- "الغرباء الذين يبتسمون في وجهك عند التقاء العيون هامون جداً".
- عندنا اسمها معاكسة وتحرّش!
مقولة كُتبت على أحد الجدران بالإنجليزية، علقت عليها فتاة مصرية تدعى داليا على تويتر بالسخرية معتبرةً أن الابتسامة "معاكسة وتحرّش" في مصر وفي العديد من البلدان العربية.
وأثنى على ردّها شاب يدعى جمال ساخراً: "لو ضحكت (ابتسمت) لبنت هتفكرني بعاكسها ولو ضحكت لراجل هيشتمني ويقولّي بتضحك على إيه".
مواقع علمية عدة شرحت التحرّش جملةً وتفصيلاً موضحةً عناصره ولم تكن الابتسامة في أيٍ منها.
عدا التحرش الجنسي، اللفظي والكتابي، يقدّم موقع الحب ثقافة المعلوماتي أشكال التحرش الجسدي، مختصراً إياها بـ8 هي اللمس، والشدّ، والحكّ، واعتراض الطريق، والملاحقة والتتبع، والتحديق، وممارسة العادة السريّة، والكشف عن الأعضاء الجنسية علناً، وهو ما يُثبت أن الموضوع اجتماعي بحت.
"يعتمد على الجنسية"
الخوف من ابتسامة الغريب دبّ في شابة تدعى سارة خلف (22 عاماً).
إذا كانت في سيارتها وابتسم لها رجل، تُقفل الشبابيك، وتُسرع لتتخلص منه، بينما يرافقها هوسٌ بأنه يلاحقها. وإن كانت في مقهى وابتسم لها رجل أيضاً، تتوارى كي تتخلص من هذا الموقف الذي يربكها.
في محاولة لشرح الخوف، تروي خلف لرصيف22 موقفاً تعرضت له في آب/أغسطس الماضي في أحد مقاهي جبل عمّان في العاصمة الأردنية عمّان، قائلةً إن رجلاً يبدو أنه أربعيني ابتسم لها أثناء جلوسها مع صديقتها. أشاحت بوجهها لتفادي الموقف، وبعد نصف ساعة، التقت عينها بعينه وابتسم مرّة أخرى.
تقول: "خفت كثيراً خاصةً أن الغالبية العظمى من المجتمع الأردني ليست من النوع البشوش الذي يبتسم في وجه من يصادفه. أجبرت صديقتي على مغادرة المكان، ولم أدفع الحساب في مكاني بل ذهبت إلى الكاشير (صندوق المحاسبة) مباشرةً لأغادر في أسرع وقت".
أشارت خلف إلى أنها "لم تشعر ببراءة نظرته"، كاشفةً عن أنها سألت صديقتها عن رقم الشرطة "في حال لحق بنا".
من ناحية أُخرى، تقول خلف إنها لم تكن لتتصرف بالطريقة نفسها إذا ابتسم لها أحد في دبي، حيث تُقيم، مع تنوّع الجنسيات، مضيفةً "يعتمد الموضوع على الجنسية"، وهو ما يشير إلى خوفها من العرب على وجه الخصوص.
وتضيف أنها لا تمانع "فتح مواضيع" مع الرجال غير العرب في المصعد على سبيل المثال، وتتفادى أي حوار أو نظرات مع العرب. أما مع الفتيات فلا مشكلة لديها على الإطلاق.
"لا أبتسم للرجل العربي لأنه غالباً سيظن أن ابتسامتي دعوة جنسية"... لمَ الخوف من ابتسامة الغريب؟
"نظرةٌ، فابتسامةٌ، فسلامٌ، فكلامٌ، فموعدٌ، فلقاءُ"... هل يلخص بيت شعر أحمد شوقي الخوف من ابتسامة الغريب في مجتمعاتنا العربية؟
نظرة، فابتسامة، فسلام
"مجتمعاتنا تمنع الاختلاط، وإن حصل، فهناك قوانين أشبه بقيود حديدية على طريقة التعامل". هذا ما تقوله الطبيبة المصرية المُتخصصة في التعليم الصحي، علياء جاد، لرصيف22 مقدمة بيت شعر لأحمد شوقي لتلخيص نظرة المجتمع لابتسامة الغريب: "نظرةٌ، فابتسامةٌ، فسلامٌ، فكلامٌ، فموعدٌ، فلقاءُ"، وموضحةً أن "الخطيئة" في العديد من المجتمعات العربية "تبدأ بنظرة، تليها ابتسامة، فلقاء".
وأضافت: "الابتسامة 'ممنوعة' لدى البعض لأنها تدعو للتحرش، حسب العرف غير المكتوب". وأشارت إلى أن التحرش منتشر لأسباب عدّة، أهمها الكبت، ولذلك حين يرى الرجل أنثى في الشارع يعتبرها فرصة ذهبية.
ومختصرةً أفكارها، قالت جاد: "الابتسامة تصنف في مجتمعاتنا نوعاً من الدعوة للمزيد من التفاعل الإنساني بين رجل وسيدة".
ولفتت إلى أنها تبتسم للغرباء. غالباً للسيدات، وبالأخص الكبيرات في السن، أما الرجال، فحسب الجنسية أيضاً، مؤكدةً: "لا أبتسم للرجل العربي. للأوروبي، ابتسم نصف ابتسامة لأُحيّيه".
وأشارت جاد إلى بحث يكشف عن أن أفكار الشخص تختلف بحسب اللغة التي يفكر فيها، لافتةً إلى أن الأفكار تكون أكثر تحرراً حينما يتحدث الشخص بالإنجليزية مقارنةً بالعربية، وأن لغة الجسد ينطبق عليها الشيء ذاته، إذ يختلف تفسيرها بحسب المكان الذي يكون فيه الشخص.
لا تتحدثي مع الغرباء
غزل وليس تحرّشاً
"كيف نُغازل بدون تحرش؟"
جربتُ الابتسام في وجوه الغرباء لأسبوع
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...