يضيف المغرب حالة اغتصاب فتاة قاصر أخرى إلى سجلّه الذي لم يجفّ الحبر عليه بعد. فكلّما جف قليلاً، كُتب اسم جديد. ويعود الاسم هذه المرة إلى طفلة وُلدت قبل خمسة أعوام، تم اغتصابها على يد زوج خالتها (40 عاماً).
في الإطار نفسه، نتذكّر الفتاة المغربية القاصر خديجة (17 عاماً) التي اختطفها 12 شخصاً، تراوح أعمارهم بين 18 و28 سنة تحت تهديد السلاح من أمام بيت خالتها في حزيران/يونيو 2018 واعتدوا عليها جنسياً مدة شهرين داخل كوخ.
وتحت التخدير، تناوب المعتدون على اغتصابها مرات عدة. وفي أنحاء متفرقة من جسدها، أطفأوا السجائر ونقشوا وشوماً مبتذلة على جسدها. وفي شهادتها، قالت خديجة إنها حاولت الفرار، لكن الخاطفين ضربوها واعتدوا عليها وتركوها من دون طعام، ولم يسمحوا لها حتى بالاستحمام طوال فترة اختطافها.
وقبل ذلك بثلاثة أشهر، تحديداً في آذار/مارس 2018، نُشر في العالم الافتراضي مقطع فيديو يُظهر مراهقاً يحاول تجريد فتاة قاصر تدعى خولة من سروالها بالإكراه لاغتصابها، وهي تصرخ وتطلب النجدة في مكان خالٍ، في حين كان صديقه يوثّق الواقعة من دون إدراك حجم جريمتهما التي هزّت الشارع المغربي آنذاك، قبل أن يلوذا بالفرار.
تقول والدة خولة، ضحية الاعتداء الجنسي، إنها "لو رأت المعتدي، لأكلته بأسنانها"، في حين طالب العديد آنذاك بـ"إخصاء" أو "إعدام" المغتصبين، فيما اقترح كثيرون إدراج الثقافة الجنسية في المناهج التعليمية، منهم الكاتب جواد مبروكي الذي قال إن "ما يقع في شوارعنا ما هو سوى مقياس لدرجة جودة التعليم والتربية المنزلية. فبأي مبادئ وقيم تشبّع هذا الشاب لكي يتجرأ على الاغتصاب في وسط الشارع وبمساعدة أصدقائه الذين يصورون مهارته في السعي وراء ممارسة الجنس والتفاخر بشدة فحولته".
ومع استمرار جرائم الاغتصاب التي تشمل القاصرات في المغرب، يأتي السؤال: كيف السبيل لقطع الطريق أمام المغتصبين وما العقوبات الرادعة بشأنهم؟
"لسنا أكثر ديمقراطية من الولايات المتحدة الأمريكية"… دعوات إلى إخصاء مغتصبي الأطفال مثلما يحدث في عدد من الولايات الأمريكية، هل تقلل من نسبة هذه الجرائم في الدول العربية؟
ماذا يقول الحقوقيون والصحافيون العرب أمام دعوات لتنفيذ عقوبتي إخصاء مغتصبي الأطفال أو إعدامهم؟ هل الإخصاء عقوبة "عادلة" أم أنها تكرار للتوحش؟ وكيف يمكن إنصاف الضحايا؟
إخصاء أو إعدام المغتصب؟
فيما يطالب العديد في المغرب بتطبيق عقوبة الإعدام أو الإخصاء على المغتصب ليكن عبرةً لغيره، يعارضها البعض بقوّة لاعتبارها "عقوبات غير إنسانية".
ينص القانون المغربي على معاقبة المغتصب بالسجن من 10 إلى 20 سنة، إذا كانت الضحية قاصراً، وتشدد العقوبة في حالة الافتضاض (فض بكارة) لتصل إلى السجن 30 سنة.
و
الإخصاء الذي يطالب البعض فيه، هو عملية تتم جراحياً أو كيميائياً، تُفقد الذكر وظائف خصيتيه، ويعود تاريخ هذه العقوبة إلى القرن الـ21 قبل الميلاد.
