"الآباء يأكلون الحصرم والأولاد يضرسون". مثل قديم يجسد فعالية الشخص الأقوى في العائلة. هو الذي قيل فيه الكثير: الجبار، المتماسك، الحكيم، صاحب الرأي الأخير، والقلب القوي، والذي يغلب العقل على العاطفة. هو مصدر الاستقرار المادي والمعنوي في المنزل. وجوده يشعر أفراد البيت بالأمان، وغيابه يولّد الخوف.
الأب، الشخص الذي يهابه الأولاد، وأمامه للكلمة والتصرف ثمن وحساب. بخلت عليه الأبحاث والإعلانات، بينما ركزت على الأم في ما خص الأولاد وهمومهم المدرسية والتربوية، تحت ذريعة أنه منهك في العمل، ويأتي تدخله فقط عند الضرورة، فأبقته خارجاً، باعتباره غير مؤثر على تطور الطفل الفكري والنفسي والعاطفي.
ما حقيقة هذا الأمر؟ ولماذا يميل الأب إلى لعب دورٍ يبرز فيه عضلاته ونبرته لردع الطفل عن الخطأ قبل أن يكمل حياته؟
ماذا يعرف الأب عن دوره؟
"منذ الصغر، الأطفال الذين يعيشون مع آباء يشاركون في تربيتهم، هم أكثر استقراراً وثقة بالنفس لاكتشاف العالم، وأكثر جهوزية لتطوير ذكائهم الاجتماعي عندما يكبرون"، هذا ما ورد في تقرير عنوانه "تأثير الأب على النمو السليم للطفل"، بحث في دور الأب وتطوّره عبر السنين، معتبراً أن للوقت الذي يقضيه الأب مع طفله أهميّة قصوى، ليس فقط على الصعيد العاطفي والاجتماعي، بل على الصعيد العلمي والفكري أيضاً.
فقد أثبت العلماء أن كلما كانت العلاقة بين الأب وطفله صحيّة وبعيدة عن الخوف، أصبح الطفل أكثر ذكاءاً وقدرة على حسن اختيار أصدقائه في ما بعد، لأن الأب سيصبح القدوة بدل أن يكون الشخص الذي سينتفض عليه الولد.
هنالك دراسة أخرى ذهبت أبعد من حيث تأثير الأب، فاعتبر الباحثون أن مشاركته في تربية الطفل، ولعبه دوراً بناءاً من ناحية نوعية الوقت الذي يقضيه مع طفله، يجعل الأخير يتمتع بمعدل ذكاء أعلى، وهذا ما سيساعده على التفوّق في المواد العلميّة خصوصاً الرياضيّات.
يشار إلى أن الجمعية الوطنية الأميركية لصحة الطفل والتنمية البشرية، أشارت إلى التطوّر الفعلي لدور الأب ولمشاركته الأم في تربية الأولاد، وأعادت ذلك إلى عدّة أسباب، منها: عمل الأمهات ساعات أطول، وحصولهن على مرتّبات أعلى من الرجل أحياناً، والأبحاث المتعلّقة بالصحة النفسية للطفل، والتوعية النفسية والاجتماعية حول دور الأب. وهذا ما أدى إلى تحوّل دوره من مجرّد فارض للقوانين ومراقب لها إلى حاضن ومصدر عطف وأمان.
ماذا عن الأب العربي؟ أين هو من تلك المفاهيم؟ هل يعرف أن دوره يساهم في بناء شخصية الطفل أو في تدميرها كلّياً؟ هل يدرك أن التربية ليست بالفرض والترهيب، ورسم شخصية الطفل كما هو يريد؟
هل تعرف أيها الأب أنك كلما تنظر في عينَيْ ابنتك، ستنظر هي في عيني أي رجل تقابله؟ ربما ستكره الرجال بسبب الصورة التي كونتها عنهم من خلال علاقتها معك.
وجودك مهم، لذا لا تستخف به بعد اليوم، وانتبه لتصرفاتك، لأن بعضها يمكن أن يسبب ضرراً جسيماً وطويل الأمد لولدك من دون أن تدرك. لذلك اخترنا لك 10 عادات تربويّة عليك تجنبها للحفاظ على علاقة صحية مع طفلك، تضمن له مستقبلاً سعيداً:
1- أن تصرخ أكثر ممّا تتكلّم
كفاك تهديداً بالصراخ أو بالعنف الجسدي. صحيح أنك قد تفقد أعصابك أمام تصرفات طفلك التي تعتبرها مستفزة، لكنك أحياناً تنسى أنه لا يعرف طريقة للنقاش والحديث إلا عبر التذمر والإلحاح. مسؤوليتك أن تعلّمه آليّة الحوار الصحيحة. الصراخ لا يوصل أي رسالة للطفل غير فقدك السيطرة أمامه، حتى أصبح أقوى منك.
2- أن تتذرّع بالتعب عند كل طلب
تأتي إلى المنزل مرهقاً فتعطي زوجتك المال وتطلب منها أخذ الأولاد في نزهة لإبعادهم عنك. وكأنهم مصدر تعب، ومتعتهم مسؤولية الأم وليس أنت. ألا تعرف أن قضاء وقت مع أولادك ليس مفيداً لهم فقط بل لك أنت أيضاً؟ لأنك تنسى ضغط العمل وتركز على بناء تواصل عاطفي له إيجابيات كثيرة مع طفلك. حتى لو كنت متعباً فأنت لست الوحيد! بالطبع زوجتك متعبة أيضاً، فهي كانت تعمل سواء خارج المنزل أو داخله.
3- أن ترمي الحمل كله على الأمّ
هل أنت ممن يلومون الأم على سلوكيات طفلك السيئة؟ لم لا تلوم نفسك على غيابك؟ لا يمكن أن تترك طفلك في عهدة الأم لتلومها في ما بعد. لينشأ طفلك بصحة نفسية سليمة، يجب أن يتربى في ظل أب وأم يأخذ منهما العاطفة والحب، ويتعلم الحدود والممنوعات. لا تقدر الأم أن تصنع المعجزات، لذا عليك أن تساعدها في تربية الطفل، وأن تكون حاضراً لمساندتها في أي قرار تتخذه، والأهم ألا تهينها أمامه، لأنك ستفقد احترامك واحترامها في نظره.
4- أن تتذمّر من كونك أباً
تشتكي أمام أهلك أو أصدقائك من زوجتك وأولادك؟ تعتبرهم مصدر تعاستك ويأخذون كل وقتك وطاقتك؟ ليس ذلك التصرف حكيماً ولن يساعدك في شيء. إن كنت تواجه مشكلة في المنزل، فعليك مواجهتها وحلّها. والأهم أن تعرف كيف تخصص وقتاً لنفسك لممارسة هواياتك، والتنفيس عن ضغط العمل والمنزل، لتعود إليك كامل الطاقة والحضور النفسي فيكون تأثيرك إيجابياً عليهم.
5- أن تعظ على مدار الساعة
هل تعتبر أن دورك في المنزل هو فرض النظام، أو أن ذلك سيضمن أن أولادك سيتقيّدون به؟ ليس بالضرورة... كثير من الأولاد يسمعون عظات وافرة من آبائهم، ويبقى كلامهم صراخاً في البريّة. إليك السرّ، إن كنت تريد أن يسمعك طفلك كن له قدوة حسنة والأهم كن صادقاً معه واحترم تميّزه. لا تحاول معاداته أو تحدّيه لأنك بذلك تفقد ثقته وتشجّعه على الكذب دون أن تدري.
6- أن تنشغل يوم العطلة
تأتي عطلة نهاية الأسبوع أو عطل الأعياد، فتختلق مشاريع وهميّة تبعدك عن أولادك؟ وعند سؤالك عن السبب تجيب بأن تواجدك معهم متعب؟ أخرج نفسك من هذا الفكر النمطي الخاطئ الذي يعتبر أن الأولاد مسؤولية الأم وامنحهم وقتك. إلعب معهم كما يحبون، وعد لأيام طفولتك. هذا سيريحك ويريحهم ويجعل علاقتكم متينة وصادقة.
7- أن تتآمر مع ولدك ضدّ الأم
أسوأ ما يمكن أن يفعله أب بحق أولاده وزوجته هو التآمر معهم ضدّها. يحتاج الولد لصورة أهل مستقرة يكون فيها الأب والأم فريقاً متماسكاً في كل الظروف. إن كنت تظنّ أنك بذلك تكسب حبّهم فأنت مخطئ. سوف يحقدون عليك لاحقاً، وليس ذلك فحسب، أنت تخلق لديهم ارتباكاً في صورة الأب والأم، يجعلهم في حال من عدم الاستقرار النفسي، ما يؤثر سلباً على خياراتهم خصوصاً اختيار الشريك.
8- أن ترضخ لطلب طفلك لإسكاته
يبكي طفلك كثيراً فتغضب وتخاف أن تؤذيه... ما الحل الأسهل؟ ترضخ له ولطلباته. إليك التالي: في اللحظة التي تستسلم فيها لسلوك طفلك هذا، تصعّب على نفسك في المرّة المقبلة قول "لا". يحتاج طفلك إلى الثبات وعدم التغيير في المواقف والآراء، لأنه سيستعملها للتلاعب بك لينال مبتغاه. ومنك سيتعلّم الطفل أن في التلاعب والدموع ينال الشخص ما يريد، ما قد يجعله شخصاً غير مسؤول في ما بعد.
9- أن تهين ولدك
شخصية طفلك تكون هشّة في البداية، ويتأثر في كل كلمة يسمعها خصوصاً منك، فأنت قدوته. منك يكتسب ثقته بنفسه ومن كلماتك وسلوكك يبني شخصيته. إن وجّهت له الإهانات تحت أي ظرف، فأنت تدمّر صورته الذاتية، وتجعله يشعر بالفشل وفقدان روح المبادرة. لذلك من المهم أن توجّه الملاحظة لطفلك إن أخطأ مركزاً على التصرف الخاطئ الذي أقدم عليه، وليس إهانته شخصياً. فبدل أن تقول له: "أنت فاشل أو قليل الأدب قل له تصرفك هنا كان سيئاً". والأهم أن تحافظ على تواصل الحوار بينكما.
10- أن تستعلي على عائلتك
تنصّب نفسك امبرطوراً حاكماً بأمرك على عائلتك، فقط لأنك ربّ الأسرة! فتكلمهم بصيغة الأمر وتريدهم أن يهابوك. ستخسرهم وتجعلهم تعساء. توقّف عن تأنبيهم وجعلهم ينصاعون لأوامرك. ابحث معهم على مصدر سعادتهم، كي لا يضطرّوا إلى استبدالك بصورة أكثر استقراراً للأب، هذا إن وجدوها في إنسانٍ آخر.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعرائع