شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
متى تصبح جنسيّتي حقّاً لأبنائي؟

متى تصبح جنسيّتي حقّاً لأبنائي؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الخميس 29 يونيو 201701:34 ص

غادرت الناشطة النسوية نعمة الحباشنة الحياة إثر مرض عضال، بعد أن أمضت سنوات حياتها في المطالبة بحق الجنسية لأبناء الأردنيات المتزوجات من أجانب. في الأردن، يتمّ نقل الجنسية للأبناء عن طريق الأب لا الأم، على الرغم من أنّ الدستور الأردني ينص على أن المواطنين الأردنيين متساوون في الحقوق والواجبات. إلا أنّ تمييزاً واضحاً يمارس ضد النساء في قانون الجنسية الذي يحرمهنّ من هذا الحق.

لم تتمكّن الحباشنة من تحقيق هدفها في منح الجنسية والمواطنة الكاملة لأبناء الأردنيات، ولكن، على الأقلّ، تمكّنت من خلق حالة من الحراك دفعت بالحكومة للاعتراف، ولو بشكل جزئي، بهذه الحقوق والخروج بما أسمته "مزايا أبناء الأردنيات الخدماتية" والتي أقرّت بموجبها عدداً من الحقوق المدنية لهم، ولكن حرمتهم من حقوقهم السياسية.

حلٌّ  غير منصف

قرّرت الحكومة الأردنية في أكتوبر الماضي الخروج بوثيقة تحت عنوان "مزايا أبناء الأردنيات" تشمل الجوانب الخدماتية والمدنية، وتحديداً في مجالات الصحة والعمل والتعليم والحصول على رخصة القيادة إلى جانب التملك والاستثمار. لكن تلك الامتيازات جاءت منقوصة. أولاً، لأن القانون الأردني ينصّ على المساواة في المواطنة بين الرجل والمرأة، وبالتالي، فإنه يعطي الحق للمرأة في أن تنقل جنسيتها لأبنائها، لا أن تكتفي بإعطائهم امتيازات فحسب. أمّا التحفّظ الثاني، فيتعلّق بطبيعة التعليمات التي أصدرتها دائرة الأحوال المدنية التي قوّضت من هذه الحقوق وحرمت جزءاً كبيراً من أبناء الأردنيات منها.

في آخر تصريحاتها، قالت الحباشنة التي كانت تشغل منصب منسقة حملة "أمي أردنية وجنسيتها حق لي" إن "الحملة لا ترفض المزايا التي ستمنحها الحكومة لأبناء الأردنيات لكنّها لن تقبل إلا بالجنسية الأردنية لهم، واصفة المزايا بالـفـتات". ودعت الحباشنة حينها نساء الأردن إلى استكمال نضالهنّ للحفاظ على حقهن في اختيار شركائهن وحق أبنائهن في جنسية أمهاتهم، قائلةً "لا تتوقفوا، لا يأخذ الحق سوى صاحب الحق". تقول الناشطة النسوية ومنسّقة وحدة المرأة في مركز عمان لدراسات حقوق الانسان لينا الجزراوي إن "نعمة لم تكل ولم تهدأ، ودافعت عن حق المرأة الأردنية في اختيار حر لشريك حياتها.

 ربما لم تحصل على كل الحق، لكن صمودها وتمسكها بحقها وحقنا كنساء أردنيات أقلقا الدولة وألزماها إيجاد حلول لأبناء الأردنيات المتزوجات من غير أردنيين". تتفق مديرة مركز العدل للمساعدة القانونية، عضو ائتلاف "جنسيتي حق لعائلتي" هديل عبد العزيز مع الجزراوي في الرأي، وتقول "رغم أن الحق في الجنسية لأبناء الأردنيات كان مطروحاً في الماضي ولكن يُسجّل لنعمة أنها حوّلت هذا المطلب إلى حراك شعبي".

نجحت الحملة التي انطلقت عام 2009 في تنظيم أكثر من 50 اعتصاماً حاشداً وساهمت بذلك في الضغط على السلطات. تقول عبد العزيز "رغم أنّ المزايا من حيث الشكل تنص على تسهيلات كثيرة في النواحي الحياتية كموضوع التعليم والعمل والخدمات الصحية والتملك والاستثمار، لكن واقع الحال جاء مغايراً. فالتعليمات المتشددة للحصول على المزايا قلّلت عدد النساء اللواتي يستفيد أبناؤهنّ منها. وأبرز تلك المحددات اشتراط أن تكون السيدة مقيمة في المملكة لمدة 5 سنوات متتالية".