جراحياً، تتم إزالة الخصيتين أو ما يؤدى إلى ضمورهما، وهو ما يوقف إنتاج هرمون التستوستيرون، فلا تظهر الملامح الذكورية على وجه الشخص "المخصي"، كما تميل ملامحه وتصرفاته إلى الأنثوية، ويفقد الرغبة الجنسية تجاه الجنس الآخر. أما كيميائياً، فتحصل العملية من خلال جرعات من العقاقير التي يتم تناولها عبر أقراص أو عبر الحقن، والتي تؤدى بدورها إلى نتيجة الإخصاء الجراحي نفسها.
وتطبق عقوبة الإخصاء الكيميائي نحو 8 ولايات أمريكية منها ولاية ألاباما ولويزيانا وفلوريدا لمعاقبة المدانين بالاعتداء الجنسي على الأطفال الذين هم دون 13 عاماً، ويفرض القانون البدء بتناول عقاقير لتقليل الرغبة الجنسية قبل شهر من إطلاق سراح المعتدين من السجون.
ومن الدول التي تطبّق هذه العقوبة أيضاً إندونيسيا وكوريا الجنوبية. أما عربياً، فهي مجرّد مشاورات واقتراحات. وقد اقترح باحثون ونشطاء في تونس تطبيق عقوبة الإخصاء، بعد حادثة اختطاف فتاة قاصر (15 عاماً) وتناوب 5 أشخاص على اغتصابها.
ومن المطالبين بهذه العقوبة، الناشط والصحافي التونسي زياد الهاني
قائلاً "أظل متمسكا برفض عقوبة الإعدام، لكني بالمقابل أطالب المشرعين بتنقيح المجلة الجزائية لإضافة عقوبة 'الخصي الجراحي' للهمج المغتصبين"، معتبراً أنها أفضل طريقة لـ"حماية مجتمعنا، وردع الوحوش الآدمية التي لا تتحكم في غرائزها الدنيئة". وتابع: "(الإخصاء) أشنع من موتهم، وبعض الموت راحة، أن يُسجنوا ويعيشوا أذلاء منبوذين طول العمر جزاء على ما اقترفوه من جرم، وعبرة لمن يعتبر".
وفي المغرب،
طالبت رئيسة جمعيّة "ما تقيش ولادي"، نجية أديب، بإخصاء مغتصبي الأطفال، مشيرةً إلى أن العقوبات الموجودة في القانون الجنائي المغربي غير كافية للحد من هذه الظاهرة، وأن "الإخصاء هو ردع كل من تُسوّل له نفسه العبث بجسد طفل، خاصة أن هذا المطلب عبّرت عنه الكثير من أسر الضحايا".
و
تؤكد: "نحن شعب جاهل. أنا مع الإعدام، والإخصاء والبتر للمغتصبين. لسنا أكثر ديمقراطية من الولايات المتحدة الأمريكية".
أين العدالة في هذه العقوبة؟
في هذا السياق، يقول خبير حقوق الإنسان في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فادي القاضي، لرصيف22 إن "الإعدام عقوبة لا إنسانية ويجب رفضها في كل الأحوال حتى في حال مُرتكبي أبشع الجرائم"، مضيفاً: "لا نستطيع أن ندعي العدالة ونحن نقابل الجريمة بجريمة أخرى. إزهاق الأرواح ليس مسموحاً ويجب أن لا يكون ممكناً بموجب القانون".
وأشار إلى أن عقوبة الإعدام لا تسهم بالضرورة في ردع المُغتصبين، "مثلها مثل الجرائم الأخرى التي لم يردعها الإعدام"، على حد تعبيره.
أما عن عقوبة الإخصاء، فيقول إنها "درجة متقدمة من التعذيب والمعاملة القاسية واللا إنسانية"، مشبهاً إياها بـ"التمثيل بالجثث" وتعيد المجتمعات إلى ما قبل العصور الوسطى.
وأكد أنه ليست هناك عقوبة مثالية لمجازاة المغتصب، ولكن "يجب أن تضمن الإنصاف للضحايا بجدية وحزم بشرط أن لا تُفقد القانون جوهره الإنساني".
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...