شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!
Ayesha At Last... من قال أن

Ayesha At Last... من قال أن "الحجاب والكحول لا يختلطان"؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الجمعة 7 يونيو 201902:42 م

في كتابها Ayesha At Last حاولت الروائيّة "اوزمة جلال الدين" أن تتحرّر من القيود الاجتماعيّة التي تكبّل المجتمعات التقليديّة المحافظة، من خلال التركيز على شخصياتٍ مسلمةٍ بعيدةٍ كلّ البعد عن الصور النمطيّة المترسّخة في الأذهان.

فبخلاف ما اعتدنا ملاحظته في الروايات والأفلام التي تصوّر حياة المسلمين، لا يتحدّث هذا الكتاب عن الجماعات الإرهابيّة التي تحمل السلاح وتفرض الشريعة الدينيّة بالقوّة، بل تدور الأحداث حول أناسٍ حقيقيين يعيشون في عالمٍ متنوّعٍ ومليءٍ بالتناقضات، وبالرغم من الانطباعات الأوليّة السلبيّة التي تولد بين البطلين: عائشة وخالد، إلا أن الحبّ هو وحده الذي ينتصر في نهاية المطاف ويذلّل جميع العقبات.

 

الحبكة وقوّتها

تدور قصّة Ayesha At Last حول البطلة "عائشة"، وهي امرأةٌ مسلمةٌ ومتحرّرة هاجرت مع عائلتها إلى كندا حيث تعيش حياةً طبيعيّة، وتتعامل مع المستجدّات اليوميّة البسيطة، وتطمح أن تكون شاعرة، ولكن يتعيّن عليها أن توازن بين ما تتوقّعه عائلتها منها وبين ما تريده لنفسها، فتنشب الصراعات والخلافات العائليّة، خاصّةً في ظلِّ إصرار "عائشة" على رفض الزواج المدبّر.

وفي تورنتو تصبح الأمور أكثر تعقيداً في حياة "عائشة" حين تقابل "خالد"، وهو شابٌ مسلم، متديّن، يلبّي مطالب والدته الغريبة ويعاني من سياسة التمييز في العمل بسبب مظهره الخارجي.

وبالرغم من انطباع "عائشة" السيّء تجاهه ونظرتها الأوليّة إليه كرجلٍ أصولي كونه يرتدي القلنسوة ويمتلك لحيةً كثيفة، هذا بالإضافة إلى تمسّكه بمعتقداته الدينيّة ورفض مصافحة النساء، وبالرغم من حرص "خالد" على عدم الاختلاط بالنساء اللواتي يذهبن إلى الحانة، واصراره على مقولة: "الحجاب والكحول لا يختلطان"، إلا أن مشاعر الحبِّ كانت أقوى من البطلين.

تكمن قوّة هذا الكتاب في فحصه اللطيف والشامل لحياة الشخصيّات وأفكارها ودوافعها، مع الحرص على عدم التقليل من شأن أيّ عرقٍ من الأعراق، ويغلب الطابع الدرامي على هذه الرواية الشبيهة إلى حدٍّ ما برواية "كبرياء وتحمّل" Pride and Prejudice لـ "جين أوستن" الصادرة في العام 1813، والتي تُعتبر من أولى الروايات الكوميديّة الرومانسيّة في تاريخ الرواية.

يغوص كتاب Ayesha At Last في بعض الأسئلة المهمّة حول الديناميّات المتغيّرة في العالم المعاصر، بأسلوبٍ سهلٍ وبسيط، ما يجعل القراءة ممتعةً وخفيفة.

كسر الصور النمطية

في مقابلةٍ لها مع Indian express أجابت "اوزمة جلال الدين" عبر البريد الإلكتروني عن السبب الذي دفعها إلى كتابة Ayesha At Last والنهج الذي اتبعته في الكتابة.

في البداية تؤكّد "جلال الدين" أن الكتاب ليس عبارة عن سيرةٍ ذاتيةٍ كما يخال البعض، رغم وجود بعض المواضيع والأفكار التي استخلصتها من حياتها الخاصّة: "حالتي كحالة خالد الذي ينتمي إلى الجيل الثاني من الهنود المسلمين في كندا، وكحالة عائشة التي تعيش في كنف عائلةٍ متشعّبةٍ مع الأجداد والعمات والأعمام ومثل العديد من الشخصيات، حاولت التوفيق بين هويّتي كهندية، كامرأةٍ مسلمةٍ وككندية".

يقدّم كتاب Ayesha At Last نظرةً ثاقبة لأوضاع المسلمين الذي يعيشون في كندا بقالبٍ ممتعٍ وغني بالمعلومات وبعيدٍ كلّ البعد عن الصور النمطيّة المترسّخة في الأذهان: "عندما شرعت في كتابة Ayesha At Last كان الهدف منه سرد قصّةٍ ممتعةٍ ومبهجةٍ ورومانسيّة عن المسلمين في الغرب، فللأسف تحتوي معظم قصص المسلمين على قوالب نمطيّةٍ سلبيّة، تعزّز رهاب الأجانب xenophobic وتقدّم جانباً واحداً من القصّة، الأمر الذي يسبّب ضرراً حقيقيّاً للسكان المستضعفين".

