقتل أحد المتظاهرين يوم أمس، بعدما كانت وكالة الأنباء الطلابية (شبه الرسمية) نقلت خبر وفاته (مع التحفظ عن تحديد السبب المباشر) وإصابة عدد آخر من المحتجين.
قائمقام مدينة سيرجان الإيرانية يقر بمقتل أحد المحتجين على يد القوات الأمنية، مساء أمس#احتجاجات_إيران pic.twitter.com/FBsBFur5Qd
— إيران إنترناشيونال-عربي (@IranIntl_Ar) November 16, 2019
بين مؤيد ورافض
قدم المسؤولون تعديل أسعار الوقود باعتباره إجراءً ستوزع أرباحه على العائلات التي تواجه صعوبات، في بلد نفطي يفترض أن يواجه اقتصاده الذي تخنقه عقوبات أمريكية انكماشاً نسبته 9 في المئة.
أظهر فيديو مسجل جمعاً من الإيرانيين يرددون الهتاف. انتشرت الكلمات سريعاً مرفقة بترجمة لها: "لا غزة ولا لبنان روحي فداء لإيران"... احتجاجات الإيرانيين تتوسع وأسعار الوقود كانت الشرارة
"واحد من أكثر الإجراءات تشدداً لإدارة الأزمة الاقتصادية الناجمة عن العقوبات الأمريكية، وقد أُريد له أن يبقى مفاجئاً لأن ردة الفعل عليه متوقعة"... بدأت التحليلات حول احتجاجات إيران على خلفية أسعار الوقود، فما الذي يجري على الأرض؟
ويأتي الإجراء قبل أشهر قليلة من الانتخابات التشريعية (المقررة في شباط/ فبراير المقبل)، وقد أوضح الرئيس حسن روحاني أن العائدات من هذه التدابير ستعود بالفائدة على نحو ستين مليون إيراني.
من جهته، أوضح رئيس منظمة التخطيط والميزانية محمد باقر نوبخت أن الإجراء أقره المجلس الأعلى للتنسيق الاقتصادي الذي يضم الرئيس ورئيس مجلس الشورى ورئيس السلطة القضائية.
ووصف السياسي المحافظ أحمد توكلي الزيادة بأنها "ستنقل عبء عدم كفاءة الحكومة إلى كاهل الشعب"، بينما اعتبر الإصلاحي مصطفى تاج زادة أنها "خيار سيىء" تزامناً مع تنامي التضخم والبطالة والعقوبات.
في المقلب الآخر، علقت صحيفة "نيويورك تايمز" - التي كتبت مراراً مع بدء تظاهرات إيران والعراق عن مخاوف إيران من انتقال الاحتجاجات إلى أرضها - بالقول إن هذا الإجراء واحد من أكثر الإجراءات تشدداً لإدارة الأزمة الاقتصادية الناجمة عن العقوبات الأمريكية، وقد أُريد له أن يبقى مفاجئاً لأن ردة الفعل عليه كانت متوقعة.
ونقلت الصحيفة عن المحلل الإيراني في "مجموعة أوراسيا للاستشارات السياسية في واشنطن" هنري روما قوله: "من الواضح أن هذا القرار اتُّخذ في منتصف الليل، ليصبح ساري المفعول، قبل عطلة نهاية الأسبوع مباشرة، وهو ما يعكس مخاوفهم بشأن آثاره السياسية".
وقالت الصحيفة، وتحديداً كاتبا المقال فرناز فسيحي وريك غلادستون، إن احتجاجات إيران كغيرها في العراق ولبنان بدأت في سياق إحباط اقتصادي وسرعان ما رفع بعض المحتجين أصواتهم ضد النظام.
قال تاجر وقود في طهران: "كل هذه التدابير في إيران تحمل رسالة واحدة: الخزينة فارغة ويريدون تعبئتها من جيوب الناس".
ونقلت عن محللين مختصين في مجال الطاقة قولهما إن روحاني كان معارضاً للإجراء، لا سيما وسط المخاوف من ردة الفعل عليه وتوقيته بالتزامن مع تظاهرات العراق ولبنان، لكن المرشد الأعلى علي خامنئي كان له الكلمة فيه.
وقال تاجر وقود في طهران: "كل هذه التدابير في إيران تحمل رسالة واحدة: الخزينة فارغة ويريدون تعبئتها من جيوب الناس".
وعلق اقتصاديون على الإجراء بأنه لن يحقق ما يهدف إليه أصحابه لأن الزيادات في الأسعار ليست كبيرة بما يكفي لإعطاء الحكومة دفعة مالية كبيرة- تقدر بنحو 800 مليون دولار في السنة- لكن بالنسبة للإيرانيين العاديين ، فإن النفقات الإضافية تولد الاستياء وفقدان الثقة.
رضا بهلوي ومريم رجوي والدعوات المتوقعة
وكما في تظاهرات العام الماضي، برز في التظاهرات الجارية اسما رضا بهلوي ومريم رجوي.
هما معارضان، بما يحمله الأول من نوستالجيا حكم والده الشاه وعلاقته الجيدة غربياً، والثانية بسبب زعامتها لـ"منظمة مجاهدي خلق" الممتدة بين المنافي الأمريكية والأوروبية والمدعومة من جهات معادية للنظام الإيراني.
A regime that came to power promising free water & electricity, has given free oil to its fellow dictatorships and nothing more than poverty and suffering to Iranians. The only solution is the removal of this criminal, anti-Iranian regime. We must believe in our power & strength. https://t.co/QDVqE5QXAR
— Reza Pahlavi (@PahlaviReza) November 15, 2019
وانتقد بهلوي، نجل شاه إيران ووالدته فرح ديبا بلهوي، بشدة، النظام الإيراني على خلفية الاحتجاجات المتصاعدة. وقال: "النظام الذي وعد المواطنين بمجانية الماء والكهرباء أنفق النفط على مؤيديه من غير الإيرانيين، وجعل الفقر والمعاناة مجّانين للإيرانيين".
وانتقدت رجوي النظام "الذي تسبب بجعل الكادحين أكثر فقراً"، وقالت: "نظام خامنئي وروحاني ومختلسي آلاف المليارات ينهبون ثروات الشعب ويبددونها في إشعال الحرب والمشاريع اللاوطنية والصاروخية…".
I call on the young people in #Khuzestan & in other provinces to join the ranks of the protesters. This is the only way to get rid of high prices, poverty, inflation & calamities the mullahs’ regime has inflicted on the Iranian people. #Iran #IranProtests
— Maryam Rajavi (@Maryam_Rajavi) November 15, 2019
رجوي وبهلوي يتجاهلان عادةً في تصريحاتهما تأثير العقوبات الأمريكية في بلادهما، في وقت يميّز متابعون في تعليقاتهم بين الإيرانيين الغاضبين في الشوارع وبين من يستغل الأزمة لمآرب سياسية، قاصدين بهلوي ورجوي ومتابعينهما.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...