شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
فوضى وقلق... مصر تستبدل

فوضى وقلق... مصر تستبدل "التوكتوك" بسيارة "ميني فان"

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

السبت 12 أكتوبر 201902:18 ص

في بدايات 2005، ظهر "التوكتوك" داخل الأحياء الشعبية في القاهرة الكبرى، ثم توغَّل في أنحاء مصر، وتسللت الجرأة إلى قلب أصحابها، فقادوها على الطرق السريعة التي تندر فيها الكمائن الأمنية، وبدأت بعد ذلك المشاكل بين الإدارات المحلية، وشرطة المرور مع أصحاب "التكاتك".

بعد مرور 14 عاماً، أعلنت الحكومة المصرية البدء في إجراءات استبدال مركبات "التوكتوك" بسيارات "ميني فان"، مع وضع آليات لعمل السيارات الجديدة.

رحَّب ياسر مصطفى (27 عاماً)، بفكرة استبدال "التوكتوك" بـ"ميني فان"، الأمر من وجهة نظره سيقنّن وضع السائقين، يقول: "أنا أعمل على التوكتوك منذ 4 سنوات، بدأت أعمل عليه 8 ساعات يوميا، ثم اشتريت توكتوك بالتقسيط، حتى أستفاد بأقصى قدر من العائد الذي أجنيه يومياً".

يجني سائق التكتوك نحو 200 جنيهاً خلال 8 ساعات، يحصل على مائة، والباقي لصاحب المركبة، يضيف مصطفى لرصيف22، "وردية التوكتوك بتتحسب على كذا حاجة، أولها عمر التوكتوك ونظافته وإمكانياته، وتبدأ وردية العمل من 60 إلى 100".

"مش حادفع رشاوي لأمين الشرطة"

يرى مصطفى أن الاستبدال والتقنين سيمحوان الصورة الذهنية التي تكوّنت لدى الكثيرين عن سائقي التوكتوك، موضحاً: "الناس واخدة فكرة عن سائق التوكتوك بأنه يتعاطى البرشام والمخدرات، وبلطجي، وهذا بالفعل موجود، لكن ليس الجميع هكذا، أنا كنت بادرس في معهد تجاري أثناء عملي على التوكتوك، لكني كنت أجد نظرة دونية من كل شخص يعلم أني سائق توكتوك، وبطلت أقول مهنتي أمام الغرباء".

خلال جولة في مناطق يزداد فيها انتشار "التوكتوك"، في محافظتي القاهرة والجيزة، منها مناطق الهرم، وفيصل، وإمبابة، والسيدة زينب، والنهضة، تباينت الآراء بين الموافق والمعارض، إذ إن المعارض يخشى التقنين أو استبدال التوكتوك بعربة، خوفاً من المتابعة، سواء في الضرائب أو التراخيص السنوية، أما الموافق فمن أجل المحافظة على التوكتوك من السرقة، وحتى لا يُحجز من قبل مسؤولي الحي أو قسم الشرطة بسبب عدم قانونيته، وتُحسب عليه غرامة بآلاف الجنيهات.

"الناس واخدة فكرة عن سائق التوكتوك بأنه يتعاطى البرشام والمخدرات، وبلطجي، وهذا بالفعل موجود، لكن ليس الجميع هكذا، أنا كنت بدرس في معهد تجاري أثناء عملي عليه"

"أنا عن نفسي مع قرار الاستبدال لأني مش هدفع فلوس ورشاوي ولو خرجت على شارع عمومي فيه أمين شرطة أو ضابط"

يقول مصطفى، وهو يعمل في مناطق عدة داخل إمبابة والوراق: "أنا عن نفسي مع قرار الاستبدال لأني مش هدفع فلوس ورشاوي، لو خرجت على شارع عمومي فيه أمين شرطة أو ضابط، في مرة التوكتوك اتاخد، ودفعت 5 آلاف جنيه غرامة، إنما لو مرخص هقدر أمشي في أي مكان، ومحدش يقدر يعملي حاجة".

