شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!

ملف صادق جلال العظم (1934-2016)... ومحاكمة فكر القبيلة

تبرز باستمرار أهمية استعادة أعمال وكتابات الفيلسوف والمفكر السوري صادق جلال العظم. فبالإضافة إلى نتاجه الفكري والثقافي، مازالت سيرته الذاتية الشخصية ومسيرته الأكاديمية النشطة والجدلية تتطلبان البحث فيهما بشكل أوسع. وهذا ما يسعى إلى تحقيقه ملف رصيف 22 عن هذه الشخصية الاستثنائية.

تتنوع المواد التي يقدمها ملف "صادق جلال العظم" فمنها ما يتعلق بحياة العظم العائلية والعاطفية وشهادات من أصدقاء، ومنها ما يتعلق بمسيرته المهنية والأكاديمية ، بالإضافة إلى مواد تتعلق بكتاباته الفلسفية ونصوصه في النقد الفني والأدبي والمسرحي

فتتنوع المواد التي يقدمها الملف، فمنها ما يتعلق بحياة العظم الشخصية الذاتية والعائلية والعاطفية وشهادات من الأصدقاء، ومنها ما يتعلق بمسيرته المهنية والأكاديمية ومن بينها مادة بحثية هامة من أرشيف الجامعة الأمريكية، وكذلك تتعلق المواد الأخرى بكتاباته الفلسفية ونصوصه في النقد الفني والأدبي والمسرحي، وأخيراً يضم الملف قصة مصورة تروي حكاية شاب من دمشق، غيرت كتب العظم حياته. 

من الحب إلى العائلة ومن الصداقة إلى الزمالة

يتضمن الملف لقاء أجرته سامية التل مع د.نبيل دجاني الأكاديمي في مجال الاتصال الجماهيري، والذي جمعته بالعظم علاقة صداقة طويلة دامت حوالي الستين عامًا، فعرفه تلميذًا وأستاذًا في الجامعة الأميركية في بيروت، والتقى مشوارهما في محطات عديدة.

يتضمن ملف "صادق جلال العظم" مقابلة مع نبيل دجاني، الذي جمعه بالعظم علاقة صداقة دامت حوالي الستين عامًا، يخبرنا فيها عن نشاط العظم الحزبي وعن فكره الحر وعن أسباب فصله من الجامعة الأميركية وعن الحب في حياته وعن زواجه من فوز طوقان

يخبرنا دجاني عن الجانب العاطفي في حياة العظم من الحب والزواج الأول رغم معارضة الأهل. كما يروي لنا حكاية تخفي العظم خوفاً على حياته من تهديد الإسلاميين، ومن الأخطار التي كانت تحدق بالعظم، بسبب المواقف المتحدية والشجاعة والجريئة التي تضمنتها كتبه وأنشطته الثقافية. كما يذكر دجاني الاعتذار الذي قدم من قبل الجامعة الأمريكية في العام 2017 للعظم، والذي اعتبره قد جاء متأخراً. 

الأكاديمي الإشكالي بين المدن العربية

في نص" جانب من مسيرة مفكر إشكالي" يعلمنا الكاتب محمد شيخ أحمد عن أثر قراءته لكتاب "نقد الفكر الديني"، الذي حسم موقفه لدراسة الفلسفة.  ويقدم الكاتب رؤيته للمسيرة الفكرية للعظم: "كان مفكراً إشكالياً من الطراز الرفيع، وصاحب عقلية نقدية وعلمية جدالية، همّها تفكيك التابوات والولوج للأعماق المظلمة في الفكر والمجتمع الإنسانيين، لاستجلاء مكوناتهما ورفع الحصانة عنهما.

تركز مقالة "جانب من مسيرة مفكر إشكالي"، ضمن ملف "صادق جلال العظم" على العظم بصفته صاحب عقلية نقدية وعلمية جدالية، همّها تفكيك التابوات والولوج للأعماق المظلمة في الفكر والمجتمع الإنسانيين، لاستجلاء مكوناتهما ورفع الحصانة عنهما

وتحت عنوان "بين دمشق وبيروت" يتطرق النص إلى علاقة العظم مع هاتين المدينتين: "لكل من المدينتين بصمتها الخاصة التي لا تمحى في حياة ومسيرة وفكر صادق جلال العظم، وإن اعتبر نفسه دمشقياً شامياً بامتياز، إلا أن الفترة الزمنية التي عاش فيها في بيروت أكبر من تلك التي عاشها في دمشق"، ومن ثم انتقاله للعمل ضمن أطر المقاومة الفلسطينية، حيث ساهم في مركز الأبحاث التابع لها في بيروت مع مجموعة من المثقفين، حاولوا فيها كسر جدار الوهم والغموض تجاه إسرائيل.

أرشيف الجامعة الأميركية في بيروت

يضم الملف أيضاً نصاً هاماً بعنوان: "ماذا يكشف لنا أرشيف الجامعة الأميركية عن ردات الفعل على عدم تجديد عقد صادق العظم؟"،  وهو بحث في الوثائق الأرشيفية للجامعة الأمريكية عن الجدالات الإدارية المتعلقة بعدم تجديد عقد عمل صادق العظم كمدرس في الجامعة الأمريكية، وعن بيانات لجنة الدفاع عن الحريات الجامعية، وعن التحركات الطلابية، وعن بيان منظمة الطلاب العرب التي وقفت بمجملها للدفاع عن العظم وكشف الأسباب الحقيقة وراء منعه من التدريس، وعدم تجديد عقده.

