عدت لجنا ليلة الجمعة، أصبحت عودتي لعائلتي ومدينتي عودتي لها، ما الذي أخذني؟ كيف أتخيل المستقبل؟ زوجتي لن تطلب مني الطلاق حتى لو توسلت إليها، زوجتي ستعاقبني، تعيش معي وكأنها لا تعرف شيئاً، المهم عندها أنني أعود للبيت كل يوم ذليلاً مكسوراً، ستفرح لحيرتي وحزني، تدرك تماماً أنه يستحيل أن أطلب الطلاق خوفاً من المجتمع ومن الأولاد، كم أنا جبان! وصلت إلى بيتي وقت العشاء، أولادي بانتظاري، جلسنا على مائدة العشاء كلّنا، أحبّهم أكثر من عينيّ، حتى زوجتي، لا أستطيع العيش دونها، الله جمعنا لسبب أجهله حتى الآن، ترى هل استجاب الله لدعوات جدّتي التي عرفتها أربعين عاماً؟ أربعون عاماً وهي تصلي لله أن يُوفقني بحياتي.
لم أتواصل مع جنا ليلاً، نمت وقلبي مثقل، تفقدت جوّالي طوال الليل لعلها ترسل رسالة تقول إنها تسهر مع زوجها أم أي شيء أو رسالة عند السادسة صباحاً مثلما عوّدتني... يئست من الانتظار ونمت ساعتين كاملتين إلى أن مدّتني بالحياة عندما كتبت: "Kamaaaaaaal نمت أمس الساعة الثامنة واستيقظت الآن". أفقت مع أوسع ابتسامة على وجهي، شعرت بالرغبة تجتاحني. زوجها يسافر اليوم، سيتسنى لنا تمضية ساعات طويلة معاً. قالت إنها منشغلة بالأولاد واتفقنا أن نلتقي مساءاً.
انشغلت جنا مع ابنتها ومن ثم في زيارات عائلية، لكن ليل السبت مررت بها واصطحبتها إلى مطعم جامعي، جلسنا على البار نتلفت حولنا لعلنا نرى أحداً يعرفنا، رجلها على رجلي، تبادلنا نظرات دافئة وضحكنا، جنا سحرت البارمان والجالسين قربنا، تتحدث مع الجميع وكأنها تعرفهم من زمان، بعد ساعة قالت لي: لدي سهرة مع أصحابي هل توصلني؟ اصطحبتها سيراً وتركتها أمام البناء، هنا أحسست بفارق العمر مجدداً...رجعت الى بيتي، تركتها تسهر حتى ساعات الصباح الأولى.
في اليوم التالي لم أرها، نزّلت صورة لها مع طفلتها الجميلة على انستغرام، أحسست بالذنب، أنا أخرّب بيوت الناس، كيف أدخل في هذه العائلة كالسوس السام؟ عملت لها "أنفولو" كي لا أرى صورها بعد اليوم، وقررت أن النهاية قد أتت. على واتساب تواصلت معي بعد ساعة وقالت لي أعمل لي فولو الآن... قلت لها لم أعد قادراً على الخيانة يا جنا، صورة بنتك الجميلة معك اليوم صدمتني، كيف أحرمها من بيت عائلي سعيد ودافىء؟ وكأنني أكلّم نفسي، جنا لم ترد على كلامي، فهي لا تهتم بأي شيء سوى بما يدور في عقلها، ليست بحاجة لرجل غريب يتفلسف عليها عن الشرف والشهامة.
بعد أربعة أشهر من الحُب والجنس والخيانة الزوجية، يكتب كمال مارديني مدوّنة جديدة عن "حُب ما بعد الأربعين" الذي جمعه بجنا. هل تكون الأخيرة؟
بعدما أعطاها قُبلة على رقبتها، كمال مارديني يرفض دعوة جنا إلى منزلها.. "هوّا صحيح الهوى غلّاب"؟
لم أرها يوم الأحد، انشغلَت مع والديها، بالرغم من أنها كانت قادرة أن تمضي النهار معي لو أرادت، فزوجها مسافر، النهاية باتت قريبة؟ في اليوم التالي، التقينا في الستارباكس المجاور لعملنا، كم كانت مسرورة لرؤيتي، كم هي جميلة ولطيفة، عندما أكون معها، تقف الدنيا كلّها، ونشعر أننا الوحيدان على الأرض، أعطيتها هدية، حقيبة يد صغيرة، أعرف أنني لن أراها يوماً تحملها، فهي حقيبة ليلية، لكنني أردت أن أهديها شيئاً تتذكرني به يوماً ما، أصبحت عاطفياً جداً، منذ متى أقع في الحب هكذا؟ لم أتوقع يوماً أن أحب وأعشق، كانت جنا في اللحظات الجميلة تقول لي: "انتبه ألّا تحبّني، فأنا لست لك" وكنت أجيبها مسرعاً، "لا تخشي شيئاً، أنا لست قادراً على الحب، هذه مجرد علاقة عابرة" وكنا نضحك معاً، كنّا نعرّض حياتنا للخطر يومياً، كلّما التقينا كنّا نخاطر بكلّ شيء من أجل شيء ما.
