كشفت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، في 6 أيلول/ سبتمبر، عن حملة إعلامية سرية، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، انطلقت من القاهرة لتعزيز موقع القادة العسكريين في السودان، بعد الفض الوحشي للاعتصام السلمي أمام القيادة العامة للجيش السوداني مطلع حزيران/ يونيو الماضي.
وبحسب الصحيفة، قامت شركة تسويق رقمي غامضة تدعى "نيو ويفز"، مقرها العاصمة المصرية القاهرة، ويمتلكها ضابط سابق بالجيش يصف نفسه بالخبير في "الحرب الإلكترونية"، بعملية سرية للإشادة بالجيش السوداني عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
تأثير بالمال والخداع
ودفعت الشركة المصرية لـ"المجندين الجدد" 180 دولاراً شهرياً مقابل كتابة رسائل مؤيدة للجيش باستخدام حسابات وهمية عبر فيسبوك وتويتر وإنستغرام وتيليغرام، بعدما وجّههم "مدربون" إلى الوسوم التي ينبغي استخدامها والنقاط الواجب الحديث عنها.
وقيل للموظفين الجدد إن المحتجين، منذ إطاحة الرئيس عمر حسن البشير في نيسان/ أبريل الماضي، "نشروا الفوضى في السودان، ومطالبهم للديمقراطية خطيرة وسابقة لأوانها، ولا بد من استعادة النظام".
ووصل الأمر إلى أن أحد المدربين قال لهم: "إننا في حالة حرب. الأمن هش حالياً. على الجيش أن يحكم الآن".
وتٌعَدّ الجهود المصرية السرية لدعم الجيش السوداني عبر السوشال ميديا هذا الصيف، واحدة من حملات تأثير أوسع امتدت في تسع دول في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على الأقل، بحسب إدارة فيسبوك.
وجرى الكشف عن الحملة المصرية لدعم عسكر السودان، في 1 آب/ أغسطس الماضي، حين أعلنت إدارة فيسبوك عن غلق مئات الحسابات التي تديرها شركة "نيو ويفز" وشركة إماراتية تحمل اسماً مشابهاً، مشيرةً إلى أن الشركتين لجأتا إلى "المال والخداع والحسابات المزيفة" للتأثير في جمهورهما الذي يبلغ عدده نحو 14 مليون متابع على فيسبوك، والآلاف على إنستغرام.
هل للحكومة المصرية صلة بالأمر؟
نفى متحدث باسم فيسبوك، خلال مقابلة، أن تكون الشركة قد عثرت على أدلة كافية لربط هذه الحملات بالحكومة في مصر أو الإمارات. لكن، بحسب نيويورك تايمز، كان هناك الكثير من الإشارات على وجود هذا الرابط.
تقاعد صاحب "نيو ويفز" عمرو حسين، من الجيش المصري عام 2001 ويصف نفسه عبر صفحته على فيسبوك بأنه "باحث في حروب الإنترنت"، وهو معروف بتأييده الشديد للنظام المصري الحالي برئاسة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وحملاته لقمع حرية التعبير عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وتدار شركته من مشروع إسكان عسكري شرق القاهرة، ويحظر على العاملين فيها التحدث إلى الغرباء بشأن طبيعة عملهم.
سياسة "نيوويفز" تعد أيضاً استمراراً لنهج النظام المصري الحالي في السيطرة على النقاشات عبر الإنترنت، حيث حُجب، في عهد السيسي أكثر من 500 موقع إلكتروني، وأدخلت قوانين تجرم انتقاد الحكومة على وسائل التواصل الاجتماعي التي وصفها السيسي بأنها "تهديد للأمن القومي".
وتتقاطع هذه السياسة في جميع رسائلها مع أهداف السياسة الخارجية لكل من مصر والإمارات والسعودية، التحالف القوي الذي يتمتع بنفوذ هائل في جميع أنحاء الشرق الأوسط منذ عام 2011.
على الرغم من حظر تعاون موظفيها مع الصحافة، تحدث أشخاص على صلة بشركة مصرية عن دورهم في التأثير على الرأي العام السوداني وعن فتح حسابات إلكترونية زائفة بهدف دعم جنرالات السودان
مالكها "خبير في الحرب الإلكترونية" وكان ضابطاً في الجيش… ما قصة الشركة المصرية التي دعمت جنرالات السودان عبر حملة شنّتها حسابات إلكترونية زائفة؟
بين النفي والتأكيد
رداً على اتهامات فيسبوك، كتب حسين لنيويورك تايمز في رسالة نصية: "هذه شركة كاذبة وغير عادلة. لا علاقة لنا بالإمارات. لا أعرف ما الذي تتحدثون عنه"، رافضاً أي تعليق إضافي.
وكشف 4 أشخاص على صلة بالشركة للصحيفة الأمريكية عن طبيعة السياسة الداخلية لـ"نيو ويفز"، شريطة عدم الكشف عن هويتهم لحساسية القضية وتعلقها بالسلطات المصرية.
ولم يستغرب نشطاء سودانيون وجود "حملة" بعدما لاحظوا طفرة في آراء وتعليقات مواقع التواصل الاجتماعي المؤيدة للجيش، من بينهم المهندس السوداني المقيم في بوسطن محمد سليمان الذي قال: "كان هناك الكثير من الحسابات المزيفة". وأضاف سليمان المؤيد للاحتجاجات: "الأخبار الكاذبة مصدر خطر حقيقي على السودان. عندما تحدث ثورة في أي وقت، فإن إحدى أهم الأدوات التي يلجأ إليها النظام هي السوشال ميديا".
أما الشركة الإماراتية التي تحمل اسماً قريباً من اسم الشركة المصرية فهي "نيو ويف"، وتشير على موقعها الإلكتروني إلى أن عنوان نشاطها التجاري مجمع إعلامي مملوك للحكومة في أبو ظبي، وأن لديها 10 موظفين ومديرها العام هو محمد حمدان الزعابي.
ما أهمية الحملة؟
سعت الحملة التي أدارتها "نيو ويفز" بشكل رئيسي إلى خلق "توازن" مع الدعم الواسع للاحتجاجات الشعبية عبر مواقع التواصل الاجتماعي والتعليقات السلبية ضد الجيش السوداني الذي تولى الحكم فور إطاحته بالرئيس السابق عمر البشير في نيسان/ أبريل الماضي.
ويقول أحد المدربين من الشركة: "نفعل شيئاً كبيراً جداً، ومهماً جداً هنا. قديماً كانت الحروب تدار بالأسلحة. الآن باتت على وسائل التواصل الاجتماعي".
ودعمت مصر والسعودية والإمارات الجنرالات السودانيين منذ توليهم الحكم. وفيما قدم السعوديون والإماراتيون قرابة 3 مليارات دولار مساعدات مالية، وفرت مصر "الدعم الدبلوماسي"، وفق الصحيفة الأمريكية.
وعلى الرغم من كل هذا الدعم، ظلت السيطرة على مواقع التواصل الاجتماعي صعبة، لا سيما أنها عكست نبض الجماهير ونقلت للعالم حقيقة ما يجري على الأرض لحظة لحظة، ووثقت أيضاً لانتهاكات العسكر.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينرائع
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعربما نشهد خلال السنوات القادمة بدء منافسة بين تلك المؤسسات التعليمية الاهلية للوصول الى المراتب...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحرفيا هذا المقال قال كل اللي في قلبي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعبكيت كثيرا وانا اقرأ المقال وبالذات ان هذا تماما ماحصل معي واطفالي بعد الانفصال , بكيت كانه...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعينحبيت اللغة.