شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
من الصحافة العبرية: هكذا سلب الصهاينة ممتلكات العرب وأراضيهم خلال نكبة 48 

من الصحافة العبرية: هكذا سلب الصهاينة ممتلكات العرب وأراضيهم خلال نكبة 48 

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الاثنين 15 مايو 201710:01 ص
بدون "رتوش" أو تجميل، يدحض المؤرخ والباحث الإسرائيلي البروفيسور آلون كوفينو الرواية الإسرائيلية حول حرب 1948، وينفي المزاعم الصهيونية القائلة إن الفلسطينيين هم من بدؤوا بها. ويلقي الباحث الذي يعكف حالياً على تأليف كتاب عن القصة الحقيقية لتلك الحرب بالضوء على أعمال السلب والنهب التي ارتبكها اليهود، عصابات ومواطنون، بحق ممتلكات وأراضي الفلسطينيين المهجرين والتي وصفها بأنها كانت مثل "هجوم الجراد على الحقل". جاء ذلك في مقالين منفصلين بصحيفة هآرتس الأول بتاريخ 15 فبراير 2017 بعنوان "هذا ما حدث أيضاً في حرب الاستقلال"، والثاني بتاريخ 20 فبراير 2017 بعنوان "كنت شاهداً على السلب والنهب من قبل اليهود". المقال الأول جاء رداً على مقال سابق نشرته الصحيفة لـ"أوري أفنيري" وهو صحافي إسرائيلي وأحد أشهر ناشطي اليسار في إسرائيل، وعضو كنيست سابق. يقول كوفينو في مطلع مقاله: "أوري أفنيري رجل صاحب إنجازات، من بين أهم أعماله كتابان عن حرب 1948. مقاله "في الحقيقة هذا ما حدث في حرب الاستقلال (هآرتس، 13 فبراير)" يبدي رأيه في الحرب من خلال تجربة شخصية. مقاله هذا مهم ليس لأنه يروي ما حدث، لكن لأنه يظهر لنا كيف يذكر هو والكثير من اليهود ما حدث، سواء عايشوا الحرب أو يذكرونها كجزء من الذاكرة الجمعية الإسرائيلية اليهودية. من المؤكد أن اللاجئ الفلسطيني يتذكر "حقيقة ما حدث" بشكل مختلف تماماً. نحن نتذكر الماضي لبناء هويتنا في الوقت الحاضر، لذلك لا نتذكره للوقوف على طبيعته، بل نشوهه ونفهم ما حدث مثلما نريده أن يحدث. إحدى مهام المؤرخ أن يروي قصة معقدة وثرية عن الماضي". RTRD6LGRTRD6LG ويبدأ كوفينو سرده: "لم يوافق العرب على خطة التقسيم لأنها منحتهم نحو 45% من الأرض رغم أنهم كانوا يمثلون ثلثي السكان، ولأنهم رأوا انعدام العدالة في منح جزء من أرضهم لمستوطنين أوروبيين جاءوا حديثاً. أدركوا أنه لا يهم أي شكل سياسي سترتديه الصهيونية التي جاءت أهدافها على حساب أبناء الأرض. من المؤكد أن اليهود وافقوا على المخطط الذي منحهم أقل أو أزيد مما يريدون، ومؤكد أن العرب رفضوه". واعتبر أن المزاعم بأن العرب كلهم رفضوا خطة التقسيم، بينما وافق عليها اليهود كلهم ليست دقيقة، فهناك تيارات مهمة في الحركة الصهيونية رفضت الخطة لأسباب مختلفة، بينما كان هناك زعماء فلسطينيون محليون في المدن الكبرى مستعدين للتوصل إلى تسوية. وأشار إلى أن النقطة الحاسمة كانت في تقبل القيادة الصهيونية برئاسة بن غوريون للخطة، بينما رفضتها القيادة الفلسطينية برئاسة الحاج أمين الحسيني. وعن ظروف اندلاع الحرب، أكد كوفينو أن "الزعم بأن العرب من بدؤوا الحرب ليس دقيقاً. لم "يبدأ" أحد الحرب. كانت الأيام والأسابيع التي جاءت بعد خطة التقسيم متوترة، وشهدت أحداثاً عنيفة قام