شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!
أسرار العلاقة المستجدّة بين القاهرة وحماس كما ترويها مصادر إسرائيلية

أسرار العلاقة المستجدّة بين القاهرة وحماس كما ترويها مصادر إسرائيلية

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الأربعاء 11 يناير 201708:26 م
كثر الحديث خلال الآونة الأخيرة في تل أبيب عن تقارب كبير بين القاهرة وحماس في قطاع غزة. ورأى محللون إسرائيليون أن القاهرة قرّرت طي صفحة الماضي مع التنظيم الذي يسيطر على القطاع منذ عام 2007، ما أثار موجة من المخاوف في إسرائيل التي تنظر إلى الخطوات المصرية كتحدٍّ لسياساتها الرامية إلى إضعاف حماس. السؤال الكبير الآن يتعلق بالأسباب التي دفعت مصر إلى تغيير موقفها من الحركة المتهمة بالتعاون مع جماعة الإخوان المسلمين التي تصنفها القاهرة تنظيماً إرهابياً، والمتهمة أيضاً بالتعاون مع "ولاية سيناء"، الفرع المحلي لداعش الناشط في شمال سيناء، والذي أعلن الحرب على الجيش المصري منذ منتصف 2013.

مصر وحماس

للإجابة عن هذا السؤال يتعيّن بدايةً تسليط الضوء على الطريقة التي تعامل بها النظام المصري مع حماس على مدى نحو ثلاثة أعوام ونصف العام، والتي يلخصها آفي يسخاروف، محلل الشؤون السياسية بموقع "والا" العبري، في تحليله المنشور بتاريخ 6 يناير 2016. يقول: "كثيراً ما وجد المسؤولون الإسرائيليون وكذلك الصحافيون أنفسهم يجلسون مندهشين أمام موجة السباب والشتائم التي تنطلق من أفواه مسؤولين مصريين عندما يُطلب منهم إبداء رأيهم في حماس، إلى درجة أن أحد الألوية السابقين في قيادة الجنوب اضطر ذات مرة إلى تهدئة أحد نظرائه المصريين لدى إطلاقه توصيفات متنوّعة على قادة التنظيم الذي يسيطر على قطاع غزة، وقد تضمنت العديد من الإشارات إلى أمهات هؤلاء القادة. احتقر المصريون حماس ولم يخفوا ذلك، بالطبع بعد وصول عبد الفتاح السيسي إلى الحكم في مصر صيف 2013". "أغلق الجيش المصري مئات الأنفاق بين غزة وسيناء، وشنّ حرباً شاملة على عمليات التهريب من مصر إلى قطاع غزة. لكن في الشرق الأوسط الجديد كل شيء ممكن، ويبدو أن مصر عدوة الإخوان المسلمين (التنظيم الأم لحماس) قرّرت تغيير موقفها وسلوكها تجاه حماس. الاتجاه الجديد في علاقة مصر وحماس ليس ناجماً على ما يبدو عن حب مفاجئ تجاه التنظيم. ربما أكثر لأسباب تتعلق بكراهية داعش"، بحسب تحليل يسخاروف الذي جاء تحت عنوان "تغير الاتجاه: للقضاء على داعش - مصر تتقارب من حماس". "داعش" إذن هي كلمة السر الأولى في هذا التحوّل. وقال أورئيل ليفي، الصحافي في موقع "دافار ريشون"، في مقالة بتاريخ 28 ديسمبر 2016، إن القاهرة نجحت نتيجة المشاكل الاقتصادية التي تعانيها حماس بفعل الحصار في "دق إسفين" بين الحركة وتنظيم "ولاية سيناء"، الذي خرج أخيراً ووصف قادة ونشطاء حماس، للمرة الأولى، بـ"الكفرة". تبنى الرأي نفسه يوني بن مناحيم، محلل الشؤون العربية، في مقاله المنشور على موقع "نيوز1" بتاريخ الأول من يناير 2017 إذ كتب: "يبدو أن تغيّر الاتجاه المصري في ما يتعلق بالموقف من قطاع غزه ناجم عن التغيّر الذي طرأ على المفهوم الأمني حيال الحرب على الإرهاب في مصر، ومحاولة المنظومة الأمنية المصرية تحسين العلاقات مع حماس سعياً منها إلى دق إسفين بين الحركة وبين جماعة الإخوان المسلمين في مصر وبين تنظيم داعش بشمال سيناء". واعتبر بن مناحيم أن حماس رأت ضرورة تغيير سياستها تجاه "ولاية سيناء"، بعد أن أدركت أن مصلحتها العليا تقتضي تحسين علاقاتها مع مصر، لا سيما في ظل توتر العلاقات بين القاهرة والسلطة الفلسطينية، الأمر الذي من شأنه تخفيف الحصار على القطاع وتعزيز حكمها. بدأت حماس، والكلام للمحلل الإسرائيلي، بحملة اعتقالات واسعة في قطاع غزة ضد المئات من عناصر تنظيمات "السلفية الجهادية" من المناصرين لـ"ولاية سيناء". و"كان هناك تعاون وطيد بين حماس وجناح داعش بسيناء، إذ ساعد تنظيم "ولاية سيناء" حماس في تهريب الأسلحة من ليبيا والسودان إلى داخل القطاع، وفي المقابل حظيت عناصره بتدريبات عسكرية لدى حماس وبعلاج في مشافي قطاع غزة"، قال بن مناحيم.

