كانت "روايات مصرية للجيب" إحدى أهم المحطات التكوينية في ثقافة معظم المراهقين في العالم العربيّ. وامتازت سلاسل الكتب هذه باستنادها إلى جنسين أدبيَّيْن كانا، لفترة طويلة، مجهولين عند القارئ العربي، الخيال العلمي sci-fi، وأدب الرعب، فيما لو استثنينا الكتابات الأولى للعراقي رؤوف وصفي والسوري طالب عمران.
وقد كان استقبال أدب الخيال العلمي أخف وطأة من أدب الرعب، خاصة وأن أدب الرعب كان جديدًا تمامًا، ومستندًا على أساطير أو خرافات غربية، بعكس الخيال العلمي الذي، برغم "أجنبيته" أيضًا، كان يعتمد على نظريات علمية، ما ساهم في تخفيف سهام النقد ضده.
وقد لوحظ بأن النقّاد، في معظمهم، كانوا، ولا يزالون، يعتبرون أدب الرعب مجرد لغوٍ فارغ، أو أدبًا من الدرجة الثانية في أفضل الأحوال، بالرغم من الفترة الطويلة نسبيًا التي بدأ فيها هذا النمط الأدبي بشقّ طريقه بصمت ضمن المشهد الأدبي العربي.
أكثر من عشرين عامًا مضت على الأعداد الأولى لسلسلة "ما وراء الطبيعة" للمصري أحمد خالد توفيق، ولم يتمكّن كاتبها من نيل الاعتراف عربيًا بعد، إلا بعد انتقاله، بشكلٍ جزئيّ، إلى كتابة الرواية "الجادة"!
المثير في الأمر هو أن رأي النقّاد العرب يختلف عند تناول أعمال ستيفن كينغ Stephen King أو إدغار آلان بو على Edgar Allan Poe سبيل المثال. إذ يعتبرهما النقّاد، بتأثيرٍ من أقرانهما الغربيّين، بأنهما كاتبان عظيمان (وهذا أمر لا شك فيه)، ولكنهم يبخلون بمنح الصفة ذاتها على توفيق مثلًا، بل وحتى لا يقبلون الاعتراف به، بالرغم من أن أسلوب أحمد خالد توفيق لم يختلف بعد انتقاله إلى كتابة رواية الخيال العلمي "يوتوبيا" (2008)، أو الرواية الأكثر واقعية "السنجة" (2012)، التي وصلت إلى طبعتها الخامسة ورقيًا، عدا عن القرصنات الإلكترونية، وبالرغم من الاحتفاء النقديّ بهما.
بعيدًا عن آراء النقّاد التي قد نختلف معها أحياناً، نجد بأن الأمر مختلف بعض الشيء عند القرّاء العرب، خاصة الجيل الذي قاربت أعماره الثلاثين، حيث يميل معظم هؤلاء القرّاء الشباب إلى الاعتراف بشكل صريح بحقّ أدب الرعب في الوجود كجنس أدبي تام الأركان، شأنه في ذلك شأن أدب الخيال العلمي، والأدب الرومانسي، والإيروتيك، عدا عن الأنماط الأدبية المكرّسة كالرواية "الواقعية" أو الحياتية، أو القصة القصيرة، وغيرها. ولكن حين تبدأ المقارنات بين أدب الرعب العربي والغربيّ، تميل الكفة معظم الأحيان إلى الغربيّ.
لا بد هنا من توضيح فارق مهم بين نوعين من القرّاء: النوع الأول هم من يتقنون لغة أجنبية أو أكثر، ويقرؤون الأعمال الغربية بلغتها الأصلية؛ أما النوع الثاني فهو المعتمد على الترجمات، بسبب ضعف لغته الأجنبية أو عدم توفر الأعمال بلغتها الأصلية بشكل دائم.
وهنا، تختلف تقييمات النوع الأول ومقارناتهم بين أدب أحمد خالد توفيق وستيفن كينغ مثلًا (مع أخذ اختلاف الأسلوبين بعين الاعتبار)، ولكنها تميل بشكل طفيف إلى تفضيل الأدب الأجنبي، أو، ببساطة، الاستمتاع بقراءة الثقافتين دون تفضيل أيٍّ منهما. ولكن المفاجأة تكمن في النوع الثاني الذي يرى معظم المنتمين إليه بأن أدب الرعب الغربي أفضل بما لا يقاس من العربي، بالرغم من أن الترجمات الموجودة في الأسواق (لأعمال ستيفن كينغ بشكل خاص) سيئة، وتكاد لا تشبه النص الأصلي!
ليس ثمة سبب واضح لهذا التفضيل، ولكن يُرجعه البعض إلى نجاح الاقتباسات السينمائية الأميركية لأعمال ستيفن كينغ، وسحر الشاشة، وهوليوود بشكل خاص. وهو سبب مهم بلا شك، خاصة إذا علمنا أن أدب الرعب ليس موجودًا في أذهان المخرجين العرب.
لا يشغل قراء أدب الرعب أنفسهم بالبحث عن إجابة شافية، فالمهم هو توفّر أعمال جديدة دائمًا، خاصة وأن أعداد كتّاب هذا الجنس الأدبي في تزايد ملحوظ في السنوات الأخيرة. ويشاركهم الكتّاب هذه اللامبالاة، إذ يبدو وكأنهم يئسوا من النقاد، وأدركوا وعورة الطريق أمامهم. وهذا ما نلاحظه في الحوارات القليلة التي تتم استضافتهم فيها، إذ ثمة اقتناع شبه كامل لديهم بأن الاعتراف بأدبهم لا يزال بعيدًا، وبأن المهم الآن هو الكتابة، ومتابعة ترسيخ هذا الجنس الأدبي المظلوم، ولو ببطء.
انضم/ي إلى المناقشة
jessika valentine -
منذ 6 أيامSo sad that a mom has no say in her children's lives. Your children aren't your own, they are their father's, regardless of what maltreatment he exposed then to. And this is Algeria that is supposed to be better than most Arab countries!
jessika valentine -
منذ شهرحتى قبل إنهاء المقال من الواضح أن خطة تركيا هي إقامة دولة داخل دولة لقضم الاولى. بدأوا في الإرث واللغة والثقافة ثم المؤسسات والقرار. هذا موضوع خطير جدا جدا
Samia Allam -
منذ شهرمن لا يعرف وسام لا يعرف معنى الغرابة والأشياء البسيطة جداً، الصدق، الشجاعة، فيها يكمن كل الصدق، كما كانت تقول لي دائماً: "الصدق هو لبّ الشجاعة، ضلك صادقة مع نفسك أهم شي".
العمر الطويل والحرية والسعادة لوسام الطويل وكل وسام في بلادنا
Abdulrahman Mahmoud -
منذ شهراعتقد ان اغلب الرجال والنساء على حد سواء يقولون بأنهم يبحثون عن رجل او امرة عصرية ولكن مع مرور الوقت تتكشف ما احتفظ به العقل الياطن من رواسب فكرية تمنعه من تطبيق ما كان يعتقد انه يريده, واحيانا قليلة يكون ما يقوله حقيقيا عند الارتباط. عن تجربة لم يناسبني الزواج سابقا من امرأة شرقية الطباع
محمد الراوي -
منذ شهرفلسطين قضية كُل إنسان حقيقي، فمن يمارس حياته اليومية دون ان يحمل فلسطين بداخله وينشر الوعي بقضية شعبها، بينما هنالك طفل يموت كل يوم وعائلة تشرد كل ساعة في طرف من اطراف العالم عامة وفي فلسطين خاصة، هذا ليس إنسان حقيقي..
للاسف بسبب تطبيع حكامنا و أدلجة شبيبتنا، اصبحت فلسطين قضية تستفز ضمائرنا فقط في وقت احداث القصف والاقتحام.. واصبحت للشارع العربي قضية ترف لا ضرورة له بسبب المصائب التي اثقلت بلاد العرب بشكل عام، فيقول غالبيتهم “اللهم نفسي”.. في ضل كل هذه الانتهاكات تُسلخ الشرعية من جميع حكام العرب لسكوتهم عن الدم الفلسطيني المسفوك والحرمه المستباحه للأراضي الفلسطينية، في ضل هذه الانتهاكات تسقط شرعية ميثاق الامم المتحدة، وتصبح معاهدات جنيف ارخص من ورق الحمامات، وتكون محكمة لاهاي للجنايات الدولية ترف لا ضرورة لوجوده، الخزي والعار يلطخ انسانيتنا في كل لحضة يموت فيها طفل فلسطيني..
علينا ان نحمل فلسطين كوسام إنسانية على صدورنا و ككلمة حق اخيرة على ألسنتنا، لعل هذا العالم يستعيد وعيه وإنسانيته شيءٍ فشيء، لعل كلماتنا تستفز وجودهم الإنساني!.
وأخيرا اقول، ان توقف شعب فلسطين المقاوم عن النضال و حاشاهم فتلك ليست من شيمهم، سيكون جيش الاحتلال الصهيوني ثاني يوم في عواصمنا العربية، استكمالًا لمشروعه الخسيس. شعب فلسطين يقف وحيدا في وجه عدونا جميعًا..
محمد الراوي -
منذ شهربعيدًا عن كمال خلاف الذي الذي لا استبعد اعتقاله الى جانب ١١٤ الف سجين سياسي مصري في سجون السيسي ونظامه الشمولي القمعي.. ولكن كيف يمكن ان تاخذ بعين الاعتبار رواية سائق سيارة اجرة، انهكته الحياة في الغربة فلم يبق له سوى بعض فيديوهات اليوتيوب و واقع سياسي بائس في بلده ليبني عليها الخيال، على سبيل المثال يا صديقي اخر مره ركبت مع سائق تاكسي في بلدي العراق قال لي السائق بإنه سكرتير في رئاسة الجمهورية وانه يقضي ايام عطلته متجولًا في سيارة التاكسي وذلك بسبب تعوده منذ صغره على العمل!! كادحون بلادنا سرق منهم واقعهم ولم يبق لهم سوى الحلم والخيال يا صديقي!.. على الرغم من ذلك فالقصة مشوقة، ولكن المذهل بها هو كيف يمكن للاشخاص ان يعالجوا إبداعيًا الواقع السياسي البائس بروايات دينية!! هل وصل بنا اليأس الى الفنتازيا بان نكون مختارين؟!.. على العموم ستمر السنين و سيقلع شعب مصر العظيم بارادته الحرة رئيسًا اخر من كرسي الحكم، وسنعرف ان كان سائق سيارة الاجرة المغترب هو المختار!!.