الشروط التي تتعلّق بالأوراق الرسمية والثبوتية صارمة أيضاً، إذ تفرض على المرأة إظهار دفتر العائلة للزوج في حين أنّ الكثير من الأردنيات، لا سيما المطلقات أو الأرامل، لا يمتلكن سوى ورقة زواج أو طلاق، فضلاً عن وجود إشكاليات تتعلّق بعدم الدراية والمعرفة لدى الموظفين بطبيعة الإجراءات الواجب اتباعها في تنفيذ المزايا. تشير عبد العزيز كذلك إلى أنّ "المزايا لم تكن متساوية لكل الجنسيات، إذ إنّها حرمت النساء المتزوجات من حملة الوثيقة الفلسطينية أو الغزاويين من حق التملّك في حين أباحته للجنسيات الأخرى".

الأزمة الفلسطينية

وفي حين تعتبر الناشطات النسويات أن موضوع جنسية أبناء الأردنيات موضوع حقوقي إنساني بحت، يرى التيار المحافظ في الأردن أنّ هذا المطلب قضية سياسية غير مرتبطة بالموقف من حقوق المرأة بقدر ما هو نابع من "حساسية" لكون أغلبية النساء المطالبات بجنسية لأبنائهن متزوجات من مواطنين فلسطينيين، الأمر الذي يولّد مخاوف حول الهوية الوطنية والخدمة المجانية التي يقدّمها "التجنيس" للاحتلال الاسرائيلي، فيحلّ مشاكله على حساب الأردن، أرضاً وشعباً.

حول مخاوف التيار الأردني المحافظ من أن تكون المطالبة بحق الجنسية لها أبعاد سياسية تتمثّل في تجنيس اللاجئين الفلسطينيين، تقول عبد العزيز "بالطبع هي مخاوف موجودة لدى البعض، لكن الموضوع هنا يبقى في خانة التمييز الجندري بامتياز. فلماذا تُحرم الأم الأردنية من إعطاء جنسيتها لأبنائها من زوج غير أردني في حين يحق للرجل المتزوج من أجنبية أن يُعطي جنسيته لزوجته وأطفاله". وتتابع "النساء في غالبية الدول العربية يستطعن إعطاء جنسيتهنّ لأبنائهنّ، باستثناء الدول التي تضمّ عدداً كبيراً من اللاجئين الفلسطينيين".

خارج الأردن

يقول المحامي وعضو ائتلاف "جنسيتي حق لعائلتي"، الدكتور أيمن هلسا، إن "الأردن ضمن قائمة 29 دولة في العالم لا تزال قوانينها الخاصة بالجنسية تميّز بين الرجل والمرأة فيما يتعلق بنقل الجنسية للأبناء"، مقدراً أعداد الأردنيات المتزوجات من أجانب بنحو 60 ألف امراة.

وفي ما يتعلّق بقوانين الجنسية في الدول العربية، كشف هلسا أنّ "الدول العربية التي تسمح قوانينها بنقل الجنسية من الأم للأبناء، هي العراق واليمن وموريتانيا والمملكة العربية السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب والجزائر وقطر، ولكن يتمّ التجنيس فيها ضمن ضوابط". أما في ما يخصّ مصر، فيوضح هلسا أنه "تم منح الجنسية بشكل مطلق لأبناء المصريات عام 2004 باستثناء أبناء المتزوجات من فلسطينيين، إلى أن جرت الموافقة على منحهم الجنسية بعد الثورة المصري".

وبحسب دراسة لمعهد تضامن النساء، منحت العديد من الدول العربية الجنسية لأبناء النساء العربيات المتزوجات من أجانب، ولا تزال كل من سوريا ولبنان والأردن لا تمنح الجنسية بشكل مطلق. في لبنان، وتحديداً بداية عام 2013، أوصت اللجنة الوزارية التي كلّفتها الحكومة دراسة القضية عقب طرح مشروع مرسوم بحق المرأة اللبنانية في منح جنسيتها لأولادها، بأنه "لا حق للمرأة اللبنانية في منح جنسيتها لا لأولادها ولا لزوجها"، لأنه من شأن ذلك الإضرار بالتوازن الطائفي الديموغرافي في البلاد وبالمصلحة العليا للوطن، في وقت يقدّر عدد اللبنانيات المتزوجات من أجانب بنحو 76 ألف امرأة.

  أما في ما يتعلّق بالوضع في سوريا، فيشير معهد تضامن النساء إلى أنّ العديد من الإعلاميين والحقوقيين وأعضاء مجلس الشعب السوري أطلقوا حملة جديدة تحت اسم "من أجل منح أبناء الأمهات السورية الجنسية العربية السورية"، بعد أن قوبلت محاولتهم عام 2009 بالرفض من الجهات الرسمية والأمنية بحجة وجود مشكلة تتعلّق بمنح الجنسية السورية للأكراد المقيمين في سوريا. وتبيّن أن هذا الموضوع قوبِل بالرفض من الجهات نفسها عندما جرى طرحه منذ خمسة عشر عاماً في مجلس الشعب، في وقت يُقدّر عدد السوريات المتزوجات من أجانب بنحو 100 ألف امرأة.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image