أكدت شبكة "سي إن إن" الأمريكية أن الأزمة الحالية لطائرات بوينغ من طراز 737 ماكس ليست الأولى في تاريخ الشركة التي شهدت أربعة حوادث خطيرة في الستينات، ناتجة من أعطال بخط طائرات جديدة أيضاً حينذاك، معتبرةً أنه يمكن استقراء حلول الأزمة الحالية من سابقتها.
تاريخ "دامٍ" لطائرات بوينغ
خلال أربعة أشهر فقط (بين أواخر عام 1965 ومطلع عام 1966)، تحطمت أربع طائرات بوينغ طراز 727 الجديد آنذاك، بحسب سي إن إن، ثلاثة من بين هذه الحوادث وقعت أثناء محاولة الطائرات الهبوط في مطارات أمريكية اثنان منها حصلا في غضون ثلاثة أيام في نوفمبر 1965.
وخلال أقل من 6 أشهر (بين أكتوبر 2018 ومارس 2019)، وقعت حادثتان مأساويتان لطائرتين من طراز بوينغ 737 ماكس الجديد الذي أدخلته بوينغ الخدمة عام 2017، سقطتا بعد دقائق قليلة من إقلاعهما.
الحادثة الأولى وقعت في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عند تحطم طائرة "ليون إير" طراز بوينغ 737 ماكس في إندونيسيا، وراح ضحيتها جميع الركاب الـ189 الذين كانوا على متن الطائرة. أما الثانية، فكانت للطائرة الأثيوبية التي سقطت مارس الجاري، مؤديةً إلى مصرع 157 ضحية.
ولفتت "سي إن إن" إلى أن خط الطائرات الجديدة لبوينغ يعاني مشكلة خطيرة تتمثل في تكرار حوادث التصادم، وأن وسائل الإعلام تلقي باللوم على الطائرات وبات الكثير من الركاب يخشون ركوبها، بالرغم من أن الشركة كانت تعول عليه لوضعها على طريق النجاح، لأنه كان النوع الذي تفضله خطوط الطيران.
وشددت على أن مستقبل بوينغ بات على المحك، إذا ما استمر الذعر وظلت شركات الطيران غير راغبة في شراء الخط الجديد لطائراتها. لكنها، رغم كل شيء، اعتبرت أن أزمة بوينغ في الستينات "كانت أسوأ كثيراً" من مشاكل بوينغ 737 ماكس الحالية.
الأزمة الحالية لطائرات بوينغ من طراز 737 ماكس ليست الأولى في تاريخ الشركة التي شهدت أربعة حوادث خطيرة في الستينات، ناتجة من أعطال بخط طائرات جديدة حينذاك.
هل يمكن أن تتخطى بوينغ أزمتها؟
ألمح تقرير الشبكة إلى نجاح بوينغ في الخروج من أزمتها في الستينات بدليل استمراريتها حتى الآن، لافتاً إلى أن بعض الدروس المستفادة من تلك الأزمة السابقة يمكن أن تقود الشركة للخروج من أزمتها الحالية.
وترى "سي إن إن" أن التدريب المناسب للطيارين الذين يقودون خط الطائرات الجديد كان أبرز الدروس المستفادة من أزمة بوينغ في الستينات، إذ كان عدم استعداد الطيارين للطيران على 727 أحد أسباب أعطالها المتكررة.
وقالت إنه بالرغم من عدم تحديد السبب الدقيق وراء حوادث 737 ماكس بعد، إلا أن الأدلة تشير إلى عدم استعداد الطيارين للتعامل مع نظام الأمان التلقائي بها. كما يشكك المحققون في أن نظام السلامة بالطائرة، يتسبب في دفع مقدمة طائرة 737 ماكس قبل تحطمها في إثيوبيا وإندونيسيا.
وقالت إنه ثبت، بعد حوادث الستينات، أن الركاب قد يتغلبون على خوفهم من بعض أنواع الطائرات سريعاً إذا تمكنت الشركة (بوينغ) من إثبات أنها آمنة.