بها الطرفان. لم يبدأ العرب الحرب بل إضراباً عاماً. لم يعتقد الكثير من الفلسطينيين والعرب في ديسمبر 1947 أن الحرب قد اندلعت على الإطلاق، بل اعتبروا الأحداث كاستمرار لأحداث الثورة العربية 1936- 1939. خطط بن غوريون للحرب، ورأى فيها فرصة لزيادة أراضي الدولة اليهودية التي منحتها الأمم المتحدة، وتقليص عدد العرب بها". وتابع: "تحولت الاغتيالات التي وقعت في شهر ديسمبر إلى حرب في مطلع 1948، حرب كان لليهود فيها ميزة كبيرة في التنظيم الاجتماعي والاقتصادي والإيدلوجي والعسكري. كان المجتمع اليهودي صغيراً، لكنه تشكل من مجموعة مختارة ذات إيدلوجيا واضحة (كان الهدف واضحاً: استقلال يهودي وإن كان هناك جدل على طريقة التنفيذ)، وحماسة ثورية، وأنماط تنظيم اجتماعي وعسكري أوروبية. مثل الهاغانا والبلماح (وحدة ضاربة في الهاغانا) التي تشكلت في 1941 كقوة عسكرية مدربة ومنضبطة، وذات قيادة موحدة. كان البلماح تحديداً قوة مختارة، نوعية، بشكل يشبه وحدات الكوماندوز، يخضع لقيادة مركزية، متحررة من الارتباطات المناطقية. لم يكن لدى الفلسطينيين تنظيم اجتماعي وعسكري مماثل، أو قيادة سياسية مركزية وفاعلة. لم يكن لديهم وحدات عسكرية مدربة أو قيادة مركزية. السؤال الرئيسي لم يرتبط بمن كان أقلية أو أغلبية، بل بمن كان مستعداً للحرب ومن لا". في المقال الثاني والمهم يستعرض كونفينو بعض الشهادات والدلائل الموثقة تاريخياً حول ارتكاب اليهود والمهاجرين الصهاينة أعمال سلب ونهب خلال النكبة: "ترك الفلسطينيون في كل أنحاء البلاد خلفهم حياة كاملة ومعها الأغراض والأمتعة التي استخدموها. بدأ نهب الممتلكات العربية مع اندلاع الحرب، واكتسب زخماً شعبياً في الشهور التي سبقت 15 مايو، مع احتلال طبرية، وحيفا ويافا وصفد وسقوط الأحياء العربية بالقدس الغربية، وبعد ذلك حصل النهب على الختم كسياسة رسمية. ارتكبت أعمال النهب على يد أشخاص من كل طبقات الشعب (اليهودي). وصف ورنار سنتور مدير الجامعة العبرية السلب والنهب في القدس بأنه كان أشبه بـ"انقضاض الجراد على الحقل" (من أرشيف بن غوريون). في كتاب "تسعة تدابير: القدس في معارك حرب الاستقلال" يصف جندي شارك في المعارك ما حدث: بينما استمر تطهير كتمون (حي بجنوب وسط القدس)، اندلعت أعمال سلب ونهب بمشاركة جنود ومواطنين، اقتحموا المنازل الخالية من السكان، وحملوا من هناك الأثاث، والملابس، والأجهزة الكهربائية، والمنتجات الغذائية... الكثير من الجنود والقادة أحسوا بالنفور حيال ما يحدث على مرأى ومسمع منهم، لكنهم كانوا عاجزين عن السيطرة على الشهوات الجامحة. في 18 أبريل تم احتلال الحي العربي من طبرية، الذي قطنه معاً يهود وعرب على مدى عشرات السنين، وأجبر سكانه الفلسطينيون على الرحيل. في كتابه "النضال من أجل طبرية" يقول ناحوم عاف، الذي شارك في القتال كجندي: "تلقينا أمراً بمنع السكان اليهود من الانقضاض على المدينة (العربية). المهمة لم تكن مشجعة كثيراً. فالجنود الذين كانوا قد انتهوا للتو من المعركة الأخيرة لتحرير طبرية، اضطروا للوقوف بالسلاح أمام يهود هدفهم السلب والنهب". بعد يومين من القتال قام بجولة في