اعتقد المعارض الإيراني روح الله زم أنه لدى دخوله إلى العراق سيتمكن من لقاء مواطنيه بعيداً عن عيون سلطات بلاده التي فر منها، متجاهلاً الحقيقة التي يعيشها العراق اليوم، وهو تحوله إلى ولاية تابعة لطهران.
فقد أعلنت العلاقات العامة للحرس الثوري الإيراني في بيان في 14 تشرين الأول/أكتوبر اعتقالها المعارض الإيراني البارز روح الله زم مدير موقع "آمد نيوز" المهتم بقضايا سياسية داخلية إيرانية كشفت الكثير من ملفات الفساد في إيران ولعبت دوراً مهماً في تحريك الشارع الإيراني في احتجاجات كانون الأول/ ديسمبر2017.
المعارض زم كان يصف نفسه بأنه "المدير الحقيقي للإذاعة والتلفزيون الإيراني"، حين أشار بشكل ساخر في عدة مناسبات إلى متابعيه بالملايين في إيران في الوقت الذي يُهجر فيه التلفزيون الرسمي لابتعاده عن هموم الشعب، لذا فإن اعتقاله بالنسبة للسلطات في إيران أمر في منتهى الأهمية يثبت قوتها الاستخباراتية خارج حدودها.
عرض التلفزيون الإيراني مساء 14 تشرين الأول/أكتوبر فيديو يظهر فيه المعارض زم مكبلاً في البداية ثم جالساً أمام الكاميرا لينطق باعترافه بالندم ويدعو مواطنيه لعدم الثقة بالدول التي تظهر عداءً لإيران كفرنسا وإسرائيل وأمريكا وتركيا والسعودية.
عقب هذا الفيديو الذي قطع الشك باليقين باعتقال المعارض زم، انتشرت في الصفحات الإيرانية تحليلات مختلفة عن اعتقاله في وقت كانت أجهزة النظام الإيراني الإعلامية تنشر إشاعات عن كشف شبكة تجسس يديرها المعارض زم لإرعاب المتعاونين معه داخل إيران وخارجها.
روايات ونفي عراقي
الروایة الأولى لاعتقال روح الله زم كشفت عنها صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية حين تحدثت عن استدراجه نحو مدينة النجف في العراق بهدف لقاء المرجع الشيعي آية الله السيستاني، لكن المكتب الإعلامي لهذا المرجع نفى مباشرة أي علاقة له مع المذكور وعدم وجود موعد مرتب له سابقاً.
الرواية الثانية التي بثتها قناة الميادين في 16 تشرين الأول/ أكتوبر عن مصادرها الكردية، تفيد بأن اعتقال المعارض الإيراني زم نفذ في محافظة أربيل الحدودية مع إيران. المصدر الكردي تحدث عن متابعة الأمن الإيراني على مدى عامين لملف المعارض زم من دون أن يوضح ماهية التعاون بين الجهة العراقية الكردية والجهة الإيرانية. وما إن مضت ساعات حتى نفت وزارة الداخلية في إقليم كردستان العراق معرفتها باعتقال المعارض في أربيل.
العراق أفضل مكان للعمليات الأمنية الإيرانية
بغض النظر عن الرواية الحقيقية لاعتقال المعارض الإيراني روح الله زم، الواضح أن العراق هو أرض العملية، في الرواية الأولى تم الخطف أو الاعتقال في النجف. وفي الرواية الثانية تم في أربيل. استخدام تعبير الخطف من قبل زوجة زم الإيرانية مهسا رازاني في تصريحاتها الصحافية لم يكن دقيقاً جداً، فالواقع الميداني في العراق يعكس توغلاً واضحاً للأجهزة الأمنية والعسكرية الإيرانية وقدرتها على فرض الأوامر في أغلب المدن العراقية، تساندها في هذا الأمر ثلة من التشكيلات العسكرية والأمنية الموصوفة بالعراقية والتي تأسست في طهران بأموال إيرانية وعناصر من "المعاودين" وهم عراقيون من أصول إيرانية أو ذوو أهواء إيرانية، كالشهير أبومهدي المهندس في الحشد الشعبي والشهير الآخر أكرم كعبي في حركة النجباء.
بغض النظر عن الرواية الحقيقية لاعتقال المعارض الإيراني روح الله زم، الواضح أن العراق هو أرض العملية، في الرواية الأولى تم الخطف أو الاعتقال في النجف، وفي الثانية تم في أربيل
التشكيلات العراقية الإيرانية يقول مراقبون إنها المسؤولة الأولى عن اعتقال المعارض الإيراني روح الله زم، وتنصل الجهات الرسمية في بغداد وأربيل من مسؤوليتها سببه عدم سيطرتها على كامل أراضيها
الأذرع الإيرانية في العراق لا تتجلى في مقعد حكومي أو برلماني بل في تشكيلات عسكرية تشبه من حيث القواعد والأهداف الحرس الثوري وتمضي باتجاه ستتحول فيه إلى دولة داخل دولة. ومثل الحرس الثوري في إيران ستكون هذه التشكيلات في العراق أيضاً.
الواضح أن التشكيل الأقوى هو الحشد الشعبي الذي ظهر بطلاً مضحياً في محاربة داعش، واليوم يمضي نحو الدخول في معترك الحياة السياسية في العراق، هذه التشكيلات العراقية الإيرانية يقول مراقبون إنها المسؤولة الأولى عن اعتقال المعارض الإيراني روح الله زم، وتنصل الجهات الرسمية في بغداد وأربيل من مسؤوليتها سببه عدم سيطرتها على كامل أراضيها، فهناك جهات تعمل في الظل ولا يمكن للحكومة في بغداد أو إقليم كردستان العراق التحكم بها.
استقلال العراق "خيانة لطهران"
التظاهرات الأخيرة في العراق عكست حقيقة الواقع بين شعب يطالب بخدمات وبمحاسبة رموز الفساد وبين مسؤولين مورطين بالفساد وأجهزة أجنبية تتحرك على أرض العراق مهمتها قمع المعارضين.
رفع الشعارات المناهضة لإيران في العراق قوبل بالتخوين "كيف تعض اليد التي ساعدتك بدحر داعش؟”. فهل مقابل المساعدة في دحر داعش هو تحويل العراق إلى مصيدة إيرانية لمعارضي طهران في المنطقة؟ وكم مرة ستدفع بغداد لطهران مقابل “مساعدتها”.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين