شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!

"طالبات الحرية وضحايا العنف سجينات"... ناشطات عن الإصلاحات السعودية

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الثلاثاء 8 أكتوبر 201905:12 م

تدور مزحة في مصر تقول إن "السعودية انفتحت بينما تَسَعْوَدت مصر"، في إشارة إلى قرارات تصبّ في انفتاح المملكة العربية السعودية، منذ قرابة العامين، تسمح بحرية أوسع وأكبر للنساء، مثل السماح أخيراً بقيادة السيارة وعدم إلزام المرأة بارتداء العباءة في الأماكن العامة.

كان آخر هذه القرارات، ما صدر مؤخراً عن تعديل تأشيرة زيارة المملكة السعودية للمرأة الأجنبية، بما يسمح لهن بالزيارة دون الحاجة إلى وجود محرم، وكذلك حماية أكبر للفتيات اللاتي يسرن في الشوارع بدون حجاب، وهو الأمر الذي أطلق موجات من التأييد وأخرى رافضة خاصة من الشرائح الاجتماعية المحافظة.

وبينما لا تزال بعض الدول العربية لا تسمح للفتيات بالالتحاق بالجيش، أصدرت وزارة الدفاع السعودية قراراً يوم 4 من أكتوبر الحالي، عن فتح بوابة القبول والتجنيد للتقدّم على الوظائف العسكرية النسائية برتبة "جندي أول - عريف - وكيل رقيب - رقيب".

"قرارات تلميعية لفئة من النساء"

استطلع رصيف22 آراء ناشطات سعوديات، بعضهن رأى أن هذه القرارات ما هي إلا تلميع لوجه المملكة، ولإسكات المجتمع الدولي، وحتى يُقال إعلامياً إن السعودية أصبحت دولة منفتحة، يصحب ذلك أخبار تنتشر بشكل كبير في صحف ومواقع محلية عن لقاءات مع أول فتاة تقود سيارة في السعودية، وأول فتاة تسير بدراجة، وأول فتاة تسير بدون حجاب وغيرها.

بينما يرى فريق آخر أن الواقع في السعودية تغيّر فعلاً.

ملاك الشهري، ناشطة نسوية من السعودية مقيمة في أمريكا، تم اعتقالها عام 2016 بسبب خلعها للعباءة في الرياض وتوثيق ذلك عبر صورة وضعتها على حسابها بـ"تويتر"، وهي أول محاولة علنية لرفض الإجبار على ارتدائها، ترى أن القرارات الجديدة جيدة، ودلالة على أن صوت النساء مؤثر، وشددت على أن ما حدث هو ثمرة سنوات من المطالبات، ذهب ضحيتها "مناضلات" ما زلن في السجون بسبب هذه المطالبات.

"القرارات الجديدة جيِّدة، ونتيجة لمطالبات ناشطات لازلن في السجون".

تبيّن الشهري أن "الصورة ليست بيضاء تماماً"، فلاتزال هناك "عوائق" و"منغصَّات" عدة موجودة تعترض القرار، تقول لرصيف22: "فرحنا أكيد بقرار القيادة، لكن النساء اللي طالبن بهذا الحق، بعضهن إلى الآن ممنوع من الحديث والسفر، وفرحنا أكيد بقرار عدم الحاجة لتصريح ولي الأمر عند السفر، لكن ما يتضح الآن أن النساء مازلن غير قادرات على الاستقلال داخل بلدهن، ومازالت هناك قوانين، مثل التغيب والعقوق، تقف حاجزاً بين النساء وقرار استقلاليتهن".

وتلفت الشهري النظر لوجود "نقص" في قوانين الحماية من العنف ضد المرأة، كما لا تزال دور الرعاية تسجن الضحية بدلاً من سجن المعنّف.

ووصفت ملاك الشهري القرارات الجديدة بـ"التلميعية"، ولم يستفد منها إلا النساء اللواتي عندهن قدر من الحرية سابق للقرارات، حيث أعطتهن مجال حرية أكبر، لكن المرأة المقموعة التي تتعرّض لاضطهاد وليها مازالت تعاني، ولم يتغير واقعها، كما أن بعض النساء لا زلن غير فاهمات لكيفية استفادتهن من القرارات الجديدة، وبعض الجهات، مثل الجامعات، تحتاج لإذن ولي الأمر لخروج الفتاة من السكن الجامعي حتى وإن كان للعلاج.

"قرارات تلميعية تستفيد منها فئة من النساء عندهن قدر من الحرية سابق للقرارات، منحتهن حريّة أكبر، ولكن المرأة المقموعة من وليها لا تزال تعاني"
 "يتعامل رجال الأمن في دولة كالسعودية برقابة صارمة مع الانفتاح السياسي والثقافي، خارج الأطر المسموح بها محلياً، ما يجعل اختلاط الغربيين بالمواطنين عرضة للمساءلة أو الترحيل"

وتتفق معها "ميا"، اسم مستعار، ناشطة سعودية أسست مبادرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي لفضح المتحرشين، وتلقت عدداً من التهديدات عبر حساباتها، وتم غلق أحدها لمدة 6 أشهر، تقول لرصيف22، إن القرارات الأخيرة ما هي إلا مجرد "تلميع" لصورة الدولة في ملف المرأة السعودية، تحت شعار "إسقاط الولاية"، والولاية الحقيقية والتي تشكل عقبة في حياة المرأة السعودية لم تزل حتى الآن، منها بلاغات التغيّب والعقوق، فولي الأمر يملك الصلاحية برفع بلاغ تغيب أو عقوق حتى وإن كانت الفتاة ذاهبة إلى العمل.

