شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
هل انقلبت سلطنة عمان على الحليف الإيراني؟

هل انقلبت سلطنة عمان على الحليف الإيراني؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الجمعة 27 يناير 201708:15 م
في 28 ديسمبر الماضي، تلقّى ولي ولي عهد المملكة السعودية الأمير محمد بن سلمان رسالة من وزير شؤون الدفاع في سلطنة عمان مفادها انضمام الأخيرة لـ"التحالف الإسلامي" العسكري لمحاربة الإرهاب. أثارت هذه الرسالة العديد من التساؤلات، لا سيما أن العلاقات بين الطرفين ليست في أحسن أحوالها، في ظل التقارب العماني - الإيراني في ملفات عدة. أما واقع انكفاء السلطنة عن الانضمام إلى العديد من الحملات العسكرية التي أطلقتها السعودية، وتحديداً في اليمن، وتصريحاتها المتكررة بشأن تمايزها عن الموقف الخليجي في القضايا الداخلية والإقليمية، فقد أثار التساؤل حول ما إذا كانت خطوة التقارب الأخيرة تعني شيئاً لجهة مستقبل العلاقة مع إيران. لم تتأخر طهران في التعليق مُعربةً عن "تفهمها" للتوجه العماني، فقال المتحدث باسم خارجيتها بهرام قاسمي "لدينا معرفة دقيقة بسلطنة عمان، وهناك علاقات جيدة وقديمة بيننا وكانت علاقاتنا الثنائيّة بناءة في الوقت الذي كانت فيه المنطقة تشهد تقلبات". وعليه طمأن قاسمي أن انضمام عمان إلى التحالف "لا يُغيّر شيئاً في علاقاتنا". أعطى الإيرانيون لعمان "حق ترتيب قضاياها من دون أن يؤثّر ذلك على العلاقات"، وبدورها قالت الخارجيّة العمانية أن "السلطنة تبذل كل الجهود مع الأشقاء والأصدقاء لتوفير بيئة إقليمية يسودها الأمن والسلام، ما يستوجب تعاون جميع الأطراف". برغم التطمينات المتبادلة بين الحليفين اللذين يتشاركان مضيق هرمز النفطي، وجمعتهما اتفاقيات عديدة، ومصالح استراتيجية أرساها السلطان قابوس بوساطات حثيثة لمصلحة إيران وصولاً إلى تسهيل الاتفاق النووي الإيراني - الأمريكي، لا تبدو الأمور مطمئنة من هذه الناحية. تقول المصادر التي نقلت عنها وكالة "رويترز" إن عمان، التي رفضت سابقاً الاشتراك في التحالف السعودي العسكري، باتت مستعدة للاقتراب من السعودية بعدما أدركت أن العلاقات مع العدو التقليدي للمملكة "تفتقر للجدية ولتحقيق المصالح المشتركة". خلال الشهر الماضي، طُرحت التساؤلات حول مستقبل علاقات السلطنة، في ظلّ المخاوف المتصاعدة من رحيل "ضابط الإيقاع" العماني بسبب تدهور صحته. وبحسب مجلة "فورين أفيرز" قد لا يكون انضمام عمان إلى الحلف تحولاً جذرياً في تحالفاتها، لكنه يعكس شكلاً جديداً من أشكال التوازن التي حاولت إرساءها طوال العقود الماضية بين طهران والرياض. مع ذلك تحتاج هذه الخطوة لمزيد من الدقة في مقاربتها. في العام 2015، مع إنشاء التحالف المكون من أكثر من 35 دولة، من دون وجود إيران والعراق، رفضت عمان المشاركة محافظة على استقلاليتها وعلى حسن علاقاتها مع إيران. لكن بحسب المراقبين، جاء التغيّر نتيجة "خيبة أمل" عمانية من إيران.
من الأكثر استفادة من التبدل في سياسات سلطنة عمان؟ السعودية أم إيران؟
لقد توقعت السلطنة تحقيق المزيد من المكاسب الاقتصادية بعد انضمام إيران للمجتمع الدولي مرة أخرى. على العكس، أولت طهران المزيد من الاهتمام للعمل مع شركاء أكثر ربحاً مثل الاتحاد الأوروبي. كما استشعرت السلطنة تلكؤاً إيرانياً بخصوص المشروعات المشتركة، لا سيما الغاز العماني - الإيراني الذي تمّ توقيع مذكرة للتفاهم بخصوصه في العام 2013، تبدأ بموجبها تصدير 28 مليون متر مكعب من الغاز إلى إيران في العام 2015، لكن مسار خط الغاز تغير في العام 2016، بينما تأخر موعد التشغيل إلى 2017. يُسلّط تقرير "فورين آفيرز" الضوء كذلك على الخلافات بين الحليفين الإيراني والعماني بسبب الموقف من دور القوى الغربيّة في المنطقة. طهران تعارض التدخل الغربي، بينما تعتمد مسقط، كالحلفاء الخليجيين، على القوى الخارجية في الشؤون الأمنيّة. في السابق، هدّدت السلطنة بالانسحاب من مجلس التعاون الخليجي بعدما طرحت السعوديةٰ الكونفدراليةَ الخليجية، ولكن تكلفة الانفصال باهظة ولا تقدر مسقط على تحملها. بحسب التقرير، تظل دول مجلس التعاون الخليجي بمثابة السوق الرئيسية للمنتجات العُمانية. في العام 2010، شكّلت نسبة استثمارات دول مجلس التعاون الخليجي في عمان قرابة 25%، مع استثناء النفط والغاز، وهي النسبة التي ازدادت لتصل إلى 50% بعد ذلك. وعلى صعيد متصل، لا يمكن لعُمان أن تتجاهل علاقاتها مع دول الخليج، لا سيما أنها تدفع ثمن رفضها لمزيد من التقارب والتحالف مع السعودية، فتجري معاملتها كدخيل على مجلس التعاون الخليجي، بل كـ"عميلة لإيران". ومعروف أن انضمام عُمان للتحالف الإسلامي يأتي بعد شهرين من اتهام البلاد علناً بالسماح لإيران بتهريب الأسلحة للحوثيين، وهو ما تسبب في انتقادات حادة لمسقط من دول مجلس التعاون الخليجي. مع ذلك كثيراً ما راهنت عُمان على العلاقات الودية مع جيرانها، وهكذا تمكن السلطان قابوس من الحفاظ على سياسة خارجية متوازنة ومحايدة لبلاده، ما جعله يستفيد من الدعم العسكري الإيراني ومن الحماية الأمنية السعودية في الآن نفسه، بالإضافة لعلاقات اقتصادية مع كليهما. حتى الآن نجحت عمان إذاً في إمساك العصا من الوسط، فهل يستمرّ الوضع على حاله في ظلّ التطورات المستجدة مع السعوديّة، والغموض الذي يحوم حول مستقبل الحكم العماني؟

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard