رحلتي كانت جميلة، قد أستمتع لو جلدتني أو أهانتني، مجرّد التفكير بذلك يعني أنني أعرف أنني صرت عبدها، كلّ ما أتمناه هو أن تكون عاقلة معي، ولا تحرّضني على زوجتي وأولادي، هذا هاجسي، أن أصبح زوجاً أو أباً رديء الخلق مجاهراً بالفاحشة، حتماً لن تفعل ذلك، هي أيضاً متزوّجة وتعرف ضرورة احترام الشريك والتحفّظ والحذر من الفضيحة.
يوم الخميس جاء مجدّداً، اصطحبت ابنتها الصغيرة لصالة السينما في المول الجديد لمشاهدة "ذي ليتل ميرميد"، ذهبت معها بعدما أكّدت لي أن زوجها مشغول في العمل ومن المستحيل أن نصدفه. دخلت متأخراً، تأكّدت هي أن الصالة شبه ممتلئة، أرسلت لي رسالة تقول لي إن لا أحد من معارفها موجود وبإمكاني الدخول، وإلا كيف نفسّر أنني في الكرسي المجاور لها لو صدفنا أحد يعرفنا؟
جلسنا في آخر صف، كي لا يكون أحد وراءنا، ينتبه أننا نتبادل كلاماً أو ننظر لبعضنا، يدي بيدها، ضحكنا على أرسولا حورية البحر الشريرة التي ذكّرتنا بصديقة مشتركة، صديقة تكره الجميع، بشعة من الداخل. شعرت بشيء من الراحة معها في الصالة المعتمة، كانت تريحني لأنها قادرة أن تحميني من جهة، وقادرة أن تلهمني وتكون شريكة حياتي الجديدة من جهة أخرى، ولا أقصد ذلك على الطريقة الإسلامية، لا أفهم أي رجل قادر أن يتزوج اثنتين.. أو ثلاث أو أربع.
أحب زوجتي نعم، ولكنني أحب جنا أيضاً. حبّ جنسي ممزوج بحب الأب لطفلته وبحب الرجل الراضخ لحواء المغرية جنسياً، هي الشيطان الذي أوصلنا للحياة على الأرض، حواء هي... المدوّنة السابعة من سلسلة حب ما بعد الأربعين
أردتها لي وحدي وأرادتني لها، التقاسم ليس لي. مثل كل أفلام ديزني، خرجنا نحن الاثنان بحالة فرح إيجابيّة، الحياة جميلة، والحب هواء الأحرار. لحقتها داخل ماكدونالدز، مستحيل أن نصدف أي معارف لنا داخل مطعم وجبات سريعة، شعرت أن ابنتها هي ابنتي، جنا تتكلّم معها بأهمية، كل كلمة تقولها لها درس في الحياة والحب والاحترام، بنت في الثالثة من العمر، تتكلّم وكأنها مراهقة، تسأل عن كلّ شيء وجنا تجيبها بدقّة. قلنا لها أنني طبيب أخيها، ماذا لو قالت لوالدها أي شيء عني، الأطفال قادرون على كلّ شيء. أحبّ أن أرى جنا تأكل بشهية، كما لو كانت مراهقة جائعة لا تخاف من الهامبرغر أو من السمنة أو حتى الشيخوخة، هي الشباب عينه. نظراتها لي مشحونة بالشغف والهيجان، الرغبة لا تغادر نظرتها لي، ولي فقط.
تقاسمنا ميلك شيك أنا وهي وابنتها، أشعرتني أننا واحد، أحسست أن البنت ابنتي، هذا هو الحب عينه. ماذا يأخذني؟ طبعاً لن تترك زوجها من أجلي، لا أريدها أن تتركه، لكنها لو تركته سأستقبلها بذراعين مفتوحتين. خرجتُ من المطعم مسرعاً نحو المرآب، أسرعت بسيارتي نحو المنزل، زوجتي تنتظرني لنخرج مع جهاد ورمزي وزوجتيهما، لم أعد أقول شيئاً لهما عن إعجابي بجنا، سألاني عنها مراراً، أبدي شغف لها لكنني أقول لهما أين الثرى من الثريا.. وأضحك، لا أعرف إن صدّقاني أم أنهما يشعران بحالتي الجديدة اليوفورية البادية عليّ، زياراتي اليومية لنادي الرياضة، اهتمامي المفاجئ بعضلاتي وملابسي سينتبه له حتى الحمار.
