شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!

"عمرك ما تقول فديت" تغني آمال المثلوثي

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الثلاثاء 11 أبريل 201706:59 م
"الموسيقى قادرة على تحرير الإنسان" (بوب مارلي). "أنا حرة، كلمتي حرة". رافقت هذه الكلمات الزخم الثوري عندما خرج الشعب التونسي بالآلاف للمطالبة بسقوط نظام ظل جاثماً على صدره نحو 23 سنة. آمال المثلوثي شابة غنت للثورة وتغنت بالحرية، موسيقاها كانت ملازمة لصرخات الحشود وأصوات الشباب المتعالية في شارع الحبيب بورقيبة، وغيرها من الشوارع، مطالبة بحياة أفضل. تقاسمت المثلوثي هذا الحلم مع التونسيين، فضمنت كلماتها وموسيقاها ما يعتمل في صدرها من أحاسيس ومشاعر.

محاولات إيجاد الطريق

اعتادت آمال المثلوثي، منذ الطفولة، الاستماع إلى الموسيقى، بمختلف أنواعها وأنماطها. فكان والداها من هواة الموسيقى الكلاسيكية، وموسيقى الشيخ إمام. ساهم هذا الجو في ولعها بالموسيقى عموماً، وبالغناء بصفة خاصة. فبدأت تراودها فكرة الغناء منذ سن العاشرة. تقول آمال: "تلك الفترة، كانت بداية اهتمامي بالموسيقى، إذ كان لوالدي دور كبير في هذا، ورغم أنهما لم يكونا مختصين في المجال، فإن اختياراتهما الموسيقية في المنزل، أثرت فيّ ودفعتني لاختيار وجهتي". هذا "الغرام" بالموسيقى، كما تسميه الفنانة الشابة، كبر مع مرور السنوات وأصبح هدفها صقل هذه الموهبة وتنميتها. وهو ما سيحصل في السنوات الأولى في الجامعة، فكانت على موعد مع العديد من المحطات المهمة. وعن هذه الفترة تتحدث: "الحقيقة أنني لم أكن متحمسة للدراسة لأنني حسمت أمري واخترت الموسيقى. فبدأت تعلم الغيتار والغناء، وكوّنت مجموعة مع بعض الأصدقاء كحمدي غضون وكريم بن منصور". كان تكوين فريق "إيديوم" أول خطوة في بناء مسيرة طويلة نحو العالمية، فتميزت المجموعة بإعادة الأغاني الأجنبية، وهذا ما ساعد المجموعة على الظهور في برنامج موسيقي على قناة 21 آنذاك. وتضيف آمال: "في تلك الفترة، كان ظهورنا في برنامج تلفزيوني إنجازاً في حد ذاته نظراً لإمكاناتنا البسيطة". بعد ذلك، بدأت تتضح معالم مسيرة آمال المثلوثي، التي واصلت العمل، وتوجته بألبوم "خايف" (2005) وألبوم "حلمة" (2008). "ألبوماي خايف وحلمة أعتبرهما البداية الحقيقية لمسيرتي، فقد أعطياني دفعاً كبيراً للمواصلة، أنا كتبت الأغاني وساهمت في التلحين".

عن الهجرة والثورة

&feature=youtu.be بعد البدايات والمحطات المتنوعة، اتجهت آمال إلى عاصمة الأنوار باريس، حيث ضاعفت جهودها، وأقبلت على تجارب موسيقية جديدة. تقول: "كانت وضعيتي في باريس مريحة نوعاً ما، كنت أكتب باستمرار، كتبت العديد من الأغاني، الجو الباريسي كان رائعاً. اشتغلت على مزج مجموعة من الأنماط الموسيقية المختلفة، وعندما رأيت النتائج، بدأت محاولاتي بهدف العثور على طريقة تمكنني من مزج الموسيقى التونسية مع إيقاعات وموسيقى إلكترونية". هذا المشروع سيتبلور مع نسيم الزغيدي سنة 2010، في لقاء سيكون محطة مهمة في تطوير الأداء والانكباب على ألبوم "كلمتي حرة" (2012)، الذي هو بمثابة "عمل فني مرافق للثورة في مختلف مراحلها"، على حد تعبير المثلوثي. ويتضمن الألبوم 13 أغنية، أبرزها أغنية "كلمتي حرة" التي تتميز بنسقها البطيء منذ البداية، مع إيقاعات خفيفة وألحان كمان، كخلفية لصوت آمال المثلوثي، الذي يأتي رخيماً هادئاً متغنياً بالحرية التي تعتبر موضوع الأغنية "أنا صوت إلي ما رضخوش" ( أنا صوت الذين لم يرضخوا). تحولت هذه الأغنية إلى رمز للثورة التونسية، وازدادت شهرة، واحتلت مكانة خاصة في قلوب التونسيين، بعد أن أدتها في شارع الحبيب بورقيبة في العاصمة أمام مئات المتظاهرين، كما غنتها في حفل تسليم جائزة نوبل للسلام في أكتوبر 2015. الحقيقة أن هذا الألبوم يعدّ تجسيداً للرؤية القائلة بأن الثورة التونسية إضافة إلى طابعها السلمي، كانت سبباً في نشأة مجموعة مشاريع فنية عبرت عن أدق تفاصيل هذه المرحلة من تاريخ البلاد. وأغاني آمال المثلوثي إحدى أبرز هذه التعبيرات الموسيقية.