"لو يوم عطلت مش هناكل"

يعمل عماد رفعت (31 عاماً)، سائقاً على التوكتوك كوظيفة ثانية، وذلك عقب الانتهاء من العمل في وظيفة حكومية لجني بعض المال، يقول لرصيف22: "أنا لست صاحب توكتوك لكني أعمل عليه 8 ساعات وأيام 12 ساعة، يمكن العائد يصل إلى 150 جنيه يومياً، لا أعرف عقب قرار السحب من سيعوضني عن الأيام التي ستكون بين السحب وتسليم الميني فان لصاحبها، إحنا لو يوم عطلنا أو حصلتلنا مشكلة مش هنلاقي ناكل".

من مميزات التوكتوك أنه يستطيع الدخول إلى الأماكن الضيقة والوعرة والمسافات القصيرة، فبحسب رفعت الذي دخل سوق التكاتك منذ 6 سنوات، غالبية رواده من كبار السن والموظفين، ينقلهم من مواقف الميكروباص إلى محل سكنهم.

يقول رفعت لرصيف22: "إذا وضع لي خط سير عقب التقنين كيف سيصل هؤلاء إلى بيوتهم، هم ليسوا متضررين، الضرر في التقنين لكن الاستبدال لن يفيد".

"المشوار يبدأ من 2 جنيه إلى عشرين جنيهاً، أوصل فيها الزبون إلى المكان الذي يريده في أسرع وقت حتى لو الدنيا زحمة، هدخل حارة ثم عطفة حتى أصل، والزبون راضي وموافق يديني العشرة جنيه، لأنه عارف أني بسهل عليه وقت ومسافة كبيرة مفهاش مواصلات، أنا وهو سنتأثر بسحب التوكتوك".

أما بالنسبة إلى بعد الاستبدال، يقول رفعت: "وطبعاً العربية الفان دي مش هتشتغل كدة لأنها سبعة راكب، وسعرها 120 ألف. هل هروح مشوار مخصوص بجنيهين أو عشرة جنيه براكب واحد، أنا شايف أنه لا".

"عشوائية وسبوبة"

يقول محمد منعم (33 عاماً)، إن استبدال التوكتوك بسيارة فان بدأت بعشوائية، لم تعلن الحكومة عن آليات الاستبدال، العملية مطلوب منها تجميع فلوس وليس حل مشكلة زحام. هي سبوبة زي دهان المحال والمثلث الأصفر للسيارات".

"أنا موافق على خطة الإحلال والتجديد التي طرحتها الحكومة، لكن كم ستحصل مني الدولة شهرياً مقابل تقسيط المبلغ وأنا بالفعل أدفع قسط للتوكتوك، يعني بدفع قسط 1500 جنيه ونفرض هدفع قسط 1500 أيضاً، في نهاية الشهر مبلغ كبير جداً، ده غير فلوسي ومصاريف المكنة"، يقول محمد لرصيف22.

ويتابع: "يوجد مشكلة أخرى، هل ستعامل الدولة الإصدارات الحديثة بالقديمة، كيف سيعاملني المثمن وأنا صاحب توكتوك إصدار 2018 حديث بـ50 ألف جنيه هل سيساويني بمن يملك توكتوك منذ 2008؟ أنا أعتقد أن الحكومة ستخسف بسعر التكاتك إلى الأرض".

قبل أن تبدأ الحكومة في استبدال "التوكتوك" سمحت للمرخص منهم السير في القري والنجوع، وحظرت السير في الشوارع الرئيسية.

يؤكد منعم فرضيته بأن الخطة الحكومية لاستبدال التوكتوك ليست مجدية، بأن مركبته "التوكتوك" حجزت منذ أسبوعين، ودفع نحو 12 ألف جنيه كغرامة من أجل الإفراج عنها، متسائلاً: "إذا كانت الخطة حقيقية وعملية لماذا تفرج عن التوكتوك وتجعلني أدفع 12 ألف، خده وأعمل إحلال وتجديد، لكن الغريب أن الحكومة تنزل قرار وتقعد تسحب التكاتك وتدفعهم غرامات، ده بيثبت العشوائية في القرار".

