"جفنه علم الغزل ومن العلم ما قتل"، كما علمنا محمد عبد الوهاب في أغنية "جفنه علم الغزل"، التي تربت عليها أجيال من دون أن تعرف الفرق بين الغزل العفيف والغزل الصريح، أو حتى التحرش.
لكن تلك الأجيال لم تعلم أن معلومة الراحل السيد اللواء الدكتور الأستاذ محمد عبد الوهاب لم تكن دقيقة. فليس جفنه الذي يعلم الغزل، إنما هي جين سميث مؤسسة علم الغزل أو flirtology والخبيرة فيه، والتي تقوم بتدريسه للعديد من الطلاب في العاصمة البريطانية لندن. كما أنها مؤلفة كتاب مترجم الغزل الذي وضعته بعد دراسة امتدت 15 عاماً، وشملت بعض دول العالم.
ولكن قبل أن ننتقل إلى جين سميث، لا بد من تسليط الضوء على تعريف الغزل، فما هو؟
يجيب قاموس المعاني أن الغزل بالمرأة هو الشغف بمحادثتها والتودد إليها.
وترى جين سميث في موقع علم الغزل دوت كوم: "علم الغزل يهدف إلى استخدام البحث العلمي والتكنيكات المجربة، وأنا أسعى إلى تعليم النساء والرجال ألا يهابوا الغزل".
via GIPHY
ثورة المواعدة
كذلك تقول جين سميث إننا في هذا الزمن نجد الأشخاص غير المرتبطين يبحثون عن رفيق حياة في الانترنت، أو عبر تطبيقات المواعدة على الهواتف الذكية. فثورة المواعدة على الانترنت جعلتنا لا نمارس الغزل، بل أصبحنا نشبه الأشخاص الذين يسجلون في ناد رياضي، لكنهم لا يذهبون إليه. لذلك، تقود طلابها في جولات تدريبية في أنحاء لندن لتعليمهم كيف يتحدثون إلى الناس. وتضيف: "إننا نتعرض للتضليل عندما نتعامل مع العالم الحقيقي، والغزل مرعب، فعليكم القيام به بأنفسكم، واحتمال تعرضكم للرفض وارد جداً. وكما أنكم لن تخوضوا غمار الماراثون دون تدريب، كذلك الغزل يحتاج إلى تدريب". مواصلة التدريب والغزل تجعل كيمياء الجسم في حال طيبة، فلغة العيون والضحك واللمس، تفرز الأوكيستوسين، وهو هرمون الحب. via GIPHY وتؤكد سميث على أهمية لغة العيون على نحو خاص، فكلما تركز نظر إنسان ما عليكم زاد احتمال أنه معجب بكم. وبالطبع خلال الحوار، يوجد تواصل بصري ويمكن معرفة الفرق بين نظرة الغزل والنظرة الودية، من خلال أربع علامات هي: التردد: كم مرة ينظر إليك؟ طول النظرة: ما هو طول نظرته إليك؟ كثافتها: ما هي كثافة تلك النظرة؟ إشارات: هل هناك إشارات أخرى؟ هل يلمس شعرك؟ وجهك؟ وقد قدمت جين العديد من الكورسات (دورات تعليمية)، وورش عمل لطلابها، لإمدادهم بالمهارات اللازمة، وبالفعل نجحت في مساعدة الكثيرين. تشمل الكورسات التي تقدمها: كيف تكون جذاباً وجريئاً ومتغزلاً، و7 خطوات للمواعدة، وكيف تتحدث إلى غريب في 21 يوماً، وتعلم كيف تكون أكثر ثقة في نفسك.نصائح
توجه سميث نصائح للمتغزل/ة: "اتركوا انطباعاً أولياً إيجابياً، وكونوا واثقين من أنفسكم، فإذا تعذّر عليكم الشعور بالثقة من خلال الوقوف منتصبين برأس عال، ابتسموا، فذلك يجعلكم مقبولين أكثر، واستمتعوا بوقتكم ولا تشغلوا أنفسكم بالتفكير كثيراً، ولا تستعجلوا الحكم معتمدين على المظهر فحسب". وتقول إن أفضل السبل لتنشيط عضلات الغزل وجعلها أكثر ليونة هي:1- غازلوا باستمرار
via GIPHY وبشكل منتظم، ذلك سينمي مهاراتكم الغزلية. فمجرد حصولكم على بطاقة الصالة الرياضية (الجيم) لن يجعلكم هذا لائقين رياضيين، فلا تتركوا فرصة لمواعدة تضيع، وكونوا صبورين.2- اعرفوا نقطة قوتكم