تقاطعات واختلافات بين الأزمتين
تقر الشبكة بأن القلق بشأن الطيران على طائرات بوينغ 737 ماكس بات رعباً متزايداً بعد تحطم الطائرة الأخيرة في إثيوبيا، لا سيما بعد أن أضاف موقع السفر "كاياك" خياراً لاستبعاد الرحلات التي تجريها طائرات 737 ماكس، لكنها تصر على أن الحوادث الأربعة في الستينات المتعلقة بطائرات بوينغ 727 سببت قلقاً أكبر بين المسافرين، إذ كانت حوادث الطيران أكثر شيوعاً آنذاك، ولم يكن لدى الكثير من الأشخاص خبرة في السفر الجوي.
امتازت طائرات بوينغ 727 بأن بها ثلاثة محركات نفاثة على ذيلها، فكانت أول طائرة تجارية مع أقل من أربعة محركات. وكانت أكثر كفاءة في استهلاك الوقود من طائرة بوينغ 707 ذات الأربع محركات، التي كانت رائجة في تلك الفترة. امتازت طائرات بوينغ 727 أيضاً بأجنحتها المبتكرة التي يمكنها كبح الطائرة بشكل أسرع، مما سمح لها بالهبوط على مدارج أقصر، منها المطارات المخصصة للمروحيات.
لكن المخاوف بشأن 727 تلاشت بسرعة، وأصبحت الطائرة مصدر نجاح ومكاسب لبوينغ، بعد أن كانت العناوين الرئيسية في الصحف تسمي هذا النوع من الطائرات "القاتل 727".
وقال بيل والدوك، الأستاذ بجامعة إمبري ريدل للطيران ورئيس مختبر تحطم المدرسة "كانت هناك الكثير من الدعوات لتأسيسها". "كان لديك وكلاء سفر يحجزون الركاب بعيدًا عن الطائرة. كان يمكن أن يقتل الطائرة".
ويشير التقرير إلى أن التحقيقات في الحوادث التي وقعت في الستينات خلص إلى إلقاء اللوم على قادة الطائرات لـ"عدم قدرتهم اتخاذ الإجراءات المناسبة عند الهبوط"، وأن الشركة تخطت أزمتها في تلك الفترة من خلال "زيادة التدريب على التشغيل الآمن للطائرة، وهذا ما أنهى هذه الحوادث". بعد ذلك، أصبحت طائرات بوينغ 727 الأكثر مبيعاً بين طائرات الشركة، وبيع منها 1831 طائرة.
"خلل بالطائرة لا نقص تدريب"
وعلى النقيض مما جاء بتقرير "سي إن إن"، انتقد الرئيس السابق لمكتب التحقيق والتحليل لسلامة الطيران المدني الفرنسي، جان بول توراديك، قبل أيام قليلة، تصميم طائرات بوينغ طراز 737 ماكس، مؤكداً أن "خللاً في النظام الأوتوماتيكي للطائرة، يرغمها على الهبوط بمٌقدمتها، حالما يفقد الطيار القدرة على التحكم بها بصورة كبيرة، وهذا ما قد يتسبب في وقوع حادث للطائرة"، مرجحاً أن هذا "هو ما حدث في حالة الطائرة الإثيوبية".
ووجه خبراء أمريكيون تساؤلات عن الطريقة التي فحصت بها كل من إدارة الطيران المدني وبوينغ النظامَ المانع للتوقف، وعن كيفية تدريب الطيارين حول العالم عليه عندما اشترت شركات الخطوط الجوية التابعة لها طائرات جديدة من هذا الطراز، في حين تعهد دينيس ميلينبورغ، رئيس ومدير شركة بوينغ التنفيذي، في خطاب مفتوح: "بإصدار تحديث للبرمجيات في الطائرة 737 ماكس، وتقديم تدريب متعلق بذلك للطيارين، لعلاج المشاكل التي برزت بعد حادث رحلة ليون أير 610".
وهناك حوالي 350 طائرة من طراز بوينغ 737 ماكس تعمل في جميع أنحاء العالم، ويديرها 54 مشغلاً، وفقًا لإدارة الطيران الفيدرالية الأمريكي (FAA).
وأعلنت عدة دول عربية حظر طائرات بوينغ من طراز 737 ماكس، بينها مصر ولبنان والعراق والكويت والأردن وعمان، بالإضافة إلى دول أخرى.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Apple User -
منذ 4 ساعاتHi
Apple User -
منذ 4 ساعاتHi
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 3 أيامرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ 4 أياممقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعمقال جيد جدا