شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
أشهر الرحالة العرب... أحدهم حفيد النبي والآخر مُلهم للسينما الأمريكية

أشهر الرحالة العرب... أحدهم حفيد النبي والآخر مُلهم للسينما الأمريكية

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رود تريب

الأحد 11 أغسطس 201902:51 م

في مستهل القرن الثالث الهجري وما تلاه، ظهرت لدى العرب فكرة التّجوال في البلاد، ورصدِ ما بها من أعاجيب، ووصف الأقاليم وتضاريسها، وطبيعة حياة الشعوب السياسية والاجتماعية والاقتصادية والدينية، وتدوينها في كتب أضحت فيما بعد أيقونة ومنهاجًا، ومرجعًا يعود إليه الباحثون عربيًا وغربيًا، وتُسطّر بشأنه العديد من المقالات والكتب.

رغم صعوبة التّجوال في الأراضي الوعرة والصحراء القاحلة، وعدم توافر سُبُل التواصل الموجودة حاليًا، كان هناك العديد من الرحالة العرب الذين استخلصوا من جولاتهم الشاقة علمًا يُشار إليه بالبنان.

ابن بطوطة، أمير الرّحّالة الذي عرَّفَنا برحلتِه ولم يعرِّفنا بنفسِه!

هو محمد بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن يوسف اللواتي، يُنسب إلى قبيلة لواتة، إحدى قبائل الأمازيغ، وينتمي إلى أسرةٍ تَقلّد أكثر أفرادها منصب القضاء. وُلد بمدينة طنجة المغربية في 17 رجب لعام 703هـ.

بدأ رحلته في الثاني من شهر رجب لعام 725هـ، وهو في الثانية والعشرين من عمره، عندما كان يتأهب لأداء مناسك الحجّ لأوّل مرّة في حياته. لكن هذه الرحلة التي بدأت بدافعٍ ديني تحوّلت إلى ترحال في الكثير من البلدان الواقعة في القارّات الثلاث (أفريقيا، وآسيا، وأوروبا)، دام لأكثر من تسعة وعشرين عامًا ونصف العام، قطع خلالها 121000 كيلو متر، ثم عاد ودوّن كتابه الشهير "تحفة النظّار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار".

ألهمت رحلةُ ابن فضلان رواية "آكلة الموتى" وفيلم "المحارب الثالث عشر (The 13th Warrior) من إخراج جون مكتيرنان. وقد جسّد أنتونيو باندرياس فيه شخصيةَ ابن فضلان، وإلى جواره كان عمر الشريف الذي أدّى دورَ المترجم

لم يرِدنا عن سيرة ابن بطوطة الشخصية سوى سطور يسيرة أوردها ابن حجر العسقلاني في كتابه "الدرر الكامنة في أعيان المئة الثامنة"، وابن خلدون في مقدمة "العِبر وديوان المبتدأ والخبر"، ولسان الدين بن الخطيب نقلًا عن أبي البركات البربري، حين اختصّه بجملة: "هذا رجل له مشاركة يسيرة في الطّلب"، وذلك في كتابه "الإحاطة في أخبار غرناطة".



ابن جبير الأندلسي، أديب فترة الحرب

اسمه أبو الحسين محمد بن أحمد بن جُبير الكناني الأندلسي. وصفه لسان الدين بن الخطيب في "الإحاطة في أخبار غرناطة" بأنه: "كان أديبًا بارعًا، شاعرًا مجيدًا، سريّ النفس، كريم الأخلاق".

ذاع صيت صاحب كتاب "رحلة ابن جبير" بعد قيامِه برحلاتٍ ثلاث، بدأها في شوال سنة 578 هـ.، وختمها في شهر محرّم عام 581 هـ.؛ الأولى كانت من غرناطة إلى الإسكندرية، ومنها إلى مكة، ثمّ العراق والشام. والثانية فور علمِه باسترداد بيت المقدّس من الصليبيين. أما الثالثة فكانت من سبتة إلى مكة، وبعدها إلى بيت المقدّس، ثمّ القاهرة والإسكندرية التي توفي بها عام 614 هـ.

كان ابن جبير من أوائل المدوّنين لحالة الناس إبان الحرب الدائرة في الشرق بين المسلمين والصليبيين، فوصف بدقّةِ الأديب حالة التوادد بين المسلمين والمسيحيين في عهد صلاح الدين الأيوبي الذي كان شديد الإعجاب به.



