شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
برنامج تلفزيوني عراقي يستخف بالمرأة ويسيء لكرامتها..ونقابة الصحفيين تتحرك

برنامج تلفزيوني عراقي يستخف بالمرأة ويسيء لكرامتها..ونقابة الصحفيين تتحرك

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأحد 7 أبريل 201902:47 م

"الله يقدرنا على فعل الخير في طباب خير" هكذا يفتتح المُقدم التلفزيوني العراقي عمر محمد برنامجه ثم يظهر وهو يصطحب زوجاً إلى محل تصفيف الشعر ويتولى إلباسه حلة كما لو كان "عريساً"، تحضيراً للقاء زوجته، برفقة عروستين ترتديان فستان زفاف أبيض.

رجل وثلاث زوجات، زوجتان منهن غير حقيقيتين مهمتهما فقط إثارة غيرة الزوجة الحقيقية التي قبلت بالمشاركة في "اللعبة" على الملأ. الأمر ليس طريفاً ولا مضحكاً بل هدفه وخز كبرياء المرأة وامتحان "صبرها" على رؤية زوجها بصحبة غريبتين ترديان فستاني العرس.

مقدم البرنامج يقدم السيناريو كما لو كان التحدي الأكبر الذي تواجهه المرأة، وهذا استفز كثيرين نساءً ورجالا، وجعل النقابة الوطنية للصحفيين في العراق تتحرك مُطالبة بوقف البرنامج الذي يُعرض على قناة الرشيد لأنه "يُسيء لكرامة المرأة العراقية" كما يتضمن "تسطيحاً لمنظومة العقل العراقي".

حين يختبر المذيع درجة تحمل المرأة..ما القصة؟

يعرض المُقدم عمر محمد على الأزواج المشاركين في البرنامج في أحد المراكز التجارية المُشاركة في التحدي الذي يتمحور حول “اختبار تحمل المرأة” رؤية زوجها يتزوج من أخرى، وإن تحملت، تحصل هي وزوجها على جائزة.

يسأل المُقدم الزوجة: تعرفين ذوق زوجك بالنساء، من يختار برأيك؟ مريم أم دانا؟

وبعد أن تختار الزوجة زوجة لزوجها يوجه السؤال ذاته للزوج طالباً منه اختيار زوجة، ومن ثم يبدأ بالرقص معها على طريقة "السلو"، وسط زغاريد الحضور، على أنغام أُغنية "على بالي حبيبي" للفنانة إليسا، والتي عادة ما يرقص عليها بعض الأزواج رقصتهم الأولى في حفل الزفاف.

يُذكّر المُقدم مراراً بأنه يمكن للزوج أو الزوجة إيقاف اللعبة في أي وقت، لكنهما سيخسران "التحدي" حينها. وتصر بعض الزوجات على الاستمرار في اللعبة رغم انفعالهن ومد أياديهن على "العروسة" أحياناً، وغالباً ما تظهر الممثلات وهن يضحكن من ردة فعل الزوجة.

"شكراً على هالزوج"...رجل وثلاث زوجات، زوجتان منهن غير حقيقيتين مهمتهما فقط إثارة غيرة الزوجة الحقيقية التي قبلت بالمشاركة في "اللعبة" على الملأ، لاختبار مقاومتها المشهد

رغم الجدل الواسع الذي سببه برنامج "طباب خير"، يقول المقدم عمر محمد إن ما يُقدمه هو "دعم" للمرأة، مُعتبراً أن "مجرد إظهاره المرأة العراقية على التلفزيون يعد تحدياً للمجتمع". هل انكسار المرأة دعم لها؟

ومن بعض العبارات التي قد تستفز الزوجة هي قول العروس المزيفة للزوجة الحقيقية: "شكراً على هالزوج"، فيما يبدو بعض الأزواج منغمسين في اللعبة لدرجة أن أحد الأزواج قال في الحلقة السابعة "اخترت مريم لأنها مزيونة (جميلة)".