"ما قتلو حد"

لا يمكن أن نتحدث عن مسيرة آمال المثلوثي، من دون المرور بحدث مهم في تاريخ البلاد وهو اغتيال شكري بلعيد، سياسي تونسي من مؤيدي التيار الماركسي اللينيني، وكان من أشدّ المنتقدين لأداء الحكومة الائتلافية في تونس، في فبراير 2013.
&feature=youtu.be وقد سعت المثلوثي إلى تخليد ذكراه وإدانة العنف والإرهاب عبر هذه الأغنية، التي تعتبر في الحقيقة ردة فعل متسرعة، إذ لم تكن في المستوى المطلوب، في ما يتعلق بالكلمة واللحن. وقد وجهت لها العديد من الانتقادات التي اعتبرتها صاحبة أغنية "ما لقيت": "استغلال الكثيرين للأغنية لإبراز كرههم، فغالبية الانتقادات لم تكن قائمة على أي حجج". هكذا دافعت المثلوثي عن الأغنية، معتبرة أنها ظلمت وكانت ضحية تشويه ممنهج إثر صدورها.

العودة مع "إنسان"

بعد غياب دام بضع سنوات، تعود آمال المثلوثي بألبوم "إنسان". من العنوان، تبدو اهتمامات هذه الفنانة الشابة أكثر توسعاً وكونية.  ففي أغنيتها "إنسان ضعيف"، نلاحظ هذا بسهولة من خلال الديكور والألوان المختارة (الأسود والأحمر)، وتؤدي آمال الأغنية بإيقاع صاخب، يصاحب صوتها القوي وحركات عنيفة تعبر عن الاختناق من وضع الإنسانية. عن الكليب والألبوم تقول آمال: "من باريس إلى نيويورك، أعتقد أنني حصلت على تجربة لا بأس بها. الهجرة زادت اقتناعي بمهمة الفنان ودوره في التعبير عن مشاغل الناس الإنسانية، ومن هنا جاء عنوان الألبوم الذي بدأت في إعداده منذ أواخر سنة 2015." وتضيف آمال "التعاون مع المنتجين أمين المتاني ونسيم الزغيدي كان مثمراً. في كليب "إنسان ضعيف" أردت أن أوظف خلفية حمراء لجلب الإنتباه وتسليط الضوء على الحركات السريعة أثناء الرقص. الحقيقة أنني لم أقابل الراقصين سوى يوم التصوير وأنا سعيدة لأن العمل كان كما تخيلته تماما". تعترف المثلوثي أنه أثناء العمل على الألبوم، إختيار الأغاني كان صعباً، ثمة أغاني قديمة لم تلق حظها أعادتها من جديد إلى جانب العديد من الأغاني الجديدة التي أتت كنتيجة عمل دؤوب وتنقل بين الولايات المتحدة وفرنسا وآيسلاندا. أما على مستوى الموسيقى، فالإيقاعات الطاغية هي أساساً من شمال إفريقيا طورت الفنانة على مزجها وتسجيلها في سيفان بفرنسا. رغم العديد من الخيبات والتراجع لسنوات، بقيت آمال المثلوثي أيقونة الثورة التونسيّة، التي غنت للحرية وساندت بموسيقاها كل الثائرين. كان للهجرة دور في نحت شخصية هذه الشابة وفي تطور أدائها وأهدافها، التي تتمثل أساساً في التغني بالثورة والانعتاق. "بيورك" التونسية، كما يلقبونها، ستؤدي حفلاً غنائياً ضمن فعاليات مهرجانات بيت الدين – لبنان، ليلة 21 يوليو المقبل، عوضاً عن اشتراكها في مهرجانات أخرى في تونس وخارجها، سيتم الإعلان عنها في مرحلة مقبلة.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image