خسر موسم زراعة الزهور عند المزارع حازم أبو شبيكة (49 عاماً)، والذي يسكن في مدينة رفح، الكثير من المال. فاضطر لتسريح ثلثي العمال لعدم قدرته على دفع أجورهم.
هذه الزراعة، بحسب قوله، تحتاج إلى عناية شديدة وتتطلب الكثير من الري، في قطاعٍ يعاني من نقص كبير في المياه والمواد الأولية كالأسمدة.
وهي بالإضافة إلى ذلك سريعة التلف عند تعرضها لأشعة الشمس وتحتاج إلى حاويات تبريد لحفظها بدرجات حرارة معينة عند قطفها، في المكان الذي يعاني في الأصل من انقطاع دائم للكهرباء.
وقد دفعه هذا الأمر إلى التفكير في استبدالها بأنواع مختلفة من الحمضيات والخضروات كالبطاطا والتوابل الخضراء، والفواكه كالتفاح والصبار.
كان مجهود زرع الزهور مجدياً قبل عدة سنوات حينما سمحت إسرائيل بتصديرها إلى الدول الأوروبية. فانتعشت زراعتها داخل القطاع ولقيت رواجاً كبيراً لدى المزارعين على حساب محاصيل أخرى.
أما اليوم، ومع تشديد الحصار الإسرائيلي على القطاع وإغلاق المعابر التي تستخدم لتصدير البضائع، بات تصدير الزهور لدول الخارج أمراً مستحيلاً. كما لا يوفر الطلب المحلي مردوداً كافياً يشجع على الاستمرار في زراعتها.
"تكاليف زراعة الزهور أصبحت تفوق ثمن بيعها محلياً في ظل عدم استطاعتنا تصديرها إلى الخارج"، يقول أبو شبيكة لرصيف22.
وما أبو شبيكة إلا واحد من مئات المزارعين الذين عزفوا عن زراعة الزهور واستبدلوها بالمحاصيل الأقل تكلفة ولا تحتاج إلى أيدٍ عاملة.
فهل يأتي عام يفقد القطاع الذي تنبأ تقرير للأمم المتحدة بأن لا يكون صالحاً للعيش في 2020، زهوره، وتمتلئ مزهرياته بالصبار والبطاطا؟
بعد الماء العذب والكهرباء والكثير من مقومات الحياة. هل يفقد قطاع غزة زهوره وتمتلئ مزهرياته بالبطاطا؟
من 40 مليون زهرة إلى 400 ألف
يتوقع أبو شبيكة أن "المرحلة المقبلة ستشهد اختفاءً تاماً لزراعة الزهور في القطاع". والأرقام خير دليل. وقد أكد المهندس تحسين السقا، مدير إدارة المعابر والتسويق بوزارة الزراعة لرصيف22 أن قطاع غزة كان يُصدر من 40 إلى 60 مليون زهرة سنوياً. أما الآن، وبعد القيود الإسرائيلية المفروضة على المعابر، فقد انخفض الانتاج إلى حوالي 400 ألف زهرة في عام، تباع محلياً. وبيّن السقا أن هناك تقليصاً واضحاً في مساحة الأراضي المزروعة بالزهور في القطاع، حيث لم تتجاوز مساحتها خلال العام السابق الـ40 دونم، في الوقت الذي تتوسع الأراضي المزروعة بالحمضيات والفواكه بشكل ملحوظ. وقد بلغت مساحتها 5000 دونم، زُرع أكثر من 3000 دونم منها بالتفاح الأخضر والعنب لتغطية السوق المحلي. وقد كانت الحكومة الهولوندية قررت دعم مزارعي الزهور في غزة عام 2006 من خلال منح كل مزارع ما يقارب الـ2000 دولار أمريكي لكل دونم زراعي واحد، ومن ثم استيراد الزهور منهم وتصديرها إلى دول الاتحاد الأوروبي. "كانو يستوردون الجوري البلدي والقرنفل الامريكي والخرسيوت واللواندا"، يقول السقا. مؤخراً، انخفض هذا الدعم للمزارعين حتى وصل إلى أقل من 600 دولار للدونم. ولم يتم تصدير أي نوع من الزهور إلى أوروبا بعدما أُغلق معبري كارني وكرم أبو سالم في وجه هذه المنتجات، واقتصرت على تصدير كميات محدودة من المحاصيل الأخرى كالتوابل الخضراء والفراولة. وألمح السقا إلى ما استنتجه أبو شبيكة بنفسه، وهو أن العام الحالي سيشهد اختفاءً تاماً في زراعة الزهور في القطاع.تراكم الديون