الحي العربي وشاهد ما تبقى "في أعقاب السلب المشين". كانت طبرية هي أول مدينة عربية يجرى احتلالها، لكن أدركت القيادة وقتها أن نهب الممتلكات أصبح إحدى سمات الحرب. بعد ستة أيام على احتلال طنطورة (قرية فلسطينية جنوب حيفا) وطرد سكانها في 29 مايو، كتب قائد منطقة مزخارون يعقوف: "بعد البحث لدى مواطنين اشتبه في استيلائهم على أمتعة في طنطورة، عُثر على ما يلي: بحوزة إسحاق سجادة واسطوانات، وزلمان، حقيبة قهوة (غير محمصة)، سلة خيار، ونهبت جداليا عنزة، وإسرائيل بطانية" وهلم جراً، "الأشياء التي عثر عليها لدى الأشخاص السابق ذكرهم لا تتضمن قائمة بكل الأغراض التي سُلبت وفقاً للأخبار المؤكدة التي تلقيتها (مثلما يرد في أرشيف الجيش الإسرائيلي). كان زعماء الدولة وقادة الجيش قلقين من ظاهرة السلب. "كنت شاهد عيان على سلب ونهب من قبل اليهود، الذين يرون أعمال السلب أمراً طبيعياً ومسموحاً به"، كتب إسحاق بن تسفي في رسالة لديفيد بن غوريون في 27 مايو. أبدى جنود وقادة ومواطنون وسياسيون اشمئزازهم من الظاهرة، كانت مشاعرهم صادقة. مع ذلك لم يهتم الكثير منهم للمنهوبين، بل تفاجأوا أكثر من تصرف اليهود مثل أي شعب من الشعوب. لم يكن القلق فقط لأسباب أخلاقية، أو الحفاظ على حقوق ملكية الفلسطينيين، بل انطلاقاً من الرغبة في منع الفوضى بين المحاربين، ومن اعتقاد بأن هناك نوايا قريبة بضم الممتلكات لخزينة الدولة، وهو ما حدث بالفعل. بعد وقت قصير من دخول قوات الهاغانا إلى يافا في 15 مايو، انتشر في المدينة بين 30 إلى 50 مفتشاً قاموا بتنظيم عملية خروج البضائع والممتلكات بشكل منظم للجيش. AFPAFP في سلسلة خطوات رسمية بين مارس وديسمبر 1948، وضعت القيادة السياسية يديها على الممتلكات الفلسطينية. في شهر مارس شكلت القيادة لجنة خاصة هدفها مصادرة الممتلكات في البلدات التي جرى احتلالها من قبل اليهود وأُفرغت من سكانها العرب. في 21 يوليو عينت الحكومة لجنة وصاية على البلدات المفرغة ومنحتها صلاحية توثيق الممتلكات المهجورة وتوزيعها. في صيف 1948 فكر بن غوريون وآخرون في أن إسرائيل ستضطر لتعويض الفلسطينيين على ممتلكاتهم، إذا ما سمح لهم بالعودة لبيوتهم، وهو التفكير الذي تم التخلي عنه نهاية الصيف. في سبتمبر أجّرت الدولة للكيبوتسات والمستوطنات جزءاً من الأراضي الفلسطينية، كان هذا فعلاً تجريداً دائماً. آلت المدن والبلدات التي كانت تحوي منازل العرب المهجورة إلى مستأجرين جاءوا ضمن موجة الهجرة اليهودية. في 8 نوفمبر انتهجت الدولة الأسلوب الكلاسيكي للإشراف على السكان من خلال إجراء إحصاء سكاني من منزل إلى آخر. كل من أقام داخل حدود الدولة، يهودي أو عربي، حصل على الجنسية الإسرائيلية. من لم يكن حاضراً، بكلمات أخرى النازحون الفلسطينيون الذين لم يسمح لهم بالعودة، خسروا كل شيء. في 12 ديسمبر نشرت الحكومة قانون أملاك الغائبين الذي منع العرب فعلياً من المطالبة بممتلكاتهم. في النهاية، نقل قانون أملاك الغائبين عام 1950 الحق في ممتلكات اللاجئين إلى الوصاية. صادر القانون نحو 4 ملايين دونم من الأراضي العربية، وحسابات مصرفية تصل إلى ملايين الجنيهات وممتلكات