"الحكومة بتنزل القرار، وتسحب التكاتك، وتدفعهم غرامات، وده يثبت العشوائية".

وينتصر ماجد محمد، شاب في بداية الثلاثينات، لفكرة استبدال التوكتوك، ويرى أنها ستقضي على الفوضى التي يحدثها في الشوارع الرئيسية والكباري، يقول متابعاً لرصيف22: "بعيد عن الفوضى، التكاتك ليها سوق اقتصادي غير رسمي وغير معروف بالنسبة للدولة، في ظلم لأصحاب العربيات بيدفعوا تراخيص وبيروحوا المرور وأصحاب التكاتك بيكسبوا من غير مراقبة وحساب".

بينما ترفض نعيمة جمال (52 عاماً) فكرة استبدال التوكتوك بسيارة "ميني فان"، الأمر بالنسبة لها سيكون سيئاً جداً لما تعانيه من آلام في ركبتيها، تقول لرصيف22: "أنا دلوقتي بأجي من الشغل ومبقدرش أطلع سلم العربيات وبعد كده أنزل وبعدين أمشي عشر دقايق عشان الموقف بعيد عن بيتي، مع أني بدفع لو ركبت ميكروباص 3 جنيهات أما لو توكتوك هدفع 5 لكن هينزلني قدام البيت من غير مشي وتعب".

وأضافت لرصيف22: "لو الحكومة مهتمة بالفئات التي تركب التوكتوك هتعرف مدى أهميته ليهم، لو في مريض بننزل نجيب توكتوك على طول يجي تحت البيت لو حد مستعجل على شغله بيركبه، لكن العربية الجديدة دي هتشغلوها أزاي".

الحكومة تخفض الاستيراد والتصنيع

ضمن مساعي الحكومة المصرية لإحلال "ميني فان" محل "التوكتوك"، عقد رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفي مدبولي اجتماعاً مع مصنعي "التوكتوك"، وذلك لخفض إنتاج "التوكتوك" تدريجياً، والبدء في تحويل خطوط إنتاجهم إلى عربات "ميني فان" التي تعمل بالغاز الطبيعي.

يُعدّ سوق مركبات "التوكتوك" في مصر معقداً، لأن الشركات تستورد أجزاء أساسية فقط، ويتم تصنيع نحو 35% منه داخل مصر، ويمر "التوكتوك" بعملية فك وتركيب وتجميع لدى التوكيل حتى يصل إلى المستهلك.

وتعمل الحكومة المصرية  على جذب أصحاب "التكاتك" لاستبداله سريعاً، وذلك بتوفير حوافز، قد يراها البعض غير فعالة، منها أن المركبة تعمل بالغاز الطبيعي صديق البيئة، كما أن السائق يمكنه وضع إعلانات على المركبة ستوفر له عائداً مادياً يمكن أن يسدد من خلاله أقساط المركبة، كذلك المركبة مرخصة وآمنة وإذا سرقت يستطيع الإبلاغ وتتبعها.

وقد رصد الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء تقريراً في العام 2018، نحو 3 ملايين "توكتوك" تعمل في مصر، منها 260 ألف مركبة مرخصة.

عملية استبدال "التوكتوك" ستكلف 360 مليار جنيه، وذلك من أجل استبدال نحو 3 ملايين "توكتوك" بسيارة "ميني فان" مرخصة، وتعمل بالغاز الطبيعي، إذ وصل متوسط سعر السيارة الميني فان 120 ألفاً.

الحكومة أعلنت أن عملية الاستبدال ستقضي على الفوضى في الشوارع، على الرغم من أن عدد المركبات نحو 3 مليون مركبة، وبالتالي ستكون في الشوارع ذاتها كنظيرة "التوكتوك"، فهل حقاً ستقضي على العشوائية، وتقلل من حجم مخاطر الركوب، أم أنها مجرد "سبوبة" تتحصل الدولة من سائقي "التكاتك" السابقين أموالاً، كما يراها البعض.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image