أسباب الخلاف

ذهب آفي يسخاروف إلى أن ثمة مقدّمات قادت إلى توتر العلاقات بين حماس وداعش في سيناء: "إطلاق الجماعات السلفية صواريخ تجاه إسرائيل خلق صداعاً كبيراً لدى حماس، خاصة في ظل تصعيد الرد الإسرائيلي في الشهور الأخيرة. لكن التهديد الأهم شهدته الساحة الداخلية بالتأكيد. إذ انضم 40 عنصراً على الأقل من حماس في السنوات الأخيرة إلى الجماعات السلفية المختلفة، بعضهم عبر الحدود حيث انضموا لـ"ولاية سيناء". ومضى يقول: "يدور الحديث أيضاً عن تسرّب قادة في الجناح العسكري لحماس. بما في ذلك أولئك الذين يعتبرون "خبراء" في مجالات استخدام الصواريخ المضادة للدروع، والعبوات الناسفة الكبيرة وما إلى ذلك".

حماس غاضبة

وقال يسخاروف إن حماس "شنّت قبل نحو شهرين عملية اعتقلت خلالها نحو 200 عنصر سلفي في أنحاء القطاع، بعضهم على خلفية إطلاق صواريخ تجاه إسرائيل، وآخرون على خلفية نشاطات دينية-أيديولوجية، رأت فيها حماس تهديداً لنظامها. لا يتضح كم بقي منهم في السجن لكن الاتجاه كان واضحاً. في البداية كان الحديث يدور عن ناشطين سلفيين لم يكونوا على علاقة بولاية سيناء التابعة لداعش، لذلك لم يؤدِّ ذلك إلى احتكاكات مع الجيران في الولاية. لكن أخيراً اعتقلت حماس في غزة عناصر "لواء التوحيد"، الذين يعتبرون قريبين جداً من داعش، وفجأة حدثت أزمة في العلاقات". لم يتأخر رد داعش في الرد، إذ وصف أبو هاجر الهاشمي، أحد زعماء التنظيم بسيناء، في حديث لمجلة داعش "النبأ"، عناصر حماس بـ"الكفار"، وأصدر قادة التنظيم المتطرف أوامر للمهربين في قطاع رفح بالتوقف تماماً عن إدخال البضائع من سيناء إلى غزة، لا سيما تلك التي تساعد حماس في صناعتها العسكرية.

الانتقام المصري

عنصر آخر في معادلة التقارب بين حماس والنظام المصري، يعبّر عنه أمير بوحبوت، محلل الشؤون العسكرية بموقع "والا"، بالقول إن الخطوات المصرية جاءت رداً على موقفين سلبيين أبداهما الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) تجاه القاهرة، تضمن أحدهما رفضه طلباً مصرياً بالتصالح مع خصمه السياسي محمد دحلان المفصول من حركة فتح. الموقف الثاني جاء برفض أبو مازن طلباً مصرياً بدمج رجال دحلان في المؤتمر السابع لحركة فتح الذي عُقد في نوفمبر الماضي. ولم يكتفِ الرئيس الفلسطيني بالرفض، بل عمد إلى استبعادهم من المؤتمر وملاحقتهم، لذلك "قرر المصريون الذين اعتبروا خطوات أبو مازن إهانة حقيقية الانتقام"، على حد قول بوحبوت، في تحليله المنشور بتاريخ 28 ديسمبر 2016 بعنوان "مخاوف في إسرائيل: سياسة الفصل بين الضفة وغزة تنهار وتُمكِن حماس". "الانتقام المصري" تجلى في عدة خطوات أهمها فتح معبر رفح الذي أغلقته القاهرة بشكل شبه دائم مع سقوط نظام الإخوان المسلمين في مصر صيف 2013. فبات المعبر يُفتح 13 يوماً في المتوسط شهرياً منذ أكتوبر الماضي، وسمح الجيش المصري للمرة الأولى بنقل كميات كبيرة من مواد الإسمنت والأخشاب والحصى، ومواد أخرى تُستخدم في البناء إلى قطاع غزة، وهي المواد التي تحظر إسرائيل إدخالها دون إشراف الأمم المتحدة.

ملامح تحسن العلاقات

ويستعرض بن مناحيم ملامح تحسن العلاقات بين مصر وحماس، فيقول: "قبل عدة أيام زار القاهرة الدكتور موسى أبو مرزوق، نائب رئيس المكتب السياسي لحماس، ويتوقع في القريب أن يزور مصر أيضاً القيادي الحمساوي إسماعيل هنية المرشح الأوفر حظاً لتولي منصب رئيس المكتب السياسي خلفاً لخالد مشعل". ولفت بن مناحيم إلى أن "المصريين أعطوا الفضل في تغيير سياستهم تجاه قطاع غزة لمحمد دحلان بهدف تعزيز قوته في الصراع ضد محمود عباس، وأعلنوا أنهم يفكرون في تقديم المزيد من التسهيلات مثل تحويل منطقة رفح إلى منطقة تجارة حرة ودعوة وفود اقتصادية فلسطينية من القطاع والضفة إلى مصر".

قلق إسرائيلي

يقول بوحبوت إن إسرائيل تنظر بقلق بالغ إلى تلك التطورات، إذ اعتقدوا في منظومة الأمن الإسرائيلية في البداية أن إقدام مصر على فتح معبر رفح أمام البضائع والمعتمرين، جاء للتنفيس قليلاً عن سكان القطاع، لكن اتضح في ما بعد أن "غريزة الانتقام" من أبو مازن هي التي تقف خلف القرار. ويرجع بوحبوت أسباب تلك المخاوف إلى أن "الخطوة المصرية تعارض تماماً سياسة إسرائيل التي تميز جيداً بين القطاع والضفة، بهدف النيل من مكانة نظام حماس في مواجهة السلطة الفلسطينية". ويقول: "كانت عملية إدخال مواد البناء والبضائع من إسرائيل إلى القطاع على سبيل المثال تتم فقط بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية وتحت رقابة الجيش الإسرائيلي والأمم المتحدة، لمنع وصولها إلى الجناح العسكري لحماس. لكن في منظومة الأمن الإسرائيلية يتخوفون الآن من أن تساعد الخطوة المصرية حماس بطريقة غير مباشرة على تعزيز مكانتها بالمنطقة، وتطوير صناعاتها العسكرية، وحفر الأنفاق باستخدام تلك المواد المنقولة إلى القطاع".

الخلاصة

"لوحظ أخيراً أن ما يحدث يتجاوز محاولة الإضرار بمكانة أبو مازن. يبدو أن المصريين أدركوا أن الوضع في القطاع لا يُتوقع أن يتغير في القريب، وأن عليهم التعامل مع الواقع الحالي. تريد مصر أن ترى حماس وهي تقاتل تنظيم "ولاية سيناء"، بدلاً من مساعدته، وأن تعمل على وقف الهجمات ضد الجيش المصري بسيناء، تلك الهجمات التي تعتمد على مساعدات من القطاع، وأن توقف الدعاية المنتشرة في غزة ضد الرئيس السيسي. من أجل ذلك على مصر محاولة التوصل إلى تسوية في العلاقات مع حماس"، قال يسخاروف.
إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image