يضم ملف "صادق جلال العظم" أيضاً نصاً هاماً بعنوان: "ماذا يكشف لنا أرشيف الجامعة الأميركية عن ردات الفعل على عدم تجديد عقد صادق العظم؟"،  وهو بحث في الوثائق الأرشيفية للجامعة الأمريكية عن الجدالات الإدارية المتعلقة بعدم تجديد عقد عمل صادق العظم

الحب الآني الشديد مقابل الحب المستقر في الديمومة

في الإطار الإنتاج الفكري والفلسفي، يطلعنا الكاتب عمار المأمون  في نص بعنوان "الحب ضد الدنكيخوتية" على المقاربات الفلسفية والعلم- نفسية لمفهوم الحب في كتاب "الحب والحب العذري، 1968". ويصف الكاتب أسلوب العظم في هذا الكتاب بالعقلاني، النافي بحزم والمتقبل بحسم، المتهكم في بعض الأحيان، خصوصاً أنه يناقش موضوعاً عصياً على التعريف الدقيق، أي الحب.

في الإطار الإنتاج الفكري والفلسفي، يطلعنا نص "الحب ضد الدنكيخوتية" على المقاربات الفلسفية والعلم- نفسية لمفهوم الحب في كتاب "الحب والحب العذري، 1968" لصادق جلال العظم

إبليس البطل التراجيدي المخلص للخالق

وفي إطار النصوص الفلسفية أيضاً، يفتتح الكاتب محمد دريوس نصه "مأساة إبليس، مأساة العاشق ورجل الظلّ" بتقديم تاريخ موجز عن شخصية إبليس الذي يصنفها ضمن إطار ابتكار المخيال الإنساني الأدبي الديني. ويتنقل النص إلى الرؤية الخاصة بمأساة إبليس عند صادق العظم، التي تجعله: "بطلاً تراجيدياً مخلصاً لخالقه لكنه مكروه من عباد خالقه، فهو وقع في تناقض فرضه التعارض بين الأمر الإلهي والمشيئة الإلهية".

يضيء نص "مأساة إبليس، مأساة العاشق ورجل الظلّالذي يُنشر ضمن ملف "صادق جلال العظم" على الرؤية الخاصة بمأساة إبليس عند العظم، التي تجعله أكثر إخلاصاً من باقي الملائكة والرسل

يسمي الدكتور العظم التناقض الذي وجد إبليس نفسه فيه بالـ "غربة": "الشيطان عبد مخلص، بل هو أكثر إخلاصاً من باقي الملائكة والرسل، وقام بتضحية عظيمة خضوعاً لمشيئة الرب وهو يعلم أن عاقبتها وخيمة وأبدية، ولهذا يطلق عليها لقب تراجيدي خاص بمأساة فريدة لعاشق فريد".

النظرية النقدية الأدبية والجمالية

يتناول نص "العظم ومزايا الأدب" للكاتب علاء رشيدي  النظرية النقدية الأدبية والفنية التي خطها العظم في كتابه "ذهنية التحريم" في الفصل الذي يحمل عنوان: سلمان رشدي وحقيقة الأدب. يدافع فيه صادق العظم بشدة عن التقنيات الفنية والتخيلية في الرواية، ويؤكد على ضرورة التمييز بين الروائي الأديب وبين المؤرخ.

كما يطلعنا النص على اهتمام صادق العظم بأدب شرقي يسعى إلى تحرير الشرق من جهله وأساطيره وخرافاته وديكتاتوريته العسكرية وحروبه الطائفية والمذهبية وهامشيته الكاملة في الحياة المعاصرة.

يتناول نص "العظم ومزايا الأدب"  النظرية النقدية الأدبية والفنية التي خطها العظم في كتابه "ذهنية التحريم" في الفصل الذي يحمل عنوان: سلمان رشدي وحقيقة الأدب

يرفض صادق العظم أي وصاية فكرية على الأعمال الفنية أو البحثية التي تعارض المقدس، واتهم النقاد العرب بتطبيق دور الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر بدلاً من الدفاع عن حرية التعبير وحق الكاتب في المساءلة والشك، مذكراً بالرقابة التي مارستها الثقافة العربية. وأخيراً، يستخلص لنا النص رؤية العظم عن دور النقد الأدبي.

كما يتقدم الملف مادةً من نوع القصة المصورة، تجسد حكاية شاب من دمشق مع كتب صادق جلال العظم التي حملها من دمشق إلى بيروت في الثمانينيات، وكيف تأثرت رؤيته للعالم السياسي والديني من حوله بعد قراءته لها. لقد استلهمت الفنانة هذه الحكاية-التجربة، الذاتية-الفكرية،لتحقق منها عملاً فنياً من نوع القصة المصورة.

الملف من إعداد محررة قسم ثقافة إيناس خنسه، كتب المقدمة علاء رشيدي

يشكر فريق رصيف22 مؤسسة صادق جلال العظم وأسرته على منح الموقع صورًا حصرية من أرشيف العائلة. 

Website by WhiteBeard