خرج الشاب السوري أمجد طبلية من منزل عائلته في اسطنبول لتسوق بعض البضائع. كان المفترض أن ينهي مشواره سريعاً لكنه تأخر أكثر من المتوقع. استوقفته الشرطة، واكتشف أنه نسي بطاقة الحماية الموقّتة (كيملك) في منزله، لم تقبل الشرطة أن يذهب لإحضارها، فرحّلته قسراً من أسطنبول إلى إدلب في سوريا.
في مقطع مصور انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي، اليوم، 22 تموز/يوليو، سرد طبلية ما تعرض له. قال إن الشرطي التركي رفض إمهاله ربع ساعة حتى يجلب البطاقة من منزل عائلته، مضيفاً أنه أجبر على توقيع إقرار بالعودة الطوعية إلى سوريا في مخفر الشرطة.
رحلة طبلية إلى إدلب استغرقت 19 ساعة. تعرض خلالها مع سائر المرحلين لاعتداءات لفظية وجسدية في المخافر التركية والحافلات التي نقلتهم إلى المحافظة السورية، التي شهدت حملات عسكرية مكثفة في الشهور الماضية.
خلال الرحلة، لم يسمح الأمن التركي للمرحلين قسراً إلا بأكل قطعة خبز واحدة، وشرب كوب ماء مرة كل ست ساعات، و20 ثانية لقضاء الحاجة.
واليوم، قالت ولاية أسطنبول التركية إنه سيُرحّل جميع السوريين غير الحاصلين على بطاقة الحماية الموقّتة إلى ولايات أخرى تحددها وزارة الداخلية. وأضافت أنها منحت مهلة شهر واحد للسوريين المخالفين من الحاصلين على البطاقة للعودة إلى الولايات حيث جرى تسجيلهم فيها منذ بدء النزوح.
"اسطنبول مغلقة أمام السوريين"
وجاءت قصة الشاب السوري، التي سببت غضباً واسعاً في أوساط مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، بعد أقل من أسبوعين من تصريح وزير الداخلية التركي سليمان صويلو بأنه لن يجري تسجيل اللاجئين السوريين في اسطنبول بعد الآن.
وقال صويلو في 8 من الشهر الجاري، في مؤتمر نظمته دائرة الهجرة في اسطنبول، إن المدينة "مغلقة الآن أمام السوريين"، وإن هنالك إجراءات ستتخذ ضد المهاجرين غير الشرعيين القادمين إلى المدينة التركية.
وكان تصريح صويلو من أسباب عدة دفعت نشطاء سوريين لتدشين عريضة على موقع أفاز، تطالب السلطات التركية بعدم ترحيل السوريين إلى بلدهم الأصلي.
وجاء في العريضة التي وقعها أكثر من 3500 شخص: "نتمنى من الحكومة التركية، ولأسباب إنسانية خالصة ونقية، أن تقوم بوقف قرار ترحيل السوريين من إسطنبول سواء من لا يملكون أوراقاً ولم يتم منحهم بطاقة حماية إنسانية موقّتة والمهددين بالترحيل لسوريا قسراً وهي منطقة غير آمنة بالأصل، أو من يملكون كيملك ولايات تركية أخرى ولا يمكنهم العيش إلا بالعمل في اسطنبول ".
وطالبت العريضة بـ"إيجاد حل عاجل وعادل" للسوريين في تركيا، من دون "إذلالهم أو إهانتهم أو اعتقالهم أو إيقافهم".
وكان نشطاء سوريون قد أكدوا أن السلطات التركية بدأت تنفيذ إجراءات التشديد وتضييق الخناق على اللاجئين السوريين في جميع أنحاء تركيا، وخاصة في إسطنبول، مشيرين إلى أن ثمة سوريين يُرحَّلون حالياً من تركيا إلى الشمال السوري.
وفي 18 تموز/يوليو أصدرت دائرة الهجرة التركية تحذيراً للسوريين المقيمين على أراضيها من انتهاك حظر التنقل بين المحافظات، وإلا فستُلغى الحماية الموقّتة، إذ يجب على كل سوري أن يحصل على إذن حكومي للتنقل بين المحافظات التركية.
ويعني إلغاء الحماية الموقّتة فرض عقوبات مثل إلغاء بعض المساعدات المجانية، كما قد يتعرض الشخص للترحيل إلى المحافظة التي سجل فيها كلاجئ أو الترحيل إلى سوريا.
وقبل سنوات، كان السوريين محل ترحيب في تركيا، خصوصاً من قبل حكومة حزب العدالة والتنمية التي دأب مسؤولوها، وفي مقدمهم الرئيس رجب طيب أردوغان، على وصفهم بــ "المهاجرين" ووصف الأتراك بـ "الأنصار".
بعد سنوات من الترحيب، بدأت تركيا بترحيل السوريين المخالفين إلى بلادهم وسط مخاوف أمنية وسياسية
شاب سوري نسي بطاقة الحماية الموقّتة في منزله في اسطنبول، فرحّلته السلطات إلى إدلب... ما الذي حدث؟
وفي 20 تموز/يوليو، قال مستشار الرئيس التركي ياسين أقطاي إن مشاورات ستجري مع القيادات السورية في مدينة إسطنبول، للبحث عن حل لأزمة اللاجئين، مضيفاً في كلمة ألقاها في ندوة نظمتها "أكاديمية تواصل"، في صالون المنطق الثقافي بمنطقة جوزال يورت في إسطنبول، إن "عدد اللاجئين السوريين زاد في إسطنبول بشكل كبير، وهم يمارسون أعمالهم بشكل عشوائي بات واضحاً للشعب التركي، خاصة بعد زيادة نسبة البطالة بين الأتراك، وهذا ما جعلهم يوجهون اتهامات للاجئين السوريين"، وفق الأناضول.
وكتب ناشط على موقع تويتر: "لو أقدم أي شخص على وجه الأرض غير أردوغان على ترحيل السوريين لهاجمه الإخوان المسلمون وشنوا الحملات عليه".
وغرد ناشط آخر: "تقوم السلطات التركية باحتجاز عشرات السوريّين وإعادتهم قسراً إلى سوريا مع معرفة هذه السلطات بأن سوريا ليست آمنة لعودة اللاجئين".
ويعيش في تركيا نحو 3.6 مليون سوري، منهم نصف مليون في أسطنبول وحدها، وفقاً لوزارة الداخلية التركية.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...