وبعكس الزوجة، يبدو الزوج في كثير من الأحيان غير منزعج من الموقف، بل في بعض الأحيان لا يتردد في إبداء فخره إلى حد ما، فهو محل منافسة ثلاث نساء.

أما على مواقع التواصل فجاءت التعليقات متباينة البعض اعتبر البرنامج "فكاهياً"، فيما اعتبر آخرون أنه لا يُقدم أي فائدة للمُشاهد، بل "يهدف إلى إذلال المرأة، واللعب بمشاعرها أمام الجميع، من أجل شاشة تلفزيون".

توافق هذا الرأي مُسخدمة تُدعى شهد حميد، لافتةً إلى أن المُشكلة ليست بإدارة القناة فقط، بل بالرجل الذي يقبل بأن يضع زوجته أمام هذا الموقف.

وسخر أحدهم مُعتبراً أن كُل البرنامج قائم على التمثيل بما في ذلك تمثيل الزوجة بأنها تغار على الزوج.

هل انكسار المرأة دعم لها؟

رغم الجدل الواسع الذي سببه البرنامج، يقول المقدم عمر محمد لبي بي سي إن ما يُقدمه هو "دعم" للمرأة، مُعتبراً أن "مجرد إظهاره المرأة العراقية على التلفزيون يعد تحدياً للمجتمع".

ولفت إلى أن برنامج "طباب خير" أعطى المرأة "حرية كاملة" للتعبير عن غيرتها على زوجها، وحبها له ومدى ثقتها به رغم المشاهد التمثيلية. لكن للسائل أن يسأل هل إظهار المرأة العراقية بمظهر المكسور والمهان مكسب للتلفزيون؟ ومكسب للمرأة العراقية؟ وهل “الحرية الكاملة” تكمن في تعبير المرأة عن غيرتها؟

هل أخرج المذيع المرأة العراقية من السرية في البيت إلى العلنية على الشاشة ليحمّلها الجميل ويلبسها عباءة الانكسار والمهانة؟

يقول المذيع "نحن مجتمعات ذكورية، تعطي الحق للرجل في أن يذهب للمقاهي وأن يدخن النرجيلة وأن يتجول في المولات وأن يظهر على التلفاز، لكن إن ظهرت المرأة (على التلفاز) فيعتبرون أن الرجل 'عديم غيرة ‘". فهل الهدف هنا هو التسابق على الغيرة بين المرأة والرجل وعلى الملأ؟ هل إبراز غيرة المرأة وإذلالها مكسب إعلامي واجتماعي؟

رداً على الاتهامات التي وُجهت للبرنامج حول تكريسه صورة نمطية تلخص المرأة في كائن مكسور يتحمل قرارات الرجل بغض النظر عن آرائها واهتماماتها ودورها في المجتمع، قال المذيع إن المجتمع العراقي "يرفض ظهور المرأة والزوجة على التلفاز"، وإنه يحاول من خلال البرنامج كسر الحواجز كلها.

ولفت إلى أن نسبة كبيرة من المشاركين تعرف طبيعة البرنامج وتذهب إلى المركز التجاري بهدف المشاركة في البرنامج وهي على علم بأن هُناك "عروسا جميلة وجذابة ستكون في المشهد"، على حد قوله، مُشيراً إلى أن كثيرين يجدونه "طريفاً" لابتعاده عن الأخبار السياسية.

لم ترد القناة على نقابة الصحافيين بشكل مباشر، ويعتبر المُقدم أن القناة "ليست ملزمة بالرد". وأكد في برنامج "تفاعلكم" أن البرنامج لم يتم إيقافه حتى اللحظة، ويُرجح استمراريته حتى انتهاء الموسم (من 3 إلى 4 حلقات إضافية)، مُشيراً إلى أن غايته "إسعاد العائلة العراقية".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard
Popup Image