أبو دُلَف، صاحب الرسالتين والشاعر الهجّاء

اسمه مسعر بن المهلهل، الملقّب بأبي دلف الخزرجي الينبعي (نسبة إلى قبيلة الخزرج، وإلى ينبع، غربي الممكلة العربية السعودية). وُلد في أواخر القرن الثالث الهجري، لكن التراجم لم تشهد أيّ تعريف بطفولته ونشأته، وفي أيّ سنة وُلد. وكلّ ما قيل بشأنِه كان خاصًا بوفاته، فيقول الزركلي صاحب "الأعلام": "إنه تجاوز التسعين من عمره"، وأنه توفي عام 391هـ، ويصفه الثعالبي في "يتيمة الدهر في محاسن أهل العصر" بأنه: "شاعرٌ كثير الملح والظرف، مشحوذ المدية في الجدية، خنق التسعين في الإطراب والاغتراب، وركوب الأسفار الصِّعاب، وضرب صفحة المحراب بالجراب في خدمة العلوم والآداب".

دوّن أبو دُلف رسالتين عن رحلاته، خضعتا لدراسةٍ متفحّصة أعدّها السوفيتيان بطرس بولغاكوف، وأنس خالدوف. الرسالة الأولى عن رحلته إلى الصين والثانية قد دوّن فيها رحلاته إلى آسيا الوسطى وزياراته لمدن مختلفة من مدينة الشيز في جنوبي أذربيجان، وإلى خراسان وإيران والقوقاز وأرمينيا.

 ارتبط اسم ابن ماجد بالمستكشف البرتغالي فاسكو دا جاما، إذ جمعتهما رحلة حول رأس الرجاء الصالح، واكتشفا خلالها الطريق الجديد الموصل للهند

أحمد بن فضلان، مُلهم السينما الأمريكية

في ختام رواية "آكلة الموتى" للروائي الأمريكي مايكل كرايتون، الصادرة عام 1976، تؤكد أن الفصول الثلاثة الأولى منها ما هي إلا إعادة سرد لشخصية أحمد بن العباس بن راشد بن حماد البغدادي، المعروف بابن فضلان؛ ذلك الرحالة العربي الذي عرّف العالم الإسلامي في القرن العاشر الميلادي ببلاد الترك والروس والصقالبة، من خلال رحلة بدأت عام 309 هـ، بتكليف من الخليفة العباسي المقتدر بالله.

رغم صعوبة التّجوال في الأراضي الوعرة والصحراء القاحلة، وعدم توافر سُبُل التواصل الموجودة حاليًا، كان هناك العديد من الرحالة العرب الذين استخلصوا من جولاتهم الشاقة علمًا يُشار إليه بالبنان

الرواية ذاتها كانت المادة الرئيسية التي استُمدت منها أحداث فيلم "المحارب الثالث عشر (The 13th Warrior) من إخراج جون مكتيرنان. وقد جسّد أنتونيو باندرياس فيه شخصيةَ ابن فضلان، وإلى جواره كان الممثل المصري الراحل عمر الشريف الذي أدّى دورَ المترجم، وكان ذلك عام 1999.



ابن حوقل، صاحب "المسالك والممالك"

هو أبو القاسم محمد بن علي الموصلي، المشهور بابن حوقل، ولد ببغداد، وعمل تاجرًا في الموصل، بحسب مقال للأستاذ ميخائيل عواد بمجلة "الرسالة" المصرية، في عددها الصادر عام 1939.

طاف ابن حوقل أرجاء العالم الإسلامي شرقًا وغربًا، وبدأ الرحلة عام 331 هـ، وقابل خلال رحلته الرحالةَ الشهير الإصطخري عام 340 هـ، وألّف كتاب "المسالك والممالك". وقد تُرجم كتابه "صورة الأرض" إلى الفرنسية. توفي ابن حوقل عام 367 هـ.

المسعودي، عالم الجغرافيا في "مروج الذهب"

يعرّفه محمد محمود محمدين في كتابه "المدخل إلى علم الجغرافيا والبيئة"، بأنه أبو الحسن علي بن الحسين المسعودي، رحالة مسلم وُلد في بغداد في بداية القرن العاشر الميلادي، وتُوفّي في مصر عام 957م.

قام برحلات عديدة إلى بلاد فارس والهند والصين وساحل أفريقيا الشرقية وفلسطين وتركيا وجزيرة العرب. وللمسعودي عشرات المؤلفات منها: "مروج الذهب ومعادن الجوهر"، و"أخبار الزمان" الذي يقع في ثلاثين جزءًا".