يقول المزارع نايف حسونة (43 عاماً) لرصيف22: "كان لدينا أمل بنجاح موسم الزهور الحالي، إلا أن الإغلاق المستمر للمعابر حال دون ذلك، مما دفعني إلى بيع المحصول بأقل من سعره الطبيعي في السوق المحلية تفادياً للخسارة". ذهب أخيراً إلى دفيئات الزهور التي يمتلكها ويزرها منذ 18عاماً في مدينة بيت لاهيا، ليزيل ما تبقى منها ومن ألوانها الجميلة، وليزرع الأرض بالخضروات والفواكه ليستطيع سداد ديونه. وأضاف: "كنتُ أمتلك 50 دونماً كانت تُزرع بأصناف عدة، كالجوري المحلي والقرنفل البلدي، وكانت تكلفة زراعة الدونم الواحد نحو 10 آلاف دولار أمريكي". ولم يكن وضع، صبحي البُدي (65 عاماً)، والذي يُعتبر من أقدم مزارعي الزهور في المدينة، أفضل بكثير. "كنا نصدر الزهور إلى الخارج، وكان المنتج يباع بأسعار جيدة ليعود علينا بالربح المعقول. أما حالياً فقد أصبحت الجهات القضائية تلاحق المزارع نتيجة تراكم الديون عليهم مما دفعه للتخلي عن زراعة الزهور"، يقول البُدي. ورأى أن قطاع غزة كان ينتج أفضل أنواع الزهور في العالم، وبعد منع دخول بذور بعض الشتلات كالقرنفل الأمريكي واللمينيوم، اقتصرت الزراعة على أنواع معينة مثل الجوري والقرنفل المحلي فقط.في عيد العشاق، وجدنا ورداً ولم نجد من يشتريه
لم يمنع تقليص مساحة زراعة الزهور في غزة وانخفاض إنتاجها من تواجدها في محلات الورد في عيد العشاق الشهر الماضي. وهو ما ويؤكده رامي المخللاتي، صاحب متجر أزهار اللوتس في غزة. إلا أن أسعارها ارتفعت بشكل كبير، سيما الحمراء منها، ولم تجد الأقبال الذي توقعه المخللاتي وزملائه خلال أحد أهم مواسم شراء الورد في المدينة. "سعر وردة الجوري الحمراء في الحالات الطبيعية تعادل 4شواقل (دولار واحد)، أما خلال الأعياد والمناسبات كعيد الحب مثلاً فيرتفع سعرها إلى 14 شيقل تقريباً (4دولارات)"، يقول المخللاتي. علل المخللاتي انخفاض الطلب إلى الارتفاع المتزايد في معدلات البطالة والفقر الذي أصاب 65% من السكان.فمهما كان الحب قوياً بين العشاق، لن تلبيهم قدرتهم الشرائية ولن يتمكنوا من تبادل ورود حمراء، تضاعف سعرها. لذلك اعتمد المخللاتي على بيع الورود الصناعية بدلاً منها. فهي رخيصة ولا تذبل ولا تموت. فهل يخلوا مستقبل غزة، التي تصارع لتُبقي على أساسيات الحياة، من الزهور؟ وهي يحل محلة ورداً صناعياً أو القليل من البطاطا؟رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Eslam Abuelgasim (اسلام ابوالقاسم) -
منذ ساعتينحمدالله على السلامة يا أستاذة
سلامة قلبك ❤️ و سلامة معدتك
و سلامك الداخلي ??
مستخدم مجهول -
منذ يومينمتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ 3 أيامtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...