صرت أجبر نفسي على الطعام ولا أخبر زوجتي أنني ذاهب للسير صباحاً كي لا تنتبه إلى التغيير في حياتي، الأسبوع الماضي قالت لي: تغيرت الموسيقى التي تستمع إليها، فأجبتها مسرعاً: هذه "بلاي ليست" أخذتها من الأولاد، لكنها كانت أغانينا التي عشنا فيها الحب كلّه.
أحببت من أصبحت، حبّي لجنا أو عشقنا غيّرني، صرت ألطف مع زوجتي وأولادي، حتماً لأنني مرتاح، لا.. لأنني أشعر بالذنب، الشعور بالذنب يجعل المرء مضطرباً ومتوتراً، وأنا في أفضل أحوالي، لا أشعر بالخوف، أعرف أن جنا لن تفضحني بالرغم من أننا نحن الاثنان قادران أن ننفي أي علاقة بيننا، نتهم المروّجين لهذه النميمة بالكذب والحسد، من سيصدّق أنني لست ملك زوجتي؟ بالفعل أنا مغروم بها وأحبّها كل الحب، لكنني أحب جنا أيضاً، حبّ جنسي ممزوج بحب الأب لطفلته وبحب الرجل الراضخ لحواء المغرية جنسياً، هي الشيطان الذي أوصلنا للحياة على الأرض، حواء هي.
لا أعرف إن كانت زوجتي تشعر بالتغيرات التي أعيشها، أردت أن أقترب منها ليلة أمس، لكن شيئاً أوقفني، لا أعرف ما هو. فجأة أردت أن أكون مخلصاً لجنا، أخزّن كل طاقتي وحبّي لها دون أي شريكة، لأكون في طاقتي الكاملة عندما تستفرد بي، على كلمات عبد الحليم حافظ، جانا الهوا جانا، كنت أعيش نهاري بين العمل والرسائل القصيرة، نبوح فيها لبعضنا عن الحب الذي نعيشه، القاسم المشترك بيننا هو النظرات والهمسات واللمسات، مستعد أن أختلي بها فقط مرّتين في الأسبوع!
الوقت معها يمضي بسرعة مخيفة، ما زلنا نكتشف بعضنا حتـى الآن، ما أعرفه حتى الآن يكفيني لهذه الحياة. يكفيني أنني سألتقي بها بعد غد، ساعتان كاملتان نقضيها في الفراش نكتشف بعضنا، لربما نختبر كل وسيلة تقارب مرسومة في كتاب الكوما سوترا ونقرّر أيها الأنسب لنا. يتبع...
الحب بعد الأربعين (1): طريق الانحراف؟
الحب بعد الأربعين (2): نظرة فابتسامة فموعد فخمر فحشيشة
الحب بعد الأربعين (3): قدر مكتوب أو حيوان فلتان؟
الحب بعد الأربعين (4): قبلة السحلية وأسرارها
الحب بعد الأربعين (5): الرغبة في الإنجاب مجدداً
الحب بعد الأربعين (6): أخذَت هي مُبتغاها وأنا ما زلت عطشانَ
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينرائع
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعربما نشهد خلال السنوات القادمة بدء منافسة بين تلك المؤسسات التعليمية الاهلية للوصول الى المراتب...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحرفيا هذا المقال قال كل اللي في قلبي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعبكيت كثيرا وانا اقرأ المقال وبالذات ان هذا تماما ماحصل معي واطفالي بعد الانفصال , بكيت كانه...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعينحبيت اللغة.