وفي فصل "بعض الرحالة الذين اكتشفوا أجزاء من سطح الأرض" من كتاب "المدخل إلى علم الجغرافيا والبيئة" لمؤلفه محمد محمود محمدين جاء: "وللمسعودي آراء جغرافية سبق بها عصره، منها أن كثيرًا من أراضي اليابس كانت تغطّيه مياه البحار والمحيطات منذ ملايين السنين".



الإدريسي، حفيد النبي الذي أسس لعلم الجغرافيا

محمد بن محمد بن عبد الله بن إدريس. ولد في مدينة سبتة المغربية عام 493 هـ ومات عام 559هـ، وهو أحد واضعي علم الجغرافيا، وصاحب الإسهامات في علم الهندسة. درس الفلسفة والطبّ والنجوم في قرطبة، ويقال إن نسبه يتصل بالنبي محمد (ص.ع)، عبر الحسن بن علي بن أبي طالب، ولهذا يضاف إلى اسمه "الهاشمي القُرشي".

تُرجم كتابه "نزهة المشتاق في اختراق الآفاق" الذي استغرق تأليفه 15 عامًا لأكثر من لغة.



أمير البحار، أحمد بن ماجد

أحمد بن ماجد بن محمد السعدي النجدي، نسبة إلى منطقة رأس الخيمة من الجزيرة العربية، المولود عام 906 هـ، والذي ارتبط اسمه بالمستكشف البرتغالي فاسكو دا جاما، حين جمعتهما رحلة حول رأس الرجاء الصالح، واكتشفا خلالها الطريق الجديد الموصل للهند.

برع ابن ماجد في مجال الملاحة، فوصفه البرتغاليون بأمير البحار، ونظم 34 قصيدة في ذلك الشأن، وصلت أبياتها إلى 4603 أبيات، وألف كتابات عدة، أبرزها: "الفوائد في أصول علم البحر والقواعد"، و"تحفة الفحول في تمهيد الأصول"، و"المنهاج الفاخر في علم البحر الزاخر".

شمس الدين المقدسي، آخر حلقة في سلسلة الجغرافيين القدامى

شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر البنّاء المقدسي، ولد عام 335 هـ بالقدس، وبحسب عبد الرحمن حميدة صاحب "أعلام الجغرافيين العرب" فإن كتاب المقدسي، "أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم"، يُعدّ آخر ما يمثّل الدراسة الكلاسيكية لكبار الجغرافيين العرب في القرن الرابع الهجري.

يقول "حميدة" إن كتاب المقدسي وُجد في مسودتين تعود إحداهما إلى عام 375هـ، أما الثانية فقد أُكملت بعد ثلاثة أعوام من الأولى.

المراكشي، واضع خريطة المغرب الجديدة

هو أبو الحسن علي بن عمر المراكشي، الشهير بعالِم الميقات وصناعة الساعات الشمسية، يصفه المستشرق سيديو في كتابه "خلاصة تاريخ العرب" بـ:"المهندس الفلكي، وله رسالة (جامع المبادئ والغايات في علم الميقات)، أول من استعمل بها الخطوط الدالّة على الساعات المتساوية".

يعرف المراكشي بأنه واضع الخريطة الجديدة للمغرب العربي، والمصحّح لما ورد من أخطاء بعض الجغرافيين القدامى، لا سيما الخريطة التي رسمها بطلميوس.

ويقول عنه الدكتور محمد عبد الله عنان في كتابه "دولة الإسلام في الأندلس": "وكان من أبرع علماء الفلك في أواخر العصر الموحدي، واشتهر بكتابه المسمّى جامع المبادىء والغايات، وهو موسوعة جليلة في الفلك، وتشتمل كذلك على أوصاف الآلات الفلكية التي كانت معروفة في عصره، وبه جداول فلكية، وفهرس للنجوم عن سنة 622 هـ، وشروح لخطوط الطول والعرض لكثير من الأماكن، وبالجملة فقد كان أبو علي آية عصره في علمه وفنه، وتوفي في أواخر العصر الموحدي في سنة 661 هـ.

أما الدكتورة عزيزة فوال بايتي في مستهل تعريفها بالمراكشي بكتابها "موسوعة الأعلام ــ العرب والمسلمين والعالميين"، لم تُحدد سنة مولده، وتشككت في وقت وفاته بأنها قد تكون عام 660 هـ على أقرب تقدير، مشيرة إلى أن من منجزاته أيضًا ما قام به من رصد لـ240 نجمًا ظلّ طوال سنة يراقبها، وكان أكثر مؤلفاته يتعلّق بعلوم الجغرافيا والفلك والميقات والرصد، مؤكدة أنه: "فُقِد معظمها، وبقي منها كتاب جامع المبادئ والغايات في علم الميقات".

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard