شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
هكذا ساعد المسلمون الضحايا اليهود خلال الحرب العالمية الثانية

هكذا ساعد المسلمون الضحايا اليهود خلال الحرب العالمية الثانية

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

السبت 11 فبراير 201702:13 م

كما تحتفل شعوب العالم بمناسبات سعيدة وأعياد كل عام، تحتفل وتحيي ذكرى المآسي والظلم في تاريخها. وتصبح هذه المناسبات فرصة للتصالح مع ذلك التاريخ، وللتعاضد الاجتماعي، وللاعتذار والسماح عن الحزن والظلم الذي حل بالناس. وفي كل ذكرى، تكون الرسالة الأهم هي الأمل بألا تتكرر الفجائع التي حصلت في الماضي.

ولكن الظلم يعود بأشكاله القديمة بحلة جديدة اليوم. وأفظع حالاته التي عرفها التاريخ، الظلم الذي اعتمد “التمييز” أساساً للاعتداء على كرامة وإنسانية أفراد وجماعات بعينها بسبب انتماءاتها الدينية والسياسية وحتى الجغرافية. يعود ذلك من جديد اليوم من مكتب البيت الأبيض، في عاصمة الولايات المتحدة، هذه المرة ضد العرب المسلمين. في الأيام القليلة الماضية، عبّر الأمريكيون عن دعمهم للتعددية، للمهاجرين وللاجئين وللمسلمين، بطرق مختلفة. شاهدنا بعضها في اعتصامات في المطارات، وفي مظاهرات في شوارع المدن "الزرقاء" ذات الأكثرية الليبرالية (أو الديمقراطية). وفي مدينة نيويورك، جاء دعم المشمولين بقرار الرئيس من خلال مشروع يحمل عنوان "I am your Protector"، يعرض صوراً لأشخاص قاموا بأعمال بطولية، وأنقذوا غيرهم في أوقات عصيبة.
في ذكرى الهولوكست، تحتفل نيويورك بالمسلمين الذين أنقذوا يهوداً في الحرب العالمية الثانية
من تاريخ الحرب العالمية الثانية: الجانب الآخر للإبادة، قصص تلاحم وتعاضد بين المسلمين واليهود وقت الشدة
لا يعتمد المشروع على أي هوية سياسية أو دينية، وهدفه تقويض السرديات التي يعتمدها السياسيون لتبرير التمييز والظلم. فيركز على "الأشخاص" وعلى قصصهم، التي يحتفل بين الناس في وقت الأزمات بالتعاضد، الذي ينبع من قيم إنسانية مشتركة.

محمد حلمي

في ذكرى الإبادة الجماعية التي قام بها الحكم النازي بحق اليهود في معسكر "أشوتز"، أثناء الاحتلال النازي لبولندا خلال الحرب العالمية الثانية، اختار مشروع "I am Your Protector" إحياء هذا التاريخ بالإضاءة على شجاعة المسلمين الذين خاطروا بحياتهم ليقاوموا ممارسات النازيين، ولينقذوا اليهود من الأسر والموت في معسكرات الاعتقالات. من موقع المشروع، أنقذ محمد حلمي، دكتور مصري، أنّا بوروس غوتمان (21 عاماً) وأسرتها من النازيين في برلين في الهولوكست (بين عامي 1942 و1945). خلال هستيريا تهجير العوائل اليهودية من المدينة، حمى محمد العائلة بأن خبّأها في كوخه في ضاحية ببرلين، وكان يتملص من الاستجواب والتحقيق ليحميهم، كما كان يستضيفها في بيته ويقدمها على أنها قريبته التي تزوره من مدينة دريزدين.

