البحر في غزة لم يعد مكاناً لصيد الأسماك ومتنفساً للأهالي فحسب، بل أصبح مجالاً رحباً لرياضة جديدة على الغزاويين، دشنتها مجموعة من الشباب المتحمسين، ألا وهي ركوب الأمواج.
القصة بدأت قبل حوالي ثماني سنوات عندما كان الشابان محمود الرياشي وإبراهيم عرفات يذهبان للبحر ويشاهدان المنقذين البحريين وهم يقومون بأعمالهم في حماية الناس، وسرعان ما عشقا البحر ورغبا في المغامرة بركوب أمواجه.
محمود الرياشي شاب في أواخر العشرين من العمر. يقول لرصيف22 إنه تعلم الكثير عن رياضة ركوب الأمواج من خلال مشاهدته لقطات لمحترفي اللعبة عبر الانترنت وقام مع ابراهيم عرفات صديقه وجاره بصناعة ألواح خشبية وأخرى من الفلين لتعلم هذه الرياضة. مع الوقت، انضم إليهما عدد من أصدقائهما وزملائهما في الدراسة أو العمل ليكونوا فريقاً من 20 شاباَ لركوب الأمواج.
استمر الرياشي مع فريقه يتعلمون كيفية ركوب ألواح الخشب والفلين مدة ثمانية أشهر، وبمرور الوقت تمكنوا من شراء بعض الزلاجات الخاصة من خلال العمال الفلسطينيين في إسرائيل. ولكن لارتفاع سعرها مقارنة مع أوضاعهم الاقتصادية، لم يتمكنوا من شراء ما يكفيهم منها، فاستمر بعض أفراد الفريق في ركوب الأمواج بالألواح المصنعة محلياً.
بعد انتهاء العدوان الإسرائيلي على القطاع في أغسطس الماضي، تزايدت أعداد الصحافيين الأجانب القادمين لتغطية أوضاع الفلسطينيين بعد الحرب. أحد هذه الطواقم الصحفية الأجنبية تعرّف على راكبي الأمواج في غزة خلال إعداده تقريراً عن أوضاع الصيادين الفلسطينيين. أعد الطاقم تقريراً عن الفريق، شاهده أحد راكبي الأمواج الأمريكيين، فتبرع له بعدد من الزلاجات الحديثة والملابس الخاصة لممارسة هذه الرياضة، والتي وصلت إلى أعضاء الفريق قبل أشهر قليلة. إلتفاتة غير متوقعة، يقول الفريق الفلسطيني إنها فاجأتهم وأفرحتهم كثيراً لما لها من تأثير عليهم وعلى قدراتهم في ممارسة هذه الرياضة.
ابراهيم عرفات، أحد أعضاء الفريق والحاصل على شهادة في التمريض، يقول إن حصولهم على الزلاجات الحديثة زاد من حماستهم للتواصل مع ممارسين دوليين لهذه اللعبة، بعد أن أدركوا أنهم يستطيعون أن يحظوا بمتابعة من رياضيين آخرين حول العالم.
تواصل ابراهيم مع أحد راكبي الأمواج في الولايات المتحدة الأمريكية عبر الانترنت، وحصل على دعوة تدريب لركوب الأمواج في هاواي، وهو ينتظر بفارغ الصبر موعدها في أواخر شهر إبريل المقبل، ويأمل أن يتمكن من السفر والاستفادة من هذه التجربة.
أما عن نظرة سكان غزة لهم، خاصة أن رياضتهم غريبة عن المجتمع الفلسطيني، فيقول إبراهيم إن الناس تغيروا بشكل كبير "فبعد أن كانوا ينظرون إلينا على أساس أننا مجموعة من الشباب المجانين المغامرين المنفصلين عن الواقع، باتوا يستمتعون بمشاهدتنا ويدعموننا ويشجعوننا".
يؤكد إبراهيم أن ما يقرب من 100 طفل وشاب يرغبون في تعلم رياضة ركوب الأمواج "ولكننا للأسف غير قادرين على تدريبهم بسبب قلة الوقت وغياب الإمكانات" ، فطبيعة الطقس لا توفر بشكل دائم جواً مناسباً لركوب الأمواج، والفريق يعتمد على المنخفضات الجوية الشتوية لممارسة رياضته، بعد أن تشتد أمواج البحر.
علاوة على ذلك، يعد تلوث البحر من أبرز العقبات أمام تدريب الراغبين في تعلم رياضة ركوب الأمواج. فاعتماد غزة على تصريف الصرف الصحي والمياه العادمة في البحر، أضر كثيراً بهواة هذه الرياضة. يضاف إلى ذلك إجراءات البحرية الإسرائيلية التي تمنع الصيادين من الدخول إلى ما يزيد عن ثلاثة أميال بحرية وتقوم بإطلاق النار لترهيبهم، وهذا يربك الرياضيين.
بعد المستوى المتقدم الذي وصل إليه فريق ركوب الأمواج في غزة، برغم العراقيل الكبيرة، يقول أعضاء الفريق إن أمنيتهم الأهم هي اعتراف وزارة الشباب والرياضة الفلسطينية بهم، وتبنيها هذه الرياضة بشكل رسمي، حتى تُفتح لهم الأبواب أمام المحافل الدولية ويتمكنوا من المشاركة مستقبلاً في بطولات قارية وعالمية.
من جهة أخرى، عبّر عدد من أعضاء الفريق عن أمنيتهم في إنشاء مدرسة لتعليم رياضة ركوب الأمواج، وهي أمنية يمكن أن تتحقق مع قليل من الدعم المحلي والرسمي الفلسطيني.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...