شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
الحب بعد الأربعين (8): عندما تلتقي الزوجة مع العشيقة

الحب بعد الأربعين (8): عندما تلتقي الزوجة مع العشيقة

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي

الأحد 24 مارس 201904:07 م

الحب بعد الأربعين (8): عندما تلتقي الزوجة مع العشيقة

استمع-ـي إلى المقال هنا

نعيش نحن الاثنان حياتنا كالمعتاد، لأن إنتاجيتنا أفضل بكثير بالرغم من الساعات الطويلة التي نقضيها معا يوميّاً على الواتس أب وفي مقاهي المدينة. اكتشفنا معاً مناطق مررنا أمامها لعقود عدّة دون أي فضول لنراها، اليوم أصبحت هي ملجأنا اليومي لسرقة فنجان شاي معاً، لنمشي يداً بيد مثل العشاق، في هذه المناطق لا نعرف أحداً، اقترحت عليها أن تضع على رأسها حجاباً كي لا تلفت الأنظار، تفاجأت بقبولها أن تمشي محجّبة الرأس، بعد ذلك صار الخروج من دون حجاب يبدو لنا غباءً غير مسؤول، الحجاب أعطانا حرية كبيرة لم تكن لتخطر على بالنا.

ضعنا في الزنقات الصغيرة الرطبة، وصلنا أمام بائع متجوّل، فما كان منها إلا أن ابتسمت له ابتسامة أخافته وقالت له: سمعنا أنك تصنع أفضل كعك في المدينة، هل تعطيني كعكة واحدة؟ تلعثم الرجل الأربعيني، فهو ليس معتاد أن يكلّم نساءً في الشارع حتى، ناهيك عن فاتنة صوتها عالٍ، مبتسمة وواثقة من نفسها، تكلّمه كأنه صديقها منذ سنوات. أعطانا أربع كعكات ورفض أن يأخذ أي مقابل، حالفاً يميناً علينا أن نقبل الكعك هدية، هذه هي مدينتنا وهؤلاء أهلنا الطيبون. الكعك كان من أطيب ما تذوّقنا، ما جعل مشوارنا هذا ذكرى لا تُنسى، كيف ننسى البائع المتجوّل هذا؟ يداً بيد، مشينا، سرقت قبلات منها كلّما وجدتنا أمام مدخل منزل معتم.

لأسباب عدّة، أوّلها صعوبة الخلوة، أُحبطنا نحن الاثنين، وكان هذا بديهي في حوارنا، كنا غير قادرين على التركيز على العمل، رغبتها مثل رغبتي وأكثر، مما جعلنا نتهاوش على كلّ صغيرة وكبيرة، إلى أن قالت لي "أنت جبان" عندما لم ألبِّ طلبها بالنزول لرؤيتها أمام مكتبي. قرّرت ألا أجيبها وبلّكتها (حظرتها) على الواتس أب من شدّة غضبي، توترت شيئاً وارتحت شيئاً، لم أعد أعرف إلى متى وإلى أين نذهب.

اشتقت لحوارنا الدائم ليلاً نهاراً، كانت هي دميتي الجميلة التي تسلّيني وتسامرني وتحرّكني حتى. عشنا لوحدنا منذ سنين، علينا أن نعتاد العيش منفصلين. أزلت عنها البلوك في اليوم التالي، لكنها لم تراسلني، ولم أراسلها. كنا متعبين من الحبّ وسيرة الحب، رجعت لحياتي الطبيعيّة، لكنني كنت أشعر أنني رجل أفضل، الحب قادر على تجديد الشباب والهمّة، أربعة أيام طويلة من دون أي تواصل بدت لي كأنها دهر. اصطحبت زوجتي لمشاهدة مسرحية في وسط المدينة تدور قصّتها في أيام الاحتلال، حازت على مراجعات إيجابية عدّة، بعد القسم الأول، خرجنا للردهة لربع ساعة كالمعتاد، فرأيتها أمامي مع زوجها، يداً بيد، بدت عليّ ملامح الارتباك، وكأنني رأيت شبحاً، أعتقد أن حبيبات العرق ظهرت على شفتي العليا، ما كان لجنا إلا أن اقتربت منا وعرّفت بنفسها قائلة إننا نعمل في البناء نفسه ونرى بعضنا في كافتيريا البناء، عرّفتني على زوجها، نظر إلي مؤكّداً في عيني، لم أفهم شيئاً، عرّفتها على زوجتي أنا أيضاً، تبادلتا كلاماً لم أسمع منه شيئاً، كنت مرتبكاً خائفاً من الفضيحة.