قدور بنغربيت

أما قدور بنغربيت، مؤسس المعهد الإسلامي في جامع باريس الكبير، فقد ساعد اليهود بتزوير أوراقهم وتقديمهم على أنهم مسلمون لينقذهم من النازيين الذين كانوا يهجرون اليهود، ويضعونهم في معتقلات، قبل إبادتهم (بين عامي 1940 و1945). خالد عبد الوهاب تونسي أنقذ عائلتين يهوديتين، بأن هرّبهما إلى مزرعته قرب المهدية، ليكونوا محميين بعيداً عن الخطر. من تونس أيضاً قصة أحمد سومية، طبيب كان يعمل في مشفى مدينة بوبيني الفرنسية، وكان بمساعدة أصدقائه، سراً، يعالج الجرحى والمصابين من اليهود والمقاومة، ويطببهم في عيادته الخاصة (1943). يعرض المشروع أيضاً قصصاً عن دبلوماسيين إيرانيين وأتراك أنقذوا مئات اليهود بإعطائهم جوازات سفر إيرانية وتركية، مثل الدبلوماسي عبدول حسين سرداري من بعثة إيران في باريس، وبهيك إركين، الذي كان سفير تركيا في فرنسا أيام الاحتلال النازي، والذي زوّر أوراقاً ثبوتية تدعي أن بيوت ومحلات العوائل اليهودية هي ملك لأتراك، وبذلك ساعد في نجاتها بتضليل التفتيش على بيوت اليهود (1941). أما الألمانية اليهودية جوهانا نويمان، التي كانت قد انتقلت إلى ألبانيا مع عائلتها للعيش هناك، فتتذكر عائلة بيلكو المسلمة، التي أخفتها في صيف 1943 بعد احتلال ألمانيا لألبانيا، هي ووالدتها داخل منزلها، عن الجنود الألمان وقدّمتهما على أنّهما فردان من عائلتها، أتيتا من ألمانيا لزيارتهم.

المسلمون عندما خاطروا بكل شيء لانقاذ جيرانهم اليهود

تقول ليمي إن الشرطة المحلية كانت تعرف بأنهم يهود لاجئون، ولكنهم أيضاً قرروا حمايتهم. تختتم ليمي قصتها، وتقول: "كلنا كنا قرويين مسلمين. أعطينا أبناء الله ملجأ وحماية لأننا متمسكون بشرفنا 'بيسا' (عهد الشرف بالألبانية)". ألبانيا التي كان تعداد سكانها إبان الحرب العالمية الثانية ما يقارب 800 ألف، بأغلبية مسلمة، كانت استثنائية في الدفاع عن اليهود الفارين من التوحش النازي. أنقذ الألبان مواطنيهم اليهود وحموهم، كما قدموا المأوى للاجئين اليهود القادمين من الدول المجاورة.

Image result for BESA muslims

من صور نورمان غيرشمان

وبعد احتلال ألمانبا لألبانيا في أيلول 1943، كانت ردة الفعل الرسمية لرئيسها ودوائرها الحكومية، كردة فعل شعبها، ثابتة في رفض الامتثال لأوامر النازيين بتسليم قوائم بأسماء اليهود، بل استمروا بحمايتهم وزوروا أوراقاً ثبوتية لإخفاء هويتهم اليهودية ودمجهم مع الألبان المسلمين. كانت قصة مسلمي ألبانيا من الجوانب القليلة المضيئة في تاريخ الحرب العالمية المظلم، نجحت هذه الدولة الأوروبية المسلمة في حماية جميع اليهود المقيمين فيها، الألبان منهم واللاجئين، حيث فشلت غيرها من الدول الأوروبية. قام المصور الأمريكي نورمان غيرشمان بتتبع هذا التاريخ وسرده في صور، بعد أن زار الأسر المسلمة التي أنقذت يهوداً، وطبع صور رحلته في كتاب حمل اسم "بيسا (كلمة شرف): مسلمون أنقذوا اليهود في الحرب العالمية الثانية". في كتاب "بيسا"، صورة لـسالي وغوباشي كرتي، من ألبانيا. حوّل والدهما بيتهم ملجأ لليهود أيام الحرب العالمية الثانية. يقول الأخوان: "نحن مسلمون مؤمنون، وأسرتنا لا تريد رد جميل على جهودها في إنقاذ اليهود. فنحن نعمل الخير، ليجازينا الله بالخير".

سالي وغوباشي كرتي

تقول المشرفة على مشروع نيويورك، داني لورانس أندريا فارادي، إن تاريخ قصص البطولات الفردية، تذكرنا بأهمية المبادرة الشخصية، وكيف أنها تحمي وتنقذ من يتعرض للآذى، إنها تذكرنا بضرورة التلاحم في الأوقات العصيبة. كما أضافت أن هذه القصص هي مقاومة سلمية للظلم، واليوم، نحن بأمس حاجة لها. المشروع يدعو المارة والزائرين لأن يرتدوا نظارات ويتابعوا فيديوهات على شاشة تبدو سوداء فارغة بدون النظارات. وبهذا تشجع الناس على أن يتطلعوا بنظرة جديدة وأن يفتحوا عقولهم وقلوبهم، وألا تمنعهم الاعتبارات السياسية، مثل فكرة أن اليهود والمسلمين أعداء، من رؤية الروح الإنسانية التي تمتع بها المسلمون عندما خاطروا بكل شيء لانقاذ جيرانهم اليهود. 


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image