via GIPHY قد تفضلون ممارسة الغزل في معرض فني أو في نادٍ رياضي، لكن المهم هو أنكم إذا كنتم لا تجيدون الرقص فلا تغازلوا في حفل راقص.3- اعرفوا نقطة ضعفكم
via GIPHY إذا كانت نقطة ضعفكم أنكم لا تجيدون الحديث، فحاولوا تحسينها.كما تنصح جين سميث باستخدام هذه الجمل لبدء حديث:
1 تذكرينني/ تذكرني بشخص أعرفه... وهي جملة جيدة خلال مواعدة أو لقاء في حانة أو مقهى. 2 هل تعرفين/ تعرف أي شيء عن ( أي نوع من الطعام أو الشراب)؟ جربوا ذلك في السوبر ماركت. via GIPHY 3 هل يمكن أن توصيني/ بمقهى أو مطعم ؟ ستكون مشاعره/ها جيدة أنه/ها تساعدكم وسيعرف/ تعرف ذوقكم. 4 يبدو أنك تعرفين/تعرف ما تفعلينه/ تفعله، ما الجيد هنا؟ تعزز نظرتها/ه لنفسها/ه، وقد ينتهي الأمر بتناول العشاء معاً. via GIPHYالغزل بالعربي وتحديداً: بالمصري
بالطبع يؤدي كل ما سبق إلى أن تطرحوا عدة أسئلة، هي هل يمكن التعامل مع الغزل كعلم في المنطقة العربية؟ وهل يمكن أن نشهد في منطقتنا كورسات وورش عمل، مثل التي تقدمها جين سميث؟ وهل يمكن أن يمثل ذلك وسيلة مختلفة لمكافحة التحرش الجنسي، خصوصاً أن الدراسات تقول إن السيدات في مصر يعانين بدرجة كبيرة من مشكلة التحرش الجنسي؟ وقد أظهرت دراسة أعدتها الأمم المتحدة للمرأة عام 2013 أن 99.3% من عينة البحث تعرضن لنوع من أنواع التحرش. وأفادت الدراسة أن نحو 50% من المصريات يتعرضن لمعاناة يومية من التحرش بعد ثورة يناير، و44% قلن إنهن تعرضن للعنف الجنسي. ولدى سؤالنا بعض الفتيات المصريات حول الأمر، أجابت هناء ممدوح (20 عاماً)، وهي طالبة جامعية: "لا أسمح لنفسي بأن أسمع الغزل أصلاً وأعتبره نوعاً من التحرش وقلة الأدب، فالشاب الجاد يدخل البيوت من أبوابها". وأضافت: "لا أعتقد أن أي شخص يمارس الغزل يرضى ذلك لأخته أو لواحدة من عائلته". أما مي عصام (27 عاماً)، وهي مترجمة، فتقول: "ولم لا؟ أرحب بمثل هذه الكورسات فأنا لن أنسى ذلك اليوم الذي كنت أقود فيه سيارتي بشارع في حي المهندسين ومرت من جانبي سيارة قال لي قائدها "أنت أكيد حتة جاتوهاية هربانة من جروبي" (أفخم كافيه وحلواني في مصر حتى التسعينيات) وانصرف". وأضافت: "في الحقيقة قد يبدو ذلك الغزل قديماً نوعاً ما، ولكني أجده رقيقاً". وقالت منى مجدي، وهي طالبة جامعية (20 عاماً): "أعتقد أن هذه الكورسات مضيعة للوقت، فالإعجاب في زماننا لا يكون بالكلام بل بهدية قيمة، وليس كلاماً حلواً أو بضع ورود حمقاء، الأفضل أن تكون هدية ذهبية أو حقيبة غالية". وأوضحت: "نحن في زمن مادي لا مكان فيه للرومانسيات وليس لدينا وقت لنضيعه". ولدى توجهنا بالسؤال نفسه لبضعة شباب، رحب أحمد هلال، محامٍ في الـ25 من عمره، بتلك التجربة البريطانية: "آمل في وجود مثل هذا التعليم لدينا لأنه سيوفر الكثير من الوقت والجهد والمال والألم، فالتدريب والمعرفة يجعلان الأمور واضحة ويحولان دون وقوع المشاكل التي لا لزوم لها، والتي عادة ما يكون سببها الخوف أو الجهل". أما محمود مختار، وهو محاسب عمره 31 عاماً، فيقول: "أعترض على مثل هذه الكورسات، فالمشاعر مسألة عفوية يجب أن لا يشوبها الاحتراف، بل إن وجود متغزلين محترفين يمكن أن يمثل خطراً كبيراً في حالة انعدام الضمير، فيمكنهم التلاعب بمشاعر الفتيات، وذلك يؤدي إلى تفاقم المشكلة وليس إلى حلها".رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...