"السعودية لسه ما انفتحت"

ترى "ميا" أن المرأة لا تزال غير قادرة على الاستقلال بالسكن، خوفاً من بلاغات التغيّب و"العقوق"، وتتمنى أن تعيش بكرامة مثلها مثل الرجل، وتتشكك في أن تكون هذه القرارات عاكسة لـ"انفتاح فكري"، تقول لرصيف22: "السعودية في الأصل لسه ما انفتحت.. نفسه انغلاق العقول مستمر".

وعن خطوة السماح بتجنيد الفتيات داخل الجيش السعودي، رأت "ميا" أنها "خطوة ممتازة" رغم تأخرها، وتمنت أن تكون مثل هذه التطورات الإيجابية في باقي الجوانب الأخرى، وتحدثت عن نفسها، أنها لولا أن طولها سيقف عقبة أمام فرصة اختيارها لكانت انضمت إليهم.

وثمَّنت القرارات السعودية الأخيرة من الناحية الاقتصادية، الناشطة النسوية هالة الدوسري، وهي إحدى المشاركات في تنظيم حملة 26 أكتوبر، وذلك عام 2013، لرفع حظر قيادة النساء للسيارات، شاركت مع أخريات، قدن سياراتهن في شوارع السعودية احتجاجاً على حظر قيادة النساء، كما تشغلُ منصب عضوة في الأكاديمية الصحية الأمريكية، وجمعية الصحة العامة الأمريكية.

أما خارج الاقتصاد، تقول الدوسري لرصيف22،  سيساعد على انفتاح الدولة داخلياً على ثقافات عالمية، وسيسهم في الحد من تطرف الأنماط الاجتماعية ضد النساء والأجانب، كما سيخلق وعياً أعمق بتعددية، وتنوع المجتمع السعودي، ومدى تواؤمه مع الواقع العالمي.

"غير مؤهلة لإقبال سياحي"

من ناحية أخرى، ترى الدوسري، التي كرّمتها "هيومن رايتس ووتش"، في حديث لرصيف22 أن الدولة ليست مهيأة بعد لإقبال سياحي مؤثر، نتيجة لضعف البنية التحتية في المواصلات، والمعلومات، والخدمات الخاصة بالسياح، وارتفاع التكلفة المرتبطة بالإعاشة، مقارنة بوجهات سياحية أخرى.

ولفتت الناشطة إلى أهمية "رجال الأمن" في المعادلة، حيث يتعاملون في دولة كالسعودية برقابة صارمة مع الانفتاح السياسي والثقافي خارج الأطر الضيقة المسموح بها محلياً، ما يجعل اختلاط الغربيين بالمواطنين أو عبر منصاتهم الاجتماعية الإلكترونية، عرضة للمساءلة أو الترحيل، لا سيما مع غياب القوانين المكتوبة، وتغليب القانون الإسلامي، فيما يخص الممارسات والسلوك العام هناك، بالتالي يوجد الكثير من الغموض حول حدود المسموح والممنوع للسياح عامة، والنساء خصوصاً.

"يوجد مقطع لسعودية في مول بدون حجاب، وفيه كتير بنات بعد".

أما سمية سعد، ناشطة سعودية في حملات على السوشيال ميديا تنتصر لحريات المرأة، فلا توافقهن الرأي، تقول لرصيف22: "أحس شي طبيعي وبتتطور السعودية، وان شاء الله ما فيه مشاكل، وأكيد بيتعودون على القرارات هذي، والقرارات الجاية".

كما اعتبرت سعد أن الانفتاح الفكري للمملكة، والذي سمح بحرية أكبر للفتيات، بات أمراً واقعاً، وقالت: "واقعي، وفيه مقطع لأول سعودية دخلت مول بالرياض بدون حجاب وعباءه، وفيه كثير بنات بعد".

القرارات الأخيرة أثرت على النساء المسلمات من أنحاء العالم، اللواتي كان لزاماً عليهن أن يصطحبوا "محرماً" في أدائهم لطقوس الحج والعمرة، تقول وفاء أبو السعود، في العقد الثاني من عمرها، تسكن في صعيد مصر لرصيف22: "أصبحت تأدية الحج والعمرة أكثر سهولة دون حاجة لوجود محرم قد يزيد من تكلفتها لأداء هذه المناسك تكلفة مضاعفة، حتى تكون مع شقيقها أو أحد أقاربها من الدرجة الأولى، حيث كانت تنص القوانين لزيارة المملكة على ذلك".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image