من أنواع مختلفة بقيمة 4 ملايين جنيه. لم يشهد الفلسطينيون كل هذه الأمور من بعيد. بعد الحرب كان هناك نحو 30 ألف فلسطيني لاجيء في الداخل، هؤلاء هم المشردون الذين ظلوا في مجال إسرائيل، وأصبحوا مواطنين، لكن لم يسمح لهم بالعودة إلى منازلهم. صُنفوا كـ"غائبين" وفقاً لقانون سنة 1950 الذي قضى بأن كل من غادر بيته خلال الفترة منذ بداية الأعمال العدائية يعتبر غائباً وتنتمي أملاكه للدولة. صيغ القانون بشكل يسمح أيضاً بمصادرة ممتلكات الفلسطينيين الذين غادروا منازلهم، لكنهم ظلوا في إسرائيل. ونظراً لأن هؤلاء "الغائبين" كانوا أيضاً "حاضرين" وفعلياً مواطنين إسرائيليين، متساوين في الحقوق على ما يبدو، فقد وصفوا باللقب المتناقض "الغائبين الحاضرين". هكذا، مثلاً من مكان إقامتهم في الفريديس (قرية عربية تقع على سفح جبل الكرمل بمحاذاة شارع حيفا-تل أبيب)، رأى أهل الطنطورة منازلهم، وقريتهم والشاطئ، لكنهم منعوا من العودة إليها أو حتى زيارتها. بناء على اللائحة رقم 125 من لوائح قانون الطوارئ أعلنت منازل وأراضي كل "الغائبين الحاضرين" كـ"منطقة عسكرية مغلقة" بالنسبة لمواطني إسرائيل العرب. كانت اللائحة جزءاً من النظام العسكري الذي فُرض منذ عام 1948 على 150 ألف فلسطيني أصبحوا من مواطني إسرائيل. على أية حال، أصبحت الأيام أسابيع، والأسابيع شهوراً، والشهور سنوات، بينما يرى الطنطوريون الذين عاشوا في الفريديس بأم أعينهم الاختفاء التدريجي لقريتهم، التي أقيم مكانها كيبوتس نحشوليم، فيما يفعل اليهود بممتلكاتهم ما يحلو لهم. برر اليهود الإسرائيليون نهب الممتلكات بسلسلة ادعاءات: العرب هم من رفضوا قرار التقسيم، هم من بدؤوا بالحرب، أو ببساطة هم من فروا من منازلهم. لا ينطوي أي من تلك المزاعم على تبرير للاستيلاء على ممتلكات الغير. تلك هي القصص التي يرويها اليهود لأنفسهم لتبرير نهب الممتلكات. الظاهرة نفسها وُصفت على سبيل التخفيف الذي اخترع خلال الحرب وظل حتى اليوم بـ"أملاك مهجورة". هذا تعبير يعتم على المسؤولية اليهودية حيال أعمال السلب والنهب، وكأن مئات الآلاف من الفلسطينيين كانوا ليتركوا ممتلكاتهم لليهود ببساطة إن كانوا قادرين على الاستفادة منها. هل يمكن أن نتعلم من هذا التاريخ شيئاً حيال الحاضر؟ كل واحد والدرس الذي استفاده. يعتمد درسي المستفاد على إعلان الاستقلال، الذي يضمن تساوي الحقوق لكل مواطنيه. لنقم بتعويض الفلسطينيين سكان إسرائيل على ممتلكاتهم التي نهبت ولنناقش دفع تعويضات للفلسطينيين الذين ليسوا من سكان إسرائيل في إطار اتفاق عام. ولنسمح لسكان إقرت وكفر برعم (قرى فلسطينية مسيحية مهجرة) بإعادة استصلاح أراضيهم، وللفلسطينيين مواطني إسرائيل بإقامة بلدات جديدة مثلما يفعل اليهود في دولة إسرائيل. حتى إن كان التعويض رمزياً، فستكون له أهمية كبيرة، لأنه إشارة لتحمل المسؤولية، للمصالحة، لبدء تقبل الماضي والمضي نحو مستقبل مزدهر للجميع. سيسمع الرسالة القاصي والداني: كل المواطنين متساوون، وكلهم أبناء هذه الأرض، من انتصروا في الحرب، وكذلك من خسروا".  

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image