من يقرأ العمل الأدبي الأوّل لـ"اوزمة جلال الدين" يلاحظ أن معظم النساء في القّصة لا يُجِدن فنَّ الطبخ، في حين أن موهبة الشاب خالد بارزةٌ في هذا المجال، وهو أمرٌ اتضح أنه مقصود انطلاقاً من تجربة الكاتبة الخاصّة، فبخلاف الأمهات التقليديّات، فإن والدة "اوزمة" لم تطلب منها على الإطلاق تعلّم الطهي، واستمرّ الوضع على حاله لحين أن تزوّجت "اوزمة" وأنجبت، فحاولت عندها تعلّم الطبخ من والدتها ومن حماتها التي تُعتبر طاهية ممتازة.

عندما شرعت في كتابة Ayesha At Last كان الهدف منه سرد قصّةٍ ممتعةٍ ومبهجةٍ ورومانسيّة عن المسلمين في الغرب، فللأسف تحتوي معظم قصص المسلمين على قوالب نمطيّةٍ سلبيّة، تعزّز رهاب الأجانب xenophobic وتقدّم جانباً واحداً من القصّة، الأمر الذي يسبّب ضرراً حقيقيّاً للسكان المستضعفين

أما في الرواية، فقد أوكلت الكاتبة مهمّة الطبخ إلى جدّة عائشة "ناني"، وجعلت خالد طاهياً ماهراً بهدف كسر الصورة النمطيّة والتي تعتبر أن دور المرأة ينحصر في المهام المنزليّة وعلى رأسها الطبخ: "هناك شيءٌ من الحب في عملية الطهي، وأردت أن تتمتّع الشخصية الذكوريّة بهذه الميزة".

في سياق الحديث عن القوالب النمطيّة التي يفرضها المجتمع التقليدي، من الملاحظ أن الشخصيّات النسائيّة في القصّة تتمتّع بالتصميم وبقوّة الإرادة، وفي حين أن بعض النساء يكسرن الصور النمطيّة، فإن البعض الآخر يعزّز تلك الصور التقليديّة: عائشة وعائلتها مقابل أم خالد، وعن هذا التناقض تقول "جلال الدين": "ككاتبة، فإن مسؤوليتي الأساسيّة تجاه القرّاء تكمن في كتابة قصّةٍ مسليةٍ وحقيقيّة، لقد أردت أن أكتب عن شخصياتٍ واقعيّةٍ مع توفير مساحةٍ للقراء للضحك على نقاط ضعف الآخرين. بعض الشخصيات مضحكة والبعض الآخر تتمتّع بالحكمة، وهناك الشخصيات السطحيّة والمضلّلة. هذه هي الطريقة التي يتصرّف بها الأشخاص العاديون".

وكون الكتاب أبصر النور في كندا فإن "اوزمة" شعرت بأنه من المهمّ أن تعرض مقدار التنوّع الموجود داخل المجتمعات المتنوّعة، الأمر الذي جعلها تختار أن تكون شخصياتها من الهند والشرق الأوسط وأفغانستان...."الناس تأتي من جميع النكهات المختلفة".

أهداف الرواية

بالرغم من أن عائلة عائشة وبعض الشخصيات الأخرى اتخذت قرار اللجوء بهدف الهروب من واقعها الأليم، إلا أن "اوزمة جلال الدين" تؤكّد على أن الكثير من الأشخاص في الحياة الواقعيّة يلجؤون إلى بلدٍ أجنبي، مثل كندا، لأسبابٍ متنوّعةٍ ويحاولون التكيّف قدر المستطاع مع بيئتهم الجديدة.

وعن الهدف الكامن وراء الرواية تقول الكاتبة: "لا ينصبّ تركيز الكتاب على الهجرة أو على أوضاع اللاجئين، إنما يتعلّق بالحالة التي يعيشها أطفال المهاجرين/ اللاجئين في المكان الجديد، وكيفيّة التنقّل بين عالمين وثقافتين وكيفيّة العثور على الحبّ".

من خلال روايتها، تحاول "اوزمة" التأثير على تفكير القرّاء وجعلهم يفكرون في مخاطر التعجيل في إصدار أحكامٍ سريعةٍ على الآخرين، خاصّة وأن تركيبة الأشخاص معقّدة للغاية، ولا يمكن تصنيف الناس وحصرهم فقط في خانتين.

بخلاف ما اعتدنا ملاحظته في الروايات والأفلام التي تصوّر حياة المسلمين، لا يتحدّث هذا الكتاب عن الجماعات الإرهابيّة التي تحمل السلاح وتفرض الشريعة الدينيّة بالقوّة، بل تدور الأحداث حول أناسٍ حقيقيين يعيشون في عالمٍ متنوّعٍ ومليءٍ بالتناقضات

من هنا تعرب "جلال الدين" عن أملها في أن تساعد القصصُ التي تدور حول حياة المسلمين أو الهندوس أو البوذيين في الغرب، القرّاءَ على فهم مجتمعات المهاجرين بشكلٍ أفضل، والأهمّ من كلِّ ذلك أن تسمح لهذه المجتمعات بأن ترى نفسها جديرةً بالتميّز في جميع أنواع القصص وليس فقط في القصص المسيّسة: "المسلمون هم أشخاص عاديّون، نحن أناس حالنا يشبه حال أيّ شخصٍ آخر".

تجدر الإشارة إلى أن كتاب Ayesha At Last تمّ اختياره من قبل Pascal Pictures في الخريف الماضي، ويتمّ العمل عليه وتعديله ليكون مناسباً لعرضه على الشاشة، كما أن "اوزمة جلال الدين" تعمل حالياً على روايتها الثانية التي تأخذ أيضاً الطابع الكوميدي والرومانسي في تورنتو، وتضم شخصياتٍ هنديةٍ مسلمةٍ في عالم المطاعم.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image