لم تعلّق زوجتي على عشيقتي جنا. ونحن في طريقنا للمنزل قالت لي: كم جسدها جميل... المدوّنة الثامنة من سلسلة الحب بعد الأربعين

ماذا لو؟ هل تتركني زوجتي بسبب الخيانة بهذه الطريقة الفظّة، علاقة دامت ثلاثة أشهر إهانة لأي امرأة؟ ماذا لو أراد زوجها قتلي أو قتلها؟ مسؤوليات كبيرة على عاتقي أنا وحدي. عدنا إلى مقاعدنا لمشاهدة النصف الآخر، لم تعلّق زوجتي على جنا، ونحن في طريقنا للمنزل قالت لي: كم جسدها جميل جنا، أول مرّة أرى امرأة طويلة لا تبدو مثل رجل، كلّه أنوثة بالرغم من طولها، لم أجبها، لكنني كنت ممنوناً لها لأنها أثنت على جمال جنا من جهة ومن جهة ثانية برّرت هوسي بها. ما إن نامت زوجتي، حتى أرسلت لجنا رسالة وكانت بانتظاري، دردشنا ساعتين على الأقلّ ناقشنا الحب وسيرة الحب وطعمة الحبّ. قالت لي أنها لم تنم خلال الأربعة أيام الفائتة، خفت من المستقبل، الى أين نذهب، وكيف ممكن أن نعود لحياتنا السابقة؟

أخطر شيء هو تطبيع علاقاتنا، أن نصبح أصدقاء علناً، كثر من يعيشون كذلك، يقال للزوجين الآخرين أنهما حمير، تجري المياه من تحتهما، لكن ماذا لو كانا هما أيضاً في علاقة عاطفية مع زملاء أو جيران أو أحد مدرّسي الأولاد؟ لم تخطر على بالي هذه الفرضية وأفضّل ألا أفكّر بها، لن أقبل أن تخونني زوجتي، لا أعرف لماذا، ممكن لأن خيانتها لي ستكون العذر المطلوب لطلاقنا وزواجي من جنا؟ بعد العمل التقينا في منزل صديق لي على علم بمغامراتي الدائمة، صديقي أعزب ويقضي نصف وقته مسافراً، صارحته أنني أخاف الفنادق، لا يعلم المرء أين توجد أجهزة التسجيل والتنصّت، لو أخذت إحدى الكاميرات صورتنا ستكون النتائج كارثية، وعدت جنا أن أستأجر لنا استوديو لو دامت علاقتنا أكثر من شهر آخر، تمنينا نحن الأثنان ألّا تدوم، لأننا كنا متأكدين أنها ستدوم، شيئ ما كان يجعلني أحس أن جنا ستحمل لي طفلاً قريباً، الفكرة أتعبتني جداً، مجرّد التفكير بها أمر مريب. ما الذي أريده منها؟ يتبع...

الحب بعد الأربعين (1): طريق الانحراف؟

الحب بعد الأربعين (2): نظرة فابتسامة فموعد فخمر فحشيشة

الحب بعد الأربعين (3): قدر مكتوب أو حيوان فلتان؟

الحب بعد الأربعين (4): قبلة السحلية وأسرارها

الحب بعد الأربعين (5): الرغبة في الإنجاب مجدداً

الحب بعد الأربعين (6): أخذَت هي مُبتغاها وأنا ما زلت عطشانَ

الحب بعد الأربعين (7): كيف ينتصر الحب على الرغبة

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

Website by WhiteBeard
Popup Image