شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!
رواية

رواية "صخب الحياة": حكاية مدينة الزبير العراقية بعين سعودية

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الاثنين 19 ديسمبر 201606:55 ص
تتناول رواية "صخب الحياة" للكاتب السعودي "عبد الرزاق المانع" موضوع هجرة قسم من أهالي نجد في السعودية إلى العراق قبل أربعمئة سنة، حيث استقروا وأسسوا أعمالاً وحياة جديدة قبل أن تدفعهم ظروف الحياة للعودة مجدداً إلى موطنهم الأصلي. ورغم الكتب التاريخية التي تخبرنا عن هذه الهجرة وأسبابها ودوافعها فإن الرواية لم تتطرق إليها كثيراً، وربما تكون في طليعة الروايات التي تناقش هذا الموضوع. تدور أحداث الرواية حول ثلاثة أشخاص يلتقون معاً في مرحلة الدراسة، وتنشأ بينهم صداقة عميقة تستمر بعد أن يكبروا ويصبح لديهم عائلات، والنقطة التي تبدأ الرواية بها هي الاستعدادات التي يقوم بها واحد منهم لاستقبال الاثنين الآخرين مع أسرتيهما في بيته حيث سيلتقون بعد غياب، "تُرى هل يصدق الاثنان في موعدهما: نجم وعبد القادر ونلتقي بعد انقطاع طويل! أربعة شهور أملتها علينا ظروف العمل والشتات، وهي أطول مدة ننقطع فيها عن بعضنا. كنا خلالها نتواصل عن طريق التلفونات الثابتة أو الجوالات والنت، (...) كنا نعتبر حضورنا في الموعد، ولقاءاتنا مناسبة ترتبط بتاريخ كل واحد منا، وبالعلاقة القديمة المترسخة في سنوات أعمارنا، بما تحمله من شجون ومسرات وآلام وهموم". تستقصي الرواية نشأة مدينة "الزبير" العراقية وطبيعة الحياة الاجتماعية فيها قبل تسعين عاماً من خلال مجموعة من الشخصيات التي تمثّل شرائح اجتماعية متنوعة، وتتطرق إلى وصف أنماط العيش المختلفة، والعادات والتقاليد السائدة، وكيف أثّر المهاجرون من السعودية في هذه المدينة وتأثروا بها، وذلك اعتماداً على ثلاث عوائل هي عوائل الأصدقاء الثلاثة، ولكل منها حكايتها الخاصة وتفاعلاتها مع المحيط. يؤرخ الكاتب روائياً لمجموعة كبيرة من الأحدات التاريخية في العراق، وكيف انعكست هذه الأحداث على حيوات الناس ومصائرهم، ومن أبرز المحطات التاريخية التي تتوقف الرواية عندها نشوء الأحزاب السياسية ومرحلة النظام الملكي والانقلاب عليه، ثم الحكومات التي تتالت على البلد إلى أن حلَّ عام 1963 وسيطر حزب البعث على السلطة، كما تتطرق إلى الصراعات التي كانت قائمة آنذاك، وانخراط الشباب في الأحزاب التي ساهمت سلباً وإيجاباً في تشكيل وعيهم السياسي والفكري. "ما إن سقط النظام القائم حتى أسفرت الخصومة والخلافات عن وجهها الكالح، إلى عداوات بشكل مرعب اعتمد فيها الانتقام والتصفيات الدموية، على يد الشيوعيين، أول الأمر فقد مارسوها بوحشية مع كل من أظهر معارضة لسلوكهم المتصف بالعنف ورفض الآخر. هكذا وجد نجم نفسه واحداً من هؤلاء في مراحل سبقت ثورة 14 تموز 1958 وشيئاً فشيئاً تخلى عن ممارسات طقوس تربى عليها في بلده في أقصى الجنوب وأبدى نشاطاً سياسياً باندفاع صادق".
قصة هجرة قسم من أهالي نجد في السعودية إلى العراق قبل أربعمئة سنة، ثم عودتهم إلى منبتهم الأصلي...
يبني "المانع" روايته على شكل دائرة، إذ يبدأ السرد مع استعدادات "أحمد النشواني" لاستقبال أصدقائه، ثم يعود إلى سنوات الطفولة ليروي حكاياتهم صعوداً إلى مرحلة الشباب والدراسة الجامعية ثم اختيارات كل منهم في العمل بحسب الظروف الحياتية والمعيشية وانتهاء بتفرقهم بسبب سفرهم إلى أماكن مختلفة، وفي النهاية يعود إلى نقطة البدء حيث يجتمع الجميع في منزل "أحمد"، وكل ذلك مكتوب بلغة بسيطة سلسة، تتداخل فيها الحوارات المكتوبة باللهجة العامية التي تعطي لهذه الحوارات طابعاً واقعياً، خاصة أن معظمها يناقش مواضيع فكرية وسياسية تختلف فيها وجهات نظر الأصدقاء الثلاثة. تصور الرواية تغيّر الأحوال في العراق بعد الحرب مع إيران، وكيف أثر ذلك على الجانب الاقتصادي، إذ صدرت الكثير من القوانين والأنظمة التي قيدت الحرية الاقتصادية والتجارة، ما دفع أصحاب الأموال إلى مغادرة العراق، وكان من بينهم الناس الذين هاجروا في البداية من منطقة "النجادة" السعودية وسكنوا في مدينة "الزبير" العراقية، فقرر أحفادهم العودة إلى منبتهم بعد أكثر من أربعة قرون على ذلك الرحيل، "شملت الهجرة جميع أهل مدينة الزبير المؤسسين، وهم أهلها النجادة الذين نزحوا من نجد قبل أكثر من أربعمئة سنة، لم تكن تلك الهجرة بسبب ظرف طارئ، وإن شكّل ذلك عامل دفع مساعداً في حينه، أما هجرتهم الآن فهي عودة تاريخية إن صحّ أن ندعوها بهذا الوصف، أو هي رجوع إلى المنبت والأصل (..) ها هم يسترجعون هجرتهم بعد أن نضجت الدوافع التي سهّلت العودة". عبد الرزاق بن سعود المانع، قاص وروائي سعودي، نشأ في العراق ودرس في بيروت، نشر عدداً من أشعاره وقصصه في مجلة الآداب البيروتية. أصدر مجموعة قصصية واحدة هي "ذات صباح ربيعي"، ورواية واحدة هي "صخب الحياة". الناشر: المركز الثقافي العربي/ بيروت - الدار البيضاء عدد الصفحات: 144 الطبعة الأولى: 2016 يمكن شراء الرواية من موقع النيل والفرات أو متجر جملون.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image