عدت إلى العمل واتفقنا أن نذهب للنادي الرياضي مساءاً، جنا دخلت دورة ملاكمة فيها، أجمل بنات الضاحية الشمالية، وأنا استوليت على الأثقال، أنفخ في جسدي لمحاربة علامات السنّ المقرفة، مهما امتنعت عن الطعام والخمر، وزني لا ينقص...
انتهينا من النادي، سيارتي مع زوجتي وهي كانت تظن أنني سأصطحبها إلى منزلها، فما كان لنا إلا أن نمشي الساعة الثامنة ليلاً، لن يرانا أحد، مشينا نتكلّم ونضحك ونضحك، نتكلّم عن أبسط الأشياء لكن الحديث ليس بائخاً، نكتشف بعضنا مثل المراهقين، بعد نصف ساعة وصلنا قرب بيتها، قبّلتها على رقبتها وقلت لها عليّ أن أعود إلى بيتي واستحمّ، وانا أهمّ الركوب في التاكسي رأينا صديقة مشتركة تخرج من بيتها، هل يا ترى رأتني أقبّل رقبة جنا؟
اتصلت بي بعد ساعة جنا لتدعوني إلى منزلها بما أن الأولاد نيام، وزوجها مسافر، قالت إنها متعبة ولا تريد الخروج، فوجئت من هذه الدعوة، دخول منزل الرجل خط أحمر. لم أذهب لعندها بالرغم من إصرارها، اعتقدت أنني أخذت القرار الصائب، نمت وأنا على قناعة من قراري. أحبّها نعم، لكنني لست مستعدّاً أن أدمّر حياة عدّة أشخاص من أجل حب مجنون، كلانا لا يفهمه.
لا أذكر كيف أخبرتني، عبر رسائل قصيرة أم كلّمتني، كلّ ما أذكره أنها قالت لي في اليوم التالي: "لست قادرة أن أراك ثانيةَ، أرجو أن تفهمني. عليّ أن أعود للفتاة العائلية التي هي أنا" لم أقاوم، لم أكن قادراً على المقاومة، الدموع كانت تنهمر من عيني، أول مرّة أبكي فيها في حياتي، دموع من القلب لا من العيون. كلّ شيء حولي يذكّرني بها، خواطر كثيرة اجتاحتني، لكنني استسلمت للأمر الواقع راضياً بقدري، أتذكّر الأوقات السعيدة التي أمضيناها معاً، أربعة أشهر عشناها معاً ليلاً نهاراً عبر الجوّال واللقاءات، شعرت بالفراغ في قلبي وفي حياتي، عرفت الاكتئاب لأول مرّة، لكنني كنت أفكّر بمصلحتها ومصلحة الجميع لأحتمل الفراق، ذاكرتي كانت نعيماً من جهة وجحيماً من جهة أخرى، ماذا يخبىء لنا المستقبل؟ (النهاية... ربما)
الحب بعد الأربعين (1): طريق الانحراف؟
الحب بعد الأربعين (2): نظرة فابتسامة فموعد فخمر فحشيشة
الحب بعد الأربعين (3): قدر مكتوب أو حيوان فلتان؟
الحب بعد الأربعين (4): قبلة السحلية وأسرارها
الحب بعد الأربعين (5): الرغبة في الإنجاب مجدداً
الحب بعد الأربعين (6): أخذَت هي مُبتغاها وأنا ما زلت عطشانَ
الحب بعد الأربعين (7): كيف ينتصر الحب على الرغبة
الحب بعد الأربعين (8): عندما تلتقي الزوجة مع العشيقة
الحب بعد الأربعين (9): العدل بين امرأتين كلام فارغ
الحب بعد الأربعين (10): رغبة الإنجاب والتكاثر
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
علامي وحدي -
منذ 3 ساعات??
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 23 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون