شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
رواية

رواية "البدوي الصغير": السعودية قبل اكتشاف النفط

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الأحد 5 يونيو 201607:58 ص
يرصد الكاتب السعودي مقبول العلوي في روايته الأخيرة البدوي الصغير التحولات والتطورات التي طرأت على قرية نائية في السعودية بعد فورة النفط، وما تبع ذلك من تغيّرات على المنطقة وعلى الناس الذين يعيشون فيها. فالقرية، التي لا تحدد الرواية لها اسماً، كانت مجهولة ومنسية في ستينيات القرن الماضي، إلى أن جاء مجموعة رجال غرباء أقاموا فيها مع آلاتهم ومعداتهم الضخمة، وبدأوا عمليات البحث عن الذهب الأسود. "في فترة الستينيات والسبعينيات الميلادية كانت قريتنا نسياً منسياً، شيئاً لا قيمة له، مثلها مثل مئات القرى الأخرى الواقعة على الأطراف والبعيدة عن المراكز الحضرية على امتداد خارطة البلاد. لكن الأمر تغيّر بعد أن جاء هؤلاء الرجال ذوو الشعر الأشقر والعيون الزرق عندما قيل إن الصحراء التي تحيط بنا من كل الجهات تقف على كميات هائلة من البترول". تنشأ بين هؤلاء الرجال الغرباء وأهالي القرية علاقات اجتماعية وإنسانية، فيؤثر ويتأثر كل منهما بالآخر، خصوصاً "المستر دنكان" الذي أحبه الجميع، وأنشد له الصغار أغنية خاصة كانوا يلاحقونه بها حين يرونه واقفاً يبول. وقد ربطت صداقة خاصة بينه وبين سعدون، والد بطل الرواية، الذي كان يشتري ليرات الفضة الفرنسية من البدو، ليعيد بيعها للرجل الأجنبي المهووس بجمعها. وكان من نتائج هذه الصداقة أن حصل سعدون على جهاز غرامافون وخمس أسطوانات لألفيس برسلي، هدية من صديقه، وسيورثها في ما بعد لابنه غسان، الذي سيغرم بألفيس برسلي، هو البدوي الذي لم يخرج من قريته يوماً. تشير الرواية إلى دور هذا الاختلاط مع الغربيين، وكيف شكّل نوعاً من الصدمة الحضارية لكل من الطرفين. وكان فتحاً كبيراً في العالم الضيق البسيط للقرية، فخرجت من عزلتها لتصبح جزءاً من العالم. يذكر الروائي التواريخ الحقيقية لبعض الأحداث، كما يذكر أسماء بعض الشخصيات الحقيقية، ويسرد بعضاً من المعلومات عنها، فيضفي على الرواية جواً من الواقعية. كأنه يريد القول إن ما يكتبه هنا ليس خيالاً فقط، بل هو في جزء منه واقع حقيقي. ومن هذه الشخصيات المؤرخ والرحالة الشهير ولفريد تسيغر، صاحب كتاب "رمال العرب" والذي اشتهر باسم مبارك بن لندن. يجعل الكاتب منه أحد شخصيات الرواية، فيحكي عن رحلته إلى المنطقة، وانبهاره ببعض الأشياء، ودهشته أمام بعضها الآخر، وكيف وثق ذلك كله في كتابه الشهير. "كان طالع، عندما يسترجع أيامه مع ولفريد تسيغر، يحكّ مقدمة رأسه وهو يقول متنهداً: يا سعدون ولا يهون بقية السامعين هذاك رجل مبروك. لم تر عيني مثله. قضيت معه سنة كاملة ولم أر منه إلا كل خير، ولولا معرفتي التامة بأنه رجل نشمي، يقدر المعروف والرجال لكنت تركته في البر ولم أرافقه في حل أو ترحال. كأنه منا، كان يشرب من البئر، ويتغوط في البر الفسيح ويشوي الجراد ويأكله مثلنا تماماً". هكذا تمضي الرواية إذاً، وغسان بطل الرواية وراويها، يحكي عن ذكريات الطفولة التي يصف من خلالها هذه القرية الوادعة، التي تغيّرت كثيراً مع مرور الوقت، في ما يشبه حنيناً رومانسياً لذلك الزمن العذب الذي ولى إلى غير رجعة. غير أن ما سيشكّل انعطافة في سير الأحداث، ويقلب حبكة الرواية كلياً، هو اكتشافه لفرقة الآبا السويدية "Abba". التي ستعرّفه إليها نادين، الشابة السورية التي كانت تعطيه دروس اللغة الإنجليزية، والتي تنشأ بينه وبينها علاقة عاطفية بريئة، يكون هدفها البوح والاشتراك في حب الفرقة السويدية. هكذا تطلق عليه اسم "البدوي الصغير"، وتروي له حكاية هروبها من حماة السورية بعد أحداث الثمانينيات، وكيف تزوجت بالمعلم الذي يكبرها بعشرين عاماً وأتت معه إلى السعودية. يقع غسان في حب أغنيثا فلتسكوغ، إحدى مغنيات الفرقة السويدية، ويصبح مهووساً بها، فيتعلق بالفرقة أكثر، ويبدأ بتتبع أخبارها وجمع صورها. "أغنيثا فلتسكوغ، حفيدة غزاة الفايكينغ، التي غزتني وأسرت قلبي وامتلكت كل جوارحي هنا في هذه القرية البعيدة في قلب هذه الصحراء المجدبة. أغنيثا التي تتراءى لي مثل غيمة أحلم بها كل ليلة وفي أحلام اليقظة لتمطر وتزيل جفاف أيامي وجدبها، أناجيها وألمس شعرها الذهبي وأتوه في زرقة عينيها...". يستمر هذا العشق المستحيل طوال ثلاثين عاماً، وفي 5 مايو 2013، يسافر إلى استوكهولم بعد أن أصبح صحافياً مرموقاً، ليحضر افتتاح متحف فرقة "آبا"، ويرى معشوقته الأزلية التي أحبها طوال تلك الفترة بصمت، وهناك ستتكشف الكثير من الحقائق المثيرة، والمفاجآت الغريبة. مقبول العلوي، قاص وروائي سعودي، من مواليد 1969. يكتب في بعض الصحف والمواقع الإلكترونية. صدرت له مجموعة قصصية واحدة هي "فتيات العالم السفلي"، وخمس روايات: "فتنة جدة" التي وصلت إلى القائمة الطويلة لجائزة البوكر العربية 2010، "سنوات الحب والخطيئة"، "خرائط المدن الغاوية"، "زرياب" التي حازت جائزة معرض الرياض الدولي للكتاب 2015، و"البدوي الصغير". الناشر: دار الساقي/ بيروت عدد الصفحات: 208 الطبعة الأولى: 2016 يمكن شراء الرواية على موقع نيل وفرات أو على موقع متجر الكتب العربية جملون

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image